واشنطن تشعل حرب الشائعات : الطائرة الأوكرانية أُسقطت!

المرصاد نت - متابعات

لم تتأخر إيران في تفنيد الرواية التي قدمتها وسائل إعلام أميركية عن تحطّم طائرة الخطوط الجوية الأوكرانية فوق طهران، التي تقول إنها أصيبت بصاروخ دفاع جوّي أطلقته قوات «الحرس Fly Ukrania2020.1.10الثوري» الإيراني.

وبدأت الردود الإيرانية على «الشائعات» قبل نشر مجلة «نيوزويك» وشبكتي «CBS» و«CNN» تصريحات لمسؤولي أميركيين (لم يسمّهم أيّ منها)، تقول إنهم «يزدادون ثقة بأن أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية أسقطت الطائرة عن طريق الخطأ»، بناءً على بيانات الأقمار الاصطناعية والرادارات والبيانات الإلكترونية.

وبالتوازي خرج الرئيس الأميركي دونالد ترامب ليشرح للصحافيين أن لديه «شكوكاً» بشأن تحطم الطائرة، مضيفاً أن لديه «شعوراً بأن شيئاً رهيباً حدث»، قبل أن تؤكد كندا أن استخباراتها توصلت إلى «قناعة» بأن الطائرة أسقطت بصاروخ إيراني.

كندا تؤكّد نظرية «الإسقاط»
في تطور لافت، قال رئيس الوزراء الكندي جوستن ترودو إن الطائرة الأوكرانية التي كانت تقلّ عدداً كبيراً من الكنديين أسقطت بصاروخ إيراني وفق تقديرات الاستخبارات الكندية وأجهزة استخبارات دولية. وأشار ترودو في مؤتمر صحافي أمس إلى احتمال أن تكون إصابة الصاروخ للطائرة قد تمّت «بطريق الخطأ»، مضيفاً إن بلاده تدعو إلى تحقيق معمّق في الحادثة. ولفت إلى أن المحققين الكنديين لم يتمكنوا من الوصول إلى معاينة موقع تحطّم الطائرة، موضحاً أن الصناديق السوداء ستبقى في إيران وسيكون متاحاً للمحققين الأوكرانيين فحصها.

وفي رده على سؤال حول إمكانية اللجوء إلى فرض عقوبات على إيران قال ترودو إن «من المبكر الحديث عن ذلك ويجب انتظار نتائج التحقيق»، مضيفاً في الوقت نفسه إنه قد يكون «من الصعب» الحصول على المعلومات اللازمة من إيران، في ضوء انقطاع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين منذ عام 2012م وأوضح أن موظفين في وزارة الخارجية الكندية في طريقهم إلى تركيا، حيث سيحصلون على تأشيرة لدخول طهران، بما يتيح لهم تقديم الدعم اللازم لأقرباء الضحايا.

نفي من طهران
وصفت طهران هذه المعلومات بأنها «غير ذات معنى» وقال بيان نُشر على موقع وزارة النقل الإيرانية إنّ «عدة رحلات داخلية وخارجية كانت محلّقة في الوقت نفسه في الأجواء الإيرانية وبنفس الارتفاع (8 آلاف قدم)، وإنّ رواية تعرّض الطائرة لضربة صاروخية لا يمكن أن تكون صحيحة على الإطلاق».

أما في ما يتعلق بالصندوقين الأسودين اللذين عُثر عليهما أمس، فقال رئيس هيئة الطيران المدني الإيرانية ونائب وزير النقل، علي عبد زادة، إنّ لدى إيران وأوكرانيا «القُدرة على تحميل المعلومات التي يحملها الصندوقان»، لكنه استدرك بالقول: «لو كانت ثمة ضرورة إلى اتخاذ تدابير أكثر تخصّصاً لاستخراج معلومات وتحليلها، فبإمكاننا القيام بها في فرنسا أو دولة أخرى».

وكانت وكالة «مهر» الإيرانية قد نقلت أمس عن عبد زادة قوله إنّ إيران «لن تسلم الصندوقين الأسودين... إلى الأميركيين». ومن دون نفي ذلك صراحةً، رفض بيان اليوم «الشائعات حول ممانعة إيران تسليم الصندوقين الأسودين... للولايات المتحدة». على صعيد التحقيق الذي تجريه هيئة الطيران المدني الإيرانية، بيّنت العناصر الأولية للتحقيق أنّ الطائرة الأوكرانية التي تحطّمت بعد وقت قليل من إقلاعها من طهران «كانت في طريق العودة إلى المطار بعد مواجهتها مشكلة، واندلاع حريق على متنها».

تحرّك أوكراني
طلبت أوكرانيا الخميس «دعماً غير مشروط» لمحقّقيها المكلفين بالتحقيق في تحطم الطائرة وقال مساعد وزير الخارجية الأوكراني سيرغي كيسليتسيا أمام مجلس الأمن الدولي الخميس، إن «ظروف هذه الكارثة لم تتضح بعد. يعود الآن إلى الخبراء أن يحققوا ويجدوا أجوبة عن السؤال عمّن تسبّب في تحطّم الطائرة. يجب من أجل ذلك أن يتلقّى خبراؤنا دعماً غير مشروط في تحقيقهم».

كذلك طلبت أوكرانيا اليوم من الغرب تقديم «إثباتات» تساعد في التحقيق حول تحطم طائرتها في إيران، وأعلنت الرئاسة الأوكرانية في بيان أن «من مصلحة بلادنا تبيان الحقيقة. لذلك نوجّه نداءً إلى شركاء أوكرانيا الغربيين: إن كانت لديكم إثباتات تساعد التحقيق، نطلب منكم تقديمها لنا».

وتحطمت طائرة ركاب أوكرانية كانت تقل 176 شخصاً غالبيتهم من الإيرانيين والكنديين فجر الأربعاء الماضي، بعد وقت قصير على إقلاعها من طهران باتجاه كييف، ما أدى إلى مقتل جميع ركابها، وفق تأكيد السلطات الإيرانية والأوكرانية.

وأقلعت الطائرة وهي من طراز «بوينغ 737» وتتبع الخطوط الجوية الأوكرانية، عند الساعة 2:40 (بتوقيت غرينتش) من مطار الإمام الخميني الدولي في طهران متجهة إلى كييف، قبل أن تختفي عن شاشات الرادار بعد دقائق؛ وتحطمت فوق أراض زراعية في خليج آباد في منطقة شهريار على بعد 45 كلم شمال غرب المطار، وفق وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية.


وجاء الحادث فيما يشهد الشرق الأوسط توتراً متنامياً، بعدما أطلقت إيران صواريخ استهدفت القوات الأميركية في العراق؛ لكن لم يُشَر إلى أي تفاصيل أو معلومات تربط هذين الحدثين، فيما حذر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من أي «تكهنات»في هذا الصدد. وأعلن وزير الخارجية الأوكراني فاديم بريستايكو أن الطائرة المنكوبة كانت تقل 82 إيرانياً و63 كندياً، و11 أوكرانياً و10 سويديين وأربعة أفغان وثلاثة ألمان وثلاثة بريطانيين، فيما نشرت الخطوط الجوية الأوكرانية قائمة بأسماء الركاب وتواريخ ولاداتهم.

وأظهرت القائمة أن 25 على الأقل من الركاب هم دون 18 عاماً. وأوضح رئيس مجلس الأمن القومي الأوكراني، أولكسي دانيلوف، أن اثنين من المسافرين المسجلين على الرحلة لم يستقلّا الطائرة قبل إقلاعها. من جانبها، أعلنت الخطوط الجوية الأوكرانية تعليق رحلاتها إلى طهران، مشيرة إلى أن طائرة «بوينغ 737» التي تحطمت صُنعت عام 2016 وخضعت لفحص تقني قبل يومين. وقال رئيس الخطوط الأوكرانية الدولية يفغيني ديكنه إن «الطائرة كانت واحدة من أفضل طائراتنا مع طاقم رائع»، وذلك في مؤتمر صحافي في كييف.

بدوره، أمر الرئيس الأوكراني بفتح تحقيق، معلناً التدقيق في «كل الأسطول الجويّ المدني» الأوكراني بمعزل عن أسباب الحادث، محذّراً من إطلاق أي «تكهنات» بشأن تحطّم الطائرة. وكتب على «فايسبوك»: «أطلب من الجميع عدم إطلاق تكهنات ونظريات غير مؤكدة بشأن التحطّم»، فيما قطع عطلة في سلطنة عمان عائداً إلى أوكرانيا. وصرّح رئيس وزراء أوكرانيا أوليكسي غونشاروك بأن كييف تتفاوض مع السلطات الإيرانية للسماح لمحققين أوكرانيين بالتوجّه إلى موقع الحادث.

على الجانب الإيراني قال نائب محافظ طهران محمد تاجي زاده، كما نقلت عنه وكالة «إسنا»، إن «من بين الأشخاص الـ176 الذين كانت تُقلّهم الطائرة، تسعة كانوا من أفراد الطاقم والآخرون من الركاب، بينهم 15 طفلاً». وأضافت «إسنا» أن 13 راكباً أيضاً كانوا طلبة في جامعة «شريف» في طهران، إحدى أعرق الجامعات في البلاد.

وذكر الإعلام الإيراني أن النيران اندلعت في الطائرة بعد تحطّمها، إلّا أن تسجيل فيديو بثه التلفزيون الرسمي أظهر الطائرة وقد اشتعلت فيها النيران أثناء سقوطها، فيما أعلنت هيئة الطيران المدني الإيرانية العثور على الصندوقين الأسودين للطائرة إلا أنها أكدت أنها لن تسلّمهما إلى السلطات الأميركية. وقال رئيس هيئة الطيران المدني علي عابد زاده «لن نعطي الصندوقين الأسودين للمصنّع (بوينغ) والأميركيين» وفق ما نقلت عنه وكالة «مهر» للأنباء.

إلى ذلك أعلنت شركة «بوينغ» المصنّعة للطائرة في تغريدة: «نحن على علم بالمعلومات الصحافية الصادرة من إيران، ونجمع مزيداً من المعلومات»، مضيفة: «نحن على اتصال بشركة الطيران المعنية ونقف إلى جانبها في هذه الأوقات الصعبة. ونحن مستعدون للمساعدة بأي طريقة لازمة».

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية