المرصاد نت - متابعات
في أول تدخل ناجح لها منذ انطلاق الهجوم على طرابلس في الرابع من نيسان/ أبريل توسّطت البعثة الأممية إلى ليبيا في اتفاق «هدنة إنسانية» يومَي الأحد والاثنين. اتفاق لم يكن الوصول إليه يسيراً إذ على رغم إطلاق المبعوث الأممي، غسان سلامة، عدة دعوات في شأن الهدنة، لم يتلقّ موافقة طرفي الصراع الليبي عليها إلا بحلول يوم السبت أي قبل يوم واحد من بدء تنفيذها. وصباح السبت قالت البعثة إنها تلقت «جواباً بالموافقة من حكومة الوفاق الوطني ولم تتلقّ شيئاً من قيادة الجيش الوطني الليبي (قوات المشير خليفة حفتر)». لكن، بعد الظهر، قبلت قوات حفتر بالهدنة، وتزامن ذلك مع هجوم إرهابي في سوق شعبي في بنغازي، أكبر مدن شرق البلاد استهدف موكباً للبعثة الأممية وأدى إلى مقتل ثلاثة من موظفيها وجرح عشرات المدنيين.
وعلى رغم دخولها حيز التنفيذ لم تُطبَّق الهدنة بشكل كامل. إذ اخترقت قوات حفتر يومَي الأحد والاثنين الهدوء الذي شهدته العاصمة بإطلاق قذائف على حيّ سوق الجمعة الشعبي ومطار معيتيقة الدولي الذي توقفت حركة الملاحة فيه لساعات. أما من الجهة المقابلة، فقد ردّ «لواء الصمود»، أحد أكثر التشكيلات جذرية ضمن قوات «الوفاق» على تلك الخروقات، بإطلاق قذائف «هاون» على مواقع تمركز قوات حفتر. هكذا، انتهت الهدنة مساء الاثنين وتصاعدت الاشتباكات إلى أن وصلت إلى وتيرتها السابقة، لتشهد محاور جنوب طرابلس يوم أمس تبادل قصف وغارات جوية، ومقتل جنود من الجهتين من دون أن يحصل تغيّر مهم في خطوط السيطرة.
هذه التطورات تشي بأن «تدابير بناء الثقة» التي تشرف عليها البعثة الأممية وكانت الهدنة لبنة أولى فيها لا تحظى بقبول طرفي القتال. من جهة لن ترضى حكومة «الوفاق» بأقلّ من انسحاب قوات حفتر إلى مواقعها السابقة لانطلاق الهجوم ومن جهة ثانية لن تقبل القوات المهاجِمة بالتخلي عن المواقع التي تمركزت فيها لكن كلا الطرفين بات يعاني ارتفاع كلفة الحرب.
داخل محور غرب البلاد، تتنامى الإشارات إلى تدهور الثقة بين الحلفاء حيث تنظر التشكيلات المسلحة إلى بعضها البعض بعين الريبة ويظهر ذلك في عودة الاغتيالات. كما ترى مدينة مصراتة أنها تتحمل وحدها الجزء الأكبر من تكلفة الحرب وخاصة أنها صارت تتعرض في الشهر الأخير لعمليات قصف جوي. أما قوات حفتر فالمسألة بالنسبة إليها أكثر تعقيداً.
استثمرت هذه القوات كثيراً في الهجوم على طرابلس ودفعتها شدّة المقاومة على الجبهات إلى إرسال الجزء الأكبر من مقاتليها لتنعكس تلك التعبئة على الأمن في شرق البلاد وجنوبها حيث شهد شرق ليبيا خلال الشهرين الأخيرين ثلاثة تفجيرات بسيارات مفخخة واحد في مدينة درنة (تبناه تنظيم «داعش») واثنان في بنغازي استهدف أولهما عزاءً في مقبرة، فيما طال ثانيهما موكباً للبعثة الأممية (لم يتبنّهما أحد حتى الآن). إضافة إلى ما تقدم تنامت وتيرة الاغتيالات في مدينة بنغازي خاصة حيث صار اختفاء نشطاء ثم العثور على جثثهم ملقاة في الشوارع أو في البحر حدثاً متكرراً وقد وصل الأمر إلى حدّ اقتحام منزل النائبة البرلمانية سهام سرقيوة وتعنيف زوجها واختطافها (تشير شهادات إلى مسؤولية ميليشيا تتبع قوات حفتر عن الحادث، لكن هذه الأخيرة تنفي علاقتها به).
آخر التطورات التي فاقمت التمدد المبالَغ فيه لقوات حفتر هو الصراع في مدينة مرزق جنوب غرب البلاد. بدأت القصة قبل حوالى أسبوع عندما استهدفت غارات جوية مواقع لـ«قوة حماية الجنوب» التابعة لحكومة «الوفاق»، داخل المدينة لكن أدى الأمر إلى سقوط عدد كبير من المدنيين (بين 20 و42 قتيلاً). وبما أن مقاتلي هذه «القوة» ينحدرون أساساً من قبيلة التبو جرى الردّ على الغارات باستهداف مقاتلين ومدنيين يتبعون قوات حفتر وينحدرون من قبائل أخرى في المدينة.
استمرّ الاقتتال الأهلي عدة أيام، وسقط خلاله عدد كبير من القتلى والجرحى (لا توجد إحصائيات دقيقة). ونتيجة ذلك اضطرت قوات حفتر الى إرسال تعزيزات نحو المدينة للسيطرة على الوضع وقد تمّ الأمر على حساب الأمن في مناطق أخرى من الجنوب. الآن، صارت تلك المنطقة تعاني صراعات أهلية إضافة إلى وجود مجموعات تتبع تنظيمَي «داعش» و«القاعدة» ويكلّف هذا الوضع قوات حفتر خسائر في الأرواح والعتاد.
ولتغطية الضعف البشري في صفوفها عملت قوات حفتر على تجنيد ميليشيات من معارضة دارفور وأردفتها أخيراً بتعزيزات من قوات «الجنجويد» بتمويل إماراتي. ويبدو أن ذلك غير كافٍ لبسط السيطرة على الجنوب والتفرغ للحرب في طرابلس لكن ثمة من هو مستعد لتغطية الفراغ بإيعاز إماراتي.
وفي هذا السياق نشر نائب رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» (الموالي للإمارات) في اليمن هاني بن بريك أول من أمس تغريدة على حسابه في «تويتر» قال فيها: «مستعدون لأن نعين أشقاءنا في ليبيا ونوفد لهم خبراتنا وتجربتنا» معتبراً أنهم يحاربون «نفس الميليشيات (المدعومة من) قطر وتركيا». حتى الآن لا يبدو الأمر أكثر من «إعلان نيات» لكن تحقّقه يبقى احتمالاً قائماً، وخاصة مع وجود خطوط إمداد تمتد عبر السودان.
المزيد في هذا القسم:
- قطر تبني سفارة في غزة لتهدم قضّية فلسطين المرصاد نت - متابعات كثرة الأنباء عن قرار جديد لدولة قطر ببناء سفارة لها في فلسطين المحتلّة لكن اللافت في هذا المشروع الذي أراد البعض وضعه في سياق الدعم القطر...
- ليبيا : معركة طرابلس تتوسّع ودعم جوي لحفتر... من مصر! المرصاد نت - متابعات مع استمرار الاشتباكات في جنوب طرابلس أعلنت حكومة الوفاق الوطني أمس رسمياً عن عملية «بركان الغضب» التي تهدف إلى بسط سيطرتها عل...
- محكمة مصرية تقضي بإعدام 75 متهماً في قضية "فض رابعة" المرصاد نت - متابعات قضت محكمة جنايات القاهرة بإعدام 75 متهماً بينهم قيادات في جماعة الإخوان في قضية فض اعتصام رابعة كما حكمت على مرشد جماعة الأخوان المسلمين ...
- العراق يغلق مكاتب قناة الجزيرة القطرية في بغداد بسبب دعمها للارهابيين المرصاد نت - بغداد سحبت السلطات العراقية ترخيص شبكة الجزيرة الإخبارية القطرية وأغلقت مكاتبها في بغداد بسبب مخالفتها الضوابط الحكومية الصادرة عام 2014 لتنظي...
- عشرة أسئلة.. عن مؤامرة الباخرة المرصاد كتب: جان عزيز من دون مقدمات، وبلا تدبيج، ورغم منزلق نظرية المؤامرة، هل كانت شحنة النترات أمونيوم التي فجرت بيروت وأحدثت أكبر نكب...
- فرنسا تعترف بتعويضات لضحايا أستعمار وحرب الجزائر المرصاد نت - متابعات أقرَّ المجلس الدستوري الفرنسي أمس بحق الضحايا غير الفرنسيين لـ«حرب الجزائر» بالحصول على تعويضات فيما يفتح هذا القرار الباب أم...
- عشرات الإصابات ومئات المعتقلين في احتجاجات السترات الصفر في باريس المرصاد نت - متابعات تواصلت التظاهرات الحاشدة والمواجهات العنيفة بين محتجي حركة "السترات الصفر" والشرطة الفرنسية وسط إجراءات أمنية استثنائية وسقوط عشرات الإصا...
- انتخابات تركيا: أربعة ضد واحد .. سنسطّر التاريخ المرصاد نت - حسني محلي أعلن «حزب الشعب الجمهوري» أكبر تشكيل للمعارضة في تركيا يوم أمس أن النائب البارز محرم اينجه المعروف بمواقفه الحماسية وخطبه ا...
- كيف ولماذا عادتْ موسكو إلى الشرق الأوسط من البوّابة السورية؟ المرصاد نت - متابعات أصبحتْ موسكو خلال أقل من عشر سنوات مركزاً لحركة دبلوماسية دولية عامة وشرق أوسطية بخاصة لا تقل شأناً، إن لم تتجاوز، عواصم الغرب الأساسية ك...
- الإمارات تتجسّس على الحريري ومتعب وتميم ... برعاية إسرائيلية المرصاد نت - متابعات تستخدم الإمارات برامج تجسّس إسرائيلية ضد معارضين في الداخل أو الخارج وأحياناً ضد مسؤولين يُفترض أنهم «أصدقاء» من خلال استغلال...