المرصاد نت - حسين شعيتو
بلغة تتّسم بالتحدي تستقبل إيران الحزمة الثانية من العقوبات «الأقسى» عليها. وفي وقت لا ينكر فيه الإيرانيون تأثير الحظر على صناعة النفط يؤكدون أن الحملة الجديدة زادت من توحّد البلاد وستُواجه هذه المرة بأوراق قوة أكبر وأمضى وسط تغيّر ملامح الخريطة السياسية في العالم..
وتنطلق اليوم الحزمة الثانية من العقوبات على إيران والتي تعد الأقسى من نوعها في الظاهر نظراً إلى ما تشمله من استهداف لقطاعات الاقتصاد الحيوية وفي مقدمها الطاقة والنفط بالإضافة إلى شركات تمويل الموانئ وقطاعات الشحن وبناء السفن وشراء المنتجات البيتروكيماوية. عقوبات وضع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أول هدف لها إرغام الإيرانيين على الذهاب إلى تفاوض جديد. لكن اليوم ثمة إجماع لدى مختلف التيارات الإيرانية هو الأول من نوعه على فشل التفاوض مع أميركا مهما كان مستواه وخصوصاً أنه لم يكن لإيران المبادرة إلى نقض الاتفاق النووي الذي دخلت من خلاله أول مرحلة حوارية مباشرة مع واشنطن.
عن ذلك يقول رئيس «اللجنة الاقتصادية» في «التيار المعتدل» (تيار الوسط بزعامة الرئيس حسن روحاني) حسين روي وران إن «أميركا ليست قدراً لا يمكن تجاوزه. نعم، أميركا ترسم المخططات لكن إيران أيضاً ترسم مخططات حول كيفية الصمود». ويتابع «في إيران اليوم تضامن اجتماعي كبير على أن قدر إيران هو تقبل العقوبات ومواجهتها».
ويعود وران للتذكير بأنه «كنا قبل ثلاث سنوات نطالب بالحوار مع أميركا وفعلاً دخلت إيران حينها الحوار ووقعت الاتفاق النووي ولم تخلّ به أما أميركا فانقلبت عليه. ومع هذا الانقلاب لم يعد هناك من يطالب بالحوار باعتبار أن هذا الخيار استنفد، وهذا التضامن الاجتماعي والرسمي حول هذه النقطة يعتبر نقطة قوة للحكومة». وفي إيران التي خبرت العقوبات منذ خروجها من بيت الطاعة الأميركي قبل 40 عاماً تخاض المعركة على أنها معركة القضاء على النظام وسياساته من زاوية إجراءات تستهدف الوصول إلى الانهيار الاقتصادي الذي يؤدي بنظر واشنطن إلى انهيار اجتماعي وسياسي يقضي على النظام. ولتحقيق الهدف فإن الحملة الأميركية الجديدة لا تقتصر على المعاقبة الاقتصادية بل تشمل برنامجاً أوسع يوصل فيه الحصار الاقتصادي إلى «تضييق الخناق أكثر وإيجاد ناتو عربي وحالة من التضامن في المنطقة ضد إيران» وفق وران.
وتتقاطع التصريحات الإيرانية الرسمية ومعها آراء النخب في طهران، على أن الهدف من العقوبات ضرب النظام الإيراني ودوره كـ«دولة سائدة» في الإقليم وفق ما يقول خبير العلاقات الدولية هاني حسن زادة. ويرى زادة أن طهران تعاقب على «أدائها دوراً إيجابياً في تسوية المشاكل الإقليمية وخصوصاً في ما يتعلق بمواجهة الجماعات التكفيرية في المنطقة» وبالتالي «إفشال الولايات المتحدة في إمرار أجندتها».
في مقابل الجهود الأميركية يشعر الإيرانيون بأنهم اليوم أقدر من أي وقت مضى على مواجهة العقوبات وإيجاد بدائل، وخصوصاً مع تراجع دونالد ترامب عن قراراته وإعطاء الاستثناء لثماني دول من قرار منع شراء النفط، ما ألغى مشروع «تصفير النفط» الذي لوّحت به الإدارة الأميركية بشكل دائم. وفي طهران ينظر بعين الارتياح إلى الافتراق بين الأميركيين والأوروبيين فضلاً عن ثبات كل من موسكو وبكين إلى جانبها.
ويلفت زادة إلى أن «هناك اتصالات عديدة جرت من دول مؤثرة في الأيام القليلة الماضية مع وزير الخارجية جواد ظريف من بريطانيا وفرنسا وروسيا وغيرها أعلنت خلالها الاستعداد للذهاب أكثر في عمليات التبادل الاقتصادي مع إيران» معتبراً أن ذلك «يؤكد على أن موقف إيران اليوم أقوى على الساحة الدولية وإن كانت تعاني من أزمات اقتصادية خانقة» وإمكانية تراجع المبيعات النفطية بشكل كبير، فضلاً عن وجود الإمكانيات الداخلية الذاتية. ويذهب زادة أبعد من ذلك، متوقعاً أن يكون لمعركة العقوبات ارتدادات عكسية على واشنطن، جراء المفاوضات الإيرانية مع بعض الدول على استبدال عملات مكان الدولار في التعاملات، كجزء من استراتيجية إيران لمواجهة العقوبات ما يجعل «الخسائر مشتركة» في الحد الأدنى.
اللغة الإيرانية الواثقة في القدرة على «الصمود» ترجمتها المشاركة الشعبية أمس في «يوم مقارعة الاستكبار العالمي» الذي يصادف ذكرى اقتحام السفارة الأميركية. حيث شهدت البلاد خروج مسيرات رفعت شعارات التنديد بالسياسات الأميركية واستغلت المناسبة لإعلان استعدادها لمواجهة العقوبات الجديدة. مواقف التحدي هذه، من المتوقع أن تترجمها القوات الإيرانية ابتداء من اليوم في مناورات للدفاع الجوي تستمر يومين.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية عن مساعد شؤون التنسيق في الجيش حبيب الله سياري قوله «نطمئن شعبنا الى أن العدو لن يتمكن من تنفيذ تهديداته ضد بلادنا». في المقابل جدد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو التهديد بأن العقوبات التي تبدأ اليوم «هي الأشد قسوة على الإطلاق» على إيران موضحاً أن الإعفاءات التي قدمتها واشنطن مؤقتة وتشمل «دولاً قامت بالفعل بخفض وارداتها بشكل كبير من النفط (الإيراني)، وتحتاج إلى قليل من الوقت للوصول بذلك إلى الصفر». وتوعّد بومبيو في مقابلة مع «فوكس نيوز» بأن العقوبات ستتزامن مع عقوبات مالية تدرج على «أكثر من 600 فرد وشركة في إيران».
لكن كل ذلك وفق صاحب الكلمة الأولى في إيران المرشد الأعلي السيد علي خامنئي لا يأتي سوى بمفعول عكسي لن يحقق هدف أميركا وهو «إعادة الهيمنة التي كانت تفرضها (قبل الثورة)». ووفق السيد قائد الثورة تواجه سياسات ترامب اليوم معارضة في أنحاء العالم أما أميركا «فقد هزمت من قبل الجمهورية الإسلامية طوال أربعين عاماً» فيما قوتها تتراجع.
المزيد في هذا القسم:
- بعد سيطرتها على سرت... قوات حفتر تتّجه إلى مصراتة! المرصاد نت - متابعات استمرّت، أمس، الاشتباكات في جنوب العاصمة طرابلس حيث أحرزت قوات المشير خليفة حفتر بعض المكاسب الميدانية في محاور الهضبة وصلاح الدين وعين ز...
- صورة العرب أمام المجتمع الدولي: تنازلات بالأمر أو بالرغبة.. مقابل الاحتلال! المرصاد نت - طلال سلمان صار شهر ايلول من كل عام يأتي مجللاً بالسواد منذ عهد بعيد يمكن التأريخ بذكرى "الانفصال" وانهيار الجمهورية العربية المتحدة في اواخر ايلو...
- نذر التصعيد من خليج عمان.. أميركا تتهم إيران: سنحمي الملاحة والتجارة العالميتين! المرصاد نت في وقت كانت فيه طهران تعلن رفضها الوقوع في تجربة الحوار تحت الضغط عاد التوتّر الأمني في منطقة الخليج إلى مستوى خطير أمس، على اثر استهداف ناقلات نفط...
- الجعفري:الحكومة التركية قاعدة اسناد للجماعات الارهابية في سوريا أشار المندوب السوري الدائم لدى الامم المتحدة بشار الجعفري الى أن "السلطات السورية دائما تعارض أي تفسير للنصوص المتعلقة بأحقية البعض حيازة السلاح النووي وأولهم ا...
- العراق: حكومة ناقصة في فيلم أميركي طويل! المرصاد نت - متابعات تسلّم عادل عبد المهدي مهامه كرئيس لمجلس الوزراء يوم 25 تشرين الأول الماضي وحتى اليوم لم يكتمل التصويت على وزراء حكومته المتبقين. خلال هذه...
- الرئيس هادي يغادر الكويت بعد زيارة قصيرة .. والمرصاد ينفرد بنشر أهم تفاصيل مباحثات الزيارة... غادر الرئيس هادي دولة الكويت ظهر اليوم الأثنين وذلك بعد زيارة رسمية قصيرة استمرت لعدة ساعات لدولة الكويت اجرى خلالها مباحثات رسمية مع أمير الكويت الشيخ صب...
- الصين تستضيف حواراً أفغانياً: سباق سلام بين واشنطن وبكين! المرصاد نت - متابعات في موازاة الحراك الجاري لاستئناف المفاوضات بين واشنطن و«طالبان» والتي فشلت بعد نحو عام من إطلاقها برعاية الدوح، تبدو الصين في صدد تنظيم م...
- «صفقة القرن» شبه دولة فلسطينية... بتمويل سعودي! المرصاد نت - متابعات إعلان «صفقة القرن» في خلال ساعات. هكذا تقول واشنطن، بمعزلٍ عمّا سيعقب الإعلان الذي سيتضمّن بنوداً شبه مستحيل تطبيقها، مثل نزع سلاح غزة وإن...
- السياسة الأميركيّة نحو لبنان في عصر ترامب: بومبيو في الربوع ! المرصاد نت - متابعات ليس هناك من سياسة أميركيّة نحو لبنان ولم تكن هناك سياسة أميركيّة خاصّة بلبنان إلا في مراحل معيّنة من التاريخ العربي المعاصر. لكن ليس هذا ...
- اشتباكات مسلحة في "ألما آتا" كبرى مدن كازاخستان وسط انتشار أمني كثيف المرصاد-متابعات شهدت مدينة ألما آتا الخميس عمليات إطلاق نار من قبل مجموعة من"مثيري الشغب المسلحين" وعمليات سلب وترهيب، في محاولة لزعزعة الأمن، وسط انتشار كثيف ...