المرصاد نت - متابعات
الأحداث الدراماتيكية المتسارعة التي تجري هذه الأيام باليمن والمتمثلة بالاشتباكات العسكرية داخل المناطق الواقعة تحت سيطرة التحالف” السعودية الامارات - و السلطة اليمنية المسماة بالشرعية جديرة بأن نقف إزاءها لخطورتها ولاستشراف القادم باليمن شمالا وجنوبا خصوصاً وأن هذه الاشتباكات تطاول منذ أيام ولأول مرة وبشكل دامي عاصمة ومحافظة “مأرب” الغنية بالنفط والغاز والخاضعة لأحد الأطراف اليمنية الموالية للتحالف” حزب الإصلاح” إخوان اليمن والتي” الاشتباكات” خلفت العشرات من القتلى والجرحى ليس بين طرفي الصراع الرئيسين بهذه الحرب: الحركة الحوثية وخصومها- بل بين قوات هذا الحزب وقبليين موالون أصلا لهذا الحزب – أو بالأحرى كانوا الى قبل هذه الاشتباكات موالون له-..
ففي الوقت الذي تضيف هذه التطورات دليلا على تعثر التحالف بحربه باليمن وانفراط العقد من يده أو بالأصح بات لا يبالي بكهذا وضع موحش ولا يكترث لمآلته على اليمنيين طالما لم يقترب من المواقع الحيوية بالمحافظات التي يستأثر بها هذا التحالف ولا يهدد مصالحه بشكل جِــدي فخطورة هذه الصدامات أنها لم تعد محصورة على طرفي الصراع الرئيسيين بل أضحت داخل جبهة الطرف الموالي للتحالف أي أننا أمام مرحلة تمزيق الممزق ..
علماً أن هذه الاشتباكات الدائرة مأرب تأتي بعد يومين فقط من الأنباء التي تحدثت عن سحب الامارات لقواتها وصواريخها الباتريوتية من أهم جبهة قتال ساخنة هي” جبهة صرواح”، لتحل محلها قوات وصواريخ سعودية في مؤشر جديد على نية الإمارات تقليص قوتها – إن لم نقل سحبها بالكامل- من محافظات الشمال اليمني – وهو تطوير لا يخلو من الخطورة فمكن خطورته في أن تُــترك الساحة الخاضعة لحلفاء التحالف لفراغ أمني وعسكري لتفترسها بالتالي الصراعات الحزبية والقبلية وتتفشى فيها الجماعات المسلحة ذات الانتماءات الفكرية المدكرة ..
فأبوظبي على ما يبدو قد صرفت نظرها عن التوجه صوب صنعاء وتكتفي الآن بالاعتماد في محافظة الحُــديدة الشمالية الساحلية على قوات هزيلة مرتعشة بقيادة شقيق نجل الرئيس السابق صالح” العميد طارق ” وهي القوات التي خيّــبت الى حدٍ كبير الآمال الإماراتية التي كانت تعلقها عليها لاقتحام مدينة الحُــديدة والسيطرة على ميناءها الحيوي والتوجه بعد ذلك نحو محافظات ساحلية أخرى على البحر الأحمر” محافظة حجة” وميناءها الهام:” ميناء ميدي” وهو الأمر المتعثّــر بوضوح برغم اعتماد الإمارات ليس فقط على قوة شمالية ولكن على مقاتلين جنوبيين معظمهم من العنصر العقائدي ولكن برغم ذلك ظلت مدينة الحُـديدة وميناءها بعيدة المنال على التطلعات الإماراتية التي تسعى الى ربط نفوذها من محافظة المهرة شرقا حتى عمق البحر الأحمر والجزر الأريتيرية المستأجرة مروا بعدن وجزيرة سوقطرى ببحر العرب.
وبالعودة الى اشتباكات مأرب والتي تعتبر حلقة من سلسلة اشتباكات متواصلة تشهدها اليمن شمالا وجنوبا داخل الجبهة التي من المفترض انها تعمل تحت راية التحالف, والصدامات الدامية التي تدور بين الفينة والأخرى داخل بعض المدن الرئيسية بين الأهالي فأن هذا ينذر ليس فقط بصراع قوى محلية ولا فقط يشير الى حقيقة أن اليمن صار ميدانا لصراع وأطماع إقليمية ولا لحقيقة أكثر واوضح هو ترنح التحالف باليمن ،بل أن هذا الوضع بات الخطر الحقيقي الداهم بتيهدده لحالة السلم الاجتماعي وبيمزقه النسيج الداخلي على المستوى الاجتماعي والسياسي والقبلي داخل المدن والبلدات والقرى، بل على مستوى أحياء المدن وشوارعها – كما هو الحال في بعض أحياء مدينتَــي: تعز وعدن-، ويصيبها في مقتل في ظل انتشار السلاح بشكل مريع وبأنواعه المختلفة بما فيها المتوسط وحتى الثقيلة في بعض المحافظات وفي حالة غياب لأجهزة الدولة وسيادة الفساد والفوضى والفقرعلى كل مناح الحياة بالتوازي مع حالة الشحن الجهوي والطائفي والسياسي وتغوّل الفكر المتطرف..
وفي ظل تغييب الحل السلمي وتعمد القوى الإقليمية إطالة هذه الحرب إنفاذا للرغبات الأمريكية التي وجدت بها سوقاء مزدهرة لأسلحتها المختلفة هذا علاوة على انعكاس الصراع الأمريكي الاسرائيلي مع إيران على الساحة اليمنية بشكل مخيف، وتسويق واشنطن لأكذوبة محاربة إيران في اليمن,في وقت لا نستبعد فيه أن تدخل اليمن في نفق أكثر ظلاما وقتامة على خلفية الصراع الامريكي الاسرائيلي الإيراني وبتماهي خليجي واضح مع الرغبات الامريكية الإسرائيلية بالمنطقة وفي اليمن على وجه الخصوص فثمة وكالات أنباء عالمية منها وكالة رويترز نقلت يوم الثلاثاء الماضي عن وزير الخارجية الإسرائيلي إسرائيل كاتس قوله إن إسرائيل تستعد لتدخل عسكري محتمل لمواجهة التهديد الحوثي في اليمن والخليج في حال حدوث أي تصعيد في المواجهة بين إيران والولايات المتحدة في منطقة الخليج.
وهذا مؤشر آخر على أن اليمن مرشحا لإقحامه عنوة بخضم الصراع الاقليمي والدولي بالمنطقة أكثر مما هو غارق فيه,مما يعني بالضرورة أن الداخل اليمني شمالا وجنوباً سيكون على موعدٍ من التشظي و التمزق وأن نسجيه الداخلي سيكون أكثر ضررا وتدميرا ,فضلا عن تغول النفوذ الإقليمي والدولي بشكل أكثر سفورا وضياع السيادة والقرار الوطني المختطف أصلا، ناهيك عن تخاطف هذه القوى الخارجية لثرواته ومقدراتها مع الإشارة الى أن الجنوب قد يكون أقل ضررا قياسا بالوضع المريع الذي ينتظر الشمال بحكم حاجة السعودية والإمارات للجنوب بموقعه الجغرافي المتميز وثرواته الهائلة في وقت تعززان فيه نفوذهما العسكري بالفعل وتستغلان الى أبعد الحدود الحالة الجنوبية الاستثنائية التي خلفها وضع ما بعد حرب 1994م وتوظفان القضية الجنوبية خدمة لتمرير نفوذهما السياسية والاجتماعية والاقتصادية مستفيدان من حالة الرفض الشعبي الجنوبي للوحدة مع الطرف الشمالي وعزفهما على وتر الطائفية بوجه المذهب الزيدي بالشمال وهو التوظيف الذي تستفيد منه الرياض وابوظبي بشكل واضح قياسا بفتات الوعود السياسية العرقوبية التي يُمنيها التحالف للجنوبيين ،مع ضرورة الاشارة هنا الى أن الدور السعودي حيال الجنوب هو أكثر لؤما واستغلال لقضية الجنوبية وأكثره طمعا بالأرض والثروات على الأقل مقارنة مع الدور الإماراتي الذي يبدو نوعا ما أقرب الى تفهم عدالة قضية الجنوب وضرورة معالجتها بطريقة أكثر عدلاً وإنصافا للجنوب ولليمن عموماً.
قراءة : صلاح السقلدي.
المزيد في هذا القسم:
- اتفاق الرياض وفوضى تقاسم السلطة ونتائجها المستقبلية! المرصاد نت - متابعات دخل اليمن من جديد عبر نفق مليء بالألغام التي وضعتها كل من السعودية والإمارات بهدف تحقيق ما تصبو إليه الإمارات ويبدو أن السعودية غير معترض...
- ثلاث سنوات من العدوان .. ثلاث سنوات من الصمود والشموخ والعزة والإباء المرصاد نت - فؤاد الجنيد يحزم العام الثالث من العدوان حقائبه الثقيلة السوداء، ويطل علينا عاما رابعا سنسطر فيه ملاحم جديدة اكثر قوة وأكثر عزة وكرامة وشموخ. ثلاث...
- وثيقة أممية بجرائم «التحالف السعودي»: بعض الحقيقة وليس كلها المرصاد نت - لقمان عبدالله على رغم توثيقه عدداً كبيراً من جرائم السعودية والإمارات في اليمن بالأرقام والتفاصيل إلا أن التقرير غير المسبوق الصادر أمس عن فريق ا...
- داعش يستهدف مدرسة للمجندين... وبن سلمان يحشد من باكستان المرصاد نت - علي جاحز بالتوازي مع محاولاتها المستمرة في حشد المقاتلين اليمنيين نيابةً عن جيشها وبعد أن كان السودان قد أعلن استعداده لرفد المملكة بجنود لحماية ...
- بومبيو يهاجم صنعاء من الرياض: نحو فصل جديد من الحرب؟ المرصاد نت - متابعات ضاعف مايك بومبيو أمس المؤشرات السلبية المحيطة باتفاقات السويد وبمسار إنهاء الحرب في اليمن عموماً مُوجّهاً سهام اتهاماته نحو صنعاء. اتهاما...
- الأنفلات الأمني يفتك بأبناء الجنوب .. تفجير مبني الأمن بشبوة وإنفجار يهز مدينة الحوطة بـ ... المرصاد نت - متابعات فجر مسلحين مجهولين يشتبه بانتمائهم لتنظيم “القاعدة” اليوم الاثنين 23 يناير/كانون ثان 2017 مبنى تابع لقوات الأمن بمحافظة شبوة....
- ماذا سمعوا في صنعاء .. الأوروبيون راغبون في العودة والسلام ؟ المرصاد نت - إبراهيم الوادعي نالت زيارة الوفد الأوروبي الى العاصمة صنعاء ولقائه بالرئيس صالح الصماد ومختلف أركان الدولة والأطراف السياسية أهتماما بالغاً من قب...
- أسرار الدعم الامريكي للعدوان السعودي على اليمن المرصاد نت - الأخبار يحرص إعلام البترودولار الخليجي بجناحه السعودي الليبرالي على بثّ دعاية تقوم على أن أميركا «الأمة غير المستغنى عنها» بتعبير ولي...
- 10 شهداء وعدد من الجرحى في مجزرة جديدة لطيران العدوان في صنعاء المرصاد نت - صنعاء مذبحة جديدة ارتكبتها المقاتلات السعودية في منطقة “نهم” التابعة إدارياً لمحافظة صنعاء شرق العاصمة . قالت مصادر ميدانية وعسكري...
- غضبة يمنية على الإمارات: سقطرى ليست للمزاد المرصاد نت - لقمان عبد الله أثارت الدعوات الإماراتية إلى استفتاء سكان جزيرة سقطرى على الانضمام إلى الإمارات ردود فعل غاضبة في الأوساط السياسية والإعلامية والأه...