حصاد عام من اتفاق ستوكهولم.. سلام متعثر وإخفاق يتكرر!

المرصاد نت - متابعات

عام كامل مضى على توقيع اتفاق "ستوكهولم" بين حكومة هادي وحكومة صنعاء في 13 ديسمبر (كانون الأول) 2018م لم يشفع لإحداث تقدم جوهري على طريق التنفيذ الكامل لبنود الاتفاق ALsouaid2020.1.5الذي رعته الأمم المتحدة في العاصمة السويدية ستوكهولهم.

 بعد عام كامل ما يزال التقدم إلى الوراء هو سيد الموقف بحسب معطيات الواقع في محافظة الحديدة (غربي اليمن) مع تزايد الاتهامات بين الأطراف بالمراوغة وعدم الالتزام بتنفيذ أياً من بنود الاتفاق. حيث تعتبر محافظة الحديدة كمنفذ بحري حيوي لأكثر من 80% من سكان اليمن..

هرع مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، إلى الحديدة، نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2018م رغم أن المحافظة كانت حينها ساحة قتال مستعرة وعقد مؤتمراً صحفياً قال فيه: "سنعمل لتجنيب الحديدة ويلات الحرب". نجحت مساعي المبعوث الأممي غريفيث في الحصول على موافقة حكومة هادي وحكومة صنعاء لعقد مفاوضات سياسية في العاصمة السويدية ستوكهولهم.

 ونص الاتفاق على انسحاب الأطراف من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى إلى شمال طريق صنعاء في مرحلة أولى خلال أسبوعين من توقيع الاتفاق. وتقرر تشكيل لجنة للإشراف على إعادة انتشار القوات اليمنية في الحديدة بإشراف من الأمم المتحدة على أن تتولى السلطات المحلية الإشراف على المدينة وفق القوانين اليمنية. وستشرف لجنة تنسيق إعادة الانتشار على عمليات إعادة الانتشار والمراقبة، هذا إلى جانب عملية إزالة الألغام من الحديدة ومينائها.

 وينص الاتفاق أيضا على أن تودع جميع إيرادات موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى في البنك المركزي اليمني من خلال فرعه الموجود في الحديدة للمساهمة في دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية بمحافظة الحديدة وجميع أنحاء اليمن.

 على مدار عام كامل لم تتوقف الاتهامات بين الأطراف المتصارعه بعرقلة تنفيذ اتفاق ستوكهولم خاصة خفض التصعيد وإعادة الانتشار بين الطرفين. وما انفكت حكومة هادي تنتقد بشكل دائم ما تصفه ـمماطلة صنعاء في تنفيذ بنود اتفاق ستوكهولم مطالبة المجتمع الدولي بالضغط لتنفيذه، لكن صنعاء تزعم أن حكومة هادي فسرت بنود اتفاق ستوكهولم تفسيرا خاطئا.

 أبرز محطات الاتفاق

 وفي 13 من ديسمبر 2018، أعلن في العاصمة السويدية "ستوكهولم"، وبحضور الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريش" عن الاتفاق الذي حمل اسم المدينة ولم توقع عليه الأطراف المتحاورة واكتفت بالموافقة الشفهية. ومنذ ذلك اليوم وغريفيث في جولات مكوكية شملت عدة عواصم عربية وغربية، لتنفيذ ولو بند واحد من الاتفاق فقط لحفظ ماء وجه المبعوث الأممي الذي يمثل هذا الاتفاق الإنجاز النظري الوحيد له منذ استلامه المهمة في فبراير/شباط 2018.

17 ديسمبر/ كانون الأول 2018م شكلت الأمم المتحدة لجنة لمراقبة وتنسيق إعادة إنتشار وتولى رئاستها الجنرال الهولندي "باتريك كومارت" وبعد شهر واحد قدم استقالته إثر تعرض موكبه لإطلاق نار بسبب الآلية المزمنة التي وضعها وعملية إعادة الانتشار.

22 ديسمبر/كانون الأول 2018م أصدر مجلس الأمن قرارا عزز اتفاق ستوكهولم وتضمن ثلاثة محاور الأول حول مدينة الحديدة وموانئها (الحديدة والصليف ورأس عيسى) والمحور الثاني آلية تنفيذية لتفعيل اتفاقية تبادل الأسرى والثالث إعلان تفاهمات حول مدينة تعز المحاصرة.

23 يناير/كانون الثاني 2019م عين الجنرال الدنماركي "مايكل لوليسغارد" لرئاسة اللجنة، خلفا لـ"باتريك" والذي استمر لمدة تسعة أشهر واضطر لمغادرتها .

5 أكتوبر/ تشرين أول أعلنت الأمم المتحدة أنّ الجنرال الهندي "أبهيجيت جوها" تسلّم مهامه رسمياً رئيسا للجنة إعادة الانتشار بالحديدة كثالث رئيس لفريق المراقبين الدوليين والذي بدروه يعاني من عرقلة كبيرة في مهامه.

 نصت بنود اتفاق السويد على بدء سريان وقف إطلاق النار بمدينة الحديدة في 18 ديسمبر/كانون الأول فيما حدد السابع من يناير/كانون الثاني موعدا لتنفيذ إعادة انتشار القوات فيها إضافة لاتفاق تبادل الأسرى والمعتقلين وتفاهمات بشأن فك الحصار عن مدينة تعز لكن أياً منها لم ينفذ في الواقع.

 ركزت خطة إعادة الانتشار على مرحلتين: الأولى، انسحاب قوات صنعاء من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى والانسحاب من مناطق التماس فتح الممرات الإنسانية إلى مطاحن البحر الأحمر. المرحلة الثانية الانسحاب من مدينة الحديدة إلى أطرافها. ومنذ الإعلان عن اتفاق ستوكهولم، منتصف ديسمبر/كانون الأول 2018 دأبت كل الأطراف على إفشال جميع بنود الاتفاق عبر سلسلة من الخروقات ورفضها الالتزام بتعهداتها. وحيال تلك الخروقات تعاملت الأمم المتحدة بسلبية مريبة مكتفية بالتحسر وبيانات القلق فقط على ما تسميه "الفرص المهدرة لتحقيق السلام".

 ولم يحقق المراقبون الأمميون الثلاثة أي نتائج إيجابية فيما يخص تطبيق اتفاق ستوكهولم فالتقدم الطفيف الذي كان قد حصل في ميناء الحديدة خلال فترة الدنماركي "لوليسجارد" تحول إلى أتهامات متبادلة بعد انسحاب القوات الموالية لحكومة صنعاء من الميناء واستبدالها بقوات خفر السواحل اليمنية كما عجز رؤساء البعثة الأممية الثلاثة بالحديدة عن تحقيق أي تقدم بخصوص فتح الممرات الإنسانية مع استمرار الخروقات اليومية والقصف الجوي الهستيري في الأطراف الشرقية والجنوبية لمدينة الحديدة.

 وخلال فترة المسؤولين الثلاثة، عقدت لجنة إعادة الانتشار في الحديدة 7 اجتماعات كان آخرها في 19 ديسمبر الجاري أربعة لقاءات منها في المياه الدولية بالبحر الأحمر على متن السفينة الأممية (Antarctic dream)   غير أن خطوات تنفيذ بنود الاتفاق لم تسجل تقدماً على أرض الواقع يمكن الإشارة إليه.

ورغم فشل المبعوث الأممي مارتن غريفيث في تنفيذ بنود اتفاق ستوكهولم ويصعب العثور على منجز يمكن البناء عليه حيث ما زالت الخروقات مستمرة حتى اللحظة في الحديدة والقصف العشوائي والقذائف تنهال على المدنيين باستمرار والضحايا والأضرار يومياً إلا أن غريفيث قال في تصريحات أخيرة إنه نجح في تجنب المزيد من التدهور الذي كان من شأنه أن يعرض حياة مئات الآلاف من اليمنيين للخطر.

 وأضاف غريفيث -في حوار نشره الموقع الإلكتروني الرسمي للأمم المتحدة: "إننا نرى النجاحات المتواضعة لاتفاقية ستوكهولم كخطوة تقربنا من تحقيق سلام دائم لجميع اليمنيين. قد تكون العملية بطيئة، وسوف تكون هناك انتكاسات لكننا سنواصل رعاية وتعزيز كل إنجاز صغير على طريق دعم اليمنيين في سعيهم لتحقيق السلام والاستقرار".

 وأضاف "كان الغرض من اتفاقية ستوكهولم هو تجنب شن هجوم عسكري على الحديدة، وتخفيف المعاناة الإنسانية عن الشعب اليمني. ولكن لا يمكن لهذه الاتفاقية وحدها أن تجلب السلام لكل اليمن. يجب أن نبدأ في العمل من أجل بناء السلام الشامل. وبينما نستمر في العمل على تنفيذ اتفاقية الحديدة، فإن الوقت المناسب للانتقال إلى عملية سياسية للتوصل إلى السلام في اليمن كله هو الآن. اليمن لا يستطيع الانتظار".

 رغم تأكيد مجلس الأمن الدولي على دعمه لتنفيذ اتفاق ستوكهولم امتد الفشل الذريع في تنفيذ اتفاق "ستوكهولم" إلى درجة أن المجتمع الدولي عجز عن إلزام الأطراف بتنفيد بنود تلك الاتفاق أو حتى بالسماح لفريق أممي بتقييم حالة خزان صافر العائم قبالة سواحل الحديدة.

 

المزيد في هذا القسم: