صنعاء تطلق مبادرة سلام والرياض تصرّ على المكابرة !

المرصاد نت - متابعات

مدّت صنعاء يدها للسعودية التي تلملم ذيول ضربة «أرامكو» غير المسبوقة. مبادرة يمنية للسلام رمى بها اليمنيون في ملعب الرياض علّ درس 14 أيلول يوفّر حمام الدم بين الطرفين. في الأثناءAramco ksa2918.9.21 وأشبه بالغارات السعودية اليائسة على أهداف يمنية سبق أن ضُربت، جاءت عقوبات الرئيس الأميركي في معرض الانتقام لحليفه السعودي عبر معاقبة البنك المركزي الإيراني المستهدَف أساساً بالحظر. خيارٌ رسا عليه دونالد ترامب مؤكداً أنه يفضل استراتيجية العقوبات على العمل العسكري.

حتى ليل أمس صارت ردود فعل المعسكر الأميركي واضحة المعالم، بموازاة افتتاح بازار لنشر أسلحة جديدة في الخليج وزيادة القوات الأميركية. الرئيس الأميركي دونالد ترامب أوضح هذا المنحى بتأكيده أنه «يتحلّى بضبط النفس» حيال إيران ويفضل خيار العقوبات على العمل العسكري إذ قال: «العقوبات الأخيرة ضد إيران ستؤتي أُكلها، والخيار العسكري سينجح ولكن لا ينبغي اللجوء إليه أبداً». كما أكد أنه يقوم «بما أراه مناسباً لمصلحة الولايات المتحدة وليس لمصلحة أي طرف آخر».

وكان الرئيس الأميركي يقصد بالعقوبات مجموعة جديدة من خطوات الحظر على إيران، فرضتها وزارة الخزانة أمس، ووصفها بأنها «أعلى مستوى من العقوبات»، وهي ما توعّد به ترامب إثر تحميله طهران مسؤولية استهداف القوات اليمنية منشأتَي «أرامكو» في السعودية، السبت الماضي. وذكرت وزارة الخزانة الأميركية أن العقوبات طاولت البنك المركزي و«صندوق إيران للتنمية الوطنية» وشركة «اعتماد تجاراتي ــــ بارس».

وقالت الوزارة أن العقوبات الجديدة تستهدف «المصادر الرئيسة لتمويل وكلاء النظام والأسلحة الإرهابية بمن في ذلك الحرس الثوري الإيراني وقوة القدس وحزب الله والحوثيون». وفي محاولة لتضخيم أهمية العقوبات لفت وزير الخزانة، ستيفن منوتشين إلى أن الأمر يتعلّق باستهداف «آخر مصدر دخل للبنك المركزي الإيراني والصندوق الوطني للتنمية أي صندوقهم السيادي الذي سيُقطع بذلك عن نظامنا البنكي» مضيفاً: «هذا يعني أنه لن تعود هناك أموال تذهب إلى الحرس الثوري لتمويل الإرهاب».

وردّت طهران على الإجراء الأميركي بالتقليل من تأثيره. وذكر البنك المركزي أن العقوبات تفرض عليه للمرة الثانية «بتهم جديدة» ما يُظهر الفشل. وقال محافظ البنك عبد الناصر همتي (وهو مدرج على القائمة السوداء في الولايات المتحدة): «إن عودة الحكومة الأميركية لمقاطعة البنك المركزي تظهر أنهم لم يجدوا شيئاً في البحث عن سبل جديدة للضغط على إيران». وأضاف: «الإخفاقات المتكررة للحكومة الأميركية على مدار عام ونصف عام الماضي أظهرت أن هذه العقوبات أصبحت غير مجدية أكثر من أي وقت مضى وقد أثبت الاقتصاد الإيراني قدرته على تحمل العقوبات».

وفيما كانت السلطات السعودية تنظّم جولة للإعلاميين على مكان الهجوم خرجت صنعاء بمبادرة سياسية لخفض التصعيد في خطوة بدت محاولة يمنية لتصويب البوصلة رمى بها اليمنيون في ملعب الرياض لإعادة الحسابات ومنح حكام المملكة الوقت لتعلّم درس ضربة 14 أيلول الماضي. وأعلن رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط في خطاب بمناسبة الذكرى الخامسة لثورة 21 سبتمبر عن مبادرة بوقف هجمات القوات اليمنية على السعودية سواء بالصواريخ أو الطائرات المسيّرة.

إلا أن المشاط اشترط أن يقابل الطرف الآخر الأمر بالمثل عبر وقف الهجمات وقال: «ننتظر رد التحية بمثلها أو أحسن منها في إعلان مماثل بوقف كل أشكال الاستهداف والقصف الجوي لأراضينا اليمنية ونحتفظ لأنفسنا بحق الرد في حال عدم الاستجابة» مضيفاً: «استمرار الحرب لن يكون في مصلحة أحد». ودعا المشاط «جميع الفرقاء من مختلف أطراف الحرب إلى الانخراط الجاد في مفاوضات جادة وحقيقية تفضي إلى مصالحة وطنية شاملة لا تستثني أي طرف».

أضرار فادحة في منشأتَي «أرامكو»: الرياض تصرّ على المكابرة
مع مضيّ أسبوع على وقوع هجمات «أرامكو» قررت السعودية الكشف عن الأضرار التي ألحقتها العملية بالمنشأتين المستهدفتين. وعلى رغم الخسائر والأضرار الناتجة من ذلك الاستهداف، تصرّ الرياض على أن في مقدورها استعادة إنتاجها بشكل كامل، في خلال أقلّ من أسبوعين.Ksa Armcoksa2019.9.21

وخلال جولة للصحافيين على خريص الواقعة في شرق السعودية وبقيق على بعد نحو 200 كيلومتر شمالاً من خريص، حيث يوجد أضخم مصنع لتكرير الخام في العالم قال مسؤول في «أرامكو»، إن المنشأة الأولى تعرّضت لأربع ضربات في 14 أيلول/ سبتمبر بينما استُهدفت الثانية بـ 18 ضربة. وتبيّن الصور تعرّض 15 برجاً ومنشأة وخزانات ضخمة لأضرار وكذلك منشآت تعمل بالأخصّ على فصل الغاز عن النفط الخام. وأفاد المسؤول في المجموعة، خالد الغامدي بأن «ستة آلاف عامل يشاركون في أعمال الصيانة» فيما لفت مسؤول آخر إلى أن «عدة بؤر حساسة في المصنع تأثرت» بالضربات. وقال أحد المسؤولين في «أرامكو» فهد عبد الكريم إنه خلال الهجوم «كان هناك ما يتراوح بين 200 و300 شخص داخل المنشأة»، مؤكداً خلال الجولة داخل الموقع أن «أحداً لم يصب بجروح» إلا أن الأضرار المادية كبيرة.

وعلى رغم حجم الأضرار، لا تزال الشركة متفائلة باستئناف الإنتاج بشكل كامل بحلول نهاية الشهر الجاري إذ أعلن عبد الكريم أنه «تمّ تشكيل فريق طوارئ لتصليح المعمل وإعادة إطلاق الأنشطة وإعادة (الإنتاج) إلى مستواه المعتاد». وأشار إلى أنه «في أقلّ من 24 ساعة عاد 30% من المعمل إلى العمل» متابعاً أن «الإنتاج سيكون في المستوى الذي كان عليه قبل الهجوم بحلول نهاية الشهر... سنعود أقوى من قبل». غير أن خبراء اعتبروا أن هذا الهدف طموح؛ إذ رأت «إنرجي إنتليجنس» في تقرير أن بعض أعمال الصيانة ستحتاج إلى «عدة أسابيع». وفي مقابل التطمينات السعودية ظلّت أسعار النفط على طريق أكبر زيادة أسبوعية منذ كانون الثاني/ يناير الماضي إذ ارتفع خام «برنت» بنسبة تزيد على 7%، مقارنة بالأسبوع الماضي.

وفي تجلّ للأزمة التي تمرّ بها الشركة بدّلت «أرامكو» درجات الخام الممنوح لبعض العملاء فيما أرجأت تسليم الخام ومنتجات نفطية لعملاء آخرين لعدة أيام. وقالت عدة مصادر إن حالات التأخير في تحميل النفط الخام منتشرة على نطاق واسع حيث تلقّى معظم المشترين طلباً من عملاق النفط السعودي بإرجاء شحنات من المقرّر تسليمها في تشرين الأول/ أكتوبر بما يتراوح بين سبعة إلى عشرة أيام ما يمنح الشركة المنتجة للنفط المزيد من الوقت للحفاظ على استمرار الصادرات عبر تعديل الإمدادات من المخزونات والمصافي التابعة لها.

ووفقاً لمصادر «رويترز» وبيانات من «رفينيتيف وكبلر» تمّ تبديل درجات الخام الذي جرى تحميله في السعودية على متن ثلاث ناقلات عملاقة هذا الأسبوع لنقله إلى الصين والهند من نفط خفيف إلى ثقيل، فيما طُلب من المزيد من المشترين في آسيا السماح بتأجيل شحنات وتبديل الدرجات في الشهرين الحالي والمقبل. وقال محلل في قطاع النفط إن «أرامكو» تسحب الخام العربي الثقيل من مخزوناتها لتبديل درجاته، مضيفاً إن «السعودية دائماً تصرف مخزونات النفط في تموز/ يوليو وآب/ أغسطس لذلك فإن مستوى المخزونات الحالي سيبلغ ما يتراوح بين 170 مليوناً و175 مليون برميل تقريباً» وهذا «يكفي نظرياً لمدة 25 يوماً. لكن على أرض الواقع يمكن أن تقل هذه المدة».

ضغوط على معتقلي «الريتز» للمشاركة في الاكتتاب!
كشفت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية أن السلطات السعودية تضغط على الأُسر الأكثر ثراءً في المملكة للاكتتاب في الطرح العام الأولي لشركة «أرامكو» والذي أرجئ أشهراً إضافية بعدما كان مقرراً قبل نهاية العام الجاري على خلفية الهجمات اليمنية التي استهدفت منشأتَي بقيق وخريص. وبحسب ثمانية أشخاص مطلعين على المحادثات تحدثوا إلى «فايننشال تايمز»، فإن هذه الأُسر هي جزء من خطة لـ«بناء الثقة» في صفقة «أرامكو» السعودية.

في هذا الإطار أشارت أربعة مصادر إلى ممارسة الإكراه وليّ الأذرع والمضايقات في حقّ بعض الأسر الأكثر ثراءً في المملكة، في مساعٍ لتصبح مستثمراً رئيساً في «أكبر اكتتاب عام» على الإطلاق. ولفتت الصحيفة في تقريرها الذي نشر يوم أمس إلى أن عدداً من المستهدفين كانوا ضمن الذين اعتقلوا في الـ«الريتز» بين عامي 2017 و2018م ومن بينهم الوليد بن طلال. وفي حين لا يزال الكثير من أصول هذا الأخير مجمّداً في المملكة منذ الواقعة الشهيرة فإن الاقتراح يقضي بأن يتبرّع بها للاكتتاب.

ووفق أحد المتموّلين المستهدفين فإن العشرات من أغنى الأسر السعودية تم التواصل معها بالفعل وهي «مجموعة كبيرة من بين أغنى 50 عائلة». وكجزء من الحملة أُرغم رجل أعمال سعودي واحد على دفع مبلغ يصل إلى 100 مليون دولار طبقاً لأحد مستشاريه. وأفرج عن رجل الأعمال هذا بعد توقيع اتفاق مع السلطات سَلَّم بموجبه أصولاً مادية ودفع أقساطاً شهرية لسداد «ديونه» للحكومة، لكن الأخيرة تشجّعه راهناً على «القيام بواجبه الوطني تجاه المملكة».

المزيد في هذا القسم: