المرصاد

كتب: جان عزيز
من دون مقدمات، وبلا تدبيج، ورغم منزلق نظرية المؤامرة، هل كانت شحنة النترات أمونيوم التي فجرت بيروت وأحدثت أكبر نكبة في تاريخها منذ زلزال القرن السادس، معدة منذ البداية، لتظل في لبنان؟ هذا ما على تحقيق مستقل شفاف أن يوضح اسبابه ويجلو أسراره والألغاز.
أما الأدلة لهذا الاستنتاج، فهي عشرة، هذا متنها باقتضاب وقائعي:
1 – الباخرة “روزوس” التي كانت محملة بالبضاعة، كانت باخرة متهالكة غير صالحة للملاحة. لا بل يؤكد أحد ملاحيها أنها كانت قد تعرضت لحادثة غرق قبل فترة قصيرة من رحلتها الأخيرة، وذلك بسبب عدم القيام بصيانتها التقنية المطلوبة دورياً.
2 – تم بيع هذه الباخرة المعدة للغرق على ما يبدو، إلى رجل أعمال روسي الجنسية، اسمه إيغور غريشوشكين، تحوم حوله شبهات عدة، وذلك قبل أشهر قليلة من رحلتها الأخيرة إلى بيروت. وكأنه قد تم شراؤها وهي بتلك الحال بالذات، خصيصاً للقيام برحلتها الأخيرة تلك.
3 – قام غريشوشكين بتسجيل الباخرة تحت راية مولدوفيا. تلك الدولة الصغيرة على البحر الأسود، التي يدرجها “تفاهم باريس” للملاحة الدولية، ضمن لائحته السوداء، كونها تقوم بتغطية عمليات ملاحية مشبوهة في البحار المحيطة بها، وهي الدولة التي غالباً ما أثار إعلامها قضايا فساد كبيرة وكثيرة، في مجال الملاحة البحرية، وبشكل مرتبط بسلطات مولدوفيا الراعية لهذا القطاع.
4 – بعد انطلاق الباخرة في 23 أيلول/سبتمبر 2013 من باتومي في جورجيا، تباينت الأسباب المذكورة حول رسوها في مرفأ بيروت. بعض التقارير أشار إلى عطل تقني أجبرها على ذلك. فيما تحدثت تقارير إعلامية أخرى عن أن محطة بيروت كانت مقررة منذ البداية ضمن سير رحلة الباخرة “روزوس”، وذلك من أجل شحن مواد زراعية أخرى معدة للتصدير أيضاً إلى الموزمبيق، لم يلبث أن تبين أن الباخرة غير قادرة على شحنها، لأسباب لوجستية؟
هل كانت الحمولة الزائدة أصلاً، يراد منها توقف الباخرة في محطتها اللبنانية، بداعي العطل التقني أو الخطر الفعلي؟ وهل كانت الشحنة الإضافية المقررة من بيروت، مجرد ذريعة لدخول الرصيف اللبناني لا غير؟ ومن هي الجهات اللبنانية الرسمية، التي طلبت وسمحت وقررت وكيف ولماذا؟
5 – هنا يبرز عامل مريب آخر. فالسجلات الرسمية للباخرة المشبوهة تشير في أكثر من مرجع رسمي، إلى أن سعة حمولتها (Gross Tonnage) هي 1900 طن. فيما كانت محملة بحسب كل المستندات بنحو 2750 طناً من تلك المواد. فضلاً عن الكلام السابق عن حمولة إضافية كانت معدة للشحن في بيروت. ما يثير السؤال: هل كانت الحمولة الزائدة أصلاً، يراد منها توقف الباخرة في محطتها اللبنانية، بداعي العطل التقني أو الخطر الفعلي؟ وهل كانت الشحنة الإضافية المقررة من بيروت، مجرد ذريعة لدخول الرصيف اللبناني لا غير؟ وهو ما يمكن جلاؤه بمجرد كشف التفاصيل الكاملة لاضطرار الباخرة للتوقف عندنا، ومن هي الجهات اللبنانية الرسمية، التي طلبت وسمحت وقررت وكيف ولماذا؟
6 – رغم كون الحمولة معدة للاستيراد من قبل جهة رسمية في دولة الموزمبيق، كما ذكرت التقارير الصحفية الأجنبية أيضاً، كان لافتاً أنه بعد تعطل الباخرة في بيروت، أو توقفها أو توقيفها، بادرت تلك الجهة الأفريقية الرسمية إلى التخلي عن الحمولة. علماً أن متوسط سعرها يناهز مليون دولار أميركي!
7 – في الوقت نفسه، كان لافتاً للإنتباه أيضاً، أن مالك الباخرة نفسه، غريشوشكين، بادر هو أيضاً إلى التخلي عن باخرته وعن حمولتها وعن طاقم ملاحيها، بعد وقت قليل على توقفها في بيروت. لقد تخلى بسرعة عن باخرة، لم يمض على شرائه لها إلا بضعة أشهر.
8 – بعدها اختفى غريشوشكين من بلده روسيا. وقيل أنه بات مقيماً مذذاك في ليماسول في قبرص. قبرص القريبة منا، والتي، لسوء حظها، شاءت المصادفات الغريبة أن تشهد ذات يوم مصاعب مصرفية، مرتبطة بحسابات روسية! كما شاءت أن يزج اسمها بتوقيفات أمنية، مرتبطة بملفات لبنانية أخرى.
9 – في هذا الوقت، ظهر فجأة ثلاثة دائنين، كما ذكر مكتب المحاماة الذي تدخل في قضية الباخرة المتوقفة في بيروت. ثلاثة دائنين شكلوا الغطاء القانوني اللازم، لاستدراج القضاء اللبناني من أجل تغطية إجراء الحجز على الباخرة وإبقائها في بيروت.
10 – بعدها، لم يرد أي ذكر آخر لهؤلاء الدائنين. من هم؟ لماذا قرروا مقاضاة المالك الروسي في لبنان بالذات؟ وكيف انتهت مقاضاتهم له، طالما أن الباخرة ظلت هنا، والحمولة ظلت هنا؟ من عوض عليهم؟ وأين؟ وبماذا؟ هي عشر نقاط. عشرة تساؤلات، برسم ضمير ما، في عاصمة منكوبة بانفجار، في دولة منكوبة بانهيار ضمائر حكامها..
المزيد في هذا القسم:
- رويترز: السعودية تسجل عجزاً مالياً بـ29 مليار دولار! المرصاد - متابعات أظهر تقرير من وزارة المالية بشأن الأداء الفصلي للميزانية أن السعودية سجلت عجزا بلغ 109.2 مليار ريال (29.12 مليار دولار) في الربع الث...
- العفو الدولية: تؤكد ان أحرار الشام والجبهة ارتكبتا جرائم حرب في سوريا المرصاد نت - متابعات أكدت منظمة “العفو الدولية” أن جماعات مسلحة في محافظتي حلب وإدلب في سوريا ارتكبت “جرائم حرب” من خطف وتعذيب وقتل خا...
- رفع "الفيتو" عن مكتب لـ"إسرائيل" في "الناتو" المرصاد نت - السفير في خطوة أخرى تدل على تحسن العلاقات الإسرائيلية ـ التركية أبلغ حلف شمال الأطلسي (الناتو) الكيان الاسرائيلي أمس الأول أنه أصبح بوسعه فتح ...
- وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي يوافقون على مشروع اتفاق بريكست ! المرصاد نت - متابعات وافق وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي اليوم الإثنين على مشروع اتفاق بريكست . وبدأ وزراء خارجية 27 دولة في الاتحاد الأوروبي في بروكسل ال...
- «بريكست» يُحيي معركة استقلال اسكتلندا ! المرصاد نت - متابعات بعد نحو ست سنوات على بتّ مسألة الانفصال عن المملكة المتحدة في صناديق الاقتراع، أعطى «بريكست» دفعاً جديداً لأنصار استقلال اسكتلندا المصمّم...
- المستبدون العرب يتآمرون لإحباط آمال الإصلاحيين في السودان! المرصاد نت - متابعات نشرت صحيفة الغارديان مقالاً تحليلياً لسايمون تيسدال بعنوان "المستبدون العرب يتآمرون لإحباط آمال الإصلاحيين في السودان" رأى فيه الكاتب أنه...
- كم مرة هزم الرئيس الأسد واشنطن… أسرار الانتصار بالتفاصيل؟ المرصاد نت - متابعات بدأت عملية غزو العراق في 20 آذار/مارس 2003م من قبل قوات الائتلاف بقياده الولايات المتحدة الأمريكية عندما كان جورج دبليو بوش هو الرئيس الأ...
- المانيا تتجه للاعتراف بـ 'إبادة الأرمن' وأردوغان يحذر المرصاد نت - متابعات أجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الثلاثاء اتصالا هاتفيا بالمستشارة الألمانية انغيلا ميركل حضها فيه على ' التعقل ' وذلك قبل يومين من ...
- حلب .. المعركة التي غيّرت وجه المنطقة المرصاد نت - متابعات شكلّت معركة حلب طيلة أيام الحرب التي أُطلقت على سوريا المفصل الأساسي الذي كان الجميع يعرف أهميته لجهة التحولات التي ستنتج بالسيطرة ع...
- من المستفيد من تفجيرات السعودية وهل سيتم إطاحة بن نايف من منصبه ؟ المرصاد نت - متابعات عقب زيارة محمد بن سلمان للولايات المتحدة ولقائه بأوباما والشركات التجارية الحاكمة نشرت كبريات الصحف الغربية أن بن سلمان اقنع الادارة الام...