المرصاد نت
مع بداية العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين لا بد أن نمعن النظر في الواقع العربي والإسلامي لنقرأ التحولات المريبة بوعي ومسؤولية ، ونعرف ما طرأت عليها من تحولات أهمها أن هناك قوى عملت على استنفاد الدولة الوطنية بأفقها النمطي وبُعدها الفكري المجسد للهوية الواحدة ، وحولت الملاحم والبطولات الأسطورية إلى هزائم متلاحقة وخيانات هدامة كشفت بجلاء عن البراعة الشيطانية التي قادت إلى وضع استراتيجية طويلة الأمد من قبل مخابرات لندن وواشنطن ، وأخذت منحى تصاعدياً خطيراً للغاية بما اشتملت عليه من اشتراطات مهينة تم تغليفها بنقاء كاذب ظاهره انتشال العرب والمسلمين من براثن التخلف والجهل ومدهم بمقومات الحداثة ممثلة في الحرية والديمقراطية والمساواة وإقرار مبدأ التداول السلمي للسلطة ، وباطنه النوايا المبيتة والمسعى الحقيقي المتمثل في فرض دولة الكيان الصهيوني في المنطقة ، وهذا هو ما تتباهى به أمريكا اليوم كما جاء في تصريحات بومبيو وزير الخارجية الأمريكي بما يوحي أن المهمة تمت بأفق بعيد المدى واقتضت :
•إعادة هيكلة نفسيات البشر ورسم خارطة المشاعر باتجاه إيقاف جموح نصرة الدين والأمة وإلجام عاطفة التفاعل بلجام الخوف .
•استنساخ أنظمة سلطوية لفرضها على الشعوب بالقوة والترويج بأنها معيار للتنوع وإشاعة الحريات وحماية حقوق الإنسان كأهم القيم التي يتطلع إليها البشر .
•تحويل المفاهيم الموغلة في القدم إلى أصنام تقتضي التسليم إلى حد العبادة ، هذه الوسيلة تعززت ببروز ظاهرة إسلام البترودولار ، فهذه الظاهرة هي التي مهدت لبروز جماعات الانغلاق والتطرف والإرهاب ومكنت الآخر “المتربص” أن يستخدمها أداة لهدم الإسلام من داخله والإمعان في تشويه صورة العقيدة والانتقاص من المنهج القويم .
• السعي إلى تأزيم العلاقة بين رجال الدين والمثقفين كأخطر الاختلالات التي عمقت الفجوة بين الطرفين وقادت إلى منزلق مريع بما ترتبت عليه من تحالفات مشبوهة وقذارات فكرية تحولت إلى متارس في النفوس تبنت ضرب المجتمعات وإحداث شروخ معنوية في النفوس .
كما حتَّمت الاقتباس المائع من تجارب الآخرين البائسة المغرقة في التوحش ، وهو ما فاقم الأزمات ورسم خطوطاً متعرجة جعلت الاحتقانات خياراً وحيداً بعد أن تكبل المشهد السياسي بسلاسل المذهب والطائفة والديانة ، وجعل الواقع مفتوحاً على كل الاحتمالات .
العلاقة غير المتوازنة بين المثقف ورجل الدين جعلت كل طرف يتمترس خلف مفاهيم تقلَّصت مفرداتها وتغيرت دلالاتها للإخلاص في خدمة سلطات الحكم وفرض قوة الحضور وإن اقتضى الأمر تسويق الضلال وتزييف الحقائق الناصعة ، هذا هو الواقع الذي جعل الطبقات السياسية تتأرجح في مواقفها ، لا تفصح عن حقيقة ما تؤمن به ، تُداهن سلطات الحكم تارة وأخرى تُداهن المجتمع وتدعي أنها تُعبِّر عن همومه .
في ظل الأوضاع الشائكة والمعقدة يبرز سؤال هام وهو :هل نجح الآخرون في مساعيهم؟! للإجابة أقول : نعم .. فلقد بات من السهل حرف بوصلة الاهتمامات وخلق أعداء وهميين لصرف الأنظار عن العدو التاريخي للأمة ، كل شيء في الواقع يؤكد أن التآمر اخترق النفوس وعمَّق الجروح ، وفرض التناقض الصارخ الذي تجاوز نقطة الخطورة ليغدو سبب الانتكاسات والهزائم الماحقة .
لن أمعن في جلد الذات لكني أقول إن الواقع مريب والسير في دروب الغفلة على هذه الشاكلة سيجعله أكثر ريبة وخطورة ، وعلينا أن نتنبه وأن نستفيد من هذه التجارب في وضع أسس المستقبل على أساس سليم ..
والله من وراء القصد ..
كتب : أحمد يحيى الديلمي
المزيد في هذا القسم:
- " خمسة وسادسهم ربهم " ! بقلم : عبدالله العامري الدومري المرصاد نت سيراً على الأقدام متوكلين على الله واثقون بنصرة وتأييده تحرك خمسة مجاهدين فقط ومعهم سُلَّامهم وأقتحموا موقع الربعة العسكري في نجران موقع إستراتيجي ...
- منكوبة أم مقصوفة ؟ بقلم: عبدالله الدومري العامري المرصاد نت بكل بجاحة أصبحت قوى العدوان السعوأمريكي تدعي الحزن وتتباكى عبر قنواتها الفضائية ووسائلها الإعلامية عن محافظة الحديدة بأنها مدينة منكوبة وبدلا...
- هل التكفيريين لديهم مشروع إنقلابي ؟ لم يعد خافيا علي عامة الناس الكثير من مشاريع قوى التكفير وبالذات التي برزت ملامحها من قبل بعض قيادات هذه القوى ضد الرئيس هادي الله يهديه وبعد ان اصبحت واضحة و...
- ربع قرن على قران المتعة بين الأهوج والأعوج تحل في ٢٢ مايو الجاري الذكرى الـ 24 للوحدة اليمنية أو ما يسميها المستفيدون منها (العيد الوطني) أي أنه مر على ذلك القران ربع قرن مما لا يعدون .. ربع قرن كان ك...
- العمل الدبلوماسي من يخدم ؟ بقلم : علي حسين علي حميدالدين . المرصاد نت مفاهيم اخرى : الدبلوماسية : هي التوازنات لحفظ البلدان أي الدول من ان تنهار علاقاتها ببعضها فمفهومها هو المرونة والتقارب في وجهات النظر وتبنى ...
- لماذا تأخر إعلان نتائج فوز ترمب؟ المرصاد كتب: عبدالباسط الحبيشي ضد كل توقعات الإعلام الدولي والعالمي المُزور وفضائياته وضد كل توقعات المزايدين...
- جدلية الانتصار على العدوان واستمراره ورسائل مهمة ! المرصاد نت الخروج من قوقعة الطابور الخامس الذي يريد أن يغرقنا في همومنا الداخلية المترتبة على معاناتنا التي خلفها العدوان يجعلنا أمام فضاء رحب ننظر من خلاله ا...
- وغباء العدو نعمة ! بقلم : علي شرف المحطوري لم تدرك السعودية أنه لا شيء خدم ثورة 21 سبتمبر 2014 وقدم لها كافة التسهيلات لأن تصل إلى عقر الطاغية المجرم علي محسن وتطيح بهمثل غباء هذا الأخير وحزبه الإخ...
- ' قرارات هادي تهدف لحل البنك المركزي على طريقة قرار حل الجيش ! بقلم : جمال الحسني المرصاد نت اشغل قررار هادي بحل البنك المركزي عدن تفكير وقلق معظم ابناء اليمن شمالا وجنوبا وموظفي مؤسسات الدولة في الجنوب والشمال والذين لايثقون به ويستوعبون ت...
- أنا وابني من بعدي ! بقلم : د . فؤاد إبراهيم المرصاد نت برغم التناقض بين التاريخ بوصفه وقائع جرت في الماضي وعلم النفس بكونه معنياً بتوصيف طبيعة السلوك وراء تلك الوقائع، فإن التاريخ النفسي بات اليوم أداة ...