المرصاد نت - علي حيدر
تواصل إسرائيل «فتوحاتها» السياسية التي تستند فيها إلى دعم أميركي وغربي واسع واحتضان سعودي فتح لها أبواباً بقيت مسدودة لعقود سابقة. الترجمة العملية لذلك تمثلت حتى الآن ـــ من ضمن خطوات عدة ـــ بفتح أبواب سلطنة عمان أمام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بانتظار هبوطه اللاحق في الحديقة الخلفية للنظام السعودي البحرين. وليس بعيداً عن السياق نفسه يأتي وصول الرئيس التشادي إدريس ديبي إلى إسرائيل والتقارير التي تتوالى عن اتصالات سرية تهدف إلى فتح أبواب الخرطوم لاستكمال القوس السياسي الذي يبدأ من الخليج ويصل إلى القارة الإفريقية حتى الآن.
القدر المتيقن أن المتضرر الأول في هذه المحطات هو الشعب الفلسطيني. فبعد الجولات الخليجية المتوالية والمتصاعدة التي تهدف إلى تطويق القضية الفلسطينية من خاصرتها الخليجية أتى دور استكمال العمق الإفريقي من بوابة تشاد التي تسعى إسرائيل إلى أن تكون مقدمة لخطوات لاحقة أكثر أهمية لتل أبيب لو اكتملت شروطها في أبعادها السياسية والأمنية والاستراتيجية. وهو ما تحاول الإيحاء به التقارير الإعلامية الإسرائيلية عبر الحديث عن اتصالات سرية حثيثة تمهيداً لتطبيع العلاقات مع السودان.
إلى جانب كون انفتاح تشاد على إسرائيل يشكل محطة إضافية في سياق توسيع علاقاتها الإفريقية وعلى المستوى الداخلي الإسرائيلي تضيف إنجازاً سياسياً لنتنياهو فقد رأت إسرائيل في زيارة الرئيس التشادي خطوة نوعية في الطريق إلى فكّ ما كان يسمى في مرحلة سابقة طوقاً سياسياً واقتصادياً حول كيان الاحتلال. وبحسب مكتب رئيس الوزراء سيسافر نتنياهو قريباً إلى تشاد وباريس وسيعلن مع الرئيس ديبي استئناف العلاقات بينهما.
في الدلالة التاريخية تطورت علاقات إسرائيل مع دول إفريقية بما فيها تشاد منذ السنوات الأولى من قيام الدولة. وبقيت متواصلة إلى مطلع السبعينيات. ووفق صحيفة «إسرائيل اليوم» بعدها «اضطرت الكثير من الدول الأفريقية إلى التخلي عن العلاقة مع إسرائيل تحت الضغوط التي مارسها العرب الذين وعدوا بالمساعدات المالية السخية». وبخصوص تشاد تحديداً «أعطت الضغوط ثمارها حتى قبل حرب 1973 وهي الفترة التي قررت فيها العديد من الدول الإفريقية قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل».
أما الآن فتأتي زيارة ديبي لإسرائيل تتويجاً لمسار من الغزل المتبادل وتنبع أهمية الزيارة وفق الصحيفة ليس لكونها في قلب أفريقيا بل لكونها ذات أغلبية إسلامية. في المقابل رأى رئيس الوزراء السابق ايهود باراك أن ما جرى بين إسرائيل وتشاد لا ينطوي على أيّ بعد تاريخي لأن شارون ومساعده سبق أن زارا تشاد قبل 36 عاماً عندما كان يتولى منصب وزير الأمن. ولفت أيضاً إلى أن الخطوة الحقيقية التي تنطوي على أبعاد كهذه تكمن في مبادرة إسرائيل إلى حراك يهدف إلى بلورة اتفاق إقليمي وحلف واسع مع الإمارات والسعودية ومصر والأردن «من أجل تكوين ثقل مضاد للهلال الشيعي الممتد من طهران إلى بغداد ودمشق حتى الضاحية الجنوبية لبيروت». وتابع باراك قائلاً إن الحكام «يطمحون بشدة إلى نسج علاقات معنا لكن شعبهم لن يسمح لهم بذلك ما دام الفلسطينيون في وضعهم الحالي».
في السياق نفسه رأت تقارير إسرائيلية أخرى أنه لا يوجد سبب للانفعال، فالعلاقات الاقتصادية قائمة مع تشاد منذ زمن، وإسرائيل ستواصل بيع الأسلحة لديبي الذي رأى أن صوره في إسرائيل ستكون مفيدة له لكونه يحتاج إلى مساعدة دولية ودعم من واشنطن. أما نتنياهو فلديه دوافع لا تقلّ أهمية تتصل بالوضع السياسي الداخلي في هذه المرحلة خاصة أن إسرائيل قد تبادر إلى انتخابات مبكرة وهو ما يتطلب مراكمة المزيد من الإنجازات السياسية.
على المسار نفسه، قدم الرئيس تشادي وسيطاً لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والسودان مؤكداً أن استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل التي انقطعت في 1972 سيكون في الأيام أو الأسابيع المقبلة. وبرر ذلك بالقول: «العالم يتغير أمام أعيننا، وحتى الأزمات والحروب التي عهدناها». ولم ينبع كلام ديبي من فراغ بشأن الوساطة بين تل أبيب والخرطوم لكونه تزامن مع توالي التقارير الإسرائيلية عن اتصالات سرية أجراها مبعوث خاص لوزارة الخارجية الإسرائيلية بروس كشدان مع مسؤولين رفيعي المستوى من النظام السوداني، بهدف استئناف الحوار كما نقلت القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي. وتأتي هذه الجهود استكمالاً لمهمات سبق أن قام بها كشدان بسرية تامة خلال العقود الثلاثة الماضية مع دول لا توجد علاقات دبلوماسية بينها وبين إسرائيل.
في التفاصيل ذكرت القناة الإسرائيلية أن كشدان التقى قبل سنة مجموعة من المسؤولين السودانيين الرفيعي المستوى في إسطنبول، برئاسة أحد المساعدين المقربين من رئيس الاستخبارات السودانية آنذاك، محمد عطا الذي عيّنه قبل سنوات الرئيس السوداني عمر حسن البشير مسؤولاً عن الملف الإسرائيلي وقبل أشهر عُيِّن سفيراً للسودان في واشنطن. مع ذلك، لم ينفِ المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية عمونئيل نحشون، أياً من التفاصيل التي وردت في هذه التقارير، موضحاً أن «لا ردّ».
خصوصية هذا المسار الذي كُشف عنه مع السودان أنه يأتي بعدما كان يؤدي دوراً داعماً لمصلحة المقاومة في فلسطين. ونتيجة ذلك تعرّض في سنوات سابقة لسلسلة من الهجمات الإسرائيلية التي قيل إنها استهدفت قوافل أسلحة كانت تعمل إيران على إيصالها إلى المقاومة في فلسطين عبر الأراضي السودانية. لكن منذ 2014 بدأ التحول في السودان الذي بادر إلى قطع العلاقات مع إيران التي كانت تقدم إليه الدعم. ثم بدأت إسرائيل في العام التالي إجراء محادثات مع السودانيين عبر قنوات سرية وممثلين من المنظمات الدولية وهو ما أدى إلى بلورة لوبي إسرائيلي من أجل السودان في كل من الولايات المتحدة وأوروبا. على هذه الخلفية طلبت إسرائيل من الدول الغربية مساعدة السودان في ديونه الدولية.
مع ذلك رفض السودان التعقيب على هذه التقارير التي وردت في وسائل الإعلام الإسرائيلية، وأوضح وزير الدولة في الخارجية السودانية أسامة فيصل رداً على أسئلة الصحافيين في البرلمان أن الخارجية تُعد مؤسسة رسمية وأنها ليست قناة إعلامية حتى ترد على ما يرد في وسائل الإعلام، مشيراً إلى أنْ ليس هناك شيء رسمي يمكن التعليق عليه. وأضاف: «موقف السودان تجاه إسرائيل ثابت ولن يتزحزح مهما حدث من تحولات».
المزيد في هذا القسم:
- الإندبندنت: السعودية أكثر عدائية وخطراً من داعش المرصاد نت - متابعات اعتبرت صحيفة الإندبندنت البريطانية في مقال جديد لها أن السعودية تعد أكثر دول العالم عدوانية وتطرفاً واصفة السعودية بـ"المنحطة الخبيثة ...
- بابا أقباط مصر: فكرة الدين الإبراهيمي سياسية ومرفوضة تماما المرصاد-متابعات قال بابا أقباط مصر تواضروس الثاني إن فكرة ما يسمى "الدين الإبراهيمي" مرفوضة تماما وغير مقبولة، مضيفا في مقابلة تلفزيونية أن الداعين إلى هذه الف...
- 88 قتيلاً وجريحاً بتفجيرين في بغداد المرصاد نت - متابعات قُتل 18 شخصاً على الأقلّ وجُرح أكثر من سبعين في تفجيرين إرهابيّين منفصلين وقعا يوم الخميس في بغداد بحسب الشّرطة العراقيّة.وأوضح ضابطٌ ...
- غارات أميركية على الجيش العربي السوري: مساندة داعش في البادية المرصاد نت - متابعات أغارت طائرات «التحالف الدولي» (الذي تقوده الولايات المتحدة الاميركية) على مواقع للجيش العربي السوري في محيط المحطة الثانية وس...
- معهد واشنطن: الوهابية والإرهاب..كيف يمكن للسعودية أن تعوض عن ذنبها؟ المرصاد نت - متابعات “في منتدى عقدته “عريبيا فاونديشن” التي مقرها في واشنطن يناقش الخبير في شؤون الخليج سايمون هندرسون الأسئلة المستمرة المح...
- 100 يوم على سجن النشطاء السعوديين.. 5 معتقلين يواجهون الإعدام المرصاد نت - متابعات طلبت النيابة العامة السعودية عقوبة الإعدام لخمسة نشطاء بينهم إسراء الغمغام إحدى أبرز المدافعات عن حقوق المرأة في البلاد في إجراءٍ تعسّفي ...
- الاشتباكات تتواصل في المناطق المتاخمة للعاصمة الليبية طرابلس! المرصاد نت - متابعات اعلن الجيش الوطني الليبي اليوم الأحد عن بدء عملياته الجوية فوق طرابلس العاصمة الليبية وذلك بعد أن أعلن الناطق باسم قوات المشير خليفة حفتر...
- الارهاب يصيب مطار أورلي الفرنسي بشلل تام وسط عاصفة من الرعب المرصاد نت - متابعات يتواصل مسلسل الرعب والارهاب في استهداف فرنسا بعد ان اقدم احد الاشخاص اليوم السبت بمحاولة الاستيلا على سلاح جندي فرنسي في مطار اورلي الدول...
- وزير الحرب الصهيوني موشيه يعالون يعلن استقالته من حكومة نتنياهو المرصاد نت - متابعات أعلن وزير الحرب الصهيوني موشيه يعالون اليوم الجمعة استقالته من حكومة بنيامين نتانياهو وخروجه من العمل السياسي مؤكداً عدم ثقته في رئيس...
- فلسطين المحتلة.. إنتهاكات واعتقالات بالجملة المرصاد نت - متابعات مع الأسف لم تعد أخبار فلسطين والمسجد الأقصى هي الأهم على الساحة العربية ومن المؤكد أن القضية الفلسطينية برمتها لم تعد في سلم أولويات بل ا...