الإمارات في اليمن: استراتيجية دعم الانفصال تتصدر الأهداف!

المرصاد نت - متابعات

بالتزامن مع قيامها بسحب أجزاء من قواتها في اليمن لم تظهر الإمارات أي تراجع على صعيد استراتيجيتها بتقسيم اليمن، وعلى العكس من ذلك فقد دعمت أخيراً إنشاء قوات جديدة تابعة socatraa2019.7.31لذراعها السياسية الانفصالية في الجنوب اليمني على نحوٍ يظهر التناقض بين التصريحات التي يدلي بها المسؤولون الإماراتيون عن خطة لدعم السلام وبين الواقع الذين لا يدخرون فيه جهداً بفرض مخطط التقسيم. وعلى مدى الـ48 ساعة الماضية أثارت تغريدة لمستشار ولي عهد أبوظبي السابق، الإماراتي عبدالخالق عبدالله، موجة من ردود الفعل اليمنية الساخطة بعد أن تضمنت استفزازاً لليمنيين بالقول إنه "لن يكون هناك يمن واحد موحدٌ بعد اليوم". الأمر الذي يعكس على وجه التحديد ما تعمل أبوظبي على تنفيذه منذ الأشهر الأولى لتدخلها العسكري إلى جانب السعودية في اليمن وتصدرها ملف نفوذ التحالف في المحافظات الجنوبية للبلاد.

وفيما حاولت أبوظبي ومن خلال تصريحات مسؤوليها في الأسابيع الأخيرة إيصال رسائل بأنها بدأت توجهاً جديداً يدعم السلام وعودة الاستقرار أفادت مصادر محلية في عدن أن "الإمارات تواصل دعمها المكثف للانفصاليين عبر ما يعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي والتشكيلات العسكرية والأمنية المدعومة منها والتي ترتب على ما يبدو أوراقها لتصعيد قادمٍ محتمل ضد حكومة هادي في المدينة التي تُوصف بأنها (العاصمة المؤقتة) لليمن".

وبالإضافة إلى مجمل التشكيلات العسكرية الخارجة عن سلطة حكومة هادي والتابعة مباشرة لأبوظبي ولـ"المجلس الانتقالي" الانفصالي، شهدت عدن أخيراً الإعلان عن قوة جديدة تحت مسمى "اللواء الأول صاعقة"، بالترافق مع الانسحابات الإماراتية المحدودة. الأمر الذي بدا مؤشراً إضافياً على أن خطة "السلام أولاً" التي أعلنت عنها أبوظبي، ليست أكثر من تراجع محدود لوجودها المباشر يتيح لها مواصلة الاستراتيجية التي تعمل على تنفيذها بدعم تقسيم اليمن، بعد أن تكون اتخذت بعض الاحتياطات التي تحاول من خلالها على ما يبدو تقليل تبعات هذه السياسة في ظل السخط اليمني المتزايد ضد الدور الإماراتي.

الجدير بالذكر أن الإمارات ومنذ الأشهر الأولى لتصدرها واجهة التحالف في عدن عملت على إنشاء "قوات الحزام الأمني" من خليط من الانفصاليين والسلفيين. كما أسست على ذات المنوال، قوات ما يعرف بـ"النخبة الحضرمية" و"النخبة الشبوانية" شرقاً وجميعها تكوينات قامت على أسس مناطقية وجهوية لا تعترف بالوحدة اليمنية بل إنها تمثل تهديداً حتى على مستوى وجود "جنوب" و"شمال" إذ إن الواقع يقود إلى شرذمة اليمن إلى ما هو أكثر من ذلك.

وإلى جانب الأذرع العسكرية التي لا يعتبر رفع راية اليمن أحد المحظورات في معسكراتها أسست أبوظبي الذراع السياسية للانفصال في اليمن في مايو/أيار2017م وهي "المجلس الانتقالي الجنوبي" الذي قدم نفسه في البداية على أنه السلطة البديلة لـ"دولة الجنوب" ثم تراجع تحت ضغط الفضيحة التي وقعت فيها الإمارات بدعم انقلاب ضد حكومة هادي في مقابل اعتبار أن الهدف المعلن للتحالف هو دعمها .

مع ذلك، ظلت الإمارات تدعم المجلس في تقوية نفوذه وتعزيز أجنحته العسكرية وكان لافتاً في المقال الذي كتبه وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش في "واشنطن بوست" منذ أيام تشديده على أن الإمارات ستواصل دعم "القوات اليمنية" وكأن أبوظبي تقول إنها ستواصل ممارسة ذات الدور وتبعث رسائل تطمينية لأذرعها المحلية التي دعمتها في إطار استراتيجية لتقسيم اليمن.

إلى ذلك كشف مصدر يمني عن محاولات جديدة لأبوظبي للسيطرة على جزيرة سقطرى الإستراتيجية الواقعة جنوبي البلاد.وقال مصدر مقرب من الدوائر الحكومية في سقطرى إن أبوظبي شرعت في خطة "اختراق الوحدات الأمنية والعسكرية وتفكيكها عبر حملة استقطاب واسعة للجنود الحكوميين ونقلهم جوا إلى أراضيها" سعيا منها لتفريغ تلك الوحدات من الولاء لحكومة هادي.

 وتابع: "الطيران الإماراتي ينشط عبر رحلات منتظمة لنقل الراغبين من سكان الجزيرة في السفر إلى أراضي الدولة الخليجية بدواعى العمل أو للتجنيد ضمن قواتها المسلحة"وأردف قائلا "إن عملية التحشيد والاستقطاب وصلت إلى داخل الوحدات الأمنية والعسكرية، بإغراء العشرات من الجنود الحكوميين برواتب مجزية في حال سافرو إلى الإمارات إما للتجنيد في الجيش الإماراتي أو الاشتغال في مهن أخرى.

 وأشار المصدر إلى أن هناك وعودا أطلقها الإماراتيون وحلفاؤهم داخل الجزر التابعة لأرخبيل سقطرى بمنحهم رواتب تصل إلى 6 آلاف درهم في خطوة مثيرة جدا.كما ذكر أن من الوعود التي حصل عليها من تم نقلهم إلى أراضي الدولة الخليجية الطامعة في جزيرة سقطرى "تجنيدهم في السلك العسكري الإماراتي" وأنهم "لن يعودوا مرة أخرى إلى الجزيرة حيث مسقط رأسهم".

 وبحسب المصدر فإن من يقود عملية الحشد والتجييش هو "مسؤول ما يسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي" في سقطرى، يحيى مبارك بن سعيد"وأمام فتح أبوظبي للسقطريين باب السفر إلى أراضيهم أكد المصدر أن سلطات مطار سقطرى أوقفت كل شخص كان الإماراتيون يحاولون نقله دون جواز سفر وألزمته بالحصول على وثيقة السفر الرسمية وإلا فلن يسمح له بالمغادرة.

 وأضاف أن العسكريين الذين تم إغراؤهم بالسفر لأبوظبي، اتخذت سلطات المطار، بعض الإجراءات أهمها "التوقيع على وثيقة تؤكد تخليه التام عن وظيفته في الأمن والجيش" فضلا عن "منعهم من السفر مالم يكن لديه جواز سفر يمني"وأوضح المصدر أنه في خضم هذا الحراك، يشاع في أوساط المجتمع السقطري أن هناك حاجة إماراتية للتجنيد ضمن قواتها المسلحة عقب إحجام مواطنيها، أي الإماراتيين، من الانخراط فيها نظرا لرغبتهم في العمل في الجانب المدني.

 ولفت المصدر إلى أن الذين سافروا ويقدر عددهم بالمئات يسكنون حالياً في فنادق في انتظار دفعة جديدة من السقطريين حتى يتم توزيعهم في معسكرات التجنيد الإماراتية. ولم يخف المصدر مخاوفه من أن يتم تجنيد أبناء سقطرى كـ"مرتزقة للقتال" في دول أخرى دعما لحلفاء أبوظبي مثلا في ليبيا في ظل تقارير دولية عن عملية تجنيد مرتزقة سودانيين ومن تشاد ودول أخرى لدعم حليفها خليفة حفتر في هجومه على العاصمة الليبية طرابلس غير أنه استدرك قائلا: "لا يمكن لأحد من أبناء سقطرى أن يقبل العمل خارج الإمارات حال أرادت ذلك".

 في وقت تبدو مخاوف أخرى من ترتيبات إماراتية خطيرة تسعى لتحقيقها من خلال "استقطاب الجنود الحكوميين ونقلهم إلى أراضيها تزامنا مع نقل مئات أخرين من أتباع المجلس الانتقالي أيضا" ومن ثم "إعادة تشكيلهم قتاليا يعقبهم عودتهم إلى سقطرى وفرضهم بالقوة داخل قوات الشرطة والجيش لضمان موطئ قدم لها هناك".

 بموازاة ذلك، حذرت قيادة الجيش اليمني في أرخبيل سقطرى ـ يضم 6 جزر ـ القوات التابعة لها من الاستجابة لهذه التحركات ومغادرة الوطن وقالت قيادة اللواء الأول مشاة بحري في بلاغ رسمي مساء أمس الاثنين إنه لوحظ مغادرة بعض العسكريين إلى خارج الوطن ممن ينتسبون للوحدات العسكرية المرابطة في جزر سقطرى بحجة العمالة وبطريقة مخالفة للقانون.

 وحذرت قيادة الجيش كل الذين غادروا أو ينوون المغادرة بطريقة مخالفة للأنظمة والقوانين العسكرية بأنهم سيكونون عرضة للإجراءات الصارمة وفقا للنظام والقانون.وأمهلت قيادة القوات الحكومية في سقطرى المغادرين من عسكرييها إلى الإمارات فرصة أخيرة للعودة إلى مقر عمله في أسرع وقت ممكن فيما تنتهى المهلة بتاريخ 13 أب/ أغسطس القادم كما نوه البلاغ إلى أن كل من ينوي المغادرة بأنه سيتعرض للإجراءات القانونية اللازمة دون أن يوضح طبيعتها.

 وشهدت سقطرى كبرى جزر أرخبيل في مايو/ أيار 2018 توترا غير مسبوق إثر إرسال الإمارات قوة عسكرية إليها، بالتزامن مع وجود رئيس حكومة هادي حينها أحمد عبيد بن دغر وعدد من الوزراء. وعقب تمسك الحكومة بضرورة انسحاب القوات الإماراتية تدخلت وساطة سعودية قضت برحيل تلك القوات من الجزيرة البعيدة عن الصراع المسلح الدائر في اليمن.

 وفي حزيران/ يونيو الماضي أحبطت قوات مشتركة من الجيش والأمن محاولة مسلحين انفصاليين مدعومين من أبوظبي اقتحام ميناء حولاف الرئيسي في سقطرى وبعد ذلك بأيام أرسلت السعودية تعزيزات إضافية لقواتها الموجودة في سقطرى منذ اندلاع الأزمة بين حكومة هادي وأبوظبي عام 2018م.

المزيد في هذا القسم: