المرصاد نت - متابعات
كانت عصابات مِن القوميين الهندوس تهتف: «يحيا الإله رام»، بينما كانت العاصمة الهندية، دلهي، تشهد أحداثاً دامية اتخذت طابعاً عقائدياً، على خلفية قانون المواطَنة، والقلق المتزايد إزاء المسار الذي تسلكه البلاد منذ الفوز الكبير لحزب «بهارتيا جاناتا» بولاية ثانية العام الماضي. هذه المرّة، اشتدّت موجة العنف، وصار يمكن مشاهدة أشخاص يحمل بعضهم مسدّسات وسيوفاً في مناطق تضمّ غالبية مسلمة في شمال شرق العاصمة، وتبعد كيلومترات قليلة عن وسطها حيث كان ناريندا مودي يحتفي بضيفه الاستثنائي دونالد ترامب وأسرته. عشرات القتلى والمصابين سقطوا في واحدة من أسوأ المواجهات التي دارت في الأيام القليلة الماضية بين آلاف المتظاهرين تأييداً أو احتجاجاً، منذ إقرار الحكومة الهندوسية القومية نهاية عام 2019 قانون المواطنة الذي كان كفيلاً بإحداث هزّة في عموم البلاد.
ومنذ فوز مودي بولاية ثانية في أيار/ مايو الماضي، انفجرت الأزمات تباعاً؛ من قرار الحكومة إلغاء الحكم الذاتي لإقليم جامو وكشمير المتنازَع عليه بين الجارتين النوويتين: الهند وباكستان، وعزمها إجراء مسح سكاني شامل بهدف اجتثاث «المتسلّلين» وصولاً إلى إقرار قانون يسهّل منح الجنسية للاجئين مِن غير المسلمين أثار مخاوف من إعادة تشكيل البلاد وتحويلها إلى وطن قومي للهندوس.
إزاء أحداث العنف الدامية في العاصمة اكتفى مودي بالدعوة إلى الهدوء، لأن «السلام والتآخي أساسيان في أخلاقياتنا» مناشداً «أشقّائي وشقيقاتي في دلهي الحفاظ على السلام والتآخي في كلّ الأوقات». وعلى مدى يومين كان رئيس الوزراء الهندي مشغولاً باستقبال ضيفه الأميركي الذي اختتم زيارته أول من أمس، بتعزيز التعاون الدفاعي بين البلدين عبر توقيع ثلاث مذكّرات تفاهم لصفقة عسكرية بقيمة ثلاثة مليارات دولار ومِن دون تحقيق خرق يُذكر في الشقّ التجاري الذي تجرى مفاوضات في شأنه منذ أشهر سعياً إلى تضييق هوّة الخلافات بين الحليفين.
في الشق الأخير أشار ترامب إلى أنه ومودي أحرزا «تقدّماً مذهلاً» في اتجاه التوصل إلى اتفاق شامل بعدما وضعت إدارته في موازاة حربها التجارية على الصين حدّاً للامتيازات الممنوحة للواردات مِن الهند، ذلك أن الشركات الأميركية لا تستفيد في المقابل مِن إمكانية وصول كافية إلى الأسواق الهندية المعروفة تقليدياً بالحمائية. وبمعزل عن الاحتكاكات المتفرّقة في العلاقات، تعدّ الهند، على المدى البعيد حليفة استراتيجية للولايات المتحدة في آسيا، ونقطة ثقل يمكن أن توازن تصاعد النفوذ الصيني في المنطقة.
ومن هنا يُقرأ تَصدّر العلاقات الدفاعية والاستراتيجية أجندة الزيارة مقابل الجوانب التجارية وخصوصاً بعدما شدّد الرئيس الأميركي على ضرورة أن تكون بلاده «الشريك الرئيس للهند في مجال الدفاع وهذا ما تسعى إليه». في المقابل، تجنّب ترامب الحديث عن قضية كشمير، كما أنه لم يتطرّق إلى قانون المواطَنة. ولدى سؤاله عن العنف في دلهي رفض التعليق: «لقد سمعت عنها، لكننا لم نبحثها، هذا أمر يعود إلى الهند» مؤكداً في الوقت ذاته أن مودي متمسّك بأن يتمّ احترام الحرية الدينية في الهند. ويعود التجاهل، في أحد جوانبه إلى سعي ترامب للحصول على أصوات الجالية الهندية (يبلغ عدد أبنائها أربعة ملايين نسمة) في انتخابات الرئاسة الأميركية في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل (صوّت 75% من هؤلاء لهيلاري كلينتون في انتخابات 2016).
قانون المواطَنة
اعتباراً مِن كانون الأول/ ديسمبر اعتمدت الحكومة الهندية قانوناً أثار قلق الأقلية المسلمة التي تعدّ 200 مليون نسمة في بلد الـ 1.3 مليار. قلقٌ تعود جذوره إلى انتخابات عام 2014 التي شهدت فوز حزب «بهارتيا جاناتا» القومي الهندوسي بالانتخابات وازداد بعدما تعزّزت قوة هذا الحزب في الانتخابات الأخيرة بحصول التحالف الذي يقوده على 65% مِن مقاعد البرلمان الـ 542. فوزٌ ضَمِن له سيطرة كاملة على المشهد السياسي في البلاد. وبعد إلغاء الحكم الذاتي في جامو وكشمير في آب/ أغسطس الماضي تقرّر إدخال تعديل على قانون المواطنَة ستكون له تداعيات على أكثر من مستوى وآخرها هزيمة حزب مودي في الانتخابات المحلية في دلهي بعدما قاد برنامجاً انتخابياً ارتكز على التمييز والكراهية، في مقابل تحقيق حزب «الرجل العادي» فوزاً ساحقاً، وصعود زعيمه أرفيند كيجريوال إلى رئاسة وزراء العاصمة.
منذ نهاية السبعينيات نشأت في ولاية آسام في شمال شرق الهند حركة شعبية كانت تهدف إلى طرد المهاجرين وغالبيتهم مِن بنغلادش وبورما بحجة أنهم يعرّضون ثقافة الآساميين للخطر فضلاً عن أنهم يسلبون فرص العمل. بحلول عام 1985م وقّعت الحكومة الهندية معاهدة مع زعماء هذه الحركة، قضت بإجراء مسح لسكان المنطقة. وبناءً على المسح، يُعتبر هندياً كلّ مَن يثبت أنه أو والديه كانوا موجودين في الولاية قبل عام 1971م أي قبل ميلاد دولة بنغلادش التي انفصلت عن باكستان في ذلك العام. إلا أن الحكومات المتعاقبة لم تتمكّن مِن إتمام المسح إلا في عام 2019م حيث أُعلن أن نحو مليونَي شخص في آسام هم مِن الأجانب. وأشارت التوقعات إلى أن الغالبية العظمى مِن هؤلاء المهاجرين هم من المسلمين وبالتالي يسهل التعامل معهم إمّا ترحيلاً أو وضعهم في معسكرات. لكن النتيجة جاءت مخالفة للتوقعات إذ تبيّن أن غالبية المهاجرين مِن الهندوس.
ومن هنا جاءت فكرة الحكومة تعديل قانون المواطنَة لعام 1955م بإدخال مادة تسمح بمنح حقّ المواطَنة للأقليات الدينية غير المسلمة الوافدة من باكستان وبنغلادش وأفغانستان. وبهدف تسويقه قيل إن القانون هدف إلى تأمين الحماية والمساعدة للأقليات الدينية من الهندوسية والسيخ والبوذية والجينية والزرادشتية فضلاً عن المسيحية المضطهدة في البلدان الإسلامية المجاورة. تمكّن الحزب الحاكم من إمرار التعديل باستغلال الغالبية التي يتمتّع بها في البرلمان. وعند إجراء أيّ إحصاء في المستقبل سيُطلب وفقاً للقانون مِن كل شخص موجود على أرض الهند أن يثبت أن والديه كانا في البلاد قبل عام 1971 في ولاية آسام وقبل عام 1987 في باقي ولايات الهند.
والخطة هي أن أيّ هندوسي يُحرم من جنسيته بسبب فشله في تقديم الوثائق المطلوبة سيُعطى الجنسية من الباب الخلفي باستخدام المادة الجديدة أما المسلمون فسيحرمون منها. وتبدأ اعتباراً من نيسان/ أبريل المقبل عملية تجديد «سجل الجنسية القومي» على أن تنتهي في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الجاري. ولأن نحو 45% من سكان الهند هم إمّا أمّيون أو يعيشون في قرى ومناطق نائية ولا يمتلكون أيّ وثائق رسمية فإن القانون سيهدّد عشرات الملايين من المسلمين بفقدان جنسيتهم وحقّهم في المواطنة.
الاتفاق التجاري مع واشنطن نهاية العام
أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الهندي نارايندرا مودي اتّفقا على الانتهاء «سريعاً» مِن محادثات التجارة الجارية بين بلديهما. وذكر في بيان يوم أمس، أن الجانبين «اتفقا على الانتهاء سريعاً مِن المفاوضات الجارية والتي يأملان في أن تصبح المرحلة الأولى من اتفاق تجاري ثنائي شامل يعكس الطموحات الواقعية والإمكانات الكاملة للعلاقات التجارية بين البلدين» مِن دون التطرق إلى تفاصيل ما سيتضمّنه الاتفاق. وبعدما انتقد الهند بسبب الرسوم الجمركية «الأعلى على مستوى العالم» قال ترامب: «إذا كان هناك اتفاق مع الهند سيُبرم بحلول نهاية العام وإذا لم يحدث سيكون هناك أمر آخر».
المزيد في هذا القسم:
- تقرير المحققة الأممية بشأن اغتيال خاشقجي يحرج إدارة ترامب! المرصاد نت - متابعات قالت المحققة الأممية انييس كالامار إنّ التحقيق الذي أجرته في قضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي يركز على مسؤولية الدولة السعودية مشيرة إلى وجو...
- تناغم روسي ـــ صيني في أميركا اللاتينية: احتواء النفوذ الأميركي عن قرب ! المرصاد نت - متابعات تشهد دول الجنوب الأميركي نشاطاً روسياً ـــ صينياً لافتاً، تنامى كثيراً في أعقاب تصاعد الهجمة الأميركية على كلّ من فنزويلا وكوبا. وعلى رغم...
- مقتل مسؤول "داعش" العسكري في دير الزور تحدثت معلومات عن إصابة مسؤول داعش العسكري في دير الزور. من جانبها لفتت مصادر "داعش" الى مقتل مسؤولها العسكري في "ولاية الخير" ومقتل عدد من مسلحي التنظيم خلال ا...
- زعيم طالبان قتل على الأرجح بغارة مرخصة من اوباما المرصاد نت - متابعات رجّح مسؤولون أميركيون مقتل زعيم جماعة طالبان الملا أختر منصور بغارة أميركية تمت بترخيص من الرئيس الأميركي باراك أوباما.وقال المتحدث با...
- ليبيا : اتهامات رسمية لفرنسا والإمارات ومصر و«الوفاق» تبدأ هجوماً مضاداً! المرصاد نت - متابعات يضع الانقسام الدولي حول هجوم خليفة حفتر على العاصمة الليبية الحكومة المعترف بها دولياً أمام واقع يؤكد أن الضغط الدولي لن يكون عاملاً في و...
- ترامب يوّقع الاعتراف بسيادة تل أبيب على الجولان السوري المحتل! المرصاد نت - متابعات وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف الرسمي بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل خلال استقباله رئيس الوزراء الاسرائيلي بن...
- "شيزوفرينيا" القادة العرب تتجسّد في القضية الفلسطينية المرصاد نت - متابعات الغموض الذي يلّف سياسة أغلب الزعماء العرب تجاه القضية الفلسطينية كان له أثر كبير في زعزعة الموقف العربي الموحّد تجاه هذ القضية التي أصبحت...
- تونس تحيي الذكرى السادسة للثورة بالاحتجاجات الشعبية وقطع الطرقات المرصاد نت - متابعات شهدت تونس امس السبت في الذكرى السادسة للثورة الشعبية التي أطاحت في 14 كانون الثاني/يناير 2011 بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي مظا...
- بعد حذف تغريدته عن حق المسلمين بمعاقبة فرنسا.. مهاتير محمد يرد على منتقديه ويتهمهم بالازدو... المرصاد-متابعات أعرب رئيس الوزراء الماليزي السابق مهاتير محمد عن "اشمئزازه" من إساءة فهم تصريحاته التي اعتبر فيها أن للمسلمين الحق في معاقبة الفرنسيين،...
- العراق : الناس في الشارع والحكومة تبحث عن الكهرباء بين الرياض وطهران! المرصاد نت - متابعات جُملةٌ من الدوافع والأسباب شكّلت محرّكاً لتظاهرات المحافظات الجنوبية العراقية. الماء والكهرباء أبرزها. الفريق السياسي الحاكم بشكلٍ عام وا...