المرصاد نت - دعاء سويدان
أزاء سياسة «التطنيش» والمراهنة على الخضوع مع استطالة الأزمة من قِبل دول المقاطعة تجد قطر نفسها مندفعة نحو البحث عن مزيد من الخيارات البديلة على المستويات كافة بما في ذلك السياسي.
اندفاع قد يفرز إلى جانب دخول دول في الإقليم والعالم على الخط لتجيير تداعيات الأزمة لمصلحتها، تبدلات سياسية في غير ساحة ستنعكس حتماً على الملفات موضع الخلاف
مع دخول الأزمة الخليجية شهرها الرابع يبدو أنّ دول المقاطعة ارتأت تثبيت عقوباتها ضد قطر عند الحد الذي بلغته حتى الآن، والانتقال إلى مربّع المراهنة على أن استطالة الأزمة سترغم الدوحة على التفاوض تحت سقف المبادئ الستة التي أعلنها اجتماع القاهرة، مدفوعة بالأكلاف الاقتصادية للعقوبات المفروضة عليها، وأخذاً في الاعتبار عدم امتلاكها وسائل ضغط مماثلة على السعودية والإمارات ومصر والبحرين.
في المقابل تظهر قطر مدركة لحقيقة أن الأزمة باتت بنداً ثابتاً على أجندة المنطقة إلى أجل غير مسمى، وأن البحث عن خيارات بديلة على المستويات كافة بات خياراً أكثر إلحاحاً مما كان قبل أشهر. من هنا، تسعى الدوحة نحو تمتين علاقاتها بحلفائها، والتشبيك مع أصدقائها، بل والانخراط في الديناميات الراهنة التي قد تفرز تحالفات جديدة على الساحة الإقليمية (التقارب الإيراني ـ التركي نموذجاً). هل ستنعكس تلك التحركات انزياحاً على المستوى السياسي؟ ما زال من المبكر الجزم بذلك، إلا أن تبدلات من هذا النوع لم تعد مستحيلة في ضوء التطورات الأخيرة.
تطورات الحراك القطري تبدو، بالنسبة إلى دول في الإقليم والعالم، مادة دسمة للدخول على خط خلاف «الأشقاء» بما يخدم تكثير أوراقها في غير ساحة من ساحات الصراع. موسكو آخر الوافدين إلى المنطقة من هذا الباب، مستغلة فشل مبعوثَي وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، في إحداث خرق في جدار النزاع. صحيح أن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الذي اختتم، أمس، في قطر، جولة خليجية بدأها بالكويت وقادته إلى الإمارات، نفى نية بلاده التوسط بين الدوحة وعواصم المقاطعة، مؤكداً «(أننا) لا نملك أفكاراً جديدة من أجل الحل»، إلا أن جوهر المبادرة الروسية نحو الخليج يكمن في حديث لافروف عن الملفات الإقليمية التي بحثها مع أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني.
إذ قال لافروف إن ثمة «تقارباً في وجهات النظر بين الجانبين الروسي والقطري بشأن الوضع في سوريا»، مضيفاً: «(إننا) نرحب بدعم قطر للدور الروسي في سوريا، لخلق ظروف مواتية من أجل الحوار السياسي». تصريح ينبئ بمحاولة موسكو دفع الدوحة نحو تقديم مزيد من التسهيلات لمشروع «مناطق خفض التصعيد»، وبلورة رؤية موحدة لما تسميها روسيا «المعارضة المعتدلة»، بهدف التمهيد للجلوس إلى طاولة المفاوضات.
هذه التسهيلات الإضافية المأمول بها من قبل الروس قد يشكّل تعزيز الروابط التجارية والاقتصادية والدفاعية مفتاحاً للولوج إليها، خصوصاً أن وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أعلن، أمس، أن «قطر تعتزم تعزيز التجارة مع روسيا، ولن تعتمد بعد الآن على الدول المجاورة لدعم اقتصادها أو ضمان الأمن الغذائي»، فيما أشار لافروف إلى أن بلاده «تولي أهمية كبرى» للتعاون مع الدوحة في مجال الطاقة بشكل خاص. كذلك تباحث الوزير الروسي مع وزير الدفاع القطري، خالد العطية، في سبل «تطوير التعاون في المجالات الدفاعية»، بعدما كان السفير الروسي لدى الدوحة، نور محمد خولوف، قد كشف، الخميس الماضي، عن «احتمال إبرام اتفاق في مجال التعاون العسكري التقني بين روسيا وقطر في أقرب وقت». وجاء تصريح خولوف بعد يوم من اختتام وزير الدفاع القطري زيارة لموسكو، لفت خلالها إلى «(أننا) ننتظر دعماً من روسيا» في مجالات الدفاع، مضيفاً أن بلاده تريد «نقل تكنولوجيا أنظمة الدفاع الجوية الروسية إلى قطر»، فيما ذكر وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، أنّ الوفد القطري عُرِّفَ بأنظمة الدفاع الصاروخي «إس - 400».
هذا التشابك بين المجالين الاقتصادي والسياسي، بما يستبطنه من رسائل، وما يفتح عليه من احتمالات تعاون، يتجلى، كذلك، على خط طهران ــ الدوحة، التي أعلنت، الأسبوع الماضي، إعادة سفيرها إلى إيران لممارسة مهماته الدبلوماسية، بعدما كانت قد استدعته في كانون الثاني 2016، في خطوة رأت عواصم المقاطعة أنها تكشف «تقية» قطر السياسية. لا يمكن، هنا، إغفال استمرار العلاقات القطرية الإيرانية على الرغم من اختلاف البلدين في غير ملف، وحقيقة أن قيام الدوحة باستدعاء سفيرها عقب الاعتداء على السفارة والقنصلية السعوديتين في إيران لم يكن إلا من باب مسايرة الرياض، وأن هذا التوقيت يبدو الأنسب لإعادته من باب إغاظة عواصم المقاطعة. لكن ما يجدر التنبه إليه، أيضاً، أمران: أولهما أن قطر أرفقت إعادة سفيرها بإبداء رغبتها في «تعزيز العلاقات الثنائية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية في كافة المجالات»، وأن خطوة الدوحة جاءت في وقت يتزخم فيه الحديث عن تقارب تركي إيراني سيُتوَّج بزيارة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لطهران، وستكون له حتماً تأثيراته في عدة ملفات، تتقدمها المسألة الكردية.
اللافت أن قطر بدأت، عبر منابرها ووسائل إعلامها، تنظّر لذلك التقارب، متحدثة عن «التقاء الأيادي» لمواجهة «تحديات مشتركة» تفرضها التطورات العاصفة بالمنطقة. حديث ينمّ عن اقتناع الدوحة بأن المقاطعة التي فرضتها عليها السعودية شكلت عاملاً مساعداً (إلى جانب عوامل أخرى) على تقارب أنقرة وطهران اللتين تجمعهما الخصومة للرياض، وبأن إقفال الدول الأربع الباب على أي تفاوض مع قطر يحمل الأخيرة على التساوق مع التلاقي الإيراني ـ التركي المستجد، والاستجابة لمتطلباته. هل يعني ذلك أن الدوحة بلغت مرحلة اليأس من حل الأزمة مع «أشقائها»، وأنها تنوي مغادرة بيتهم نهائياً - كما توقع، قبل أيام، السفير الإيراني السابق لدى قطر، عبد الله سهرابي - وتثبيت موطئ قدم لها في المحور المناوئ بما يتيح لها الحفاظ على فاعلية دورها؟ توحي سياسة «التطنيش» التي تتبعها عواصم المقاطعة حالياً (قال وزير الخارجية القطري، أمس، إن أياً من دول الحصار لم تردّ على رسالة أمير الكويت)، والخطوات التي تقوم بها الدوحة باتجاه موسكو وطهران، ومعها تحرك خيوط الأطراف المحسوبة على المرجعية «الإخوانية» نحو إيران (حماس مثلاً)، بأن ثمة خريطة جديدة بدأت تتشكل معالمها على أنقاض الأزمة الخليجية، إلا أن استقرار حدودها ما زال دونه خطوات أكثر وضوحاً وإفصاحاً عن حقيقة النيات.
المزيد في هذا القسم:
- إنتفاضة الأسرى الفلسطينيين تشتعل .. والعدو الإسرائيلي يتوعد المرصاد نت - متابعات يسود توتر شديد في سجون العدو الإسرائيلي عقب عمليات اقتحام شبه يومية لها واعتداءات إسرائيلية بحق الأسرى الفلسطينيين نتج عنها قيام أسيري...
- تحرير عين الفيجة من المسلحين والكيان الاسرائيلي يواصل علاج المسلحين في جنوب سوريا المرصاد نت - متابعات قامت قوات الجيش العربي السوري امس السبت بتحرير عين الفيجة في منطقة وادي بردى بريف دمشق ورفع العلم السوري فوق منشأة نبع الفيجة المشهور وفق...
- اعتقال نواز شريف وتفجير لداعش استهدف تجمّعاً انتخابياً غرب باكستان المرصاد نت - متابعات استشهد 128 شخصاً وأصيب العشرات في انفجار استهدف تجمعاً انتخابياً في مدينة ماستونغ بولاية بلوشستان غرب باكستان. وقد استشهد في التفجير سرا...
- البحرين : تنفيذ حكم إعدام رمياً بالرصاص بحق 3 مدنيين .. والشارع على شفا الاشتعال المرصاد نت - متابعات نفذت السلطات البحرينية أمس السبت حكم الإعدام رمياً بالرصاص على 3 مدنيين بذريعة تهمة لفقتها المنامة بأن الشبان الثلاثة استهدفوا قوات الشرط...
- دونالد ترامب يحذر من مساعٍ لاعتقاله يوم الثلاثاء ويدعو أنصاره للاحتجاج المرصاد-متابعات قالبسبب مزاعم بأنه دفع مبالغ مالية للنجمة الإباحية ستورمي دانيلز للتكتم على علاقتهما المزعومة. وزعم ترامب في حسابه على موقع Truth Social أن مس...
- قائد الثورة يجدد الثقة بروحاني: الانسحاب من «النووي» وارد المرصاد نت - متابعات جدّد المرشد الاعلي السيد علي خامنئي رفضه التفاوض مع الإدارة الأميركية مُلوِّحاً بإمكانية الانسحاب من الاتفاق النووي في ظلّ تراجع التفاؤل ...
- مواجهات جديدة شرقي القدس..ومحادثات لـ"خفض التوتر" أفادت مصادر فلسطينية عن "اندلاع مواجهات جديدة بين قوات الاحتلال والأهالي في حي رأس العامود شرقي المدينة المقدسة". واصبحت مدينة القدس والبلدة القديمة حيث اعادت ...
- تركيا: الاستفتاء على استقلال كردستان العراق يهدد أمننا القومي المرصاد نت - متابعات قالت تركيا إنّ الاستفتاء في استقلال إقليم كردستان العراق "خطأ جسيم وهو غير قانوني وغير مقبول" ودعت أنقرة عقب اجتماع لمجلس الأمن القومي بر...
- مساعٍ لفتح جبهة جديدة في سرت: السرّاج «يناكف» الأوروبيين ! المرصاد نت - متابعات ضمن جهوده لحشد الدعم لحكومته، وصل أمس رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج إلى بروكسل التي احتضنت اجتماع وزراء الخارجية الأوروبي...
- الأشواط النهائية لـ«تصفية القضية الفلسطينية» المرصاد نت - متابعات لم يعد لقاء بنيامين تنياهو – محمد بن سلمان في الأردن كما نقلت صحيفة «معاريف» حدثاً مفاجئاً بل لم يعد عدم لقائهما في الأ...