المرصاد نت - يحيي دبوق
لا ينبغي أن تفاجئ أحداً الهجمة الإقليمية والدولية وصولاً إلى مجلس الأمن في أعقاب استعادة حلب التي تتجاوز في أبعادها ومفاعليها كونها ثاني أهم مدينة سورية لتصل إلى حد إسقاط مشاريع وخطط ومعادلات إقليمية ودولية .
معركة حلب حُسمت. إنجاز كبير جداً يسجل للجيش العربي السوري وحلفائه وخسارة بطعم الهزيمة المطلقة للمسلحين ورعاتهم من شأن نتيجة هذه المعركة أن تلقي بظلال ثقيلة جداً على المسلحين وعلى المشروع الموضوع لهم من الجهات الإقليمية والدولية التي تقف خلفهم. نعم الحرب لم تنتهِ لكن مفصلاً رئيسياً كبيراً جداً من مفاصلها انتهى، بتوقيع من الجيش السوري وحلفائه.
استعادة حلب ليست واقعة ذات تداعيات آنية تداعياتها ومدلولاتها استراتيجية بالمعنى الفعلي لكلمة استراتيجيا ويكفي للدلالة على حجم الإنجاز صراخ وعويل الجماعات المسلحة والجهات الإقليمية والدولية الداعمة لها وصولاً إلى مجلس الأمن.
في ذلك، يمكن الإشارة إلى الآتي:
ــ مع استعادة حلب سقط الرهان على إمكان إنشاء كيان موازٍ للجماعات المسلحة في وجه الدولة السورية. وهو ما لا يمكن أن يتأسس له من دون المدينة بثقلها الديموغرافي والجغرافي والسياسي والعسكري. هذا هو الخيار الأمثل لدى الجهات الإقليمية والدولية، في ظل تطورات ومتغيّرات العامين الماضيين بمعنى التقسيم الفعلي لسوريا، سواء أعلن عن هذا التقسيم أم لم يعلن، وكان من مستلزماته الحيوية إبقاء حلب في أيدي المسلّحين.
ــ من هذا المنظور كان بقاء حلب في أيدي «المعارضين»، إلى جانب خيار التقسيم ثقلاً سياسياً كان يراد له أن يكون حاضراً لحظة الاستحقاق في المفاوضات السياسية وما يعرف بالحل السياسي الذي من دون ضغط ميداني فعلي مؤثر، لا يفضي ــ كحل ــ إلى تسوية تنهي هوية الدولة السورية من بوابة رحيل الرئيس بشار الأسد أو تخليه عن صلاحياته وغيرها من الصيغ المؤدية بالمضمون إلى استسلامه.
ــ لا جدال في أن الدور والفاعلية والتأثير الخليجي حتى ما قبل واقعة حلب تقلّصت إلى حدّ يكاد يكون مقتصراً على الدعاية والتحريض الإعلامي، إلا أن معركة حلب حققت وأظهرت وثبتت تظهير محدودية التأثير التركي. استرداد حلب أظهر أن مدى كفّ اليد التركية أوسع ممّا كان يحكى عنه قبل عملية الاسترداد، حتى مع الحضور التركي العسكري المباشر. هذه الحقيقة، أي تظهير وتأكيد تحجيم الدور التركي في التأثير الجذري على مجريات الحدث السوري هي أيضاً تظهير لسقوط رهانات ومعادلات إقليمية من البوابة التركية، التي استسلمت أمام الواقعة رغم تأثيرها السلبي على مجمل مشروعها وخططها في سوريا، ومن دون المبادرة إلى فعل، مباشر أو غير مباشر، من شأنه تقييد استعادة المدينة.
ــ ضمن هذا المأزق وفي سياقه وبسببه يأتي تحرك تنظيم «داعش» رغم الضربات الموجهة إليه في الفترة الأخيرة، التي تتجه ــ الضربات ــ كما يبدو من المعركة الميدانية نفسها ومواقف الأطراف المعنية، إلى التقلّص والتأجيل على ضوء المستجد السوري شمالاً. تحرك التنظيم وإعادة تفعيل دوره في سوريا، وانتقاله من الدفاع إلى الهجوم كما تبدّى في مدينة تدمر وحولها، لم تأتِ صدفة في ساحة تخلو من الصدف. لا يبعد، بل ومن المرجح منطقياً أن يكون التنظيم قد سارع إلى تلبية الدعوة والطلب ضمن عملية تخادم متبادلة بينه وبين الجهات الإقليمية والدولية المعادية للدولة السورية. بعبارة أخرى يعاد إحياء الدور الوظيفي لـ«داعش» في الساحة السورية، وإذا كان هذا التنظيم قد عمل وظيفياً كقوة رديفة للجماعات المسلحة في سوريا، فالتوجه كما يبدو إلى أن تتسلم هذه الجماعات، نتيجة إخفاقاتها وفشلها، الوظيفة الرديفة لـ«داعش»، بينما يتولى هو المهمة ضد سوريا وحلفائها.
ــ من منظور استراتيجي، لا تقل عملية استرداد حلب، ببعدها الدولي وكمحطة فاصلة في الحرب السورية، عن أزمة الأسلحة الكيميائية التي أظهرت في حينه محدودية المبادرة الأميركية وانكفاءها. انكفاء يؤكده المسعى الأميركي قبل استعادة حلب باتباع واشنطن سياسية حافة المواجهة مع روسيا والدولة السورية وحلفائها عبر التهويل بالتدخل العسكري المباشر وانكفائها الفعلي في أعقاب التهديد المقابل من روسيا والدولة السورية وحلفائها.
ــ استعادة حلب وموقف الأطراف المعادية التي اكتفت بالصراخ والنحيب، يؤكدان من جديد أن مناعة الدولة السورية وحلفائها لا تقاس بالماضي الخطط الموضوعة لمواجهة الانتصار أو ما يمكن أن يوضع لمواجهته، لن يرقى بالمطلق كي يلامس حدّ الخطر الذي كان سائداً قبل عامين. بهذا المعنى، استعادة حلب انتصار كبير جداً، واستراتيجي جداً.
ــ لا شك في أن حسم الجيش السوري في حلب عزّز أكثر المكانة المعززة للرئيس الأسد وهوية الدولة السورية تبعاً له. مسألة إسقاطه باتت خارج الحسابات المنطقية كما كانت عليه الآمال الإقليمية والدولية الابتدائية للحرب السورية.
ــ تبقى الإشارة إلى أنّ إقدام الجيش السوري وحلفائه على أصل إصدار قرار استعادة حلب ومن ثم تنفيذ القرار، يثبتان من جديد أن امتلاك القدرات وحده لا يفرض المعادلات ولا يصل إلى نتائج، ما لم يكن مقروناً بإرادة تفعيل هذه القدرات. ومن شأن ذلك، في الموازاة، أن يظهر المدى الذي بإمكان الآخرين أن يصلوا إليه، حتى مع امتلاكهم للقدرات العسكرية. لجم الاندفاعة التركية وتخلّي أنقرة قسراً عن حلب وكذلك حجم ومدى الانكفاء الأميركي، لم تكن لتتمظهر بالصورة التي تمظهرت بها لولا قرار استعادة حلب وتنفيذ هذا القرار.
الى ذلك شدد الرئيس بشار الأسد على أن الأعمال العسكرية ستستمر بعد استعادة مدينة حلب، ولن تتوقف إلا في حال أعلن المسلحون جاهزيتهم لتسليم السلاح ومغادرة مناطقهم. ولفت خلال مقابلة مع قناتي «روسيا 24» و«ان تي في» الروسيتين، إلى أن هجوم تنظيم «داعش» على تدمر أتى بعد دعم مباشر من دول غربية، «في محاولة لتقويض النجاح الذي حققه الجيش في حلب، وتشتيت جهوده على عدة جبهات»، مؤكداً أنه «كما حررنا المدينة سابقاً، سنحررها مرة أخرى».
ورأى أن ملف إعادة الإعمار يعدّ مهماً ومفيداً لأيّ دولة ما بعد الحرب، مؤكداً أن سوريا تملك إمكانيات مادية كبيرة «على مستوى القطاع الخاص، سواء الموجود داخل البلد أو المغترب أو الذي هاجر مؤخراً خلال الأزمة، ومعظم هؤلاء سيعودون لإعمار بلدهم». وجدد تأكيده أن «الشعب السوري لن يقبل بأي شركة تأتي من أي دولة أخذت موقفاً معادياً لسوريا أو دعمت الإرهابيين فيها».
كذلك، أوضح الرئيس الأسد أن المطالبات الغربية لموسكو بوقف إطلاق النار في حلب تأتي في سياق «حماية الإرهابيين»، مشدداً على أن «الروس لا يتدخلون في قرارنا... هم واقعيون ويحترمون سيادتنا ويدافعون دائماً عن السيادة التي تستند إلى القانون الدولي. لم يحدث أن مارسوا أي ضغوط، ولن يفعلوا ذلك، هذا ليس نهجهم».
ورأى أن «المجتمع السوري بات أكثر وحدة مما كان عليه قبل الحرب، وأكثر واقعية وبراغماتية، وبات العديد من السوريين يعرفون أن التعصّب والتطرف في أيّ فكرة ليس مفيداً»، مؤكداً أنه يجب «مواجهة الإيدولوجيا المتطرفة التي تستخدم الإسلام، عبر الإسلام الحقيقي».
المزيد في هذا القسم:
- السيد حسن نصرالله: السعودي يذهب الى المفاوضات تحت الضغط وعندما لا يحقق اهدافه يقوم باسقاطه... المرصاد نت - متابعات أكد الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله أن “حزب الله في أحسن حال من كل الجهات رغم كل الضغوط والحملات عليه وقادرون عل...
- الرئيس الأسد: دفعنا ثمن الحفاظ على الوطن والاستقلال المرصاد نت - متابعات اكد الرئيس بشار الأسد اليوم الخميس أن الدفاع عن المبادئ له ثمن وان دمشق دفعت ثمناً كبيراً للحفاظ على الوطن واستقلالية قرارها. وأضاف الرئ...
- ما الذي تُريده أبو ظبي من كل هذا العبث والتدخل في الدول العربية؟ المرصاد نت - متابعات ما الذي تُريده أبو ظبي من كل هذا العبث؟ سؤال بدأ يتردد كثيراً في الآونة الأخيرة خصوصاً مع توسع رقعة المغامرات الإماراتية وانتشارها من الج...
- استشهاد ثلاثة فلسطينيين جراء اعتداءات لقوات الاحتلال على غزة والضفة المرصاد نت - متابعات استشهد شاب فلسطيني وأصيب اثنان آخران بجروح فجر اليوم خلال اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة رام الله ونابلس بالضفة الغربية. وذكر مصد...
- السودان : التوقيع النهائي على الاتفاق اليوم وترقّب لما بعد تشكيل الحكومة! المرصاد نت - متابعات حسمت قوى «إعلان الحرية والتغيير» مرشحها لرئاسة الوزراء بعد توافقها على الخبير الاقتصادي عبد الله حمدوك ليدير دفة العمل التنفيذي في البلاد...
- تونس تحبط مخططاً إرهابياً يستهدف مقرات أمنية وعسكرية جنوب البلاد المرصاد نت - متابعات أكّد الناطق الرسمي باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب سفيان السليطي أن الوحدة الوطنية للأبحاث في جرائم الإرهاب تمكنت إثر عمل استخباراتي و...
- فلسطين : مصر والأردن ملكيّون أكثر من إسرائيل! المرصاد نت - متابعات بات سفر الفلسطينيين عبر كل من الأردن ومصر يخضع للمعايير الإسرائيلية سواء كان الإسرائيلي حاضراً على طرفٍ من المعبر كما الحال في الحدود الف...
- بوتين يقرر حرق الارض تحت اقدام ارهابيي النصرة. المرصاد نت - متابعات أعلنت الرئاسة الروسية الأربعاء عن توافق الرئيسين بوتين وأوباما بالاستعداد المشترك لمضاعفة التنسيق العسكري في سوريا، ووجه الأول للأخير ...
- الدول الأوروبية ترفض الضغط الأميركي: لن نضع جنودنا في مواجهة مع حزب الله المرصاد نت - متابعات لم تنجح الضغوط الإسرائيلية والأميركية في تعديل مهمّة «اليونيفيل» في مجلس الأمن الدولي لتصبح عدوّاً لحزب الله وأهالي الجنوب. ...
- السفير البريطاني السابق في سوريا بيتر فورد "أوقفوا تدمير سوريا" المرصاد نت - متابعات في وقت كانت الحكومة البريطانية من أول الأطراف الدولية التي أيدت الحملة الأمريكية على سوريا على خلفية الإتهامات باستخدام أسلحة كيميائية ...