كارثة الاتفاق الذي يحضر لتوقيعه حول اليمن! بقلم : أ . محمد المقالح

المرصاد نت

ادرك العدو و ادواته خطورة بقاء البنك المركزي محيدا عن الصراع في مشروعهم لتمزيق اليمن وارتهان قرارها .

و منذ البداية حاول العدو العمل على تغيير الثقل المالي والحراك الاقتصادي من صنعاء الى مناطق سيطرة المرتزقة في عدن مأرب وغيرهما بما في ذلك صرف المرتبات من عدن أو من مأرب بدلا من عاصمة الجمهورية اليمنية وهكذا في نقل حركة المسافرين من والى اليمن عبر مطارات عدن و الريان وغيرها من المطارات التي تحت سيطرة العدو مقابل محاصرة صنعاء واغلاق مطارها.. وعندما تم لهم ذلك منح العدو السعودي ومرتزقته ميزات كبيرة خصوصا بعد عودة هادي وحكومة ما يسمى الشرعية الى عدن..

و هي مكاسب كبيرة انتقصت او سحبت ممن يدافعون عن اليمن امام الغزو الخارجي وسيكون لها تاثير في المستقبل المنظور اكبر بكثير مما هي عليه الان اذا لم يحدث ما يغير هذا المسار اما بفعل تطورات الحرب او بفعل عدم الاستقرار وتوسع عمليات الارهاب فضلا عن الصراع بين فصائل المرتزقة في المناطق التي يسيطرون عليها..

غير ان هذه المكاسب لم يكن ليحصلوا عليها لو لا ان المفاوض اليمني تعامل مع الامر بشيء من اللامبالاة والتبسيط ولو انه ومنذ البداية رفض هذه الواقع الذي يتشكل ورفض نقل البنك المركزي وسارع الى التهديد بقطع المفاوضات اذا تمت هذه الاجراءات واذا لم تعد الحركة الى مطار صنعاء وتوقف الحصار على اليمن وقام بتهديد كل من يقف وراء هذه الفكرة الخطيرة بإجراءات بديلة وخطوات هجومية، ولكنه لم يفعل وراهن على وعود فارغة يقطعها له السفراء في الجلسات المغلقة ويعملون خلافها خارج هذه اللقاءات ولم يقدر اصلا ان انعكاسات هذه الاجراءات ستنعكس على كل شيء سلبا بما في ذلك سير المعارك في الميدان ومعنويات الشعب الواقف مع الجيش واللجان رغم كل التضحيات وهذا ما بدأ يظهر الان وسيظهر في المستقبل اكثر واكثر..

المشكلة ان المفاوض اليمني “وفد صنعاء” لم يدرك ولا يزال غير مدرك انه اذا ما خرجت السعودية من مسئوليتها في العدوان وتم التعامل في اي اتفاق باعتبار المسالة داخلية لا عدوان خارجي ومن ثم التوقيع على اتفاق سياسي وفقا لخارطة ولد الشيخ وعلى اساس الوقائع على الارض فان اليمن تكون امام صومال اخر بكل ما تعنيه الكلمة من معنى..!

اصلا اليمن مصوملة الآن وما ينقصها فقط هو التوقيع على اتفاق سياسي يضمن بقاء واقعها الحالي وهو ما يتم التحضير له تحت الطاولة وقد قطع شوطا كبيرا بما في ذلك مصير الصواريخ وضمانات حدود العدو وغيرها..

الصومال هي اليمن

واقع اليمن يقول بان ثمة اربعة جيوش في كل من صنعاء وعدن ومأرب والمكلا وكل جيش لا علاقة له بالآخر وثمة بالضرورة اربعة كنتونات واربع عواصم عمليه وفعلية وحكوميتين فعليتين احدها في صنعاء والاخرى في عدن، ومن المثير للريبة انه لم تشكل الاولى في صنعاء الا بعد عودة الثانية الى عدن وبعد زيارات مكوكية لوزير خارجية امريكا وغيره الى المنطقة.

اذا تم الاتفاق على التوقيع على خارطة ولد الشيخ وهذا ما يسعى له البعض حثيثا سيكون ثمة رئيسين وبنكين وثمة اقتتال بين الكنتونات المختلفة وبإشراف وتمويل سعودي بعد اخراج السعودية كعدو وتحوله الى صديق لطرفي القتال كما يطمح البعض..

الفارق هو استمرار حصار حكومة انصار الله – المؤتمر في صنعاء وسيضاف لحكومتي صنعاء وعدن حكومة ثالثة مشتركة وفقا للاتفاق المزعوم لكن هذه ستبقى خارج البلاد ولن يأتي احد من طرفيها لا الى صنعاء ولا الى عدن وكل طرف سيطلب ضمانات ولن تأتي الضمانات ولذلك سيستمر الاقتتال بين الاطراف على خطوط النار الحالية وكل طرف – بعد خروج السعودية من الحرب المباشرة – سيدعي ان حربه ضد الاخر هي من اجل الوحدة بينما هو يحافظ فعليا على خطوط التشطير والاقلمة التي تحت يده مع تغيير طفيف هنا وهناك..

على ان الاخطر هو المجتمع حينها وسيكون غير معني بدعم اي من هذه الاطراف بعد خروج السعودية كعدو خارجي وتحولها بالضرورة الى حروب داخلية..

و عندما لا يقف الشعب مع اي من اطراف الصراع الداخلي فلن يكون لأي طرف ميزة على الاخر من حيث القضية التي يقاتل من اجلها على خلاف الامر الان حيث انتصار انصار الله طوال عامين من الوحشية يعود الى صحة ويقينية القضية التي قاتلوا فيها باسم الشعب ونيابة عنه من اجل اليمن وضد عدوان اجنبي الامر الذي الشعب كل الشعب معهم بغض النظر عن نسبة تفاعل فئات المجتمع في المشاركة الفعلية في القتال ولكنه عمليا وقف ويقف مع انصار الله..

على ان الفرق بين الحكومات الثلاث هو ان حكومة صنعاء ستظل بدون موارد ومحاصرة من البحر والبر والجو وستظل تقاتل عدوها في الكنتونات الاخرى من الخارج وشعبها من الداخل والذي سيحملها كل نتائج الحرب والتقسيم والارتهان والاقلمية لأنها قبلت التوقيع على كل هذا بعد حدوث العدوان وكان يمكن قبول ذلك قبل هذا الدمار والخراب طالما و النتيجة واحدة..

بل وسيقال بان انصار الله تحديدا هم الذين قبلوا التفاوض مع من دمر بلادهم والمساهمة في عدم تثبيت اي مسئولية على العدو السعودي في عدوانه وبالتالي لا بد بالضرورة ان يتحملوا وحدهم كل نتائج وتداعيات وملفات واثار العدوان السعودي عليهم وعلى شعبهم بما فيها ذلك ثقل ملفات اسراهم وشهدائهم والبيوت المدمرة والمشردين والنازحين والمرتبات..

لم يصل انصار الله الى هذا الوضع بعد ولا يمكن ان يصلوا اليه لو استمرت السعودية تقاتل اليمن مئة عام ولكن الاتفاق الذي يقاتلون من اجله ويقدمون كل التنازلات في سبيل الوصول اليه هو نفسه من سيوصلهم ويوصل اليمن واليمنيين الى هذه الكارثة التي يخطط لها عبر تفاهمات الكويت وخارطة ولد الشيخ واتفاق كيري وغيره بغض النظر عن نوايا المتفاوضين وماذا يقصدون بهذا البند او ذاك والوعود السرية التي منحت لكل طرف هنا او هناك ولكن كل هذا لن يكون له اي قيمة في الحساب ولن يتعامل الداخل والخارج الا على ما هو مكتوب وملتزم به رسميا وعلنيا..

مطلوب من قائد الثورة ان يعيد كل استراتيجيته في الحرب والتفاوض على قاعدة ان الحرب والتفاوض ليسا من اجل اعتراف العدو بهذا الفصيل او ذاك بل من اجل رد العدوان وكسر المعتدي السعودي  اولا وتحرير اليمن من الاحتلال ورفض كل مشاريع التقسيم والتشطير وعدم التدخل في قراره الوطني وتعويض اليمن واليمنيين عن كل قطرة دم سفكها العدو السعودي والزامه بالاتفاق رسميا بإعادة اعمار كل ما دمره الطيران الحربي للعدو وحلفائه.

ومن اجل هذه القضايا الكبيرة والمصيرية – والتي بدونها لن يكون لانصار الله اولا ولا  لوحدة واستقرار اليمن ثنيا وجود-  تقدم كل التنازلات للأطراف الداخلية مهما كانت كبيرة أيا كان حجمها ولكن من اجل هذه القضايا المصيرية الكبرى وليس تقديم تنازلات صغيرة كانت او كبيرة في كل هذه القضايا الكبيرة مقابل ان تعترف السعودية بهذا الفصيل اليمني او ذاك او تضعف هذا الفصيل اليمني او ذاك  فهذه التنازلات من قبل العدو تظل وقتية وتضر كل من يحصل عليها اكثر مما تفيده والعكس صحيح اي ان اضعاف العدو لأي طرف يمني او استبعاده تفيده لدى شعبه اكثر  مما تضره لأن المعادلة هنا هي الشعب والقيم والتاريخ وليس اي مكاسب حزبية او مالية  موقتة وزائلة بمجرد الحصول عليها مباشرة.

اعتراف الشعب اليمني بأنصار الله ومن يقاتل اعدائه التاريخيين أهم واكبر من اعتراف العالم كله بهم والا ماذا عمل العالم باعترافه بشرعية هادي ومرتزقة الرياض امام صمود وتضحيات هذا الشعب العزيز طوال عامين من الوحشية والتكالب الدولي والاقليمي..؟

و عند هذه النقطة بالذات يبقى الشعب وانصار الله حتى الان كتلة واحدة وحين يتم التوقيع على اتفاق من النوع الذي يحضر  يفترقان تماما على اعتبار ان التفاف الشعب حول قيادة السيد عبد الملك الحوثي في دفاعه عن الوطن ووحدته وسيادته والدفاع عن مكاسبه امام العدوان الخارجي.

صمود اليمنيين كان في سبيل الحفاظ على كرامتهم الوطنية وبالكرامة تأتي كل حقوقهم التي ستضيع ويضيع كل شيء اذا اهدرت الكرامة وخسر اليمنيون بالسياسة كل ما حققوه بدمائهم وآلامهم وتضحياتهم العظيمة.