يعتقد الكثير من الخبراء في الشأن اليمني ان القرارات المفاجئة التي اتخذها الرئيس عبد ربه منصور هادي
بتعيين الفريق ركن علي محسن الاحمر نائبا للرئيس، والسيد احمد عبيد بن دغر رئيسا للوزراء، خلفا للسيد خالد بحاح تمهد لتولي الاول، اي الفريق الاحمر، رئاسة الجمهورية في الفترة المقبلة، والثاني لزعامة حزب “المؤتمر”.
بتعيين الفريق ركن علي محسن الاحمر نائبا للرئيس، والسيد احمد عبيد بن دغر رئيسا للوزراء، خلفا للسيد خالد بحاح تمهد لتولي الاول، اي الفريق الاحمر، رئاسة الجمهورية في الفترة المقبلة، والثاني لزعامة حزب “المؤتمر”.

هذه القرارات المفاجئة التي صدرت يوم امس ربما تحدث هزات ضخمة ليس في الملف اليمني وتطوراته على الصعيدين السياسي والدبلوماسي فقط، وانما ايضا على صعيد التحالف العربي العسكري الذي تتزعمه السعودية وتماسكه، بل ربما استمراره.
من غير المستبعد ان تكون عملية الاطاحة بالسيد خالد بحاح الذي كان مرشحا قويا كبديل للرئيس هادي لم تأت بسبب “تعثر الاداء الحكومي في تخفيف معاناة ابناء الشعب اليمني”، مثلما جاء في بيان الاقالة، وانما بسبب التنافر الكبير بين الرئيس هادي ونائبه، وفشل المحاولات السعودية للتقريب بينهما، ولجوء السيد بحاح الى دولة الامارات العربية المتحدة كقوة دعم، ونقل عائلته اليها، وهي الخطوة التي اثارت حساسيات شديدة لدى الحليف السعودي، علاوة على عدم ترحيبها، اي الامارات، بتعيين الفريق الاحمر كنائب للقائد العام للقوات المسلحة في مرسوم سابق، لانه يعتبر من اكثر الداعمين لحزب الاصلاح النسخة اليمنية لحركة “الاخوان المسلمين”، مما زاد من “فتور” علاقاتها، اي الامارات، بالرئيس هادي بصورة اكبر.
تعين كل من الفريق الاحمر والسيد بن دغر في المنصبين الثاني والثالث في هيكلية مؤسسة الحكم في الدولة اليمنية، خطوة اتخذت بعد دراسة معمقة، ولمواجهة صعود شعبية الرئيس اليمني علي عبد الله صالح التي انعكست في مشاركة مئات الآلاف (البعض يقول مليون ونصف المليون) من اليمنيين في المظاهرة التي دعا اليها في ميدان السبعين في قلب صنعاء، في الذكرى السنوية الاولى لـ”عاصفة الحزم” السعودية، وظهوره في المنصة الرئيسية، والقائه كلمه عفوية مباشرة في الجموع، هاجم فيها السعودية بشراسة.
الرجلان، اي الاحمر وبن دغر هما اكبر عدوين لدودين للرئيس علي عبد الله صالح، فالاول كان ذراعه اليمين العسكري لسنوات، والقائد الذي خاض حرب القضاء على الانفصال عام 1994، اما الثاني فقد تولى منصب الرجل الثاني في حزب المؤتمر الذي يتزعمه الرئيس صالح لسنوات، كما انه ينتمي الى الجنوب اليمني.
مهمة الفريق الاحمر المقبلة ستتمثل في قيادة القوات اليمنية الموالية للرئيس هادي، ومحاولة لكسب ولاء بعض عشائر وافخاذ قبيلة حاشد، التي تعتبر واحدة من اكبر قبائل اليمن، وعلاوة على تكريس تحالف الرئيس هادي وداعميه في الرياض مع حركة الاصلاح الاسلامية الاخوانية، وقبائل وعشائر اخرى.
اما مهمة رئيس الوزراء الجديد السيد بن دغر فستركز على كيفية شق حزب “المؤتمر”، او بالاحرى، زعزعة قاعدته الشعبية، ومحاولة جذب اكبر عدد من اعضائه، من خلال ايصال رسالة لهم بأن دورهم وحزبهم في الحكم الجديد ما زال مضمونا شريطة الابتعاد عن الرئيس صالح، وستكون هذه المهمة مدعومة بميزانية ضخمة، وعروض مغرية بالوظائف والتعيينات في مناصب عليا ومتوسطة.
وما يعزز هذا الاعتقاد، اي التركيز على استهداف الرئيس السابق صالح، ومحاولة اضعافه وشق صفوف حزبه وقاعدته الحزبية والعسكرية، ان الخطة السعودية في زرع بذور الشقاق بينه وبين حلفائه الحوثيين بدأت تعطي ثمارها هدنة على الحدود اليمنية السعودية، وتفاهمات سياسية اخرى، وكان لافتا ان الامير محمد بن سلمان ولي ولي العهد ووزير الدفاع السعودي، الذي يقف وراء “عاصفة الحزم”، ويمسك بالملف اليمني، اكد في حديثه الى وكالة بلومبيرغ الامريكية ان هناك وفدا حوثيا موجودا في الرياض حاليا، وان الحرب في اليمن او شكت على الانتهاء.
وجود وفد حوثي في الرياض يشكل انجازا كبيرا للاستراتيجية السعودية التي تقوم على اساس شق التحالف “الحوثي الصالحي”، ولكن يظل من الصعب القول بأن هذا “ألشق”، تذت حدث فعلا، سيكون نهائيا، وسيصمد لفترة طويلة، بالنظر الى طبيعة التحالفات ومتغيراتها على الساحة اليمنية، ولكنه “انجاز″ سعودي كبير دون ادنى شك.
النقطة الاخرى التي تستحق التوقف عندها في دراسة هذه التطورات، ومحاولة فهمها، وما يمكن ان يترتب عليها من خطوات مستقبلية هو انعكاساتها المتوقعة، على العلاقات السعودية الاماراتية في المستقبل المنظور، فالامارات كانت الشريك الاقوى للسعودية في تحالف “عاصفة الحزم” وتعتبر الدولة التي تحملت اكبر قدر من الخسائر المادية والبشرية والعسكرية، ولعبت قواتها دورا كبيرا في “تحرير” مدينة عدن، والامر المؤكد انها هي التي دعمت السيد بحاح واستضافته، ولن تكون مسرورة لتعيين الفريق الاحمر نائبا للرئيس لميوله الاسلامية الاخوانية.
هذه التعيينات المفاجئة التي جاءت قبل ايام معدودة من تطبيق اتفاق وقف اطلاق النار واستئناف المفاوضات بين اطراف الصراع اليمني التي ستعقد في الكويت تحت مظلة الامم المتحدة، ستخلط الاوراق، وربما ترسم خريطة جديدة للصراع في اليمن، وطبيعة التحالفات السياسية والعسكرية على ارضه، والايام المقبلة حافلة بالمفاجآت، وما علينا غير الانتظار.
عبدالباري عطوان“راي اليوم”
المزيد في هذا القسم:
- الهوية الإنسانية والتحدي الراهن (١) المرصاد نتكتب : عبدالباسط الحبيشيتتعرض العُملات النقدية لدول العالم اليوم الى عمليات قرصنة ومصادرة تدريجية حتى يتم إلغائها بشكل نهائي وتبديلها بعُملة وهمية، لذا...
- العدوان وإيماننا بالله ! بقلم :همام ابراهيم المرصاد نت براكين تفجرت صوب اليمن بفوران دموي لم يسبق له مثيل ، ليست براكين الارض هي من كانت هنا الجاني في ارتكاب مالا تستوعبه تلك الحكايا والأساطير قبل النوم...
- الامارات والاصلاح: تحالف علني وصراع سري ! بقلم : مني صفوان المرصاد نت اعلنت “دولة الامارات” موقفها واجندتها في اليمن في وقت مبكر توسعها في الساحل الغربي افصح علانية عن اهدافها العسكرية ومؤخرا جاءت عملية &l...
- اليمن بعد 600 يوم من العدوان! بقلم : حامد البخيتي المرصاد نت 600 يوم من العدوان والجرائم البشعة التي ترتكب في حق ابناء اليمن بشكل يومي وحصار ظالم زاد من معاناة ابناء اليمن بشكل عزز من شعور كل يمني بالتفر...
- اليمن: من حالة ماقبل الدولة إلى مرحلة سلطات الحكم الذاتي ... بقلم : عبدالباسط الحبيشي.. المرصاد - كتابات : لمعرفة الداء ونوع الدواء والطريقة المناسبة للعلاج لإستئصال المرض. وقد يتبع العلاج فترة زمنية تسمى ب(فترة النقاهة) يتم خلالها إستعادة الم...
- ثورتنا مستمرة ! بقلم : حسين زيد بن يحيى المرصاد نت الإشكالية بدأت من خط البداية مع ذلك انتصار ثورة الثورات 21/9/2014 كان رائعا بكل المقاييس الثورية عجالة تحرك الثوار إلى صنعاء كان ضرورة ثورية لوأد ا...
- المقاطعة الكلامية مابين ايدلوجية داعش وبرنامج الفوضى الخلاقة المرصاد نت لاشك أن ثقافة المقاطعة الكلامية أثناء النقاشات أو الحوارات والتفاوضات تعد ظاهرة غير حضارية بل يترتب عليها تعطيل فهم وترجمة أي قضية يدور الحوار أو ا...
- بن سلمان وبن زايد يقاتلان ويتقاتلان في اليمن ! المرصاد نت تعكس الساحة اليمنية اليوم صورة خاصة عن تماشي وتنافر غريمين يتظاهران بالود والمماشات في حين أن الواقع يؤكد أن محمد بن سلمان ومحمد بن زايد يبتعدان شي...
- حكومة " شوربان " : وزراء " خيطي ..ميطي" الإهداء : إلى روح : الأديب عبدالله علوان ، والفنان جمال داؤود ، والمسرحي يحيى الحيمي ، والعمر الطويل للفنان عبد الباسط عبسي ، وأيوب طارش ، وسونيا مريسي ، ومحم...
- هذا هو المشروع ! بقلم : أ. عبدالباسط الحبيشي المرصاد نت لم يكن حِينَئِذٍ من وجود إلا من القائد الوحدوي الفذ الرئيس علي عبدالله صالح على الساحة اليمنية بأكملها الذي لو أمر اليمنيين عندئذٍ؛ أن أعبرو الصحرا...