انفصال الجنوب يظل حلماً بعيد المنال ..هل سينفجر الوضع عسكرياً مجدداً؟

المرصاد نت - متابعات

قالت شركة "ستارفورد" الأمريكية إن تحركات المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن وبعض المحافظات الجنوبية ستشعل خلافا سياسيا طويل الأمد بين النظام السعودي والنظام الإماراتي . Aden Yemen2019.12.3وأضافت "ستارفورد" -وهي منصة الاستخبارات الجيوسياسية تقوم بوضع الأحداث العالمية في منظورها الصحيح لتمكين الشركات والحكومات والأفراد في تقرير لها - إن "الإماراتيين والسعوديين لا يزالوا متحالفون على ما يبدو في القتال ضد الحوثيين لاستعادة سلطة هادي المدعومة من الأمم المتحدة على البلاد. لكن أبوظبي تعمل أيضًا على تحديث إستراتيجيتها الإقليمية بحيث تشمل التركيز بدرجة أقل على تهديد الحوثي في ​​اليمن وبدرجة أكبر على تعزيز مكاسبها من خلال وكلاء مثل المجلس الانتقالي الجنوبي. بينما تستمر السعودية في الضغط على الحوثيين على نطاق واسع، قرر الإماراتيون -على ما يبدو من جانب واحد- تقليل هذا الجهد لصالح الحفاظ على نفوذهم في جنوب اليمن وخاصة في مدن الموانئ الرئيسية مثل عدن.

 وحسب التقرير فإنه على الرغم من هذا الصدع المتزايد سعت السعودية والإمارات إلى دعم صورة الوحدة في السياسة اليمنية. لكن أعمال أبوظبي على الأرض تحكي قصة مختلفة. ووفقا للتقرير "بعد ضرب القوات المتحالفة مع هادي دعما للمجلس الانتقالي الجنوبي في 29 أغسطس أعلن الإماراتيون على الفور وبشكل علني مسؤوليتهم عن الهجوم. أظهرت هذه الخطوة أنه بالنسبة لأبوظبي فإن المجلس الانتقالي الجنوبي هو الآن أكثر أهمية من حكومة يمنية وموحدة على الأقل في ظل إدارة هادي والتي لها علاقة متوترة مع أبوظبي".

 يشير "ستار فورد" إلى أن تحول الإمارات في الإستراتيجية هو نتيجة لعدة عوامل. وقال إن "التهديد المتزايد المتمثل في الانغماس في مواجهة أميركية - إيرانية متزايدة الاحتمال قد قلل من درجة المخاطر في أبوظبي في منطقة الخليج. في هذه الأثناء في اليمن ظل الوضع العسكري مع الحوثيين راكدًا إلى حد كبير منذ أن شنت دولة الإمارات هجومًا في عام 2018 ضد مدينة الحديدة الساحلية. ونتيجة لذلك أسفر وضع القوات على الخطوط الأمامية ضد الحوثيين عن مكاسب أقل خلال العام الماضي بينما وضعت أبوظبي في مكان صدام مع الحوثيين مع بناء لقدراتهم لضرب أراضي الإمارات لا يزال الحلفاء الرئيسيون مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا يحاولون أيضًا صد القوات اليمنية المحلية الأخرى التي تتطلع إلى معاقبة الإمارات والسعودية لمشاركتها في الحرب ضد اليمن.

 بالنسبة لأبوظبي -حسب التقرير- فإن مخاطر مكافحة الحوثيين بفعالية تفوق الفوائد. لكن هذا لا يعني أن الإمارات ستتخلى عن اليمن تمامًا وستخسر المكاسب التي حققتها هناك. يشير دعمها المستمر للمجلس الانتقالي الجنوبي إلى أنها تخطط للالتفاف لبعض الوقت في المستقبل.

وأوضح التقرير أن هذا التحول باتجاه الجنوب يشكل مجموعة من المخاطر الأمنية الخاصة به حيث سيستفيد الحوثيون المتمركزون في الشمال من تزايد في القتال بين هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي للضغط على مطالبهم مع تركيز حكومة هادي والسعودية جزئيًا على التخفيف من تحدي المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن ستكون الموارد المتاحة أقل لوقف الهجمات الحوثية تاركةً للمجموعة فرصة كبيرة لدحر بعض المواقع العسكرية للتحالف.

 لكن الحوثيين ليسوا وحدهم الذين يستفيدون. يعتبر المجلس الانتقالي الجنوبي عدوًا قويًا للجهاديين اليمنيين بمن فيهم أولئك المرتبطون بالقاعدة والدولة الإسلامية. ومثل الجبهة المناهضة للحوثيين، فإن انشغال المجلس الانتقالي الجنوبي بقتال القوات المدعومة من هادي سوف يتركها بموارد أقل لمواجهة المتطرفين. في خضم تزايد الاشتباكات الداخلية هناك فرصة لإغراء بعض اليمنيين بخيبة أمل للانضمام إلى الجهاديين الذين تعد رؤيتهم الإسلامية للبلاد وحشية.

وأشار إلى أن مخاطر كل من مكاسب الحوثيين والإحياء المتطرف في اليمن قد تُجبر الإمارات في نهاية المطاف على تقديم المشورة لإنهاء حملة المجلس الانتقالي الجنوبي الحالية ضد إدارة هادي المدعومة من السعودية. ولكن مثل كل الوكلاء المحليين، يمتلك المجلس الانتقالي الجنوبي أيضًا جدول أعماله. وبالتالي، فإن أي اتفاق يمكن لأبوظبي أن تتخلى عنه لن يؤدي إلا إلى إثارة التوترات بين الشمال والجنوب حتى تبرز الفرصة التالية أمام المجموعة لدفع مستقبل اليمن من دولة واحدة إلى دولتين.

وعن اتفاق الرياض تقول منصة الاستخبارات الجيوسياسية الأمريكية "يمثل اتفاق تقاسم السلطة الموقع في 5 نوفمبر بين حكومة هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي حداً لانقسامهم الحالي مع تقدم طموحات الجماعة الجنوبية الانفصالية في الشرعية السياسية الوطنية. في حين أن الصفقة قد تدور حول الخلافات بين القوات المتعاونة في القتال ضد المتمردين الحوثيين، فمن المحتمل أن تظهر الانقسامات الرئيسية بين الشمال والجنوب في البلاد مرة أخرى.

ويضيف التقرير "منذ عام 2015م كانت مدينة عدن جنوب اليمن موقعًا لعدة مصادمات كبرى بين حكومة هادي المعترف بها في الأمم المتحدة والمجلس الانتقالي الجنوبي. لكن المعركة الأخيرة بين الشركاء المتحالفين اسمياً في المعركة ضد الحوثيين قد تركت المدينة لأول مرة إلى حد كبير تحت سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي مما يدل على قدرة الجماعة الانفصالية على السيطرة على الحكومة اليمنية".

وذكر التقرير أنه بعد سنوات من الدعم العسكري والإقتصادي والسياسي من الإمارات أصبح لدى المجلس الانتقالي الجنوبي الآن الفرصة لبناء مؤسسات الظل والقدرات الحاكمة في عدن والتي من شأنها أن تقرب المجموعة من تحقيق هدفها النهائي المتمثل في استعادة جنوب اليمن المستقل. وأردف "لكن القيام بذلك سيعني استخلاص الموارد من المعارك الأوسع التي يقودها التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين والجماعات الجهادية وربما دعوة رد فعل عنيف من الجنوبيين الآخرين الذين يسعون إلى المشاركة في مطالبهم بمستقبل الدولة التي مزقتها الحرب".

يقول "ستارفورد": في 1 أغسطس أصاب صاروخ الحوثي عرضًا عسكريًا للتحالف في مدينة عدن الساحلية مما أدى إلى مقتل قائد مشهور من المجلس الانتقالي الجنوبي وما يصل إلى 46 آخرين. ولكن بدلاً من الانتقام من الحوثيين ألقى المجلس الانتقالي الجنوبي باللوم على إدارة هادي مدعياً ​​أن حركة الإخوان المسلمين (حليف هادي) ساعدت في الهجوم. بدأ المجلس الانتقالي الجنوبي منذ ذلك الحين حملة ضد حكومة هادي، حيث شن داعموها الإماراتيون غارات جوية على القوات المتحالفة مع هادي في 29 أغسطس. وبعد أن استقر الوضع احتفظ المجلس الانتقالي الجنوبي بسيطرته على عدن تاركاً إدارة هادي دون تأثير يذكر في المدينة الأكثر أهمية إستراتيجياً في جنوب اليمن.

 واستدرك "مع السيطرة على عدن لم تكن ميزة المجلس الانتقالي الجنوبي على الحكومة أكبر. لكن المجموعة لا تزال تواجه حواجز طرق كبيرة في السعي لتحقيق تطلعاتها الطويلة لاستعادة جنوب اليمن. من ناحية، لا تزال الدبلوماسية الدولية حول اليمن تتركز إلى حد كبير على الصراع بين هادي والحوثي.

ويقول "بدون السيطرة الكاملة على الجنوب لا يزال يتعين على المجلس الانتقالي الجنوبي الحصول على النفوذ الميداني الذي يحتاجه للدخول في هذه المحادثات الدولية" مشيرا إلى أن توسيع نفوذه لن يكون بالأمر السهل، لأن المجلس لا يمثل جميع شرائح المنطقة الواسعة من الفصائل والقبائل والمواطنين. ووفقا للتقرير فإنه نظرًا لموقع القوة في عدن، فإن لدى المجلس الانتقالي الجنوبي خلافات أيديولوجية وسياسية مع المحافظات الداخلية في جنوب اليمن مثل حضرموت والمهرة وأيضا زعيم المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي، لديه منافسين على السلطة في الجنوب.

وأكد التقرير أن جنوب اليمن المستقل يظل حلماً بعيد المنال. ولكن في غضون ذلك، لا يزال بإمكان المجلس الانتقالي الجنوبي بناء السيادة الفعلية من خلال السيطرة على أكبر مدينة في المنطقة. وأنه عند القيام بذلك، سيقوم المجلس الانتقالي الجنوبي ببناء القدرة الحاكمة ببطء ويمكنه بعد ذلك استخدام المدينة كقاعدة لتوسيع سلطته إلى مناطق جديدة تحت سيطرة إدارة هادي. وقال "يمكن للمجلس أيضًا استخدام نفوذ السيطرة على عدن للحصول على رأي أكبر في حكومة وطنية موحدة مما يزيد من فرصه على محمل الجد في الدبلوماسية الدولية المتعلقة باليمن".

هل سينفجر الوضع عسكرياً مجدداً في جنوب اليمن؟
تعيش عدن وكثير من المحافظات الجنوبية حالة غليان تؤشر إلى إمكانية انفجار الوضع عسكريا هناك مجددا برغم توقيع ما يعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي اتفاق الرياض مطلع الشهر الفائت. قامت منذ ذلك الحين وحتى اليوم مليشيات الانتقالي بممارسات مختلفة تقود نحو التصعيد في الجنوب أبرزها مع بداية شهر ديسمبر/كانون الأول الإعلان عن تشكيل لواء جديد يتبع القيادي في الحراك الجنوبي شلال شائع التابع للإمارات والذي كان سابقا مدير أمن عدن.

ويعتزم الانتقالي كذلك استكمال السيطرة على مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية وجهاز الأمن السياسي في الضالع وعدن ولحج وأبين بتعيين قيادات تتبع لهم في تلك الجهات الرسمية. كما نزع المجلس الانتقالي معظم الأسلحة الثقيلة من اللواء 33 مدرع التابع للجيش اليمني في الضالع وسلمها لمليشياته المدعومة إماراتيا. وتُحكِم إلى الآن مليشيات الانتقالي سيطرتها على عدن والمواقع الأخرى الخاضعة لها دون أن تنفذ بنود الملحق الأمني والعسكري في اتفاق الرياض

في صعيد ذلك يعتقد الإعلامي عبد الكريم الخياطي أن السعوديين كعادتهم يستخدمون نفوذهم ومالهم لترحيل المشاكل وليس لحلها بشكل كامل وهي سياسة لها بعدها التاريخي فضلاً عن إيجادها المبررات الأمنية الجديدة فالرياض وأبوظبي وجدتا أرضية قبول وتسليم من قبل النخب الجنوبية. وقال إن ما يرشح الأمور للانفجار هو أن السعودية أصبحت ولأول مرة منذ وفاة الملك سعود تطمع في توسيع نفوذها بالقرب من خليج عدن والمحيط الهندي وبحر العرب فضلا عن إصرار الإمارات على التحكم بأدوات جنوبية لأسباب اقتصادية وسياسية.

ولفت إلى اتفاق الرياض الذي رأى أنه ظاهريا ينزع فتيل الأزمة وأن موافقة الإمارات عليه جاء بعد ردود الفعل القوية التي ظهرت بعد ضربها للجيش الوطني وقتل أكثر من 300 جندي وقيادي منه.لكن الاتفاق في مضمونه يحمل ألغاما كبيرة وهو يشبه كثيرا من الاتفاقات بين يمنيين يتصارعون لعقود على عدن بمسميات مختلفة منذ السبعينيات وحتى اتفاق عمان قبل حرب 1994م وفق الخياطي الذي أكد خطورة بقاء قوات الانتقالي المقربة من الإمارات بنفس الهيكل التنظيمي له، وكأنه ترحيل للمعركة فقط حتى يتم للتفرغ للمفاوضات السرية بين التحالف والحوثي.

واستطرد "الجدية في الاتفاق كانت ستكون واقعية إن تم إلزام الانتقالي على تسليم السلاح الثقيل وقيام السعودية بالإشراف على إعادة هيكلة تلك المليشيات المختلفة وضمها لوزارتي الدفاع والداخلية" مشيرا إلى عدم تسليم قوات الانتقالي حتى اليوم المؤسسات الحساسة للجيش الوطني وخاصة التي تشكل أهمية للإمارات كالموانئ ومطار عدن.

من جهته يرى الصحفي عمار زعبل أن عامل الوقت يلعب دورا في تأزيم الوضع أكثر خصوصا أن اتفاق الرياض لم يجد طريقه إلى التنفيذ أو حتى نية التنفيذ إذ لا توجد تحركات جادة إلى الآن من قبل السعودية للبدء في ذلك. وذكر أن الإمارات ما زالت اللاعبة الرئيسية في الجنوب بنفسها وعن طريق عملائها من يحققون ما خططت وتسعى إلى تحقيقه طيلة السنوات الماضية من الأزمة. وتوقع زعبل أن يؤدي استمرار استفراد الانتقالي بكل شيء في عدن وغيرها أن يفجر الوضع في الأخير.

وربما تنتظر أبو ظبي ضربة يحققها الانتقالي على الأرض لا تتدخل هي جويا كما حصل في أغسطس الماضي فهي تريد تثبيت ما يحصل وأن تبقى الحكومة ومؤسساتها فقط تؤدي دورا مكتبيا بحتا بينما القرار بيدها وربما سيندفع الانتقالي إلى افتعال حماقات وهو ما سيقابل بالقوة. يُذكر أن وزير النقل صالح الجبواني كشف مؤخرا أن حكومة هادي في عدن لا تستطيع ممارسة مهامها بحرية تامة في ظل سيطرة مليشيات الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً.

المزيد في هذا القسم: