المرصاد نت - سمير الفزاع
كثيرة هي الأهداف المعلنة والممكن التعرف عليها في تفسير الهجمة البربرية
لأدوات الغزو الإرهابية على حلب، ولكن يبقى بعضها طي الغرف المغلقة والنقاشات الثنائية الحاسمة، والاجتماع الأخير بين لافروف وكيري كان احدها. لقد ظهر واحد من أهم أهداف وتفسيرات الهجمة على حلب: تحويل النصرة من منظمة مصنفة إرهابية إلى فصيل “سوري مسلح معارض معتدل” يحق له الاشتراك في رسم مستقبل سورية والمشاركة في حكمها. كيف، ولماذا؟:
1- يمكن لواشنطن بكل “سهولة” التلويح بتهديد داعش “المتفق عليه” لتظهر النصرة كفصيل معتدل ممكن التعامل معه، ولكن في باطن الامور، تقترن هذه المقاربة مع تهديد جدي في حال عدم قبول النصرة ضمن العملية السياسية ظهر في موضعين هامين على الأقل: استخدام النصرة وحلفائها الأسلحة الكيماوية في هجومهم على بلدة العيس وتلّتها والسيطرة عليها. شنّ عدة هجمات واسعة على مدينة حلب وعلى أكثر من جبهة، بالتزامن مع قصف شديد أسقط مئات الشهداء والجرحى في أحياء حلب الآمنة.
2- أعلن كيري بان هناك بعض القوى المسلحة قد خرجت عن السيطرة، وهذا التصريح يحقق عدة أهداف دفعة واحدة، منها: تسويغ الحديث عن “استيعاب” النصرة في إطار وقف العمليات القتالية، والتنصل من جرائم الأدوات الإرهابية، وربط المسارات الميدانية تحت مقولة اعتدال النصرة، حيث يصبح تحرير ادلب والأحياء المحتلة من حلب أمرا غير مسموح لان النصرة قوة معارضة معتدلة… وهكذا لن يكون هناك مسار ميداني خاص بسورية وحلفائها؛ بل مسار مشترك مع واشنطن وعلى أجندتها إذ لم يتبق في الميدان سوى قوة إرهابية وحيدة، داعش.
3- طبيعة الهجمات المنسقة على مدينة حلب من قبل فصائل إرهابية متعددة المشارب والتموضع الجغرافي والسياسي… وعلى عدة جبهات، وكان آخرها معركة خان طومان، يظهر بأن هناك قراراً كبيراً بإختراق المدينة من أقصاها إلى أقصاها لمحاصرة مليوني مواطن في بقعة جغرافية محددة لتحقيق مساومة كبرى متعددة البنود، سأذكر احدها في السطور القادمة.
* لماذا؟:
1- اثر فك الحصار عن مدينتي نبل والزهراء والتقدم شمالاً حتى مشارف إعزاز، ومنع تدفق أدوات الغزو الإرهابية عبر هذا الطريق، ومن ثمّ تحرير تدمر والقريتين عقب إقرار اتفاق وقف العمليات القتالية، أصبح واضحاً أن هناك معركة قادمة ستشنّ على إحدى الجبهات التالية: الرقة ودير الزور، حلب، سهل الغاب وادلب. صحيح أن روسيا أعلنت أكثر من مرة وعلى لسان عدد من مسئوليها أن لا معركة وشيكة في حلب ليتسنى لواشنطن تنفيذ تعهدها بفك الارتباط بين “المجموعات المعتدلة” والنصرة، لكن الصحيح أيضا أن معركة تطهر سهل الغاب وادلب تعني إطباق الحصار على الجماعات الإرهابية في حلب، خصوصاً إذا ما التزمت واشنطن وأدواتها في الداخل السوري بالتهدئة والفرز عن مواقع النصرة المصنفة إرهابية… وهنا يظهر المأزق الأمريكي، واحد أهم أسباب نقضها وأدواتها “للهدنة”.
2- مع مرور الوقت، إكتشفت واشنطن وأدواتها، وعلى رأسهم الكيان الصهيوني، أن هناك كارثة كبرى قادمة لا محالة عقب الوقوع في “شرك-مأزق” إستراتيجي تاريخي مذهل: القبول بتصنيف النصرة جماعة إرهابية. بعد تحرير تدمر، ظهر سؤال كبير، ماذا لو توجه الجيش العربي السوري وحلفائه لتطهير جنوب وغرب سورية بدلاً من التوجه إلى شمال وشرق سورية؟ الجدار الطيب الذي سعى الكيان الصهيوني لإنشائه على الجبهة السورية، أصبح بين عشيّة وضحاها مكون إرهابي يجب محاربته. وهذا يعطي الجيش العربي السوري المظلة القانونية والسياسية والعسكرية لمحاربته، وحتماً هو لن يحاربه وحيداً؛ بل سيشاركه حزب الله وإيران وقوى فلسطينية وعراقية… بدعم عسكري وسياسي روسي… لهذا طلب رئيس كيان العدو من الرئيس بوتين منذ عدة أسابيع عودة قوات “الأندوف” إلى الجولان، ولهذا أشعلت واشنطن وتل أبيب وأنقرة والرياض وبقية الأدوات النار في حلب، ولهذا طار نتنياهو إلى الجولان ليجتمع بوزرائه هناك ويعلن ضم الجولان، ثم هرول مذعوراً إلى موسكو… ولهذا نرى كل هذه الهجمة المسعورة على حزب الله، والهوس بتصنيفه إرهابيا، إذ لا يمكن للإرهابي أن يحارب إرهابي آخر. ولهذا ظهرت مقولة “فدرلة سورية”، ولهذا رحل داوود اوغلو منظر المشروع الاخواني-القاعدي الذي أعلن قبل ساعات من إقصائه بأنه سوف يحرر حلب من أهلها… لكن المحظور وقع، والفخ تمكن من صيد فريسته على أكمل وجه… الجولان عائد، وحلب –وإن عانت لفترة من الزمن- سوف يتم تطهيرها حتماً، وعلى الأعداء مواجهة الحقائق.
3- رغبة واشنطن وأدواتها في تمكين جبهة النصرة –الفصيل الأقوى بعد داعش- وامتداداتها من احتلال الفراغ الميداني والسياسي الذي سيخلفه القضاء على داعش، لتحافظ واشنطن على وجودها الميداني عبر هذه الأدوات، وحتى تمنع سورية وحلفائها من تحقيق نصر “سهل”… رفض طلبها، و”الهدنة” التي أرادت جعلها فسحة لإلتقاط الأنفاس، ضاعفت مأزقها، وزادت خسائرها، وعجلت نهايات كانت تريد تأجيلها إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية… .
* ختاماً، من لم يفهم قيمة ومعنى الصورة التي جمعت القادة بشار حافظ الأسد واحمدي نجاد والسيد حسن نصر الله العام 2010، لن يعرف لماذا جاء هذا الربيع المشئوم، وسبب إصرار واشنطن وأدواتها على تدمير سورية حتى آخر حجر، والتمسك بالخلاص من الرئيس الأسد حتى آخر رمق… ولن يدرك عمق المأزق الذي تكابده واشنطن التي تعيش في حالة من الضعف الشامل، بعد أن وجدت نفسها مضطرة لخوض مواجهة مصيرية تحتاج إلى حضور إمبراطوري للقوة. وفق هذا المنظور من السهل رؤية المشهد بشكل أوضح، والتيقن من النصر الذي ينتظرنا بعد هذا السنوات العجاف، والإجابة بيقين تام على السؤال التالي: أهو حظ حلب وسورية العاثر أم قدر حلب وسورية بإسقاط الطغاة وإمبراطوريات الشر على مرّ التاريخ؟ بأن لأهل حلب وسورية وميادين الشرف والتاريخ ستكون الكلمة الفصل كما كانت دائما… وما مقتلة خان طومان إلا البداية لإنتقام حلب وسورية.
المزيد في هذا القسم:
- ضجيج في «قصر الحكم»: تمرد الأمراء يؤرق ابن سلمان المرصاد نت - الأخبار ينزلق صراع الأجنحة في السعودية إلى الأرض، ليبدو أنه يشكّل حجر عثرة في طريق محمد بن سلمان إلى العرش بعد سنوات من حكم الوالد الثقيلة على ال...
- فلسطين : بعد إنجازات المقاومة... تفعيل التنسيق الأمني ! المرصاد نت - متابعات لم يكن مفاجئاً أن تلجأ إسرائيل والسلطة بعد سلسلة العمليات الناجحة للمقاومة في الضفة الغربية إلى تفعيل اتصالاتها لتعزيز التنسيق الأمني بهد...
- جنود أتراك يدخلون ريف إدلب.. والنصرة تبدأ فصول الهيمنة على الشمال المرصاد نت - متابعات قالت مصادر محلية إن "مجموعة من عناصر الجيش التركي دخلت دون آليات قرية عين البيضا بريف جسر الشغور غرب إدلب الحدودية مع تركيا"وأشارت المصاد...
- بغداد «تتحايل» على تهديد أنقرة: لن نسمح بهجمــات عبر الحدود المرصاد نت - الأخبار عزّزت الحكومة العراقية أمس رسائلها «المطمئنة» إلى تركيا بتعهّد رئيسها، حيدر العبادي بعدم السماح بشنّ هجمات على الأراضي التركي...
- «يد إماراتية» في نزع الشراكة التجارية بين الأردن وتركيا؟ المرصاد نت - أسماء عواد بعد سبع سنوات على اتفاقية الشراكة التركية ــ الأردنية اكتشفت عمّان أنّ الاتفاق يصبّ في مصلحة أنقرة أكثر في استفاقة مفاجئة للضمير الحكو...
- بيونغ يانغ تردّ على ترامب: إطلاق صاروخ باليستي جديد المرصاد نت - متابعات أطلقت كوريا الشمالية صاروخاً باليستياً فجر اليوم (وفق التوقيت المحلي لشبه الجزيرة الكورية) وذلك طبقاً لما أعلنه رئيس أركان الجيش الكوري ا...
- حرب أميركا النفطية ... ملاحقة إيران إلى الهند المرصاد نت - متابعات تستمر الإدارة الأميركية في إعداد كل التحضيرات اللازمة لدعم برنامج عقوباتها ضد إيران. لكن حتى الآن لم يجد الأميركيون ما يكفي من التجاوب مع...
- تحرير دير الزور .. تفوق ميداني وورقة تفاوض سياسي المرصاد نت - متابعات تتسارع الأحداث الميدانية على طول الخارطة السورية لتؤكد قرب النهاية الحتمية للمعركة الكونية الدائرة منذ سنوات على أراضي سوريا. اليوم عن...
- التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة يعقد لقاءً تضامنياً مع الشعب اليمني المرصاد نت - خاص عقد التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة لقاءً تضامنياً مع الشعب اليمني الصامد في الذكرى الثانية لبدء العدوان السعودي الأمريكي على اليمن...
- اعتقالات استباقية في الضفة... وصواريخ غزة مستمرة المرصاد نت - متابعات يستعد الفلسطينيون للمواجهات التي ستندلع بعد صلاة الجمعة غداً الفصائل دعت إلى الاشتباك مع العدو على كل نقاط التماس. بدوره جيش الاحتلال ...