المرصاد نت - متابعات
يبدو أن التاريخ يعيد نفسه ولكن بحلّة عربية جديدة أقسى ما فيها أنها تذكّرنا بتلك الجراح التي نزفت عربياً وإسلاميّاً على أيدي المجرمين الصهاينة أمثال شارون وبيرزير.
فعندما كنت أشاهد مجزرة الصالة الكبرى في العاصمة صنعاء للوهلة الأولى اعتقدت أن تلك المشاهد هي إعادة لمجازر شارون وبيريز في قانا وديرياسين وصبرا وشاتيلا ليتبيّن لاحقاً أن الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز هو منفّذ هذه المجزرة التي راح ضحيّتها أكثر من 800 شهيد وجريح.
المشاهد المؤلمة أعادتني كثيراً إلى الوراء وتحديداً إلى العام 1996 حيث شاهدت إحدى الجثث المتفحّمة التي تدمي القلب لتذكّرني بأحد أصدقاء الطفولة الذي استشهد في مجزرة قانا الأولى. الصديق الشهيد كان محبّاً للشعر وعاشقاً للغة العربية حيث ردّد في إحدى ساعتها من العام نفسه (1996) وبإلقاء مميّز نشيد "بلادُ العُربِ أوطاني" ليصفّق له الجميع عدا أحد الطلاب صاحب الجنسيّة الفلسطينية الذي أجاب بحسرة والدمعة تحتبس في العين: ألسنا عرباً؟ لماذا تخلّى عنّا إخواننا العرب؟
لم أدرك كما صديقي الشهيد، ما يقصده صديقنا الفلسطيني من هذه الكلمات فمناهجنا الدراسيّة ممتلئة بالنصوص التي تتغنّى بكرم وأخوّة ووحدة العرب إلى أنني اليوم وبعد 20 عاماً على هذه الحادثة بدأت أدرك ما يقصده صديقنا الفلسطيني من حديثه هذا.
لم تكن هذه "المجزرة الكبرى" هي الأولى من نوعها بل تخطّت كافّة المجازر السابقة في الحديدة والمخا وحجة وصالة وسنبان ومختلف مناطق اليمن وفيما لو اسحتضرنا كافّة المجازر السابقة لأدركنا أوجه الشبه الحاصلة بين "اسرائيل" والسعودية.
لا نريد العودة كثيراً إلى الوراء واستذكار المجازر الاسرائيلية المؤلمة بدءاً من دير ياسين وصبرا وشاتيلاً مروراً بقانا الأولى والمنصوري وصولاً إلى قانا الثانية وعزّة 2008 و2014.
إلا أن جردة سريعة لبعض المجازر الذي ارتكبها "خادم الحرمين الشريفين" الملك سلمان، تكفي لفهم الواقع العربي ففي سوق الخميس الشعبي بمديرية مستباء بمحافظة حجة غرب اليمن استشهد وأصيب نحو 120 شخصا إثر غارتين شنهما طيران العدوان السعودي وفي سوق الهنود وسط مدينة الحديدة شنّ الطيران السعودي غارةً على منازل سكنية أدّت إلى استشهاد وجرح48 مدنيا بينهم الكثر من النساء والأطفال.
في المخا، أدّت الغارات التي شنّها الطيران السعودي إلى استشهاد أكثر من 100 وجرح حوالي 150 مواطن في 24 يوليو 2015. وأما في صعدة فقد أدّت غارة لطيران العدوان السعودي على مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم في منطقة جمعة بن فاضل بمديرية حيدان إلى استشهاد وجرح 27 طالباً. وفي السبّان بمحافظة ذمار استشهد 66 مواطنا وجرح 52 معظمهم من النساء والأطفال!
هذا غيض من فيض المجازر السعودية التي حصدت أكثر من 6700 مدني (وفق آخر التقارير التي صدرت عن الأمم المتحدة) فيما لو أحصينا شهداء الحروب الإسرائيلية مذبحة صبرا وشاتيلاً (2500 شهيد)، عناقيد الغضب 1996 (170 شهيد)، عدوان تموز 2006 (1200 شهيد)، عدوان غزّة 2008 (1285 شهيد) وغزّة 2014 (2147) نرى أنّ ما ارتكبه كل من شارون وبيريز ونتنياهو في هذه الحروب يوازي ما ارتكبه سلمان في العدوان على اليمن.
ليس القتل وحده ورغم أن الأطفال والنساء هي الثابت في الوحيد في المشهد الدموي الذي حلّ على أهل اليمن فكثيرة هي التشابهات بين مجازر شارون وبيريز ونتنياهو من جهة ومجازر سلمان من جهة الثانية سواء في الشّكل والمضمون والدعم العسكري والسياسي الأمريكي، كما أن الحصار الذي تمارسه السعودية على اليمن أشد من حصار إسرائيل لغزة تماماً كما هو حال الجازر إلا أن الفارق الوحيد هو رفع الملك السعودية شعار الإسلام رغم أن أفعاله تؤكد العكس فهل نادى النبي الأكرم صاحب الحرمين الشريفين بقتل الكفّار غير الحربيين فضلاً عن المسلمين؟
كذلك، القيادات العسكرية والإسرائيلية وبعد نفاذ أهدافها العسكرية تبدأ باستهداف المدنيين تماماً كما هو حال وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان فلا أهداف عسكرية له بعد سنةٍ وسبعة أشهر، ولا عمليات تعطيه مكاسب سياسية، ولا أيُّ شيء من هذا القبيل سوى العبث بأرواح شعبٍ لم يفهم عدوّه والتوكّز على عصا المجازر والمذابح فيما تبقّى من وقت للنظام السعودي.
لا ينتابنا أي شكّ أن التطرّف الإسرائيلي لا يوازيه تطرّف ودموية في العالم إلا أنّه تطرّف مدروس بخلاف نظيره السعودي الهمجي ولعل هذا ما يفسّر تصدّر السعودية للإرهاب في المنطقة لم تتلقّى السعودية هذه الإتهامات من أعدائها فحسب بل من حلفائها الأمريكيين حيث كشف آخر الوثائق التي نشرها موقع "ويكيليس" أن وزيرة الخارجية السابقة ومرشّحة الرئاسة الحالية هيلاري كيلنتون قالت " إن السعوديين هم أكثر من صدروا التطرف إلى العالم في الأعوام الثلاثين الماضية".
ما أتمناه اليوم أن يعود الزمن بنا إلا الوراء لأصفّق لصديقي الفلسطيني الذي غابت أخباره عنا منذ ذلك الحين أو أُسمع وأُري صديقي الشهيد آهات وصرخات أطفال ونساء اليمن كتلك التي سمعها وشاهدها قبيل لحظات من استشهاده.
أُدرك جيّداً ما الذي سيجبني به بعد تأكيده لضرورة الثأر من المجرمين الصهانية سيجيبني بالشعر الذي أحبّه: "بلاد العرب أوطاني.. ومن نجد إلى يمن" دون أن يعلم أن نجد هي المسؤولة عن جرح اليمن، وليس الكيان الإسرائيلي. لا أدري بماذا سأجيبه حينها فلو أخبرته أن مجازر السعودية في اليمن أشد من مجازر "إسرائيل" لبكى كما فعل صديقنا الفلسطيني. ولكن ربّما أفضّل السكوت كي لا ادمي قلبه مرّتين على الأثر!
المزيد في هذا القسم:
- غارات العدوان الجويه تستهدف منطقه الجراف غارات جوية للعدوان السعودي الامريكي تستهدف منطقة الجراف ومحيطها وهي منطقه سكنيه واصابات لمدنيين وخسائر معنويه وماديه ....
- مسلحون مجهولون يغتالون رجل أعمال في مدينة رداع اغتال مسلحون مجهولون، فجر اليوم الأحد، رجل اعمال ، في مدينة رداع التابعة لمحافظة البيضاء وسط البلاد. ونقلت وكالة "اليمن" الاخبارية عن مصدر أمني ,إن...
- ما هي خيبة المراهنة السعودية على "انقلاب صالح"؟ المرصاد نت - متابعات التحالف السعودي الذي جهّز نفسه على وجه السرعة للانقضاض على صنعاء والقضاء على الجيش واللجان وأنصار الله يصطدم بمأزق التصورات الافتراضية ال...
- منتدى شباب اليمن يدين الاعتداء على مقر انصار الله ادان منتدى شباب اليمن الاعتداء الذي اقدمت عليه وزارة الداخلية ومجاميع تكفيرية صباح السبت على مقر المجلس السياسي لأنصار الله في حي الجراف واصدر بيانا لادانة العد...
- لغز باب المندب: أمريكا تسعى لكسب أوراق جديدة ! المرصاد نت - متابعات شهد مضيق باب المندب والسواحل المحيطة هذه الأيام، تصعيداً خطيراً يُنبئ بتأزّم الحرب في اليمن وانتقالها إلى مستويات أخرى فيما اتهمت امري...
- اليمن فرض معادلته الخاصة على السعودية والإمارات المرصاد نت - إبراهيم السراجي لا يمكِنُ حصْرُ التداعيات السلبية بالنسبة لقوى العدوان السعودي الأمريكي على خلفية القضاء على الفتنة في صنعاء وبعض المحافظات في وقت...
- رايتس ووتش تطالب بتحقيق حول غارات نفذها تحالف العدوان على اليمن المرصاد نت - متابعات طالبت منظمة «هيومن رايتس ووتش» اليوم الإثنين بتحقيق مستقل حول عمليات قصف نفذها تحالف العدوان الذي تقوده السعودية في عدوانها ع...
- قواعـد عسكريـة بغطـاء "تحالـف العدوان" فـي قلـب بـاب المنـدب ! المرصاد نت - متابعات تحت غطاء مساندة ماتسمي بالشرعية خضعت المنافذ البحرية الاستراتيجية في البحر الأحمر وباب المندب لسلطة وإشراف قوات عسكرية إماراتية وسعودية و...
- المواجهات لا تزال مستمرة .... سقوط 17 لواءً و2500 كلم بيد صنعاء ! المرصاد نت - رشيد الحداد لم يعد الطريق معبّداً للوصول إلى العاصمة، ولم تعد نهم (شرق) مسرح عمليات عسكرية تشعلها القوات الموالية للتحالف السعودي، وعلى رأسها ميل...
- أول انتفاضة لأبناء الجنوب: «برّع برّع يا سلمان... يا عميل الأمريكان»! المرصاد نت - متابعات «برّع برّع يا سلمان... يا عميل الأمريكان». شعار جديد باتت تردّده جموع غاضبة من اليمنيين الجنوبيين في محافظات اليمن الشرقية وا...