المرصاد نت - متابعات
يبدو أن الحُكم السلالي في دويلات الخليج على المحكّ، وأكيد أنه في طريق الزوال وعلى أكثر تقدير في السنوات الثلاث المقبلة. تؤكِّد رؤيتنا هذه، الأحداث الدامية في السعودية ضد العُلماء والنُشطاء السياسيين، فضلاً عن ارتباطها المُخزي والمُهين بالرئيس دونالد ترامب المرفوض أميركياً، وقد تجد السعودية نفسها أمام أمواج عاتية.
إن تأكيد الملك سلمان بن عبدالعزيز على هامِش أعمال القمَّة الخليجية الأخيرة، على "عدوانيّة" إيران، بدلاً من مواجهة المُتغيِّرات الجديدة بالتصالُح مع جيرانها ليس خطاً سياسياً فقط، بل عملية اغتيال لنظامها السياسي طالما أن الغرب ذاته يُقرّ بفشله في مواجهة إيران.
إنهم – هنا- بالتأكيد أمام منطق غريب، وأمام أشخاص لا يسألون عمّا هم فيه من تأزّم وتهافُت طالما أن من خلفهم أناس يُغطّون عنهم لأنهم هم أيضاً يقتاتون من الرَيع العام وينسلّون من الفساد فيه. هم أمام ثقافة لا علاقة لها لا بالدين ولا بالوطنية ولا بالسياسة. يقول الرئيس الفرنسي الأسبق، نيكولا ساركوزي، "إن دور الغرب على المستوى العالمي تراجع"، ويؤكد "أن الشرق الآن بات يمثّل المحور الأهم". والسؤال ما دور دويلات الخليج في هذا التحوّل قياساً بإيران الدولة الإسلامية التي بنت قوَّتها العسكرية بشكلٍ صار يُحسَب لها حساب على المستوى الإقليمي والدولي في أميركا والغرب عموماً؟
فقد تحدَّت بريطانيا وحجزت سفينتها بالقرب من مضيق هرمز لأشهرٍ، وأسقطت أهم طائرة أميركية مُسيَّرة من دون أن تُقدِّم أيّ اعتذار لأيِّ منهما بخلاف دويلات الخليج، فهي إما مُنبطَحِة وإما أدوات هَرِمة في يد الغرب، بل همَّها الوحيد التحريض ضد إيران أو التأسيس للفوضى في الوطن العربي.
ومأساة اليمن في هذا الانبطاح هي الأسوأ اليوم والحرب الشاملة عليها من دولة تدَّعي الإسلام وبتحالٍف أميركي صهيوني سابقة في التاريخ الإسلامي والعربي.
لنقول بصراحة، نحن فقدنا بتواطؤهم المُشين ثقافة الدولة، والثقافة السياسية، وأصبح لدينا ما يُعرَف بـ"التواطؤ بالتطبيع " والتملّق على حساب الضمير الوطني، وعلى حساب الأجيال، ذلك أن ما لدينا الآن سياسياً وثقافياً هو مُجرَّد تأويلات، وهنا أودّ أن أوضِح نقطة مهمّة من وجهة نظري. إن جَمْع المعلومات وعلى أيّ مستوى لا يفيد حتى ولو كانت هذه المعلومات بالأطنان من الورق، إن لم يُصاحبها تحليل وموقف يأخذان بأبعادها والخلفيّات التي انطلقت منها والأغراض المنشودة من ورائها.
وهذا هو الخطأ الأكبر في المجال السياسي لدويلات الخليج على وجه الخصوص، وأمامنا نماذج مهمّة، حين أرادت الولايات المتحدة الأميركية إسقاط صدَّام حسين وبناء استراتيجية جديدة لها في الشرق الأوسط، أخذت بالمعلومات المُتاحة لها وأهملت التحليل، فكان أن وقعت في الخطأ، فلا هي حقَّقت ما أرادت ولا هي خرجت من الأزمة بوجهٍ مُشرِّفٍ، بل العكس هو الصحيح. فقد ضيَّعت قوَّتها وهيبتها وأوقعت نفسها في أزمات.
في مقابل هذا نجد روسيا التي كانت تعيش أزمات حادَّة بسبب تفكّك الاتحاد السوفياتي تخرج من الأزمة، لتخلف أميركا، ذلك أن روسيا اعتمدت جَمْع المعلومات حول مُتغيّرات الحاضر والمستقبل وتحليلها تحليلاً يأخذ طابع الرَصْد للمستقبل وما يمكن أن يكون عليه.
لقد تركت روسيا الباب مفتوحاً لأميركا كي تعبث في العراق وبلاد الأفغان، وحتى في جزءٍ من القوقاز، ذلك أنها كانت تعرف أن هذه التصرّفات وفقاً لتحاليل سياسية واقتصادية سوف تجرّ الولايات المتحدة إلى نقطة الضعف، أو على الأقل إلى مسرح الفوضى، وحين تحقَّق ذلك خرجت روسيا عن صمتها وأعلنتها صراحة، إن العالم لا تقوده الأحادية، وإن أميركا دولة مُفلِسة من كل الجوانب، فأوقعتها في هزيمةٍ قاسيةٍ في جورجيا حيث كانت تهيِّئ أميركا من أرضها لضرب إيران.
يقول بوتين "إنه بات واضحاً للجميع أن الزعامة الغربية للعالم انتهت، وأنه لا يمكن تصوّر العمل الدولي من دون الصين والهند". ويؤكد على أنه "لا يمكن تصوّر منظمة دولية ناجعة تعمل من دون مُشاركة الصين".
ثم جاءت الأحداث مُتلاحِقة في أوكرانيا وخروج جزيرة القرم من خارطتها إلى خارطة روسيا. لقد وقفت روسيا إلى جانب إيران وفق مُخطَّط سياسي اعتمد الخطوة خطوة في إعلانه إلى أن دقَّت ساعة الانهيار السياسي لأميركا مع مجيء المجنون ترامب وأخذ بمبدأ التحدّي الفاشِل، وإعلان البيت الأبيض الحرب البارِدة بواسطة توزيع الأساطيل العسكرية عبر البحار فضلاً عن القاذِفات الاستراتيجية. غير إن ذلك أصاب أميركا أكثر ممّا أفادها بدليل بقاء البرنامج النووي الإيراني.
يؤكِّد هذا الرأي أو الاتجاه ما قاله الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي في مدريد: "على مدى قرون كان الغرب محور العالم، واليوم انتقل المحور إلى الشرق، من بين 7 مليارات إنسان سكان العالم، 4 مليارات منهم يعيشون في آسيا، نحن لم نعد محور العالم، والديمغرافيا هي أحد الأسباب".
أما إيمانويل ماكرون، فسبق ساركوزي في مثل هذه التصريحات، حيث أعلن في أغسطس/آب الماضي "أن العالم يعيش نهاية عصر الهيمنة الغربية، وهناك دول أخرى، بينها روسيا، تأتي لتُغيّر النظام العالمي". كما أشار ماكرون إلى أن النظام الدولي أخذ يتغيَّر بصورةٍ غير مسبوقة.
وما صرَّح به جون ماكين "لقد خسرنا الحرب في سوريا"، يؤكّده تقرير سرّي لوزارة الدفاع الفرنسية بأن "سوريا ليست ليبيا ولن تسقط"، وحين تؤكّد روسيا على لسان رئيس مخابراتها بأن "روسيا لن تتخلّى عن سوريا" وإن الحرب عليها "هي حرب علينا"، هنا تتوقّف السياسة في لحظة تأمّل، ليس من أجل استدراج الأحلام والسير فيها للحظات بعيداً عن متاعب الواقع، بل من أجل الاعتراف بالهزيمة.
إن ظاهرة الربط بين المواقع والأشخاص بناء على معلومات غير مُهيَّأة أصلاً للتحليل ومعرفة ما يمكن أن تكون عليه تلك المواقع في ظل إسناد المسؤولية إلى شخصٍ فاشلٍ مثل ما هو حاصل في السعودية والإمارات والبحرين، فإن منطق الأحداث لن يأخذ هو أيضاً إلا نفس المسار، وهنا تبدأ المأساة.. ظهور الرشوة والمحسوبية، واللامُبالاة، وبالتالي تتعطَّل المصالح، وتذهب أموال المشاريع، حيث لا يستفيد منها إلا أصحاب المصالح والمُتاجرين بالضمير الوطني.
قراءة : محمد لواتي - رئيس تحرير يومية المُستقبل المغاربي
المزيد في هذا القسم:
- بين منع الأذان في القدس ومنع الصلاة في البحرين .. الجريمة واحدة المرصاد نت - متابعات على قدم وساق تسير سلطات العدو الاسرائيلي لمنع رفع الأذان في الاراضي المحتلة لا سيما مدينة القدس انطلاقا من مزاعم ان أصوات المآذن تزعج الم...
- لبنان : البرلمان يكسر حلقة المراوحة في البلاد بعد تعثّر تاليف الحكومة المرصاد نت - متابعات للمرة الأولى بعد إنتخابه قرر رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري المضي قدماً في التشريع وفق النصوص الدستورية بعد تحذيرات متكررة من تأخير تألي...
- ميدل إيست آي: غارات اسرائيلة على ليبيا بطلب اماراتي المرصاد نت - متابعات كشف موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، نقلاً عن مصدر إسرائيلي مطلع أن طائرات إسرائيلية قصفت بعض المواقع في ليبيا مقابل وعده بتوقيع صفقات نفط ...
- بريطانيا: الصراع داخل «المحافظين» يؤجّل الأزمة... ولا ينهيها ! المرصاد نت - متابعات بعد اقتصار سباق خلافة تيريزا ماي في رئاسة حزب «المحافظين» الحاكم على وزير الخارجية السابق بوريس جونسون ووزير الخارجية الحالي جريمي هانت س...
- ترامب: السعودية وافقت على أن تدفع لأمريكا مقابل مساعدتها! المرصاد نت - متابعات أكّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن السعودية وافقت على أن تدفع للولايات المتحدة مقابل كل ما تفعله من أجل مساعدتها. وقال ترامب للصحافيين ف...
- واشنطن: تعاوننا مع الرياض ليس شيكاً على بياض المرصاد نت - متابعات بعد ساعات قليلة على ارتكاب طيران العدوان السعودي مجزرة مروعة في صنعاء أسفرت عن سقوط مئات الضحايا أعلن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي ا...
- الرئيس عون: الحريري محتجز في السعودية ونعتبر ذلك عملاً عدائياً ضدّ لبنان المرصاد نت - متابعات أكد الرئيس اللبناني العماد ميشال عون أنّ رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري "محتجز" في السعودية معتبراً ذلك "عملاً عدائياً" ضدّ لبنان...
- اليوم الـ46 للانتفاضة الشعبّيةّ.. أسبوع حاسم حكومياً في لبنان! المرصاد نت - متابعات لم يشهد الملف الحكومي أي تقدم جدي. لكن مؤشرات عديدة تؤكد أن الأسبوع المقبل قد يحمل في طياته بوادر اتفاق على اسم الرئيس المكلف وبرنامج عمل...
- فرنسا : توقيف قيادي في «السترات الصفر» وسبحة الاستقالات بالإليزيه تكرّ ! المرصاد نت - متابعات مع تراجع زخم «السترات الصفر» في فرنسا بعد حوالى سبعة أسابيع من انطلاقها بدأ ظهور الإرهاق على الحركة خصوصاً مع اعتقال أكثر من ...
- إسرائيل تنتظر السعودية... وملك البحرين يدين مقاطعة تل أبيب! المرصاد نت - علي حيدر لا تعبّر إدانة ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة مقاطعة إسرائيل عن توجهات العائلة الحاكمة في المنامة فقط بل تعكس مرحلة متقدمة من تطوير وتظ...