المرصاد نت - متابعات
ربما يكون الاستفتاء على انفصال كردستان كخطوة نحو ولادة كيان جديد في المنطقة كوعدٍ من زلماي زادة السفير الأميركي السابق في العراق الذي وضع الدستور يشبه وعد بلفور قبل مئة عام تماماً وبدعم «إسرائيلي» غير مستور
مصدرَ قلق لكلّ حريص على استقرار المنطقة وحرية شعوبها وكلِّ من يريد لانتصارات محور المقاومة في سورية والعراق ومعادلات القوة الجديدة التي تمثل روسيا عنوانها دولياً أن تأخذ مداها في رسم معادلات دولية وإقليمية جديدة.
– ما يجب التنبّه إليه هنا هو أنّ الأكراد ليسوا كالمستوطنين الصهاينة فهم مكوّن أصيل بين شعوب المنطقة وهذا بقدر ما يستدعي لغة الأخوة مع الشعب الكردي يستدعي الانتباه إلى أنّ مغامرة مسعود البرزاني مهما كانت قادرة على تحريك العواطف فهي عندما تتسبّب بكارثة ستنتج معادلة كردية جديدة تُطيح البرزاني. فالقضية هنا لا تشبه ما قاله «الإسرائيليون» للبرزاني افعل ما فعله بن غوريون، حيث مقامرته تضع مصير مستوطنيه بين الفوز بالكيان أو الموت وقبل الاستفتاء يقوم صراع سياسي كردي كردي سيكبر وتتسع فجواته وشقوقه، كلما تبيّنت نتائج الكارثة التي جلبها البرزاني على الأكراد، وسيكون أول برلمان كردي مناسبة لظهور هذه التكتلات وتحوّل صراعاتها لمصدر تغيير في وجهة الأكراد سياسياً.
– بعقل بارد يمكن لمحور المقاومة التعامل مع هذا الحدث واعتماد السياسات التي تشتغل على الداخل الكردي بعناية، وفي مقدّمتها الإجراءات القانونية والاقتصادية. ويكفي الحكومة العراقية حسم كركوك ومنع السيطرة عليها لتتمكّن من الانتظار ما لا يملك البرزاني القدرة على دعوة الأكراد للانتظار مثلها، وبعقل بارد سيكون بمستطاع محور المقاومة احتساب معادلة ما يمكن أن يقدّمه الأميركيون والسعوديون و»الإسرائيليون» لمشروع الانفصال ليكون الحاصل صفراً.
– الأميركي بين معادلات صعبة. فالإعلان عن دعم الحكم الانفصالي سيعني العداء مع حكومتي بغداد وأنقرة فوراً، والبقاء بلغة التنديد والتحذير لكردستان سيجلب الإحباط لجمهور كردي وعده البرزاني بأنّ الأمر الواقع سيفرض نفسه، وأنّ الأميركيين سيعاجلون لتبني القرار الكردي، والمال السعودي باعتباره الشيء الوحيد الذي يمكن للسعوديين تقديمه، لا يملك طريقاً للوصول إلا عبر بغداد أو أنقرة، والحسابات المصرفية والفروع البنكية دخلت مرحلة الرقابة والتجميد، أما «إسرائيل» فما تريده هو أن يفرض الأكراد بعذاباتهم وتضحياتهم وجود كيان يُعادي بغداد وطهران ويقع على حدود مؤثرة، لتستثمره «إسرائيل» بلا أكلاف. وبالتالي فهي لا تملك أن تقدّم شيئاً سوى التشجيع على الانتحار بكلام وأوهام.
– تركيا لا تملك خيارات للمناورة وهوامش للحركة، فقضيتها وجودية مع الكيان الكردي، وربع سكان تركيا من الأكراد وهم أكبر تجمع كردي في المنطقة، وسيكون تصرف أنقرة مع كردستان العراق نموذجاً تقدّمه أنقرة لما سيكون عليه تصرفها مع مشروع انفصالهم، والسباق بين الحكومة التركية والقيادات الكردية في تركيا على معادلة ما بعد انفصال كردستان العراق فإذا نجح أكراد العراق بتجربتهم سيكون اليوم التالي في تركيا مواجهة خطر الانفصال الكردي، وإذا فشلت التجربة الكردية في العراق، فسيكون اليوم الثاني في تركيا صيغاً حوارية لمعادلة علاقة جديدة، لذلك تتصدّر تركيا المواجهة، ولذلك سيكون مصير التجربة قضية وجود لتركيا، بينما تملك تركيا كلّ شرايين الحياة لكردستان، بعدما كانا الشريكين في الحلف الذي تقوده واشنطن ضدّ إيران وسورية والعراق، وجاء أوان الفراق. فأصاب البرزاني بوضع بيضه كله في السلة التركية ما أصاب «الإسرائيليين» يوم وضعوا كلّ منشآتهم الحيوية على الحدود مع لبنان باعتباره «الجار» الأقلّ خطراً، وها هم يعيشون القلق منه اليوم أكثر من أيّ حدود أخرى.
– الأهمّ الذي أصاب الأميركيين و»الإسرائيليين» والسعوديين هو أنّ الاستقطاب الجديد الذي خلقته الأزمة الكردية تكفل بإنهاء خطوط الفتنة المذهبية في المنطقة فتوحّدت جهود سنة وشيعة العراق لحفظ وحدة بلدهم وليس لديهم المجال لترف التفرقة وتوحّدت بمصالح وجودية عليا الدولتان الأهمّ في الإقليم، أكبر دولة شيعية وأكبر دولة سنية، إيران وتركيا. وهما تتصدّران خط الاشتباك مع ولادة الكيان الجديد، وتملكان داخل المجتمع الكردي العراقي الكثير من الخيوط والخطوط. وهذا تحوّل هائل الأهمية وعظيم التأثير في معادلات المنطقة وإسقاط سياسات التخريب والعبث بنسيجها الاجتماعي، ليصحّ القول في هذا الزلزال، ربّ ضارة نافعة، خصوصاً أنّ أميركا التي تراهن عليه لشراء الوقت لا تستثمر على خطة هجوم وقد فقدت قوة الدفع اللازمة للتقدّم، بل كقتال تراجعي ومثلها «إسرائيل»، والتاريخ يقول إنّ مناورات المهزوم تؤخّر هزيمته، لكنها لا تحوّلها نصراً.
– وحده غباء وجشع القيادة الكردية يفسّر قبولها لعب هذه المقامرة.
كتب : ناصر قنديل
المزيد في هذا القسم:
- العدو الإسرائيلي يمنع دخول المصلين دون الـ٥٠ للصلاة بالاقصى أعلنت الشرطة العدوالإسرائيلية انه" لن يسمح سوى للفلسطينيين الذين تجاوزت اعمارهم الخمسين عاماً بالصلاة اليوم الجمعة في باحة المسجد الاقصى". وقالت الناطقة باسم ا...
- هل یتمكن الناتو الإسلامي - السعودي من تحقيق أهدافه؟ المرصاد نت - متابعات قبل نحو عامين أعلنت السعودية عن تشكيل تحالف بقيادتها تحت ذريعة "مواجهة الإرهاب" وهذا التحالف لم يتمكن من الانعقاد إلّا قبل أيام قليلة ما ...
- التهديد المتنامي لليمين المتطرف في أوروبا.. إلى أين؟ المرصاد نت - متابعات بدأت الأصوات اليمينية المتطرفة في أوروبا تتعالى مع صعود اليمين المتطرف، والذي يحرض على اتخاذ إجراءات مناهضة للإسلام والمسلمين. وبمحاذاة ص...
- تجربة تونسية فريدة .. الحكم للشباب والمرأة! المرصاد نت - متابعات أسدل الستار في تونس على تشكيلة الحكومة الجديدة برئاسة يوسف الشاهد المكونة من 26 وزيرا بينهم 8 كفاءات نسائية و14 حقيبة وزارية للشباب منهم ...
- مقتل 70 جندياً في هجوم مسلح شمال غرب النيجر! المرصاد نت - متابعات أعلن مستشار رئاسي في النيجر مقتل 70 جندي على الأقل خلال هجوم عنيف شنّه مسلّحون مشتبه بهم، على موقع عسكري غربي البلاد. وأكدت وكالة "أسوشيت...
- أردوغان: لن نلتزم بالعقوبات المفروضة على إيران المرصاد نت - متابعات أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم أن بلاده لن تلتزم بالعقوبات الأميركية المفروضة على إيران تلك التي دخلت أمس حيّز التنفيذ معتبراً...
- الرئيس بشار الأسد ... حكومة جديدة وأعباء كبيرة والاولوية للوضع المعيشي المرصاد نت - متابعات طالب الرئيس بشار الاسد أعضاء الحكومة الجديدة التي يرأسها عماد خميس قبيل اجتماعها الأول بيوم واحد إعادة «هيكلة العلاقة بينها وبين مج...
- مدبّر هجمات«11 أيلول» مستعدّ للشهادة ضد النظام السعودي ! المرصاد نت - متابعات كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية أن «العقل المدبّر لهجمات 11 أيلول، خالد شيخ محمد أبدى استعداده لتقديم المساعدة لأسر الضحايا في ال...
- ذي غارديان : تيريزا ماي تتحفّظ على نشر تقرير عن تمويل التطرف المرصاد نت - متابعات أفادت صحيفة «ذي غارديان» بأن رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي لا تزال تتحفّظ على نشر تقرير عن تمويل «التطرف» ف...
- قتال عنيف في مطار طرابلس الليبي اندلعت معارك عنيفة حول مطار طرابلس الدولي، الذي تقاتل ميليشيات متناحرة للسيطرة عليه منذ أسبوع، حسبما قال سكان المنطقة. واندلع القتال بعد أيام منذ تصريح ميليشيا...