مصير الجنوب بعد التسوية .. عودة إلى ما قبل «العاصفة»؟

المرصاد نت - أحمد الحسني

لم يتبقَ غير 3 أسابيع على انتهاء الفترة الزمنية التي حددها وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس لوقف الحرب في اليمن الدعوة التي لاقت تفاعلاً دولياً وإقليمياً ألقت بظلالها على المشهد Alganaop2018.11.8العسكري في الجبهات وبعد تلك الدعوة بساعات حاولت قوات هادي والفصائل الجنوبية التقدم في الحديدة وصعدة والضالع. في موازاة تلك التطورات دشّن المبعوث الدولي إلى اليمن مارتن جريفيث عدداً من اللقاءات مع مجموعة من المكونات والشخصيات الجنوبية للوصول إلى وفد موحد يمثل الجنوب في مفاوضات السويد نهاية لشهر الجاري.

 بحسب مصادر مقربة من حكومة هادي فإن «ماتسمي بالشرعية لا تثق في وعود سلطة صنعاء في ظل حيازتهم لترسانة عسكرية كبيرة وسيطرتهم على صنعاء وبقية المدن المجاورة لها» كاشفة عن أن «وفداً أمريكياً زار هادي في المستشفى الذي يتلقى فيه العلاج بواشنطن بعد دعوة ماتيس وكان موقف هادي رافضاً لأي تسوية سياسية من دون تحقيق انتصار عسكري يضعف سلطة صنعاء ويكسر شوكتهم».

تعنّت هادي في اللقاء أعقبه بتصريح رسمي على «تويتر» قال فيه إن «هذه العمليات العسكرية النوعية ستتواصل حتى تحرير العاصمة  صنعاء وتحقيق حلم أبناء الشعب اليمني في الدولة المدنية الإتحادية الحديثة».

وبرأي محللين فإن الموقف الدولي والإقليمي سيتجاوز موقف هادي وسيفرض الحل لسياسي مع تأمين خروج مشرف للأخير كما أن اجتماع «مجلس الأمن» الذي دعت إليه بريطانيا  قبل يومين من المتوقع له أن يتجاوز «المرجعيات الثلاث» (المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل وقرار مجلس الأمن 2216) التي تستخدمها حكومة هادي كسقف لأي مفاوضات خصوصاً في ما يتعلق بالعقوبات التي تضمنها قرار 2216 ضد الرئيس السابق علي عبدالله صالح ونجله أحمد علي إضافة إلى بنود القرار التي دعت «الحوثيين» إلى تسليم السلاح والمدن وذلك لأن صيغة القرار تمت قبل تقريباً 4 سنوات واستجدّت بعد القرار العديد من التطورات منها تغيير موقف صالح وأولاده من «الحوثيين» إضافة إلى فشل «التحالف» تحقيق بنود القرار بالقوة وهو ما يؤشر إلى أن اجتماع «مجلس الأمن» خلال الأيام المقبلة سيتمخض عنه قرار وقف الحرب والذي بدوره يلغي بعض بنود القرار 2216.

وفي ما يتعلق بالمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار فإن مكونات «الحراك الجنوبي» وعلى رأسها «المجلس الانتقالي» يرفضون تلك المخرجات على اعتبار أنها تجاوزت القضية الجنوبية وقسمت الجنوب إلى إقليمين في إطار تقسيم اليمن إلى 6 أقاليم.

يبدو قرار وقف الحرب والشروع في العملية السياسية تحولاً مفاجئاً في الموقف الدولي، وهو قَطَعَ الطريق على الدول الإقليمية لاستكمال أجندات الحرب وفرض أمر واقع، وهو ما ظهر بالتحرك العسكري الأخير، خصوصاً موقف أبوظبي التي عمدت كتائبها وألويتها السلفية لتسعير مواجهاتها في الحديدة لاستكمال السيطرة على كامل الساحل الغربي مروراً بالحديدة وحتى ميدي في حجة، بالتزامن مع هجوم «الحزام الأمني» على مدينة دمت وتبن في الضالع باتجاه محافظة إب.

وبعد أسبوع من المعارك العنيفة تراجعت تلك القوات على الأرض ليتراجع أيضاً خطاب «التحالف» بحسب تصريحات مصدر عسكري من «التحالف» لـ«فرانس برس» الذي قال إن «التحالف يؤكد رغبته في خفض وتيرة أعمال العنف ويؤيد مباحثات السلام بعد أسابيع» لافتاً إلى أن «الاشتباكات التي تجري منذ الخميس ليست عمليات هجومية والتحالف ملتزم بإبقاء ميناء الحديدة مفتوحاً».

وبرأي مراقبين فإن اقتراب الحل السياسي في اليمن يفتح الباب أمام الكثير من التكهنات حول مصير العملية السياسية في ظل تعدد القوات وانقاسامها واختلاف ولاءاتها في المناطق «المحررة» وأيضاً يطرح تساؤلات حول مستقبل قوات «المجلس الانتقالي» التي يصل تعدادها إلى أكثر من 50 ألف عنصر تتوزع على 32 لواءً في الجنوب والتي لن تتمكن التسوية السياسية استيعابها ضمن مؤسسات الأمن والدفاع التابعة لحكومة ما بعد التسوية خصوصاً وأن حل قضية الجنوب ليست واردة ضمن التسوية التي تعطي لوقف الحرب واستعادة مؤسسات الدولة أولويّة على شكل الدولة خاصة في ما يتعلق بالإقاليم والحكم الذاتي وتقرير المصير وحل القضايا التفصيلية الأخرى.

ويطرح مراقبون تساؤلات متعددة، فهل ستبقى قوات «الانتقالي» هي الأقوى في الجنوب بحيث يمكن لها أن تفرض سيطرتها على الجنوب عسكرياً بعد التسوية من دون رغبة دولية وإقليمية؟ أم أن تلك القوات «ستتبخّر» وستعود إلى وضعها ما قبل «عاصفة الحزم» فور رفع الغطاء العسكري والسياسي من أبوظبي عنها لصالح ألوية الحماية الرئاسية وبعض ألوية «العمالقة» التابعة لهادي وقوات المنطقة العسكري الأولى في وادي حضرموت التي ستكون مجتمعة ضمن قوات الجيش الخاضع للقائد الأعلى للقوات المسلحة للمرحلة الانتقالية بعد التسوية.

المزيد في هذا القسم: