المرصاد نت - متابعات
تزامناً مع العدوان الثلاثي على سورية والذي حظي بثقة غالبية النخب السياسية الأمريكية وهذا ما يؤكد أن هناك نسبة ليست بقليلة من المجتمع الأمريكي والنخب السياسية بواشنطن تنظر للمنطقة العربية بنظرة عنصرية متطرفة
فهذه النظرة العنصرية ليست بجديدة ولن ننسى كيف أن بوش الأب صرح بنفسه ومباشرة بعد سقوط الاتحاد السوفييتي كحلف كان يقف في مواجهة حلف الناتو الغربي بقيادة أمريكا حينها حيث قال بالحرف “العدو الآن هو إسلام العرب ويجب إسقاط إسلام العرب” فأمريكا ترى في بعض القوى بالوطن العربي المانع الوحيد الذي يحول بينها وبين السيطرة على جغرافيا أمة العرب والمسلمين فوق الكرة الأرضية واستلاب ثرواتها الطبيعية.
وتاريخياً العالم كله يعلم أن أمريكا قامت كدولة وفق خطة إحلال شعب مكان آخر إحلال المهاجرين الغربيين بديلاً عن شعب الهنود الحمر السكان الأصليين في أمريكا وأصحابها وملاكها، وبمقارنة سريعة مع كيفية قيام الكيان الصهيوني المسخ “إسرائيل” فوق أرض فلسطين سنجد أن الأسلوب في أمريكا وفي فلسطين واحد وأنه قد خرج من بوتقة الغرب نفسه، تدمير شعب وقتله وإحلال شعب بديل غريب وإقامة وطن وكيان آخر مكانه.
بدوره أبدع الراحل “محمود درويش” عندما أسقط كل توصيفات وتشبيهات حرب أمريكا على العرب في قصيدة “مديح الظل العالي” فقال: “أمريكا على الأسوار تهدي كل طفل لعبة للموت عنقودية ياهيروشيما العاشق العربي، أمريكا هي الطاعون – والطاعون أمريكا نعسنا أيقظتنا الطائرات وصوت أمريكا، وأمريكا لأمريكا، نفتح علبة السردين تقصفها المدافع، تحتمي بستارة الشباك، تهتز البناية تقفز الأبواب أمريكا، وراء الباب أمريكا، ونمشي في الشوارع باحثين عن السلامة من سيدفننا إذا متنا عرايا نحن لا أفق يغطينا ولا قبر يوارينا، ويا يوم بيروت المكسر في الظهيرة عجل قليلا، عجل لنعرف أين صرختنا الأخيرة”.
هذه الكلمات تعكس إلى حد كبير معاناة العرب مع أمريكا، فسياسة الحكومات الأمريكية المتعاقبة ودس أنفها في كل صغيرة وكبيرة وخاصة في ما يتعلق بالصراع العربي مع الكيان الصهيوني المسخ وتزويده بكل مقومات الحياة والكيل بميزان أعوج دائماً الكفة الراجحة فيه تميل لصالح الكيان المسخ، فنحن العرب نكره أمريكا لأنها تغلغلت فيها الصهيونية والمسيحية “المتطرفة” وأصبح نصف موظفي البيت الأبيض تابعين لجماعات التأثير الصهيونية أو ما يسمى باللوبي الصهيوني في أمريكا المعادي للإسلام وللعرب بمختلف انتماءاتهم الدينية وتنوع حضاراتهم.
ولنضع الأمور هنا في منظور أوضح فإذا كان هناك أمامك شخص عربي يكره أمريكا وسألته عن سبب هذا الكره؟ فالإجابة على الأغلب هي كالتالي: اكره أمريكا التي تساعد إسرائيل، اكره أمريكا التي تحب الهيمنة والتفرقة بين الشعوب وغالباً شعوب منطقتنا العربية والإسلامية يتفقون على هذه الإجابات، وأنا أتفق مع كل هذه الأسباب، فيجب أن نكره سياسة أمريكا الخارجية لأنها سياسة كاذبة مضللة، لأنها استعمارية في الأساس لا تنظر إلا للمصالح الأمريكية.
يجب أن نرى بوضوح ونكره أمريكا ومساندتها العمياء للكيان الصهيوني المسخ ودعمها لعمليات إبادة الفلسطينيين بل والوقوف ضد أي قرار يقترح فكرة إدانة هذه الهمجية الصهيونية، يجب أن نتذكر حروبها الحالية على سوريا وقبلها ليبيا والعراق وإيران وقبلها لبنان والملايين من ضحاياها الأبرياء ومساندة أمريكا لأي حرب صهيونية مع العرب منذ عام 1948م وللآن والتاريخ يكتب كل ذلك وهو الشاهد الوحيد على كل هذا وعلينا أن نكره أمريكا لأنها تقتل الحرية.
بالحقيقة إن المصالح العربية تقتضي أن نكره أمريكا وسياستها الخارجية وهمجيتها ضد العرب والمسلمين إن قصة الكره العربي لسياسات أمريكا هو قديم قدم ظهور أمريكا كقطب أوحد بهذا العالم فهناك اليوم الكثير من أبناء الشعوب العربية يرددون مقولة “إن الهزيمة العربية اسمها وسببها أمريكا” فقصة الكره هذه عميقة بعمق حجم الهجمة الغربية على حضارة وديانات والموقع الجيو سياسي للوطن العربي والإقليم ككل.
وأكرر هنا أن لا علاقة بين الشعوب وسياسات حكوماتهم، فالشعوب العربية والإسلامية بمعظمها تحترم إلى حد ما الشعب الأمريكي، ولكن السياسة التي تتبعها الحكومات الأمريكية وخاصة في السنوات والعقود الثلاث الأخيرة وتبنيها سياسة متطرفة ومعادية للإسلام والعرب وبصورة علنية زاد الكراهية للحكومات الأمريكية المتعاقبة.
وبنفس الوقت أؤكد أن علاقة العرب والمسلمين بأي شعب آخر ليست علاقة عدائية بالأساس ولكن من باب المعاملة بالمثل، فعندما يقف الأمريكان ضد أي قرار من شأنه أن يدين إسرائيل “الصهيونية” وتراهم في نفس الوقت متحمسين لأي قرار من شأنه أن يدين العرب والمسلمين من فلسطين إلى العراق إلى سوريا إلى السودان وليست قضية دارفور ببعيدة، فالقيادات الأمريكية قد وضعت الشعب الأمريكي في مستنقع آسن مليء بالدم في جميع أنحاء الوطن العربي فضلاً عن جميع دول العالم.
ختاماً:..
علينا ألا ننسى من احتضن الإرهاب ودعمه ومن يدعم الكيان الصهيوني المسخ بكافة الإمكانيات والوسائل ومن احتل أفغانستان والعراق مدعياً “الديمقراطية والحرية” ومن تدخل سابقاً في فيتنام وبنما وكوبا والصومال، وضم جزر هاواي بالقوة، ومن يحاول التدخل حالياً في الشؤون الداخلية لسورية واليمن وإيران ووو.. إلخ.. وهنا أؤكد أننا لا نكره أمريكا كشعب فهو شعب إلى حد ما يحظى باحترام جميع الشعوب العربية والإسلامية، إنما نكره سياسة حكومة أمريكا “الماسونية – الصهيونية” وصدق الراحل محمود درويش عندما قال: “أمريكا هي الطاعون … والطاعون أمريكا”.
هشام الهبيشان - كاتب صحفي أردني
المزيد في هذا القسم:
- اصابة 15 فلسطيني في مواجهات مع شرطة العدو أصيب 15 فلسطينياً بجروح وحالات اختناق صباح اليوم الأحد، خلال مواجهات بين الشبان الفلسطينيين وقوات شرطة العدو الإسرائيلية في باحات المسجد الأقصى. وقال مرك...
- رئيسة الوزراء البريطانية: لن ننتظر الانتخابات الألمانية للخروج من الاتحاد الأوروبي المرصاد نت - متابعات كشفت تيريزا ماي رئيسة الوزراء البريطانية اليوم الاحد أن بلادها لن تنتظر الانتخابات الألمانية المقررة في أيلول / سبتمبر2017 من أجل البدء ف...
- الجيش يعبر الفرات: كامل جغرافية دير الزور منطقة عمليات المرصاد نت - متابعات حسابات شرق الفرات وغربه والتي طالما ارتبطت باتفاقات خفض التوتر حول الرقة ومنبج بين الروس والأميركيين لم تنطبق على دير الزور التي يرى فيها...
- خطط واشنطن: ابتزاز دمشق من بوابة إعادة الإعمار واللاجئين ! المرصاد نت - متابعات يمكن اختصار التصور الأميركي عن «التسوية السورية» في عرض أوضح جوانبه المبعوث جايمس جيفري يتضمن إغراء دمشق بالمساعدة في ملفات إ...
- نذر حرب دبلوماسية غربية مع روسيا.. وموسكو تهدد بالمثل المرصاد نت - متابعات أعلنت الولايات المتحدة الإثنين طرد 60 "دبلوماسياً" روسيا في إطار عمل منسق بين الدول الغربية للرد على قضية تسميم عميل روسي سابق وابن...
- لوفيغارو : سفن محملة بالأسلحة لتنظيم داعش الإرهابي في ليبيا أبحرت من ميناء تركي المرصاد نت - متابعات أفادت وسائل إعلام فرنسية وفقاً لصحيفة لوفيغارو بأن أجهزة الأمن الأوروبية بدأت عملية واسعة النطاق في البحر المتوسط بحثا عن سفن أبحرت من...
- اتفاق أوروبي ــ ياباني «تاريخي» لمواجهة ترامب المرصاد نت - متابعات وقّع الاتحاد الأوروبي واليابان اليوم في طوكيو اتفاقاً طموحاً للتبادل الحر (جيفتا) يعتبر بمثابة «رسالة قوية» ضد الحمائية التي ...
- المئات يحتجون في باريس رفضا لزيارة نتنياهو وحصار الأقصى المرصاد نت - متابعات خرج مئات المحتجين الى شوارع العاصمة الفرنسية باريس مساء السبت رفضا لزيارة رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، إلى فرنسا منتقدين سياسة ...
- الخارجية الكازاخستانية .. تأجيل اجتماع أستانا إلى ظهر الخميس المرصاد نت - متابعات أعلنت وزارة الخارجية الكازاخستانية اليوم الأربعاء تأجيل موعد انطلاق الجولة الثانية من اجتماع أستانا بشأن تسوية الأزمة في سوريا إلى يوم غد...
- دول الخليج في مواجهة إيران أم في مواجهة الفراغ؟ المرصاد نت - متابعات يبدو أن الحُكم السلالي في دويلات الخليج على المحكّ، وأكيد أنه في طريق الزوال وعلى أكثر تقدير في السنوات الثلاث المقبلة. تؤكِّد رؤيتنا هذه...