المرصاد نت - محمد أبو الفيلات
صحيح أن نصيب القدس ببلدتها القديمة وضواحيها من الهبّة الشعبية الجارية أقل مقارنة بالأحداث التي شهدتها المدينة ومحيطها قبل أشهر (قضية البوابات الإلكترونية) لكن لذلك أسبابه المرتبطة برمزيتها أولاً، وثانياً بخصوصيات تمسّ طبيعة الحراك فيها وسكانها والوضع الأمني والقانوني فيها
أثبتت القدس المحتلة أنها أكثر المدن الفلسطينية التي يمكن حدثاً ما فيها إشعال باقي المحافظات ليس هذا ما حدث في انتفاضة الأقصى الثانية فحسب بل بقي وسماً خاصاً بالمدينة طوال السنوات السبع عشرة التي تلتها كذلك يحفل التاريخ الفلسطيني بالكثير من الثورات التي انطلقت بسبب أحداث داخل المدينة. حتى على الصعيد اليومي يحتل خبر اقتحام المستوطنين المسجد الأقصى مساحة كبيرة في الاهتمام الإعلامي الفلسطيني ويشكل سبباً كبيراً لاستفزاز الفلسطينيين.
مع ذلك، تبقى ردود الفعل على الاقتحامات محصورة غالباً في مواجهات داخل الأقصى نفسه والبلدة القديمة وكذلك بعض البلدات المحيطة به وهو ما يعني قبل كل شيء أن المقدسيين هم في حالة اشتباك مستمرة طوال أيام السنة غالباً وخاصة أن مواسم الأعياد اليهودية كثيرة وتتخلل العام وهو ما يجعل حالات الاعتقال والإبعاد الدائم ــ وما يرافقها من خسارة مصادر الرزق أو التعليم ــ تمثل حالة إرهاق كبيرة للشباب والفتية.
هذا كله يطرح سؤالاً مهماً عن كيفية تحرك المقدسيين وأسباب ذلك ومظاهره وبمَ يختلف عن باقي مدن الضفة أو الداخل أو غزة. ففي الضفة تسيطر السلطة بصورة كبيرة ما يعني أن أي حراك لا تريد له رام الله النجاح لا يمر وأن الحراك الكبير إما أنها تغض النظر عنه أو أنها عجزت فعلاً عن السيطرة عليه. أما في الداخل وغزة فثمة فصائل كبيرة هي التي تحدد سير التحركات الجماهيرية عبر مناصريها وأطرها التي تعمل بوضوح في أماكن، وسهولة في أماكن أخرى. فماذا عن نموذج الحراك في القدس؟
بالعودة إلى أبرز الهبّات التي شهدتها المدينة المحتلة، ما باتت تعرف بهبّة باب الأسباط أو هبّة البوابات التي نشبت جراء زرع الاحتلال بوابات إلكترونية على مداخل الأقصى لتفتيشهم قبل الصلاة وعملياً عرقلة دخولهم إلى المسجد. انتفض آنذاك المقدسيون وآزرهم من داخل المدينة كل من استطاع الوصول إلى الأقصى سواء من الغربية (رسمياً بتصريح أو عبر التهريب) أو الداخل الفلسطيني (يستطيعون قانونياً دخول المدينة)، أو حتى من الأجانب كالأتراك والبريطانيين وسجلت أيضاً مشاركة من مسيحيي القدس.
تميّزت تلك الهبّة بالحراك الشبابي القوي الذي احتشد في محيط الأقصى وكان في مواجهة مباشرة مع الاحتلال لما يقارب أسبوعين والأهم أن عدده كان يزيد في كل يوم ولم يتوقف نشاطه حتى اضطر الاحتلال إلى إزالة البوابات الإلكترونية وفتح أبواب الأقصى. ورغم أن السلطة سمحت إلى حد أسبوع فقط بالتظاهر فإن الأسبوع الثاني أثبت أن الحراك الشبابي في القدس لا يخضع لأجندة سياسية معينة وليس مؤطراً بيد فصيل أو جهة قوية رغم أنه في المدينة تعمل غالبية الفصائل الفلسطينية تحت مظلة «القوى الوطنية والاسلامية» التي تضم «فتح» والجبهتين الشعبية والديموقراطية وحزب الشعب وأيضاً حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي».
هذه القوى أخرجت في مناسبات عدة دعوات لمواجهة الاحتلال أو الاحتشاد في ميدان معين ببيان موحد يحمل شعار «القوى الوطنية والإسلامية» وعادة تلبى دعوتها لكن ليس بالصورة الكبيرة والحاشدة في كل مرة. وإذا أرادت حركة بعينها إعلان دعوة للحراك الوطني لتبرز نفسها عن القوى الأخرى تلبي جميع التنظيمات هذه الدعوة حتى لا ينشق هذا التكتل وتبقى غالبية دعواته تحت اسم موحد.
مع ذلك لا تمثل هذه القوى الرقم 1 في القدس إذ يمكن أن تنظم مجموعة من الشباب مسيرة في منطقة باب العمود مثلاً فيجتمعون ويبدؤون بالهتاف ثم ينضم إليهم المارون في الطريق لتتحول إلى مظاهرة ميدانية تنتهي بالمواجهة المباشرة مع قوات الاحتلال. لكن هذا بات لا يحدث كثيراً إذ شنت قوات الاحتلال حملة اعتقالات واسعة منذ عام 2014 بحق الميدانيين المقدسيين وسجنتهم بتهمة تنظيم مظاهرات أو التحريض.
من جانب ثانٍ، تنشط المرأة المقدسية في تنظيم الوقفات النسائية سواء في ميدان باب العمود أو باحة المسجد الأقصى خاصة بعد انتهاء صلاة الجمعة وهؤلاء يتحركن أيضاً بحرية ودون عمل رسمي أو تنظيمي، وكذلك يتعرضن لقمع قوي مثل باقي الحراكات. كذلك تشارك قطاعات أخرى مثل ذوي الاحتياجات الخاصة، في بعض الفعاليات ومنها أخيراً وقفة احتجاجية في مديان باب العمود بعدما قتل العدو الشهيد المبتور القدمين إبراهيم أبو ثريا في غزة إذ تجمعوا بكراسيهم وحملوا صور الشهيد.
وما يجعل الأمور أسهل في القدس من الضفة وغزة رغم حدوث المواجهة المباشرة مع الاحتلال أنها لا تحتاج إلى موافقة من السلطة الفلسطينية أو تشجيع ومبادرة من حركة مثل «حماس»، فإذا أراد المقدسي أن يعبّر عن غضبه لا ينتظر إذناً من أي أحد بل أحياناً تندلع مواجهات في البلدة القديمة والقرى المقدسية نتيجة أن شبان هذه المناطق صادفوا مرور عناصر الاحتلال من أمامهم فيرمونهم بالحجارة أو الزجاجات الحارقة وذلك حتى دون تخطيط مسبق من الشبان أنفسهم.
وعن ضعف الحراك في القدس والبلدات المحيطة بها أخيراً ترى «القوى الوطنية والإسلامية» أنه ضعيف ويرجع السبب في ذلك أحد قيادييها في القدس سليمان شقيرات، الذي يقول إن المقدسيين لم يروا تحركاً جاداً من القيادة الفلسطينية تجاه القرار الأميركي الأخير. ويضيف: «لو أن السلطة قطعت علاقاتها كاملة مع الاحتلال وانضمت فعلاً إلى المنظمات الدولية ولم تكتف بالشعارات لكان الموقف المقدسي الشبابي مختلفاً». أيضاً يعتمد التفاعل في أراضي الـ48 على مدى تفاعل المقدسيين أنفسهم فإذا لم يكن حراك هؤلاء شاملاً وكبيراً فلن يسحب معه أهل الداخل.
المزيد في هذا القسم:
- العراق يغلق مكاتب قناة الجزيرة القطرية في بغداد بسبب دعمها للارهابيين المرصاد نت - بغداد سحبت السلطات العراقية ترخيص شبكة الجزيرة الإخبارية القطرية وأغلقت مكاتبها في بغداد بسبب مخالفتها الضوابط الحكومية الصادرة عام 2014 لتنظي...
- قمة «مجموعة السبع» لروسيا: تعاونوا معنا! المرصاد نت - متابعات تنتهي اليوم قمة وزراء خارجية مجموعة السبع التي استمرت ليومين في تورنتو حيث بحث المجتمعون التوترات مع روسيا وإيران وكوريا الشمالية إلى جان...
- لبنان : البرلمان يكسر حلقة المراوحة في البلاد بعد تعثّر تاليف الحكومة المرصاد نت - متابعات للمرة الأولى بعد إنتخابه قرر رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري المضي قدماً في التشريع وفق النصوص الدستورية بعد تحذيرات متكررة من تأخير تألي...
- "نورد ستريم 2".. سلاح جيوسياسي بيد بوتين لتقسيم الناتو والاتحاد الأوروبي المرصاد-متابعات نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)-- أصبح خط الأنابيب البحري الذي يعرف باسم "نورد ستريم 2" المقرر له نقل الغاز من روسيا إلى ألمانيا هو ب...
- الرئيس الأسد لوفد تونسي : الشعوب العربية تملك مستوى متقدما من الوعي تجاه ما يحصل في المنط... المرصاد نت - متابعات أكد السيد الرئيس الفريق بشار الأسد القائد العام للجيش والقوات المسلحة أن سورية تواجه عدواً إرهابياً تكفيرياً لم يعرف له التاريخ مثيلاً في...
- نتنياهو يفضح الأنظمة العربية ... دول من الشرق الاوسط تعتبرنا شريكاً لها ! المرصاد نت - متابعات قال بنيامين نتنياهو رئيس وزراء كيان العدو الصهيوني اليوم الخميس: إن ” كثير من الدول في الشرق الأوسط اعترفت بأن إسرائيل ليس خصماً له...
- أهداف زيارة الجبير المفاجئة للعراق المرصاد نت - متابعات وصل وزير الخارجية السعودي عادل الجبير يوم السبت الفائت الى بغداد في زيارة غير معلنة ليلتقي المسؤولين العراقيين ويتباحث معهم. واحتكرت ه...
- قتلى وجرحى في هجوم انتحاري على مسجد بمدينة كرديز بأفغانستان المرصاد نت - متابعات أرتفع عدد قتلى الهجوم الانتحاري على مسجد في مدينة كرديز شرق أفغانستان اليوم الجمعة إلى 20 وأكثر من 23 جريحاً. وقالت الشرطة ومسؤولون بقطا...
- موراليس يصل إلى المكسيك: بوليفيا تدخل دوّامة الفوضى! المرصاد نت - متابعات اعتباراً من يوم أمس بات الرئيس البوليفي المُقال إيفو موراليس يعيش في منفاه في المكسيك، حيث مُنح حقّ اللجوء السياسي. وبدا المنفى وكأنه آخر...
- العوامية الجديدة: رقصٌ «سلماني» على أنقاض «المسوّرة» المرصاد نت - متابعات بقوة الحديد والنار فرضت سلطات النظام السعودي إرادتها على أهالي حيّ المسورة في منطقة العوامية التابعة لمحافظة القطيف في المنطقة الشرقية. أ...