المرصاد نت - محمد العيد
يحتدم الجدل في الجزائر هذه الأيام على خلفية إصدار قرارات تبدو متناقضة في فحواها بين رئاسة الجمهورية والحكومة بما يوحي بوجود صراع بين أطراف داخل النظام السياسي تتنافس من أجل كسب النفوذ قبل الانتخابات الرئاسية المنتظرة في العام المقبل والتي لم يحسم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة موقفه إزاءها بعد.
قبل 3 أسابيع نظّم الوزير الأول الجزائري أحمد أويحيى ما يعرف باجتماع الثلاثية، الذي يضم الحكومة ونقابة العمال الكبرى ونقابة رجال الأعمال وتم الاتفاق على فتح رأس مال المؤسسات العمومية لمصلحة القطاع الخاص بنسب معينة ما يعني خصخصة تدريجية للقطاع العام وهو ملف يعتبر من «التابوهات» في الجزائر، لكون البلاد عاشت فترة طويلة تحت النظام الاشتراكي، وما زال جزء مهم من اقتصادها يدار من الدولة فضلاً عن أن سياسة الانفتاح العشوائي التي انتهجتها السلطة خلال سنوات التسعينيات وبداية الألفية أدت إلى ظهور رجال أعمال طفيليين يبحثون عن الربح السريع عبر الاستيلاء على أكبر قدر مما تتنازل عنه الدولة.
لذلك، أثار هذا الملف «جلبة» كبيرة في البلاد. وبقدر ما تكون هذه المواضيع مثيرة للرأي العام، تصبح صالحة «للركوب» والاستثمار السياسي فيها. هذا ما أدى بحزب جبهة التحرير الوطني الذي يمتلك أغلبية المقاعد النيابية في البرلمان إلى عقد ما يشبه اجتماع «ثلاثية» موازية، جمع فيها رجال الأعمال والنقابيين ليؤكد فيه أنه لن يرضى بأي عملية خصخصة لا تضمن حقوق العمال وهي مناورة سياسية وفق العديد من القراءات، كان الهدف منها إضعاف الوزير الأول الذي ينتمي إلى الحزب الآخر المنافس في الموالاة «التجمع الوطني الديمقراطي» وعدم ترك الساحة خالية له في ظل الحديث المتكرر عن طموحاته في خلافة الرئيس بوتفليقة، خلال الانتخابات الرئاسية.
وفي ظل هذا المناخ المشحون، أصدرت رئاسة الجمهورية تعليمات للوزير الأول وكل الوزراء تأمرهم فيها بالرجوع إليها في كل عملية خصخصة تطال مؤسسة عمومية في إطار اتفاق الشراكة الذي عقد بين القطاعين العام والخاص. وهو ما يعني بشكل غير مباشر كف يد الوزير الأول عن العملية ووضعه تحت رقابة الرئيس وهذا في حدّ ذاته يشكّل ضربة قوية لأحمد أويحيى الذي لديه خصوم كثيرون داخل السلطة.
وقد قوبل هذا القرار بفرح شديد لدى حزب جبهة التحرير الوطني الذي اعتبر قياديون فيه ما جرى تصويباً من الرئيس لسياسات الوزير الأول في حين جاء رد فعل حزب العمال، الرافض جملة وتفصيلاً لسياسة الخصخصة، مؤيداً للقرار حيث رأى القيادي في هذا الحزب المحسوب على اليسار، رمضان تعزيبت أن ما أقدم عليه الرئيس في مصلحة البلاد، «لأنه يجنّب المؤسسات العمومية خطر الافتراس من قبل رجال الأعمال والأغنياء الجدد المتربصين بممتلكات الدولة والمال العام».
من جانب آخر ترى المعارضة في ما يجري من قرارات متناقضة مؤشراً خطيراً على الصراع داخل هرم السلطة؛ فبالنسبة إلى علي بن فليس منافس الرئيس بوتفليقة في انتخابات الرئاسة السابقة فإن دوائر السلطة ينشط بعضها لإضعاف البعض الآخر تحسّباً للانتخابات الرئاسية المقبلة. وقال حزب طلائع الحريات الذي يقوده بن فليس إن «تصادم هذه الدوائر عبر وسائل الإعلام والزبائنيات من شأنه تغذية الانسداد السياسي الذي يشكل مع الأزمة الاقتصادية وتنامي التوترات الاجتماعية عامل خطر جدي للانزلاقات يتحمّل النظام القائم، وحده المسؤولية الكاملة عن ذلك لأنه المتسبّب في تحييد كل الوساطات الاجتماعية الممكنة».
وفي السياق نفسه يعتقد مدير مركز الدراسات والأبحاث حول العالم العربي والمتوسط في جنيف حسني عبيدي أن «التعليمة الرئاسية المضادة لقرار أويحيى مؤشر جديد على حالة التخبّط في هرم السلطة وهي تعكس عجز السلطة عن ضبط القرار الرئاسي». ويعزو عبيدي ما يجري من تناقضات إلى «غياب الرئيس وصعوبة اطلاعه على مجريات الأمور وهو ما خلّف نوعاً من الفراغ والتخبط أدى بالبعض إلى اتخاذ مبادرات أو قرارات يطعن فيها محيط الرئيس في ما بعد».
ويضع عبيدي الأحداث المتسارعة في سياق حرص الرئيس على أن تعطى لوزيره الأول مساحة إضافية للحركة لا عربوناً للنفوذ والنظام بذلك حسبه «بعد وأده للمعارضة يريد القضاء على أي مشروع لصوت شاذ حتى داخل السلطة». ويكمن مبعث الجدل بالنسبة إلى كثير من المراقبين في الجزائر في كون بوتفليقة الذي يعاني من متاعب صحية لم يفصح بعد عن رغبته في الاستمرار في ولاية رئاسية خامسة وهو قرار سيؤدي إلى لجم طموح الكثيرين في محيطه.
المزيد في هذا القسم:
- ندد بالتطبيع الإماراتي.. البرلمان الماليزي يطالب بطرد إسرائيل من الأمم المتحدة المرصاد-متابعات طالب البرلمان الماليزي -بإجماع ممثليه من الحكومة والمعارضة- بطرد إسرائيل من الأمم المتحدة، ردا على خطط ضم مزيد من الأراضي الفلس...
- الاتحاد الأوروبي يصادق على خروجِ بريطانيا من الاتحاد ! المرصاد نت - متابعات اجتازت رئيسة الوزراء البريطانية المحطة ما قبل الأخيرة في مشوار الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، أمس، عقب توقيع الأخير على اتفاق الطل...
- ترحيل 15 معتقلا من غوانتانامو 12 منهم يمنيين الى الإمارات المرصاد نت - متابعات أفادت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أن 15 معتقلا في مركز اعتقال غوانتانامو في كوبا قد رحلوا إلى دولة الإمارات . وتعد تلك أكبر عمل...
- الانتخابات الامريكية وتداعياتها في الداخل والخارج المرصاد نت - متابعات بعد ساعات قليلة من اليوم الثلاثاء 8 تشرين الثاني/نوفمبر تنطلق الانتخابات الامريكية الاكثر إثارة في تاريخ الولايات المتحدة لما لها من تداع...
- النظام السعودي في سباق مع الزمان لاتمام التطبيع مع الكيان الإسرائيلي المرصاد نت - متابعات كُشف النقاب في تل أبيب اليوم الأحد عن أنّ منتخب إسرائيلي سيُشارك في بطولة عالمية ستُجرى في العاصمة الرياض الشهر القادم وجرى الاتفاق للمرة...
- الجدار المضاد للأنفاق: المقاومة أمام «حرب الأدمغة» مجدداً المرصاد نت - هاني إبراهيم يمثّل الجدار على عمق 40 متراً تحت الأرض تحدياً جديداً للمقاومة في الحرب المستمرة مع العدو حرب الأمن والأدمغة. وبينما لا شك في أن ...
- استقالة رئيس وزراء أوكرانيا والأزمة السياسية تقترب من ايجاد الحلول.. متابعات : قدم رئيس الوزراء الاوكراني ميكولا ازاروف اليوم الثلاثاء استقالته من مهامه وذلك في بيان نشر على موقع الحكومة مع بدء دورة استثنائية للبرلمان ...
- السعودية تعاود هجومها على لبنان: المصارف تبيّض أموالاً لحزب الله! المرصاد نت - متابعات يعاود مجلس الوزراء يوم الثلاثاء عقد جلساته بعد التوصل إلى صيغة لـ«النأي بالنفس» المناخ الإيجابي يُخيم على الساحة السياسية على...
- وثيقة تأريخية تشير إلى بيع الإمارات الجزر الثلاث إلى إيران ! المرصاد نت - متابعات عنونت صحيفة (الرأي العام) الكويتية في عددها المرقم 2427 والصادرة بتاريخ 15 ربيع الأول من سنة 1390 هـ الموافق 10 ايار 1970 م بالخط ا...
- عشقي يكذب ....وقريباً وفد اسرائيلي في الرياض لتعزيز العلاقات! المرصاد نت - متابعات أثارت زيارة ضابط المخابرات السعودي السابق والمقرب من الاسرة الحاكمة اللواء أنور عشقي للاراضي الفلسطينية المحتلة جدلا واسعا ما دفعه لتبرير...