المرصاد نت - رشيد الحداد
تصاعدت النقمة في صنعاء على المبعوث الأممي إلى اليمن وصولاً إلى رفض قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي لقاء الرجل كما المعتاد ليغادر بعدها العاصمة اليمنية خالي الوفاض ولا سيما في ملف الرواتب. جملة اتهامات بالفشل والتقصير تُوجّهها حكومة صنعاء إلى مارتن غريفيث فيما لا يزال إعلان «التحالف» تسيير رحلات جوية مشروطة ومحدودة والإفراج عن 200 أسير يواجَه بالتشكيك في ظلّ خرق اتفاق السويد وبوادر التصعيد في الحديدة.
غادر المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث العاصمة صنعاء مساء أول من أمس من دون لقاء السيد عبد الملك الحوثي. الأخير رفض اللقاء احتجاجاً على عدم وفاء غريفيث بالوعود التي سبق أن قطعها في صنعاء حول العديد من الملفات الإنسانية المرتبطة باتفاق السويد الموقّع برعاية الأمم المتحدة منتصف كانون الأول/ ديسمبر الماضي والتي قدّمت حكومة صنعاء في شأنها الكثير من المبادرات الأحادية الجانب وما ترى أنها تنازلات. وترى صنعاء أن تلك الملفات وأبرزها فتح مطار صنعاء وحلّ مشكلة الأسرى وحسم قضية حرمان موظفي الدولة من رواتبهم منذ أكثر من ثلاث سنوات واستكمال تنفيذ اتفاق السويد بشأن الحديدة هي ملفات لا تحتمل المماطلة والتسويف من قِبَل الأمم المتحدة أو تحالف العدوان وحكومة الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي.
كلّ ذلك وعد المبعوث الأممي بحلّه مرّات عدة وأكد في عدة إحاطات قدّمها إلى مجلس الأمن الدولي تمكّنه من إحراز تقدّم كبير في شأنه. أكثر من ذلك قدّم غريفيث في أكثر من إحاطة شكره للرياض على تعاطيها الإيجابي مع اتفاق السويد والملفات المرتبطة بالاتفاق، لكن الملفات الإنسانية ظلّت مفتوحة بلا حلول ملموسة على الواقع. لذا عاد غريفيث الأحد الماضي يرافقه نائبه معين شريم إلى صنعاء حاملاً رؤية حكومة هادي في ما يتعلّق بملف رواتب موظفي الدولة. المأخذ على غريفيث وفق حكومة صنعاء أنه حمل «الرؤية الضيقة» لحكومة هادي للحلّ والتي تعكس رغبتها في الاستمرار في معاقبة موظفي الدولة بعد أكثر من ثلاث سنوات من قطع رواتبهم بلا مبرّر.
وكان المبعوث الأممي في إفادته أمام مجلس الأمن مطلع الأسبوع الجاري قد قال إن اتفاقاً أُبرم بهذا الخصوص يقضي بصرف المرتبات ابتداءً من الحديدة من دون ذكر المحافظات الأخرى بينما «المجلس السياسي الأعلى» في صنعاء أصدر قراراً بفتح حساب الرواتب في فرع البنك المركزي في الحديدة في تموز/ يوليو الماضي وتم تحويل الإيرادات الضريبية والجمركية المستوفاة من سفن المشتقات النفطية الواصلة إلى ميناء الحديدة.
تشترط صنعاء إشراف الأمم المتحدة على الإيرادات على أن يغطي الطرف الآخر العجز في موازنة الرواتب ويتم صرفها على موظفي الدولة كافة من دون استثناء. إلا أن حكومة هادي ترفض تغطية أيّ عجز مالي في حساب الرواتب والذي تصل نفقاته الشهرية وفق كشوفات عام 2014 إلى قرابة 75 مليار ريال يمني، وهي تشترط صرف الرواتب لموظفي الحديدة المدنيين والتي كانت تُصرف للكثيرين منهم في أوقات متقطّعة من البنك المركزي في عدن، فيما ترفض صنعاء ما تقدّم وتطلب صرف رواتب كلّ الموظفين في الشمال والجنوب.
وما زاد من سخط صنعاء على غريفيث أخيراً توليه مهمة ما تقول إنه «تلميع لتحالف العدوان أمام المجتمع الدولي» مع زعمه الأسبوع الماضي موافقة «التحالف» على فتح مطار صنعاء الذي تنتظره 320 ألف حالة حرجة توفي منها 28 ألف مريض سرطان وهو ما لم يتحقق. ووفقاً لمدير المطار خالد الشايف فإن المتفق عليه مع منسقية الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية هو أن يبدأ الجسر الجوي الطبي في 20 تشرين الأول/ أكتوبر إلا أن «الأمم المتحدة تنصّلت من الاتفاق». ونفى الشايف مزاعم «التحالف» عن افتقاد المطار الذي يستقبل 3 رحلات يومياً تابعة للأمم المتحدة الجاهزية.
ملف الأسرى يُعدّ هو الآخر أحد أهم الملفات الإنسانية والذي قضى اتفاق السويد في شأنه بصفقات تبادل تشمل 16 ألف أسير من الطرفين لم يُطبّق منها سوى تحرير العشرات فقط، بينما تقول حكومة صنعاء إنها قدّمت الكثير من المبادرات والتسهيلات بهدف إنهاء معاناة الأسرى من الطرفين ومن بينها الإفراج عن 350 أسيراً بينهم 3 سعوديين. هذا الجمود تَعدّه صنعاء إخفاقاً آخر لغريفيث في أداء الدور الموكل به. وعلى رغم التطور الأخير بإعلان «التحالف» الإفراج عن 200 أسير أكد رئيس «اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى» في صنعاء عبد القادر المرتضى أن شيئاً لم يتمّ وأن اللجنة لم تتلقّ أيّ تأكيد من قِبَل «الصليب الأحمر الدولي». مع ذلك يُعدّ إعلان «التحالف» رسالة لتجنب التصعيد وخصوصاً أنه تضمّن تسيير رحلات جوية بالتعاون مع «منظمة الصحة العالمية» لنقل المرضى من صنعاء.
وفي الوقت الذي اعتبر فيه غريفيث تنفيذ المرحلة الأولى من نشر نقاط لمراقبة وقف إطلاق النار منتصف سبتمبر/ أيلول الماضي في الحديدة مدخلاً مهماً لإحلال السلام الشامل، عاد التصعيد العسكري خلال الأسبوعين الماضيين مرة أخرى ما أفشل جهود لجنة المراقبة الأممية في الحديدة برئاسة الجنرال الهندي ابهيجيت جوها في تنفيذ المرحلة الثانية من نشر نقاط مراقبة وقف إطلاق النار.
واقع فرضه قيام قوى العدوان بالتصعيد في الساحل الغربي لخروقاتها للاتفاق جنوب الحديدة كمديريات الدريهمي وحيس والتحيتا ومناطق الجبلية والفازة. تلك الخروقات ردّت عليها صنعاء بتنفيذ عملية هجومية واسعة تكتّم «التحالف» عنها. ومع استمرار التحشيد في الساحل الغربي ورصد تحضيرات جديدة لتصعيد عسكري محتمل باتجاه الحديدة وجّهت قيادة «ألوية حماة الساحل الغربي» مساء الاثنين تحذيراً مباشراً لـ«التحالف» وميليشياته في بيان غير مسبوق. من جانبه اتهم عضو فريق صنعاء في «لجنة إعادة الانتشار»، العميد محمد القادري الأمم المتحدة بالتواطؤ مع التصعيد مشيراً إلى أنها لا تتخذ أي إجراء ضد الطرف الذي يخرق اتفاق السويد وأنها «تفعّل وتجمّد الاتفاق حسبما تشاء».
«التحالف» يطلق سراح 200 أسير
أعلنت قوي «التحالف» السعودي ــ الإماراتي، أمس، إطلاق سراح 200 من الأسرى والمحتجزين لديها من المحسوبين على سلطة صنعاء مبرّرة الخطوة بـ«دعم جهود السلام». وأوضح «التحالف» في بيان نشرته وسائل إعلام رسمية سعودية أنه سيخفّف القيود على المجال الجوي اليمني للسماح برحلات جوية تنطلق من صنعاء لنقل من يحتاجون إلى العلاج الطبي في الخارج.
وقال المتحدث باسم «التحالف» تركي المالكي إن إطلاق سراح الأسرى تم انطلاقاً من «حرص قيادة التحالف على مواصلة دعم جهود حل الأزمة في اليمن والدفع باتفاق ستوكهولم، بما في ذلك الاتفاق المتعلق بتبادل الأسرى». وكانت قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية قد أطلقت سراح 350 أسيراً من جانب واحد في أيلول الماضي، بينهم ثلاثة سعوديين.
وفي أول تعليق رسمي من جانب صنعاء قال عضو «المجلس السياسي الأعلى»، محمد علي الحوثي عبر «تويتر»: «نرحّب بالخطوة التي أعلنها التحالف الأميركي السعودي الإماراتي وحلفاؤه اليوم وندعوهم إلى إيقاف التعذيب (..) حتى إخراج جميع الأسرى والمحتجزين لدى التحالف». ودعا الحوثي إلى «ترتيب استقبال جماهيري لهؤلاء الأبطال عند وصولهم إلى أرض الوطن الغالي».
المزيد في هذا القسم:
- قيادي جنوبي بارز يكشف عن المسؤول الأول بتنفيذ جرائم اختطاف الفتيات في عدن المرصاد-متابعات قال قيادي جنوبي بارز “إن تحالف الشياطين يذبح اليمنيين من الوريد إلى الوريد”.وأكد ما يسمى “عضو مجلس الشور، علي حسين البجيري في تغريدة له...
- ضحايا «المجاعة الكبرى» يمنحون العالم فرصة لإنقاذهم المرصاد نت - متابعات مهددون بمجاعة وصفتها «الأمم المتحدة» بـ«الأكبر في العالم منذ عقود طويلة وضحاياها بالملايين» يشارك أبناء العاصمة ا...
- تحالف العدوان الخاسر في اليمن: إدارة التوحّش بديلاً المرصاد نت - لقمان عبدالله يفضح الشعب اليمني كل يوم بدماء أبنائه وأشلاء أطفاله ونسائه المزاعم المتكررة لنظامَي آل سعود وآل زايد حول نظافة حربهما على الشعب الي...
- النظام السعودي يغسل يديه بإهانة عملائه المرصاد نت - خليل كوثراني هزيلاً ومتناقضاً ومستفزّاً خرج تحقيق تحالف العدوان في مجزرة صنعاء الجريمة التي أراد السعوديون أن يكونوا فيها الخصم والحكم في آن واحد...
- لا علاقة لـ'حظر الالكترونيات' بإنزال اليمن؟ المرصاد نت - الأخبار على النقيض من الرواية التي تم تداولها في وسائل إعلام أميركية حول خلفية القرارين الأميركي والبريطاني بحظر الإلكترونيات على متن الطائرات الآ...
- تجدد الاحتجاجات في المهرة رفضا للوصاية السعودية ! المرصاد نت - متابعات أعلن أفراد قبيلة زعبنوت في محافظة المهرة عن إغلاقهم مكتب المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً في مديرية شحن ورفعوا شعارات مؤيدة لشر...
- الوفد الوطني يشدد على ضرورة الحل السياسي الشامل بما فيها الرئاسة والحكومة المرصاد نت - متابعات شدد الوفد الوطني في مفاوضات الكويت اليوم السبت على أن الحل الشامل سياسي وأمني واقتصادي وإنساني يتمثل في تشكيل مجلس رئاسي من القوى الوطنية...
- المأزق السياسي للنظامين السعودي والإماراتي جراء استمرار العدوان على اليمن؟ المرصاد نت - متابعات الحرب العدوانية التي يشنها النظام السعودي والإماراتي على الجمهورية اليمنية مُنذ تاريخ 26 مارس 2015م ولازالت مستمرة حتّى كتابة هذه الأسطر ...
- الإمارات وأهدافها المشبوهة في اليمن والنتائج السلبية لأقتصادها المرصاد نت - متابعات منذ الأحد الماضي تتواصل الإشتباكات العسكرية في مدينة عدن جنوب اليمن بين قوات ما يسمى بالحماية الرئاسية التابعة لحكومة الفار هادي وقوات ال...
- البراكين اليمنية إلى الرياض: هل تضع حداً للغطرسة السعودية؟ المرصاد نت - متابعات منذ بداية انطلاق العدوان على اليمن، كانت الصواريخ الباليستية اليمنية هي الهدف الأبرز لعمليات عاصفة الحزم وهي الشبح المزعج الذي يرعد فرائص...