المرصاد نت - خليل كوثراني
هزيلاً ومتناقضاً ومستفزّاً خرج تحقيق تحالف العدوان في مجزرة صنعاء الجريمة التي أراد السعوديون أن يكونوا فيها الخصم والحكم في آن واحد.
ولأن حجم الصدمة من فداحة الجناية كان كبيراً ومحرجاً تدرّجت الرياض في خطواتها لامتصاص النقمة، وكانت آخرها تمرير اعتراف يمكن توصيفه بجريمة موازية ففي أولى ساعات المذبحة التي شهدتها صنعاء يوم السبت الماضي، نفت قيادة العدوان أن تكون قد أقدمت على أي نشاط عسكري في مكان المجزرة، داعية إلى «البحث عن أسباب أخرى».
وبين قبولها بإقامة تحقيق في الفاجعة وصدور نتائج هذا التحقيق استمرّت الماكينة الإعلامية لتحالف العدوان السعودي في بثّ كلّ المواد المضللة بهدف إبعاد الشبهات عن ساحتها ومع أن أياً من هذه الروايات المتهافتة (كأن يكون الحادث بدافع تصفيات داخلية بين الحلفاء على الجبهة الأخرى أو بهجوم قام به تنظيم «داعش») لم تصمد بوجه الحقيقة التي لا تقبل أي مستوى من التشكيك والتضعيف ووثّقت بمشاهد حية تظهر بوضوح غارات لطائرات حربية التقطتها هواتف الصنعانيين فإن حلفاء السعودية في الداخل اليمني لم يجدوا في غير تلك الإشاعات باباً لتبرير استمرارهم في موقف الدفاع عن العدوان والمشاركة فيه.
وللمفارقة فإن نتائج التحقيق السعودي بعد أسبوع على الجريمة خرجت لتقدّم هؤلاء الحلفاء المزايدين على داعميهم كبش فداء أمام الرأي العام يمنياً ودولياً إذ إن فريق التحقيق الذي شكّله التحالف بقيادة السعودية أكّد أن قوّات التحالف هي التي نفّذت الهجوم على مجلس عزاء الصالة الكبرى في العاصمة اليمنية صنعاء مبرّراً ما حدث بأنه كان بناءً على «معلومات مغلوطة عن وجود قيادات من الحوثيين في المنطقة» قدّمتها القوّات الموالية للرئيس الهارب هادي. وادّعى البيان الصادر عن «الفريق المشترك لتقييم الحوادث» أن «مركز توجيه العمليات الجوّية في الجمهورية اليمنية (قوّات هادي) قام بالسماح بتنفيذ عملية الاستهداف، من دون الحصول على توجيه من الجهة المعنية في قيادة قوّات التحالف»، وهذا يعدّ «انتهاكاً للبروتوكول». وطلب البيان «مراجعة قواعد الاشتباك والعمل على تقديم التعويض المناسب لذوي الضحايا والمتضرّرين». واعترفت قيادة تحالف العدوان بخلاصة التحقيق، وقالت «إنها بدأت فعلياً باتّخاذ الإجراءات اللازمة لتطبيق ما ورد من توصيات»، من غير أن يفوتها الإعراب عن الأسف للحادث «غير المقصود، وما نتج عنه من آلام لأسر الضحايا، والذي لا ينسجم مع الأهداف النبيلة للتحالف، وعلى رأسها حماية المدنيين وإعادة الأمن والاستقرار لليمن الشقيق».
اللافت في البيانين المتقدّمين ظهور حلفاء المملكة السعودية بمظهر «المهان»، وعدم إقامة اعتبار لصورة هذه القوى أمام الرأي العام اليمني، ليس فقط لجهة ما تثيره من احتمال تخلٍّ سعودي قد يطرأ يوماً ما، بل حتّى لناحية إمكانية إحراج رفاق السلاح، وتخصيصهم بتعليق الإخفاقات والأخطاء عليهم، من دون النجاحات، والتلطّي خلفهم في ملفّات حقوق الإنسان الحسّاسة. ولم يبدُ الموقف السعودي متحرّجاً، استناداً إلى بيان قيادة التحالف، من التأكيد، في الوقت عينه، أن الجريمة تتنافى «مع الأهداف النبيلة للتحالف، وعلى رأسها حماية المدنيين وإعادة الأمن والاستقرار لليمن الشقيق». فوق ذلك، حاول التحالف السعودي، عبر البيان، أن يقنع الآخرين بأن الغارتين على صالة العزاء الكبرى في صنعاء تمّتا من دون الرجوع إلى القيادة. وهو ما لقي استهجاناً واسعاً من المراقبين، مع التأكيد الدائم من قبل التحالف، وعلى رأسه المتحدّث باسمه أحمد عسيري، على الانتظام المطلق لمنظومة السيطرة والقيادة، ودراسة الأهداف بدقّة، والإشارة المتكرّرة إلى أن الأهداف تقصف بعد العودة إلى القيادة. وهو ما يدفع إلى التساؤل حول إمكانية أن تقوم طائرات دولة بقصف قلب عاصمة دولة أخرى، بهدف إبادة جزء كبير من القيادتين السياسية والعسكرية (حسب افتراض بيان التحالف) لهذا العدو، من دون أن تعلم قيادة البلد المهاجِم بهجوم قوّاتها. ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل إن المسؤولية ترمى على حلفاء في الداخل اليمني.
يفترض البيان أيضاً أن الجريمة هفوة يتيمة لم تسبقها أو تلحقها جرائم حرب وإبادة وثّقتها المنظّمات الحقوقية الدولية على مدار أزيد من عام ونصف، ولم توفّر بشراً ولا حجراً في مختلف مناطق اليمن وضدّ قطاعاته كافّة.
إلى جانب ذلك، فإن المتحالفين مع العدوان (الذين جهدوا طوال أسبوع في محاولة تبرئة ساحة السعودية) كانوا قد خرجوا غداة المجزرة لإدانة الجريمة والتذكير (كما فعل نائب الرئيس هادي، علي محسن الأحمر) بأن عدداً من المعزّين الذين قضوا في القصف هم من «أنصار الشرعية»، أي في الخندق السياسي نفسه الذي هم فيه، قبل أن تفاجئهم السعودية بعد أسبوع باتّهامهم بأنهم هم من قدّموا «المعلومات المغلوطة». فكيف يشارك في الصالة أنصار لشرعية الرئيس هادي ويجري تقديم معلومات مغلوطة من زملاء لهم حول طبيعة الاجتماع؟
وإمعاناً في محاولة التلطّي خلف حلفاء الداخل اليمني، قامت السعودية أمس، بحسب معلومات تداولتها مواقع يمنية، باستدعاء عدد من قيادات قوّات هادي إلى الرياض. وتشير المعلومات إلى أن رئيس هيئة أركان قوّات هادي اللواء محمد علي المقدشي، وتسعة ضبّاط آخرين، اقتادتهم قوّة عسكرية من محافظة مأرب إلى العاصمة السعودية. ولم توضح المعلومات سبب هذا الاستدعاء «المذلّ» إذا كان التحقيق قد أنجز؟!
ومن جهتها رفضت «أنصار الله» ووزارة الخارجية في صنعاء نتائج التحقيق ونقلت وكالة «سبأ» عن مصدر مسؤول في الوزارة مطالبته بتحقيق دولي مستقلّ «حول جرائم حرب ارتكبها تحالف العدوان»، كذلك دعا المصدر أمين عام الأمم المتّحدة، بان كي مون، إلى «العمل على تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلّة، برئاسة شخصية دولية محايدة رفيعة المستوى، في أسرع وقت ممكن، للتحقيق في جرائم الحرب في اليمن، التي ارتكبها تحالف العدوان ومن خلفه»، مؤكّداً أن «داعمي ومرتكبي هذه الجرائم بحقّ الشعب اليمني لن يفلتوا من العقاب».
المزيد في هذا القسم:
- استمرار خرق اتفاق وقف إطلاق النار بالحديدة وغارات على عدة محافظات ! المرصاد نت - متابعات استمر العدوان الأمريكي السعودي ومرتزقته في خرق اتفاق وقف إطلاق النار بمحافظة الحديدة و شن الطيران سلسلة غارات على محافظات صعدة حجة وذمار ...
- شريكا العدوان يسحبان العتاد العسكري والحربي من مأرب باتجاه الوديعة والكنائس متابعات : بعد فشلهم الذريع في تحقيق أي انتصارات في جبهات نهم صنعاء وصرواح مأرب شرق اليمن .فضلاً عن مخاوفه بوقوع اتفاق قد يدفع المسلحين القبليين للسيطرة ...
- داعش يعلن الحرب على القوات الإماراتية في اليمن المرصاد نت - المكلا بعد أسابيع من إعلان «العدوان» سيطرة القوات المعتدية الإماراتية والقوات الموالية للرياض على مدينة المكلا ومدن أخرى بعد طرد تن...
- معركة تحالف العدوان السعودي للسيطرة على باب المندب الأهداف والمآلات المرصاد نت - الوقت يبدو أن هدنة الـ 48 ساعة لوقف اطلاق النار في اليمن والتي انتهت بالأمس كانت كسابقاتها فرصة للعدوان السعودي لتحشيد قواته بهدف التصعيد العسكري...
- الإمارات تستقدم 1500 مسلح من الضالع إلى أرخبيل سقطرى المرصاد-متابعات اكدت مصادر محلية بمحافظة جزيرة سقطرى، وصول سفينة تحمل المئات من المسلحين التابعين لمليشيا الإنتقالي. وقالت المصادر أن 1500 مسلح من مليش...
- اغتيال قائد معسكر سبأ العقيد مثنى رشيد واندلاع اشتباكات مسلحة بعدن المرصاد نت - عدن أوضح مصدر محلي بعدن في وقت متأخر من مساء أمس الجمعة عن إقدام مسلحين مجهولين على اغتيال قائد في الجيش بمديرية المنصورة بعدن.وقالت المصادر ...
- الجثث في تعز والسجون والاغتيالات في عدن ..القتل على الطريقة الإماراتية! المرصاد نت - متابعات عاد أبو العباس اليد العليا للإمارات إلى تعز لتعود معه عمليات الاختطاف والقتل في المدينة التي لم تصح بعد من صدمة الجثث التي رماها أتباعه ف...
- ناشنال انترست تكشف مصالح إسرائيل من دعم انفصال جنوب اليمن المرصاد-متابعات ذكرت مجلة “ناشيونال انترست” أمس الأربعاء، في تقرير سلطت فيه الضوء على مصالح إسرائيل من الحرب على اليمن ودعمها للمجلس الانتقالي الجنوبي ...
- كيف تستفيد الأمم المتحدة من معاناة الشعوب وإدارة الصراعات ؟ المرصاد نت - زكي حاشد الأمم المتحدة تطالب المجتمع الدولي بأكثر من 2 مليار دولار لتفادي مجاعة وشيكة في اليمن..!!؟؟ بعيداً عن إنها أحد أسباب و صانعي هذه الأزمة ...
- تحالف العدوان الخاسر في اليمن: إدارة التوحّش بديلاً المرصاد نت - لقمان عبدالله يفضح الشعب اليمني كل يوم بدماء أبنائه وأشلاء أطفاله ونسائه المزاعم المتكررة لنظامَي آل سعود وآل زايد حول نظافة حربهما على الشعب الي...