دور بريطانيا السري في حرب السعودية القذرة في اليمن

المرصاد نت - متابعات

كشفت صحيفة (الديلي ميل) أمس الأحد أن الجيش البريطاني يقوم سريا بتدريب القوات السعودية على القتال في اليمن حيث تتهم السعودية بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

و قد قام عدد يصل قوامه إلى خمسين عسكرياً بريطانياً بتدريس مهارات المعركة لجنود سيتم نشرهم فيما سميت بـ “الحرب القذرة”.

و قتل آلاف من المدنيين في غارات القصف ويواجه ما يقدر بمليون طفل المجاعة والأمراض الخطيرة نتيجة للصراع.

و ذكر اندرو ميتشل عضو البرلمان البريطاني ووزير التنمية السابق إن مشاركة الجيش هي جزء من “التواطؤ المخزي” لبريطانيا في المعاناة.

و قال “بالنظر إلى الحساسيات المحيطة بالسعودية واليمن في الوقت الحاضر سيكون من الأفضل أن ننفتح على ما نفعله. نأمل بأن تدريبنا سينقذ الأرواح”.

و أضاف أحد كبار ضباط الجيش البريطاني الذي اختار عدم الكشف عن هويته: “سيكون هناك قلق شديد من أن تكون هذه المهمة قد تسربت نظرا لحساسيات دور السعودية في الصراع اليمني”.

و يمكن لوزارة الدفاع أيضاً الكشف عن أن بعثة التدريب البريطانية قد شملت ضباطاً مختصين بالتخلص من الذخائر المتفجرة من هيئة اللوجستيات الملكية التي تعلم القوات السعودية على كيفية نزع فتيل القنابل المزروعة على جانبي الطرق.

و تعرضت المملكة المتحدة لانتقادات شديدة لبيعها معدات عسكرية للمملكة السعودية بمليارات الجنيهات خاصة وأنه بات مفهوماً أن قنابل بريطانية الصنع استخدمت في القصف الجوي السعودي على اليمن.

و قالت وزاره الدفاع: “إن المملكة المتحدة لا تدرب القوات المسلحة السعودية في نشاط غير نظامي ولكنها تقدم دورات في كيفية مواجهتها”.

كتب اندرو ميتشل الوزير السابق للتنمية الدولية: إن تواطؤنا في هذا الرعب التوراتي هو معيب.

من الإنجازات التي نفخر بها أن قادتنا، في أعقاب حربين عالميتين رهيبين قد أنشئوا اتفاقيات جنيف و هي مجموعة تاريخية من القواعد التي تحكم الصراع.

و لكن حتى هذا الشهر، ونحن نحتفل بتضحية جنودنا، فإن ذلك النظام الدولي القائم على القواعد ينهار. و في اليمن، يتعرض لتقويض قاتل من قبل حلفائنا.

و في حين تم وضع أكاليل الزهور في المملكة المتحدة للاحتفال بذكري الأحد، كانت اليمن تقاسي يوما آخراً من الحصار الوحشي الذي يهدد بإغراق البلاد في أكبر مجاعة في العالم. وهو الحصار الذي فرضته المملكة العربية السعودية.

فالحصار- الذي تم تنفيذه بعد أن أطلق الجيش اليمني صاروخا باتجاه العاصمة السعودية الرياض- ما يزال قائماً الآن لأكثر من 20 يوما، حيث جرى قطع نصف مليون طن من الأغذية والوقود عن سكان يتضورون جوعاً باستثناء إيصال الإمدادات الطبية، والقيام برحلات الأمم المتحدة الإنسانية التي تنقل عمال الإغاثة إلى بعثاتهم المنقذة للحياة.

النداءات العاجلة أكثر من أي وقت مضى التي أطلقتها الأمم المتحدة والوكالات الإنسانية لرفع الحصار بالكامل لا تجد أذناً صاغية. وعلى الرغم من الاعتراضات السعودية، فانه من الصعب بصوره متزايدة إنكار أن هذا يشكل عقابا جماعيا لسكان بأكملهم.

و هذه جريمة بموجب القانون الدولي- وبوصفها حليفا وموردا رئيسياً للأسلحة إلى المملكة العربية السعودية- فان المملكة المتحدة متواطئة بشكل معيب.

ولا يمكن أن يكون اثر الحصار أكثر خطورة مما هو عليه الآن. فاليمن بلد أتلفته أمراض العصور الوسطي وعلى شفا مجاعة توراتية.

و التعهد السعودي بفتح بعض الموانئ أمام الإمدادات الإنسانية العاجلة لا يفي بإطعام السكان الذين يعتمدون على الواردات التجارية بنسبه 80 في المائة من غذائه.

و في كل ساعة يتم تشخيص 27 طفلا بأنهم يعانون من سوء التغذية الحاد: وهذا يعني أن لدينا 600 زيادة من الأطفال الجوعى كل يوم. ويعني نقص الوقود أن سبع مدن على الأقل قد نفدت بالفعل منها المياه النظيفة والمرافق الصحية؛ وقد أغلقت فيها المستشفيات بسبب نقص المياه الجارية والوقود اللازم للمولدات الكهربائية.

و مع نفاد اللقاحات فان مليون طفل معرضون للإصابة بالدفتيريا، المعروفة باسم الملاك الخانق للأطفال..

و تبدو الصور على شاشات التلفزة لدينا تعود من حقبه غابرة: أطفال مهيضين من الهزال؛ مواليد صغار في الحاضنات، وبقاء أجسادهم النحيلة على قيد الحياة يعتمد على وقود المولدات للمستشفيات التي سرعان ما تنفذ.

و يعد منع تزويد اليمن بالأسلحة بموجب قرار الأمن الدولي رقم 2216. و لكن هذا لا يمكن أن يبرر الخنق المستمر لليمن وشعبه. ولم يعثر فريق خبراء تابع للأمم المتحدة علي اي دليل يدعم ادعاءات السعودية بأن عرقلتها للبضائع المدنية توقف الصواريخ التي تشحنها إيران إلى الحوثيين.

و هذه الإعاقة غير قانونية في ظل النظام الدولي. إن صمت المملكة المتحدة في مواجهه هذه الجرائم الواضحة ضد شعب اليمن لا يفضحنا فحسب ، بل انه يورطنا أيضاً.

و هذه حرب يشنها الحلفاء البريطانيون باستخدام الأسلحة البريطانية: فقد زودنا المملكة العربية السعودية بالأسلحة والدعم العسكري في السنوات الأخيرة بما تقرب قيمته من 4 بليون جنيه إسترليني.

و بوصفنا “القائم بالأعمال” المعني باليمن المسؤول عن قياده العمل في مجلس الأمن، فإننا نتحمل مسؤوليه خاصة – سياسية واخلاقية – لقياده الاستجابة الدولية لإنهاء هذا الصراع.

و مع ذلك فان الحكومة البريطانية رفضت أن تسمي الأشياء كما هي: حصار غير قانوني. في الوقت الذي كانت فيه الحكومة محقة في أدانة محاولة الهجوم بالصواريخ علي مطار الرياض، أين الإدانة البريطانية لألف يوم من القصف السعودي المكثف على اليمن..؟ وفي اليوم الأول من زيارتي الأخيرة إلى العاصمة صنعاء هوجمت المدينة ست مرات من قبل قاذفات القوات الجوية السعودية.

و خلال الصراع فشلت “دبلوماسيتنا الهادئة” في كبح الغضب بعد الغضب الذي ارتكبه حلفائنا في أعقاب ما وصفها الأمين العام للأمم المتحدة بأنها “حرب غبية”.

و الحصار الحالي لا يخاطر فحسب بالموت الطائش للملايين، بل يتعداه من خلال تشديد الخناق حول السكان الذين يتضورون جوعا، تغذي المملكة السعودية آلة الدعاية للمعارضين اللذين تهدف إلى قهرهم.

و أبعد من العقاب الجماعي، إذا  فمن الضرر الذاتي علي نطاق كبير. وقد توعد الحوثيون علنا بالانتقام، والقوا اللوم علي العدوان السعودي الذي “يغلق جميع أبواب السلام والحوار”.

لا يمكن تأمين حدود المملكة السعودية في نهاية المطاف إلا بوجود يمن مستقر. ولكن بما أنها تلحق خرابا لا هوادة فيه على جارتها، فانه لا يمكن أن يفاجأ أحد عندما يرفض اليمنيون جملة وتفصيلاً المضي في نهجها وسياستها.

كفل عمل يقوم به السعوديون حاليا يخدم رواية أعداء السعودية الذين يريدون للسعودية بأن تظهر على إنها هي المعتدية للفوز بدعم عوام الناس.

إن إطالة أمد الصراع تخدم غرض الذين يستفيدون من الحرب ويرغبون في تقويض الاستقرار في المنطقة: بما في ذلك إيران والجماعات المتطرفة. عندما كنت في اليمن رأيت لافتات في الشارع بالعربية والإنجليزية تقول “أمريكا وبريطانيا تقتل الأطفال اليمنيين”.

إن الوقت المتاح للقيادة في المملكة المتحدة هو الآن. ويجب أن نطالب بوقف عاجل لإطلاق النار، ووضع حد فوري وغير مشروط للحصار، والعودة إلى محادثات السلام الشاملة.

و قد طال انتظار قرار جديد لمجلس الأمن: فمن المسلم به على نطاق واسع ان القرار 2216 هو مفارقة تاريخية تشكل حاجزا أمام عملية السلام.

و تقاس تكلفة تقاعسنا في حياة اليمنيين. الساعة تدق: طفل يموت كل عشر دقائق. كما إن اليمن قنبلة موقوتة تهدد السلام والأمن الدولي.

إن إلغاء مسؤوليتنا عن التنديد بهذه الجرائم واستخدام نفوذنا لوقفها إنما يدين الملايين من اليمنيين حتى الموت. الابتعاد عن المطالبة بالامتثال من قبل الجميع للنظام الدولي القائم على القواعد التي ساعدنا في غرسها يضعف أيضا نظام التواتر الذي يبقي المواطنين البريطانيين آمنين.

هل يجب علينا إذا أن نستخدم كل شبر من نفوذنا – الدبلوماسي والسياسي والاقتصادي – لكي نثبت لحلفائنا انهم يكسبون المزيد من السلام من الاستراتيجية العسكرية العقيمة التي تزيد من تفاقم الكارثة الإنسانية الكبرى في العالم، وتقوض النظام الدولي القائم على القواعد التي تبقينا جميعا أمنين..!

المصدر : DailOnline