المرصاد نت - متابعات
بعد مرور أربع سنوات على إنشاء النظام الإماراتي لمليشيات مسلحة خارج سلطة الدولة ذات بعد مناطقي ونفس انفصالي أدرك الجميع خطر التشكيلات المسلحة الخارجة عن سلطة الدولة الدولة بينما استمرت أبوظبي في الحفاظ على مليشياتها المسلحة واتجهت نحو مسار إضفاء الشرعية عليها من خلال عدة مسارات.
في حين اتجهت حكومة هادي عقب تصاعد أعمال العنف وحدة الخلاف مع النظام الإماراتي إلى احتواء المشكلة وقررت السعي لدمج التشكيلات العسكرية التي أنشأتها أبو ظبي في المحافظات الجنوبية والساحل الغربي في صفوف قوات الأمن والجيش .غير أن الخطوة قوبلت برفض قاطع من قبل أبو ظبي وبعض تشكيلاتها العسكرية كما قوبلت الخطوة بتصعيد أكبر من قبل أبو ظبي عبر أدواتها المليشاوية والمجلس الانتقالي ضد الحكومة والذي توج بدعم الإمارات للانقلاب المسلح الكامل على مؤسسات الدولة وطرد حكومة هادي من العاصمة المؤقتة عدن، وبسط السيطرة عليها بشكل كامل.
أدركت أبوظبي بعد مرور وقت طويل من قيامها بإنشاء المليشيات المسلحة في جنوب البلاد حاجتها لإضفاء الشرعية على تلك المليشيات فسعت جاهدة لاستمالة الوزراء المؤثرين في حكومة هادي لتمرير مخططاتها عبرهم والسعي للدفع بالموالين لها من الانفصاليين إلى عضوية مجلس الوزراء عبر افتعال سلسلة من الأحداث. وبرغم قيام أبوظبي بالإنفاق على ذلك بسخاء وسعيها لاستمالة بعض الوزراء الذين كان وزير الداخلية أحمد الميسري أبرزهم إذ تم استدعاؤه إلى أبو ظبي فإن الأخيرة عجزت عن ذلك ووقفت وطنية الرئاسة وبعض الوزراء حائلا دون إتمام مخططها وهو السبب الأبرز وراء تفجر الأوضاع عسكريا مؤخرا في بعض المحافظات الجنوبية.
اتفاق الرياض هل ينهي المشلكة؟
ومع توقيع حكومة هادي وما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي على اتفاق الرياض تبرز عدد من التساؤلات: فهل نجحت أبو ظبي من خلال اتفاق جدة في إضفاء الصبغة الشرعية على مليشياتها العسكرية؟ وما مصير مليشيات أبو ظبي العسكرية على ضوء الاتفاق؟ وهل سينهي اتفاق الرياض معضلة المليشيات المسلحة؟ وعقب كل ذلك هل ستخضع الألوية العسكرية التابعة للإمارات لسلطتي وزارتي الدفاع والداخلية؟ أم ستبقى أبو ظبي هي من تتحكم بها من خلال المجلس الانتقالي الانفصالي؟
تحت باب الترتيبات الأمنية أوضحت مسودة اتفاق الرياض أن ما سيتم هو إعادة ترتيب لقوات الحكومة والانتقالي الأمنية لتأمين عدن بحيث تتولى الشرطة والنجدة تأمين عدن ويتم ترقيمها تبعا لوزارة الداخلية فيما سيجري إعادة تموضع لقوات مكافحة الإرهاب وتعيين قائد جديد لها. واقعيا لا تبدو الحلول بتلك البساطة التي أوردتها مسودة اتفاق جدة فالتفسيرات لتنفيذ ما ورد فيها ستتعدد ولن يترك الانتقالي سيطرته على التشكيلات العسكرية من الأحزمة والنخب والصاعقة بسهولة، فكل ما يهدف إليه الانتقالي ومن خلفه أبو ظبي هو إضفاء الصبغة الشرعية على تلك التشكيلات فحسب.
يبدو ذلك واضحا من خلال أول تعليق للناطق باسم المجلس الانتقالي الجنوبي نزار أنور والذي أوضح في تصريح له أول أمس السبت أن التشكيلات العسكرية والأمنية التابعة له ستبقى لمحاربة الحوثيين والإرهاب. حتى وعلى افتراض تنفيذ اتفاق جدة وقدرته على حل معضلة المليشيات المسلحة التي أنشأتها أبو ظبي فهي حلول لا تعدو كونها جزئية. فاتفاق جدة لم يتطرق مطلقا لبقية التشكيلات العسكرية المليشياوية المدعومة من قبل أبو ظبي والرياض ذاتها كألوية العمالقة وحراس الجمهورية التي يقودها طارق صالح والألوية العسكرية المشاركة في جبهات الحدود والتي قامت الرياض بإنشائها ولا تخضع جميعها لسلطة حكومة هادي ولا تتبع القوات المسلحة اليمنية. وبالتالي فقنبلة المليشيات المسلحة لا تزال موقوته بانتظار أن تنفجر يوما ما في وجه الجميع.
ميدل إيست مورنيتور ...
يمثل الاتفاق تعزيزاً مهماً لوضع المجلس الذي تم استبعاده في وقت سابق من كل اتفاقات السلام الأممية وبدت مصادر المجلس أكثر سعادة بالاتفاق من الطرف الآخر.يتضمن الاتفاق الجديد والذي كان قد تم التفاوض عليه في جدة والرياض طيلة أكثر من شهر إجراءات جديدة لمكافحة الفساد وضمان توزيع الموارد من قبل البنك المركزي اليمني. ويؤجل مشروع الاتفاق حل قضية الانفصال حتى يتم حل الحرب مع الحوثيين. يؤيد الانتقالي تقسيم اليمن إلى جزأين كما كان عليه قبل عام 1990م وهو أقل التزاماً بمعركة طرد الحوثيين خارج صنعاء بما في ذلك قواعدهم التي يطلق منها الغارات الجوية عبر الحدود تجاه السعودية.
ظن مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن مارتن غريفيتث أنه سيكون قادراً على إعلان اتفاق بين هادي والمجلس في الأسبوع الماضي لكن خلافاً حدث في الدقيقة الأخيرة على توزيع الموارد أعاق الاتفاق. كان غريفيتث في الرياض يوم الخميس من أجل إجراء محادثات مع نائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان. واستعداداً للاتفاق تحركت القوات السعودية بالفعل إلى عدن وإلى قواعد عسكرية رئيسية لتحل محل القوات الإماراتية التي رحلت.
عرض الحوثيون في سبتمبر وقف إطلاق النار مع السعودية وأنهوا بذلك ضرباتهم المؤثرة بصواريخ كروز وطائرات الدرون على الأراضي السعودية. وتم الاتفاق على برنامج مكثف لتبادل الأسرى لكن الأمم المتحدة تضغط أكثر على السعودية كي تقوم بالمثل. في إشارة أخرى للتقدم الدبلوماسي البطيء تم إنشاء 4 مراكز مراقبة مشتركة لمراقبة وقف إطلاق النار في ميناء الحديدة الذي ظل لعدة سنوات نقطة الصراع بين حكومة صنعاء و حكومة هادي.
هل تثمر الضغوط السعودية؟
في سياق مختلف فالمؤمل من خلال الجدية التي يلاحظ أن السعودية تتعامل بها مع هذا الملف الشائك نظرا للتحديات الكبيرة التي باتت تواجهها يتوقع أن الاتفاق سيكون بداية عهد جديد يتم من خلاله تدعيم أسس بناء وفرض وجود سلطة هادي فهي السبيل الوحيد لمحاربة ومجابهة التمرد .
الكاتب والمحلل السياسي اليمني عبد الرقيب الهدياني قال إن اتفاق الرياض سيؤدي إلى تذويب الأذرع العسكرية والأمنية التي أدارت العبث والانقلاب في عدن وقوضت مؤسسات الدولة خلال أربع سنوات ماضية، داخل مؤسسات الجيش والأمن ويضع حدا لما وصفه بالانفلات والعبث. وأضاف الهدياني أن اتفاق الرياض خطوة على طريق توحيد جبهة الشرعية في مواجهة الانقلاب كما أنه سيؤسس لمرحلة جديدة في المحافظات الجنوبية.
الكاتب والمحلل السياسي اليمني ياسين التميمي قال إن "اتفاق الرياض هو حالة إضافية على الأزمات في اليمن" وأوضح التميمي بأن اليمنيين لم يكونوا بحاجة إلى هذا الاتفاق من الأساس. وعلل ذلك بكونه جاء من أجل أن يشرعن للحالة السيئة التي أنتجتها الإمارات في عدن والمحافظات الجنوبية عبر المجلس الانتقالي والتشكيلات العسكرية لفرض واقع جديد عنوانه الانفصال.
وقال "كان يفترض بالرياض وهي قائدة التحالف أن تقضي على هذه التحديات عبر القوات الموجودة لديها وعبر الإمكانيات والصلاحيات التي تتمتع بها في الساحة اليمنية لكنها لجأت إلى هذا التكتيك والاتفاق لكي تخلق أرضية جديدة سياسية ومرجعية جديدة لترتيب وضع البلاد وفق ما تريد هي وليس وفق ما يتطلع اليه اليمنيون".
وبشأن معالجة الاتفاق لمشكلة المليشيات المسلحة قال التميمي إن اتفاق الرياض يقوي المليشيات ويشجع على المزيد من أعمال الفوضى والخروج والتمرد على السلطة. وعلل ذلك بالقول إن كل من يتمرد على السلطة بات يحصل على مكافأة. واختتم التميمي حديثه بالتأكيد على أن اتفاق الرياض لن ينهي مشكلة المليشيات المسلحة حيث إنه لن يكون هناك دمج حقيقي للمليشيات التي عملت تحت مظلة المجلس الانتقالي كما أنها لن تكون جزءا منسجما من الجيش الوطني علاوة على أن هناك تحديات وإشكاليات كبيرة ستحول دون إتمام تطبيق هذا الاتفاق بما فيه من سوء.
المزيد في هذا القسم:
- العدو السعودي ومرتزقته يبدون فعلياً بخطوات خطة تقسيم تعز المرصاد نت - تعز بداء العدو السعودي فعلياً خطوات تنفيذ خطة تقسيم تعز عبر استحداث مركز جديد للمحافظة في مديرية الشمايتين لإدارة المناطق الواقعة تحت سيطرة ال...
- بلاك ووتر والتجنيد القسري: رهان الإمارات لإيقاف نزيف خسائرها باليمن المرصاد نت - متابعات تتواصل في مدينة عدن جنوب البلاد الإجراءات التنفيذية لاتفاق الإمارات وحكومة هادي على نقل السيطرة على السجون إلى حكومة هادي. إجراءات لا تفل...
- تحالف العدوان السعودي يمنع اقلاع أول رحلة علاجية إلى الخارج عبر مطار صنعاء المرصاد نت - متابعات أعلنت وزارة الصحة اليوم الثلاثاء أن تحالف العدوان السعودي منع إقلاع أول رحلة علاجية إلى الخارج عبر مطار صنعاء فيما أعلن تحالف العدوان بدء...
- صحيفة أمريكية تحذر من سيطرة الحوثيين على اليمن وتدعوا لتدخل واسع لهزيمتهم! المرصاد نت - متابعات لوحة فنية وضعت في العاصمة صنعاء، ضمن حملة احتجاجية شعارها “أمريكا تقتل الشعب اليمن” تدفع الولايات المتحدة الأمريكية باتجاه استمرار الحرب...
- استغاثة عاجله بسم الله الرحمن الرحيم ياجماهير شعبنا اليمني العظيم .. يا أحفاد الأوس والخزرج وآل البيت (ع).. يا أحفاد معين وسباء وحمير .. أيها اليمنيون الأحرار يا أصل العروبه...
- الوضع في عدن يتصاعد بشكل خطير ضد تحالف العدوان وحكومة هادي المرصاد نت - متابعات أغلق محتجون اليوم في عدن بعض الشوارع الرئيسية في المدينة احتجاجاً على تدهور الوضع الاقتصادي وانعدام المشتقات النفطية واستمرار تدهور الريال...
- أبرز التطورات الميدانية والسياسية في المشهد اليمني المرصاد نت - متابعات أثارت موجة الاقتتال التي شهدها معسكر «التحالف» أخيراً في مدينة عدن ردود فعل لدى دوائر خارجية كان أبرزها ما صدر أمس عن «...
- بعد تغيير واشنطن لهجتها.. هل اقتربت حرب اليمن من نهايتها؟ المرصاد نت - متابعات لمّحت واشنطن أكثر من مرة إلى ضرورة إنهاء حرب اليمن، لكن هذه المرة جاء موقفها صريحاً بدعوة التحالف الذي تقوده السعودية بوقف ضرباته الجوية ...
- فساد العمل الإنساني والإغاثي في اليمن! المرصاد نت - رشيد الحداد لا تزال ظاهرة الفساد الذي يعتري العمل الإنساني والإغاثي في اليمن تتكشّف فصولاً على رغم محاولات المنظمة الدولية التعمية عليها بتوجيه أص...
- بعامه الجديد.. اليمن بين خياري السلام أو الوجع الكبير! المرصاد نت - علي الذهب بشكل كبير خيمت التعقيدات على مساعي السلام والملف السياسي في اليمن خلال العام ٢٠١٩م رغم ما شهد هذا الملف من تحولات وتحركات لم تكن كافية ...