المرصاد نت
يدرك المتابع بعد فترة طويلة مرهقة من المفاوضات في الكويت
أن ابسط بديهياتها هو أنه لا جدوى منها، ولا أفق لها، خصوصا وأنها تدار من قبل إدارة العدو الأمريكي كما صرح بذلك العميل الخائن عبد الملك المخلافي عندما ذكر وبصراحة أن نائب وزير الخارجية الأمريكية اتصل به هاتفيا ليضع له الخطوط الحمراء التي يلزم أن يعتمدها وفد المرتزقة في تفاوضهم مع وفدنا الوطني في الكويت.
نعم تأكد الآن وبشكل صارخ ما كان يعرفه الناس من أن العدوان الأمريكي هو من يدير هذه الحرب، وهو من يدير التفاوض، وأن السعودية لا تملك أي قرار في إيقاف الحرب أو إشعالها، وأنها وإن كانت حريصة على إيقاف هذه الحرب لإيقاف الاستنزاف الهائل لأموالها، ومخزونها الاستراتيجي في هذا العدوان الظالم، إلا أنها لا تملك أي قرار إزاء ذلك، وأن عليها أن تخضع لإملاءات سيدها الأمريكي، بالاستمرار في هذا العدوان، وملء خزائن العم سام بالنفط والأموال.
لقد ذهب وفدنا إلى الكويت منذ وقت طويل للجلوس على طاولة المفاوضات، بغية الوصول إلى حل يجنب البلاد والمنطقة كلها ويلات الحروب، ذهب حاملا معه السلام، والجدية، وحسن النية، ذهب حاملا معه مبادئ الشراكة، والمواطنة العادلة، والقبول بالآخر، رغم الجراح، ورغم ما صدر عن الطرف الآخر من خيانات وكوارث، وحروب، ودماء ودمار، وبرغم ذلك كله، وبعد هذه الفترة الطويلة من المفاوضات المضنية، يتبين كل يوم أن الأفق مسدود، وأن الطرف الآخر لا جدية له في وقف العدوان، وليست لديه أية رؤى واضحة، أو خطط عملية منطقية، تؤدي إلى انفراج ولو جزئي في هذا التفاوض المشؤوم. لقد بات واضحا الآن أن العدو الأمريكي يريد أن ينزلق ببلادنا إلى منزلق خطر جدا، عبر إدخال البلاد في سلسلة مفاوضات طويلة لا تنتهي، وفي كل مرة يفكر فيها وفدنا الوطني بالانسحاب من هذه المفاوضات الميتة، تأتي دولة ما، أو هيئة أممية ما، وتكيل بالمكيال الكبير الضمانات والوعود بحلحلة المعضلات التي تقف دون الوصول إلى حلول جادة في المفاوضات، والشيء الوحيد المراد ضمانه هو أن يبقى وفدنا حبيس هذه المفاوضات، وأن تطول أيضا إلى أطول مدة ممكنة.
إن العدو الأمريكي حريص جدا على تطويل هذه المفاوضات، وقد أوكل لوفد الرياض بمهمة محددة، وهي عدم الانسحاب الكلي من المفاوضات، وعدم الوصول إلى حلول جدية، وتعليق المفاوضات بين حين وآخر، والغرض هو إطالة مدة التفاوض، ويتضح من ذلك أن العدو الأمريكي يستخدم خططا بديلة في عدوانه على البلاد، فلقد تبين بعد أكثر من عام:
1. أن السيطرة عبر القوة العسكرية غير ممكنة، فقد استخدمت كل الوسائل العسكرية الاستراتيجية ولم تنجح، بل أظهرت صمود أبناء اليمن، ومرغ هذا الصمودُ أنفَ العدوان في الوحل، وكسر كبرياءه وغروره وأكسب هذا الصمودُ أبناءَ اليمن زخما كبيرا من التضحية والبذل والعطاء والإباء.
2. أن اليمن استطاع امتصاص الحملات العسكرية الكبيرة، المسنودة بغطاء جوي كثيف لأكثر الطائرات الجوية تطورا وتقنية، بل إن اليمن استطاع ضرب التشكيلات العسكرية البرية للعدوان ضرباتٍ قاتلة، جعلت من الزحوفات البرية التي تشارك فيها قوى العدوان مشاركة فاعلة مغامراتٍ خاسرة مميتة.
3. أن اليمن استطاع أن يقلب الطاولة على العدوان، ويدخل ويضرب في العمق السعودي، وأن بإمكانه التوغل والسيطرة على مواقع ومدن سعودية. لذلك كان على العدو الأمريكي أن يغير استراتيجيته ويبدل خططه، ولعله ولا شك قد لجأ إلى مخطط خبيث جدا تتجلى ملامحه فيما يلي:
1. إيقاع البلاد في فخ مفاوضات طويلة لا تنتهي وذلك لكسب الوقت اللازم لتنفيذ خططه الجديدة
2. إدخال البلاد في حرب استنزاف كبيرة ومرهقة تعتمد على استراتيجيات محددة:
a. أولها استمرار الحصار وتشديده والحصار يعتبر حربا أكثر شدة وتأثيرا من الحرب العسكرية المباشرة.
b. إدخال البلاد في حروب استنزاف عسكرية، وذلك عبر تجنيد المزيد من المرتزقة، وإقحامهم في زحوفات عسكرية، لا يتوقع منها حسما وتقدما، بقدر ما ينتج منها من استنزاف للمخزون العسكري للبلاد وموارده المادية والبشرية.
c. افتعال الأزمات الاقتصادية والتلاعب بالعملة الصعبة وخلق واقع اقتصادي مضطرب، تتولد عنه المزيد من الأزمات .
3. استغلال الفراغ السياسي والعزلة الدولية على البلاد لضرب الجبهة الداخلية وإضعافها.
4. التوغل الهادئ للعدو الأمريكي في البلاد، واحتلال مناطق جديدة، تحت غطاء محاربة القاعدة والدواعش التي أطلق لها العنان هذه الأيام تنفيذا لهذا الغرض.
5. إطالة أمد حرب الاستنزاف هذه بقدر الإمكان، وذلك حتى تدخل البلاد حالة من الركود، وفي سلسلة من الأزمات، والمشاكل المتجددة، ويأمل العدوان أنه بقدر ما تطول المدة، وتطول الأزمات والمشاكل، فإن ذلك سينعكس سلبا، على صمود الناس وثباتهم وتضحياتهم وحتى تبدأ الجبهة الداخلية بالتفتت والتمزق.
إذاً تعتمد خطة الاستنزاف تلك على إطالة مدة التفاوض، حتى تنضج وتؤتي ثمارها، وأصبح لزاما على البلاد أن تتخذ استراتيجية مضادة، تفشل هذه المخططات الخبيثة، ولا تمنح الفرصة للعدو بأن يعيد ترتيب أوراقه، ورص جبهاته، وكلما طالت مدة التفاوض كلما تم منحه فرصة أفضل.
لقد قدم اليمن كل ما بوسعه في تلك المفاوضات، وعمل بقول الله تعالى: (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها)، لكن العدو ليس له عهد، ولا ذمة، ولا وفاء، بل يتمادى كل يوم في عدوانه، بألوان جديدة من الشر والاعتداء. إننا نعتقد بأن وفدنا الوطني قد قدم كل ما يمكن تقديمه وزيادة لإنجاح تلك المفاوضات، ونعتقد أن الوقت قد حان لرجوعه معززا مكرما إلى أحضان بلده، ونبذ من لا عهد له ولا ميثاق.
إن العدوان الأمريكي على البلاد لن ينكسر إلا إذا تأثرت مصالحه في المنطقة بشكل موجع، عندها، وعندها فقط سيفكر جديا بإيقاف العدوان على البلاد، أما الآن – ولو أن مخططاته في اليمن قد فشلت لكنه لا زال يحقق مكاسب منها:
1. أنه لا زال يراهن على إضعاف اليمن بالحصار والعدوان، بغية تمزيقه ونهبه عبر مخطط الشرق الأوسط الجديد، وكذلك الهيمنة على طرق الملاحة البحرية، والممرات المائية، والجزر الاستراتيجية.
2. استخدام ورقة القاعدة والدواعش للتوغل في المنطقة واحتلال مناطق جديدة، بل وفرض سياسات معينة على دول الخليج خصوصا، من خلال تهديدها وابتزازها لدعمها للتطرف وتفريخه.
3. ابتزاز دول الخليج واستنزاف ثرواتها المالية والنفطية.
4. بالعدوان على اليمن فإن العدو الأمريكي يؤسس لبيئة مناسبة يمكن من خلالها تقسيم المملكة السعودية في المستقبل.
5. إيجاد أحقاد طويلة الأمد بين شعوب الأمة العربية
6. إضعاف المنطقة برمتها، حتى تبقى إسرائيل هي المهيمنة، اقتصاديا، وسياسيا، وعسكريا، وهذا بند أساسي من بنود مخطط الشرق الأوسط الجديد. إن العدوان على البلاد كبير، وهو عدوان يندرج ضمن مخطط كبير يستهدف كل بلد عربي، وإن إمكانيات هذا العدوان كبيرة، والعدو لا يخسر شيئا من عنده، فثروات الخليج العربي المالية والنفطية الهائلة تدفع وبسخاء تكاليف هذا العدوان وتموله، لكننا بالله بقوة الله أقوى، وبالتوكل عليه أعظم وأكبر، ويجب أن نعرف أنه لم يعد لدينا ما نخسره، فالعدوان مستمر، والحصار متواصل، والمؤامرات مطردة متتابعة، والعدو حاقد غادر متربص، وعليه فإنه يجب علينا أن نحضر أنفسنا لحرب طويلة الأمد، وأن ندرس كل الخيارات الممكنة لضرب هذا العدوان، وهناك وبحمد الله لا زالت لدينا خيارات قوية عديدة، فليكن الثبات أقوى، ولتكن العزيمة أقوى، وليكن الصمود أقوى، وليكن توكلنا على الله وحده، مصحوبا بحسن الإعداد والاستعداد، ولا نيأس فقد كسرنا بفضل الله وحمده، أقوى حملة عسكرية شُنت على بلد، ومرغنا أنف هذا العدوان في الخزي والعار، وجعلنا إمكانياته وعتاده الذي يتفاخر به أضحوكة العالم، ولم يبقَ إلا مواصلة الصبر والثبات، والتنبه لمخططات العدو وغدره، ومواصلة البذل والعطاء متوكلين على الله وحده، حتى يتحقق نصره، ووعده للصابرين المجاهدين.
المزيد في هذا القسم:
- سلسلة "ابناء الشيطان "1 المرصاد كتب: رند الاديمي لمن يهمه الأمر عليه بقراءة سلسلتي عن ابناء الشيطان " الماسونيين" كيف جعلوا العالم تحت أقدامهم وكيف حكموا العالم ع...
- في نعي الأمم المتحدة ! بقلم : حنان محمد السعيد المرصاد نت أثار القرار الغريب الذي اتخذته الأمم المتحدة بالتراجع عن إدراج التحالف الذي تقوده السعودية على اليمن ضمن القائمة السوداء للدول والجماعات التي ت...
- من تجارب الشعوب حرب القتل والتدمير الجوية! بقلم : د. حسن مجلي المرصاد نت تمهيد : ما فعلته السعودية وحلفاؤها باليمن سبق وأن جربته أمريكا في جنوب شرق آسيا. تسير السعودية على خطى أسيادها في شن الحروب العدوانية الظالمة وما ي...
- العدو يريد تكريس اليأس .. والقلق ! بقلم: حميد رزق المرصاد نت لا تيأسوا.. أو تقلقوا… التحرك الجاد والشعور بالمسؤولية من قبل الجميع هو الضمانة الحقيقية لاستمرار صمودنا أمام العدوان .. الدول المعتدية ...
- عندما ترقص بعير الصحراء " الروك اندرول " من له أعين فليبصر يبدو أن السعوديين لم يروا ما اّل إليه مصير مواطنهم أسامة بن لادن .. فإنتهت حياته وجسده طعاما ً للأسماك في بحر ٍ مجهول على الرغم من كل ما قدمه , وبعدم...
- نحن من يكتب التاريخ ! بقلم: وليد المشيرعي المرصاد نت لم يشهد التاريخ كذباً كالذي اقترفته قنوات الاعلام الخليجي بشأن ما يجري في اليمن .ومازالوا في كذبهم يعمهون كأن لا ملائكة على جوانبهم تدون افعالهم ول...
- هل نحن امام نهاية حركة تحررية وتمزق وطن؟ بقلم : محمد المقالح المرصاد نت منحت اليمن فرصة ذهبية اخيرة لكسر السعودية بعد رفض الاخيرة لاتفاق مسقط وبالتالي اخراج اليمن وانصار الله من كل تداعيات العدوان الاقتصادية والارهابية ...
- الممكن والمستحيل على طريق السلام المستدام في اليمن رسالة مسجلة للدكتور مطهر السعيدي موجهة الى كل الجهات المعنية وكافة افراد الشعب اليمني حو...
- المنتصر يفرض شروطه كتبوا للمرصاد: قاعدة معروفة عبر التاريخ القديم والوسيط والمعاصر وعلى كل بقعة في الكرة الأرضية .. وأنصار الله تقدموا في خمس جبهات حرب فتحت ضدهم . من يعتقد ...
- عن الاصلاح أوقفوا مهزلة "العول" المهرجيين المرصاد نت لانريد ان نخوض في صحة مبررات ماحصل لتجمع الاصلاح وقياداته في عدن من عدمه بحسب خطاب قائد شرطة عدن / الوليد شلال , لكن الاكيد ان التجمع اليمني للاصلا...