المرصاد نت - متابعات
قبل عشرة أيام من الموعد المفترض لعقد اجتماع جديد ضمن صيغة «أستانا» تطغى آثار تشديد الحصار الاقتصادي على باقي تفاصيل المشهد السوري على رغم ارتفاع وتيرة التصعيد على حدود منطقة «خفض التصعيد» في أرياف حلب وحماة وإدلب. نقص المعروض من المحروقات خلّف طوابير طويلة من السيارات أمام محطات الوقود القليلة التي وصلتها مخصصاتها في عدة محافظات.
وتخطّى طُول بعض تلك الطوابير عتبة الألف متر في ساعات ذروة الازدحام. ولم يشغَل السوريين عن ندرة الوقود سوى عودة مدينة حلب مجدداً إلى أتون التصعيد المتكرر في طوق المنطقة التي يفترض أن تكون «منزوعة السلاح» بموجب «مذكرة التفاهم» الروسية ــ التركية الموقّعة في سوتشي (في أيلول الماضي) إذ تسبب سقوط عدة صواريخ على شارع النيل وحي الخالدية في المدينة باستشهاد 11 شخصاً وإصابة ما يزيد على عشرة آخرين (حتى وقت متأخر من مساء أمس) أُسعفوا إلى مشفيي الرازي والجامعة.
ويخضع ريف حلب الغربي المتاخم للمدينة والذي يُرجّح أن يكون نقطة انطلاق تلك الصواريخ لسيطرة «هيئة تحرير الشام» التي عزّزت سيطرتها هناك على حساب فصائل أخرى بخلاف ما ينص عليه «اتفاق سوتشي» الذي أقرّ إنشاء «منطقة منزوعة السلاح» بعمق يتراوح بين 15 و20 كيلومتراً على أن تنسحب منها «تحرير الشام» وباقي الفصائل الإرهابية المتعاونة معها. ولم يأت القصف على أحياء مدينة حلب وحيداً إذ سبقته جولات تصعيد تضمنت قصفاً مدفعياً وغارات جوية من جانب الجيش السوري استهدفت مواقع في المنصورة والحويز وتل الصخر وكفرنبودة في ريف حماة الشمالي كما في بسنقول ومحيطها في ريف إدلب الجنوبي.
ومن غير المتوقع أن يتطوّر هذا التوتر على الجبهات المحيطة بإدلب إلى مواجهات أوسع أقلّه قبل اجتماع «أستانا» المقبل وبيان ما قد يخرج عنه من تفاهمات روسية ــ إيرانية ــ تركية في شأن تلك المنطقة. وفي حراك لافت يسبق موعد الاجتماع وتحضيراته زار المبعوث الأممي غير بيدرسن دمشق أمس وبحث مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم «الجهود المتواصلة المبذولة من أجل إحراز تقدم في المسار السياسي... بما في ذلك لجنة مناقشة الدستور» على حدّ تعبير وزارة الخارجية. ولم يعلن بيدرسن حتى الآن إذا ما كان ينوي حضور الجولة الجديدة من محادثات «أستانا»، بعدما لمحت تصريحات من موسكو إلى رجحان احتمال حضوره.
بيدرسن لم يكن الضيف الوحيد في دمشق أمس إذ استقبل الرئيس بشار الأسد مستشار الأمن الوطني العراقي فالح الفياض. وأشار بيان الرئاسة إلى أن الرئيس الأسد أكّد خلال اللقاء أن «تعزيز العلاقات بين البلدين يصبّ في مصلحة الشعبين الشقيقين لاستكمال القضاء على بؤر الإرهاب... وكسر الحواجز المختلقة والمفروضة بينهما». كما قال إن «ما تشهده الساحتان الإقليمية والدولية يحتّم على البلدين المضيّ قدماً بكل ما من شأنه صون سيادتهما واستقلالية قرارهما في وجه مخططات التقسيم والفوضى». ورغم غياب أي معلومات عن المواضيع التي تناولها اللقاء كان لافتاً أن الفياض وصل دمشق بعدما أتمّ زيارة غير معلنة إلى أنقرة التقى خلالها عدة مسؤولين أتراك.
وتتقاطع إشارة الرئيس الأسد إلى «كسر الحواجز المختلقة والمفروضة» بين سوريا والعراق مع الجهد المبذول بين الطرفين في إطار «اللجنة الوزارية المشتركة» لحل القضايا العالقة ولا سيّما ملف فتح المعابر الحدودية وتأمين حركة النقل التجاري عبرها. وهو ما أشار إليه رئيس الوزراء السوري عماد خميس بصراحة قبل أيام حين استقبل وزير التجارة العراقي محمد هاشم العاني الذي شدد حينها على «أهمية تفعيل اتفاقيات اللجنة السورية العراقية التي تم توقيعها بما يسهم في تطوير التعاون في مجالات الطاقة والنفط والكهرباء والنقل والتبادل التجاري».
ويتساوق التركيز على ملف الطاقة مع حاجة سوريا الماسّة إلى طرق بديلة لتأمين المحروقات وتلبية الحاجة المحلية. وهو واقع دفع الحكومة إلى اتخاذ إجراءات غير مسبوقة في محاولة لتخفيف حدّة الأزمة. فبعد تقنين الكميات اليومية المتاحة للسيارات الخاصة من البنزين قرّر مجلس الوزراء خفض كميات البنزين المخصصة للآليات الحكومية بنسبة 50 في المئة ووضع محطات وقود متنقلة وتشغيل المحطات المتوقفة بإشراف مباشر من وزارة النفط. كما طلب المجلس من وزارة النفط الاستمرار في تأهيل الآبار والمشاريع النفطية والغازية وإعادتها إلى العمل. وفي موازاة تلك الإجراءات وعدت وزارة النفط بانفراجات في الأزمة في غضون 10 أيام. وأتى ذلك بعدما سمحت الحكومة لغرف الصناعة باستيراد مادة الغاز براً من دول الجوار.
أزمة المُشتقات النفطية قد تدفع بتحرير شرقي الفرات
بدأت الأزمة بصورتها الحالية يوم السبت في 6 نيسان / أبريل تعزوها الحكومة إلى تأثير العقوبات الأميركية على الاقتصاد السوري فيما أكّد وزير النفط علي غانم خلال جولة له على محطات الوقود توافر المادة في المحطات في محاولة لطمأنة المستهلكين الذي خلصوا للتو من أزمة نقص حاد في الغاز امتدت أشهر الشتاء وانتهت فعلياً مع بدء فصل الربيع.
في الأسباب خرجت حقول النفط والغاز الرئيسية في سوريا عن السيطرة في وقتٍ مُبكرٍ من عُمر الأزمة. كانت سوريا تنتج نحو 385 ألف برميل نفط يومياً قبل 2011 معظمها من حقول شرقي الفرات في ريف دير الزور الشرقي والحسكة ونحو 21 مليون طن مكعب من الغاز معظمها من المنطقة الوسطى .إنتاج انخفض بشدّة إلى نحو 24 ألف برميل نفط يومياً فيما حسّن تأمين المنطقة الوسطى وتأهيل منشآت الغاز فيها الإنتاج إلى 17 مليون متر مكعب من الغاز يومياً وبالإجمال تُقدّر خسائر هذا القطاع طيلة السنوات الثماني الماضية بحسب تقديرات رسمية ، نحو 74.8 مليار دولار وهي الخسائر الأهم بالمعنى الاقتصادي لأيّ قطاع مُنتِج في سوريا جرّاء الحرب.
حجم الاستنزاف في الإنتاج النفطي ضغط بقوّةٍ على الاقتصاد السوري بكل تفاصيله سمحت الحكومة لأول مرة للقطاع الخاص باستيراد احتياجاته من الفيول والمازوت لتأمين عمل المصانع والمنشآت الحِرَفية الخطوة التي دخلت حيَّز التنفيذ تشكّل محاولة للالتفاف على العقوبات الأميركية والوصول إلى تلك المادة لكنها بالتأكيد غير كافية.
ظهر ذلك واضحاً مع الأسعار العالية جداً لبيع المادة من مستورديها . إذ جرى تقدير بيع ليتر المازوت بحوالى 475 ليرة للصناعيين بحسب غرفة صناعة دمشق تناقص بهوامش بسيطة جرّاء المنافسة لكنه بقي يزيد عن ضعف السعر الذي تبيع به الحكومة المازوت والمُقدَّر بـ 185 ليرة لليتر. أما في معالجة موضوع الغاز بدا أن جهود مضاعفة الإنتاج من الحقول المحلية أتت بنتائج معقولة خصوصاً وأن الجهود تتواصل لتحسين الإنتاج بحسب تصريحات رسمية ، فيما يجري العمل على استيراد الفارِق بين الإنتاج والاستهلاك.
العقدة الأهم تتمثّل اليوم في العقوبات على وصول المُشتقات النفطية إلى الموانئ السورية.
ثمة معلومات مُتدَاولة نقلاً عن مصادر حكومية رفيعة المستوى عن منع هيئة قناة السويس عبور شحنات نفط قادمة من إيران الى سوريا استجابة للضغوط الأميركية وزاد من الطين بلّة العقوبات والمصاعب التي تواجهها شركات النقل بالوصول إلى الموانئ السورية في ظل تعقيدات التأمين والمخاوف من عقوبات غربية تطال عمل تلك النواقل . كلها عوامل أدّت إلى وقف وصول أية شحنة نفط إلى الموانئ السورية منذ أشهر، فيما تكفّلت زيادة الاستهلاك وخصوصاً الصناعي مع عودة عشرات آلاف المنشآت الصناعية والحِرَفية في حلب وحماه وريف دمشق خصوصاً بمضاعفة ملامح الأزمة.
لا حلول شاملة سريعاً كما تشير المُعطيات بصرف النظر عن التطمينات الحكومية . الإجراءات الحالية تهدف لإدارة الأزمة عبر إجراءات البيع بكميات أقل واستخدام البطاقة الذكية وحتى الدراسة المتعلّقة برفع سعر البنزين باتجاه تحرير سعر الكمية التي تزيد عن 100 ليتر شهرياً لكل سيارة تبدو مؤجّلة حالياً .
الخروج من الدائرة الحالية ربما يفرض أحد حلّين طالما بقيت ظروف العقوبات والتضييق على الشحنات باتجاه الموانئ السورية الأول :عبر نقل تلك المشتقات براً من إيران عبر العراق إلى سوريا وثمة معلومات مُتدَاولة عن إمكانية التوجّه لهذا الخيار رغم طول الطريق والمخاطر الأمنية على الحدود. والثاني: استعادة حقول النفط الغنية شرقي الفرات إلى الدولة السورية عبر حل جريء لملف شرقي الفرات برمّته .حلٌ يبدو ضاغطاً اليوم أكثر من أيّ وقتٍ مضى مع اشتداد تأثير الضغوط على السوريين في معيشتهم واقتصادهم وخطط إعادة الإعمار..
وفق هذا المنظور يمكن فَهْم كلام وزير الدفاع السوري العماد علي أيوب خلال الاجتماع العسكري رفيع المستوى الذي ضمّ رئيسي أركان الجيش العراقي الفريق عثمان الغانمي والقوات المسلّحة الإيرانية اللواء محمّد جعفري في 18 آذار الماضي .. وتأكيده أن الورقة المُتبقية للأميركيين في سوريا هي "قسد" و"سنتعامل معها أما بالمصالحات أو بتحرير الأرض".. حلَان يبدوان صعبين لكن لا بديل عنهما طالما لا توجد في الأفق المنظور إمكانية للتخلّص من العقوبات الأميركية التي تطال بدرجة أقسى إيران الحليف الرئيسي لسوريا.
المزيد في هذا القسم:
- عمليات عسكرية في صلاح الدين وديالى تمهيداً لتحرير الموصل المرصاد نت - متابعات ضمن التحضيرات العسكرية لعمليات تحرير الموصل شمال العراق انطلقت القوات العراقية المشتركة بعمليات نوعية لتطهير المناطق الحدودية بين محافظتي...
- قانون المواطَنة الهندي: تهميش المسلمين في «الأمّة الهندوسية» المرصاد نت - متابعات اتّخذت حكومة الهند خطوةً إضافية تنطوي على تمييز واضح ضدّ الأقلية المسلمة في سياق فرض تعريفها لهوية البلاد «الهندوسية». خطوةٌ أقرّت بموجبه...
- عاصمة أوروبية ترفع العلم الفلسطيني فوق مبنى بلديتها بشكل رسمي المرصاد نت - متابعات قررت العاصمة الايرلندية دبلن وبشكل رسمي رفع العلم الفلسطيني فوق مبناها تضامنا مع الشعب الفلسطيني ومعاناته من ممارسات الاحتلال الوحشية. ...
- النظام التركي يعترف بمقتل أكثر من 30 جندياً في عفرين المرصاد نت - متابعات كشفت وكالة دوجان التركية للانباء أن حصيلة القتلى في صفوف الجيش التركي ارتفعت الى 31 بوفاة جندي يوم أمس الاحد. واضافت إن الجندي قتل في ...
- اشتباكات عنيفة بين قوات خليفة حفتر وقوات حكومة الوفاق جنوب طرابلس! المرصاد نت - متابعات اندلعت اشتباكات عنيفة بين قوات الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر وقوات الجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق في محور الخله جنوب العاصمة ا...
- تركيا: حملة «عسكرية ــ انتخابية» على جبال «قنديل» المرصاد نت - متابعات يسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى استغلال الظروف الأمنية التي تحيط بتركيا بهدف زيادة المزيد من الإنجازات إلى سجلّه الذي يستعرضه أمام...
- ممثل حماس في إيران يكشف تفاصيل جديدة بشأن اغتيال إسماعيل هنية المرصاد-متابعات كشف ممثل حركة حماس في إيران خالد القدومي، تفاصيل من زيارة رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية منذ لحظة وصوله إلى لحظة اغتياله في العاصمة طه...
- سوريا : «الانسحاب الأميركي» يحرّك ملف إعادة «الجهاديين» المرصاد نت - متابعات مع نزوح آلاف المدنيين والمقاتلين في صفوف «داعش» من جيب «الخلافة» الأخير ودخولهم مخيمات ومراكز احتجاز يديرها &laqu...
- بغداد تطوي صفحة العبادي: إنقلاب أميركا إلى الفشل المرصاد نت - متابعات خفت المشهد الاحتفائي للإعلام الخليجي بـ«خراب البصرة». بلع المؤجّجون ألسنتهم لحظة إدراك أن ما كان مرسوماً اصطدم بجدار سميك شكّ...
- قائد الجيش الليبي يصل إلى الأردن في زيارة مفاجئة المرصاد نت - متابعات أكدت مصادر عسكرية ليبية مساء اليوم الأربعاء أن القائد العام للجيش الوطني الموالي للسلطات الشرعية في ليبيا الفريق خليفة حفتر بدأ في وقت...