المرصاد نت - متابعات
علمَنَّا التاريخ أن اليمن قد استعصت على المحتلين والمستعمرين لأسباب كثيرة، بينها طبيعة اهلها الذين يولدون محاربين قبل أن يزيدهم الموقع المميز للبلاد بجباله الصخرية الشاهقة وأوديته العميقة قدرة على الصمود متحصنين بالإرادة والصبر على الجوع والبراعة في القتال وضآلة احجام المقاتلين منهم بحيث يمكن لواحدهم أن يكمن " للعدو" في جورة مغطاة بالشوك ومعه مطرة للمياه وبضع حبات من التمر حتى تجيء اللحظة المناسبة، فاذا العدو صريع واذا المقاتل اليمني يخرج من مكمنه راقصاً، هازجاً ملوحاً ب"البندق" في الهواء... قبل أن ينصرف للبحث عن حزمة قات..
وفي التاريخ أمثلة تشهد لليمنيين بشدة البأس وبالصبر الجميل والاهتمام بمراقبة العدو ودراسة تركيبته العسكرية وخط سيره ومحاولة استدراجه بمعارك وهمية إلى حيث يريدونه أن يكون في ميدان المواجهة لاستيلاد النصر.
وفي التاريخ الحديث أن اليمن السعيد قد هزم الغزاة، عبر التاريخ بفقره و"إمامه" وتحالفه وقوة شكيمته المعززة بجغرافية ارضه وصعوبة اقتحام مدنه ولا سيما عاصمة الحكم صنعاء التي يعاني اهلها من نقص الاوكسجين فيصعب التنفس... حتى إذا ما جاءت حزمات القات نسي الناس المناخ وانصرفوا إلى "التخزين" ومع "القات" مشاريب ليس بالضرورة أن تكون مُسكرة، مع شيء من المرطبات والحكايات والنكات والأخبار والاسرار التي لا يجوز "للمخزنين" نقلها او التحدث بها حرصاً على حرمة "المجلس".
يشهد هذا التاريخ أن آل سعود حين تمكنوا، بالتواطؤ مع البريطانيين، ثم مع الاميركيين، إثر اكتشاف النفط في الارض الشاسعة التي أخذها الملك – المؤسس عبد العزيز آل سعود بالسيف والتآمر، قد حاولوا التوسع في اتجاه اليمن، بإغراء الفراغ السياسي والضعف الاقتصادي و"تخلف" الامام احمد حميد الدين الا أن هذا الامام الداهية قد افاد من الكراهية المتأصلة عند اليمنيين لأهل الصحراء فهزم الحملة السعودية التي كان يقودها الامير فيصل بن عبد العزيز مما اضطر الملك إلى التدخل وسحب القوة المهاجمة والسعي إلى تطبيع العلاقات مع اليمن السعيد!
ربما لهذا كله نشأ حلف غير مقدس بين المحمدين على اليمن.. (مع الاشارة هنا إلى أن المؤسس لدولة الإمارات العربية المتحدة التي استولدت في ليل - الشيخ زايد آل نهيان كان يعتز بأن قبيلته من أصول يمنية وحين زار صنعاء للمشاركة في افتتاح سد مأرب (الجديد) الذي موله من "جيبه" رفع اليمنيون لافتات الترحيب بابن اليمن البار الشيخ زايد (واسموه زايد الخير..).
هكذا انضم الشيخ محمد بن زايد الى الحملة السعودية على اليمن، وقد وضع هدفاً له بدلاً من الشمال جنوب اليمن، الذي تستقبل أرضه بحر العرب المتصل بالمحيط الهندي فضلاً عن السيطرة على مرفأ عدن الذي كانت بريطانيا تتخذ منه أكبر قاعدة بحرية – جوية في المنطقة، لحماية مصالحها بعنوان " طريق الهند". ولمن ضعفت ذاكرته نشير إلى أن عدن كانت إلى ما قبل 25 سنة، عاصمة لدولة "جمهورية اليمن الجنوبي الديمقراطية الاشتراكية" وقد حكمها حزب متحدر من صلب حركة القوميين العرب قبل أن يتجه قادته الى اليسار ويعلنون جمهوريتهم بالاستناد إلى الاتحاد السوفياتي...
على أن هذه الجمهورية لم تعمر طويلاً اذ سرعان ما دب الشقاق بين الرفاق المتمركسين وحصل أكثر من انقلاب على الزعامة والرئاسة (قحطان الشعبي، وسالم ربيع علي- أو سالمين، عبد الفتاح اسماعيل الجوفي علي ناصر محمد وحيدر ابو بكر العطاس..) وانتهى الامر بحرب اهلية افاد منها رئيس الجمهورية في صنعاء علي عبد الله صالح لإلحاق الهزيمة بالجنوبيين واعادة عدن وملحقاتها إلى جمهوريته... ثم سقط دونها بعد دهر ولكن ذلك حديث آخر.
ولقد وجد الملك سلمان بعدما تولى العرش في الرياض وبعد أن أُسقط علي عبد الله صالح ثم اغتيل وهو هارب من صنعاء (على يد الحوثيين على الارجح) أن المسرح اليمني يصلح لمغامرة سعودية جديدة.. وهكذا فقد غزا اليمن بجيش متعدد الهوية. وقد زاد هذا الغزو بل هو عزز بالقصد الانقسام الطائفي في "اليمن السعيد" بين الزيود – وهم طائفة اقرب إلى الشيعة - والشوافع ( وهم اهل السنة).
ويبدو أن "المحمدين" - بن سلمان وبن زايد - قد وجدا في اليمن المفككة والمصطرِعة قواها السياسية ( فضلاً عن الاختلاف المذهبي) والمطرود رئيسها المخلوع عبد ربه منصور هادي - وهو من اصول جنوبيه وقد أتى به علي عبد الله صالح نائباً للرئيس مراعاة لجنوب اليمن - وجد وليا العهد في السعودية والامارات "أرض فراغ" فقررا أن يملآها.. عسكرياً! هكذا ارسلت السعودية جحافل من جنودها فيهم الكثير من المرتزقة، بينما بعثت الامارات بجحافل من المرتزقة، قادتهم من الاماراتيين طبعاً، فتمركز "جيشها" هذا في عـــــدن واحتل جزيرة سوقطره بينما حاولت القوات السعودية التقدم براً بعد غارات جوية على مدار الساعة هدمت الكثير من مدن اليمن السعيد وبلداته وقراه المتناثرة بين الجبال من دون أن تستطيع حسم الحرب المفتوحة منذ بضع سنوات... بل أن قوات هاتين الدولتين الغنيتين بأكثر مما تستطيعان انفاقه حيث يجب (لتقدم بلادهما ورفعتها وحماية إرث "زايد الخير" وعبد العزيز ال سعود) تواصل دك بلاد الحضارة الأولى في التاريخ الانساني بالعواصم والمدن والقرى المعربشة إلى قمم الجبال التي تعانق السحاب.
لعل هذا التعثر في تحقيق النصر المستحيل واستحالة الاتفاق على تقاسم اليمن التي ترفض أن تموت الا واقفة هو الذي دفع بولي عهد دولة الامارات لأن يقصد الرياض فيلتقي وليد العهد السعودي للتباحث ومحاولة ايجاد مخرج من هذا الخندق الدموي (اليمن) الذي ما دخله جيش الا وهُزم. وآخر التجارب جيش جمال عبد الناصر الذي ارسله لحماية الجمهورية اليمنية الوليدة من اطماع آل سعود فكان ذلك سبباً مباشراً في هزيمة 1967م أمام جيش الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين..
لكن حكام هذه الايام لا يعرفون التاريخ ولا هم يتعظون به!
قراءة : طلال سلمان - صاحب جريدة "السفير" اللبنانية ورئيس تحريرها منذ آذار 1974 حتى آخر عدد من صدورها بتاريخ 4 كانون الثاني 2017م .
المزيد في هذا القسم:
- المفلحي يصل عدن قادماً من الرياض والزبيدي يغادرها للرياض المرصاد نت - متابعات قالت مصادر مطلعه أن قوات الامن رفضت اخلاء مبني محافظة عدن وتسليمة للمحافظ الجديد المفلحي وطاقمة الذي وصل اليوم الي مدينة عدن وقمت باغل...
- الإمارات في اليمن: لنا الجزر والموانئ ... ولكم الخراب والسجون المرصاد نت - متابعات عملت الإمارات منذ دخولها الحرب على اليمن على بسط نفوذها في المناطق الاستراتيجية في الساحل لتمتد أطماعها من جزيرة سقطرى في خليج عدن وميون ...
- المجلس العسكري السوداني: القوات السودانية ستبقى في اليمن! المرصاد نت - متابعات أصر المجلس العسكري الانتقالي في السودان مساء أمس الإثنين على البقاء ضمن صفوف التحالف العسكري السعودي على اليمن. وحسب ما أفادت وكالة الأن...
- كسر زحف للمرتزقة باتجاه جبل الناصب بمريس بالضالع متابعات : كسر الجيش اليمني واللجان الشعبية اليوم الأحد محاولة زحف لمرتزقة العدوان السعودي الأمريكي باتجاه جبل الناصبالمطل على منطقة ناصة التابعة لمديرية مريس ...
- مسلح “انتقالي” يرتكب جريمة بشعة بحق عائلة في عدن المرصاد-متابعات ارتكب مسلح في صفوف ما يسمى المجلس الانتقالي، يوم أمس الأحد، جريمة مروعة، بقتله لعمته وأطفالها وإصابة عمه في مدينة عدن المحتلة. وقالت مصا...
- تعزيزات عسكرية سعودية إلى مأرب وغارات عنيفة على خمر وباليستي للاراضي السعودية المرصاد نت - مأرب قالت مصادر صحفية إن آليات عسكرية سعودية وصلت إلى محافظة مأرب 173 كم إلى الشرق من العاصمة صنعاء.و حسب المصادر وصلت الآليات العسكرية السعودية...
- طيران العدوان يواصل غاراته في مأرب وتعز والجوف متابعات : واصل طيران العدوان السعودي الأمريكي شن غاراته اليوم الأربعاء في مأرب وتعز والجوف. ففي محافظة مأرب شن طيران العدوان غارتين على منطقة صرواح، وغا...
- دفعة جديدة من القوات الأمريكية تصل إلى قاعدة العند بداية إجتزاء الجنوب عن اليمن المرصاد نت - لحج تزايدت الخطوات الأمريكية خلال الأسبوعين الماضيين بعد طلب الاحتلال الإماراتي للجنوب التدخل الأمريكي ضد ما يسمى القاعدة، التي مولها التحالف ...
- ضغوط الكونغرس (لن) توقف القتل في اليمن؟ المرصاد نت - متابعات في وقت كان فيه اليمنيون يشيّعون ضحايا المجزرة التي ارتكبها أخيراً تحالف العدوان المدعوم أميركياً في محافظة حجة كان مجلس الشيوخ الأميركي ي...
- حشود لا مثيل لها في جمعة التصعيد بخط المطار والشعب يبدأ بساحة ثورية جديدة في محيط 3 وزارات... في الخطوة التصعيدية الاخيرة للمرحلة الاولى التي اعلنها زعيم انصار الله السيد عبد الملك الحوثي وفي اليوم الاخير للمهلة المعلنة للسلطة بتنفيذ المطالب الشع...