المرصاد نت
لم يبكِ اليمنيون أحداً في السابق كما بكوا عبد الكريم الخيواني ولم تهتز جماعة «أنصار الله» لطعنةٍ كما اهتزت بعد سماعها نبأ اغتياله أمام منزله وسط صنعاء أطلق مسلحون النار على الخيواني (1965) مفجر أول صرخة بوجه نظام علي عبدالله صالح في وقتٍ لم يكن يجرؤ فيه أحد على أن يمسّ قدسية ذلك النظام.
الخيواني الذي يُعدّ رائد العمل الحقوقي ومؤسس الصحافة الاحترافية في اليمن يصفه مؤرخون بأنه استطاع وحده أن يُفشل مشروع التوريث الذي كان الرئيس السابق علي عبدالله صالح يعمل عليه منذ منتصف التسعينيات ما جعله يتعرض للاعتقال والتعذيب على يد الأجهزة التابعة لنظام صالح مراتٍ عدة.
ولأنه أحد الأعداء اللدودين لنظام صالح، توجهت أصابع الاتهام مباشرةً إلى الرئيس السابق، وخرجت تحليلات تقول إن اغتيال الخيواني هو العلامة الأوضح على انفراط العقد بين «أنصار الله» وصالح بعدما أشيع منذ أشهر عن تحالفٍ ضمني بينهما فيما كانت الجماعة تنفي في كل مرة هذه الأنباء مؤكدةً أن أي تقاطع مع صالح هو صدفة آنية.
ويمكن ضم اغتيال الخيواني إلى سلسلة الاغتيالات التي شهدتها الساحة اليمنية خلال السنوات الثلاث الماضية حيث وصل عدد استهداف قيادات سياسية وعسكرية وضباط ومفكرين إلى 1200 اغتيال ولعلّ «أنصار الله» هي صاحبة أكبر الخسائر في هذا المجال حيث فقدت كبار مفكريها بدءاً بعبد الكريم جدبان والبروفيسور أحمد شرف الدين ومحمد عبد الملك المتوكل وهم جميعهم من أصحاب العقول المنفتحة على الفرقاء السياسيين، مثل الخيواني تماماً.
فالصحافي والمفكر الذي ينتمي إلى اتحادَي الأدباء والكتّاب اليمنيين والعرب والعضو المؤسس في نقابة الصحافيين اليمنيين رحل من دون أن يترك أي عداوات إلا مع القوى النافذة والحاكمة التي عذبته مراراً.
تزامن اغتيال الخيواني الذي شغل منصب سفير النيات الحسنة لحقوق الإنسان في اليمن مع ذكرى «مجزرة الكرامة» التي ارتكبها النظام مع انطلاق الثورة اليمنية في 2011، ما عدّه ناشطون أنه ليس صدفة فهو كان أحد مهندسي تلك الثورة ويحمل أسرار ملف تلك المجزرة وأفرد لها قسماً خاصاً في كتابه الذي سيصدر قريباً.
لذلك وجه هؤلاء الاتهام لعلي عبدالله صالح. ولأن الخيواني كان صاحب دور محوري في «ثورة 21 أيلول» التي سيطرت «أنصار الله» خلالها على صنعاء طاولت الاتهامات حزب «الإصلاح» (الإخوان) الذي قوّضت هذه الثورة نفوذه في البلاد، من دون أن تتجاهل الاتهامات دوراً محتملاً للرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي والقوى الخارجية الذين لم يكن متصالحاً مع أي منهم.
«أنصار الله» التي كان الخيواني محسوباً عليها عدّت اغتياله «محاولة بائسة لاغتيال الثورة وإيقاف مسيرة التغيير الشامل الذي كان ينادي به الشهيد». وقال المتحدث الرسمي لـ«أنصار الله»، محمد عبد السلام إن «اغتيال الأستاذ الخيواني هو نتيجة لحجم التآمر الشامل على الثورة الشعبية من بعض قوى محلية وخارجية أماطت اللثام عن وجهها القبيح وأساليبها القذرة».
ولم يوجه عبد السلام أصابع الاتهام إلى أي طرف أو جهة واكتفي بالتلميح في سياق وصفه لقتلة الخيواني بأنهم يدلّون بجريمتهم على فشلهم السياسي وانحطاطهم الأخلاقي وفقدانهم أي مشروع لبناء الدولة العادلة.
الشهيد الحي عبد الكريم الخيواني في سطور
عبد الكريم محمد الخيواني (1965 - 18 مارس 2015) كاتب و ناشط حقوقي و صحافي وسياسي يمني ولد في عام 1965م في مدينة تعز عضو مؤتمر الحوار الوطني عن مكون أنصار الله سفير النوايا الحسنة للمجلس الدولي لحقوق الإنسان في اليمن.
تلقى تعليمة الاعدادي والثانوي في محافظة تعز ثم اكمل دراسته الجامعية في العاصمة صنعاء في مجال الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة صنعاء. عمل رئيسا للدائرة السياسية في حزب الحق ورئيسا لتحرير صحيفة الأمة الصادرة عن الحزب. رئيس تحرير صحيفة "الشورى" الأسبوعية وموقع "الشورى نت" الإلكتروني الأخباري اشتهر بكتاباته الصحافية الجريئة في نقد النظام الحاكم في اليمن وسياساته.
في مايو 2014م منحته منظمة بعثة السلام والعلاقات الدبلوماسية للمجلس الدولي لحقوق الإنسان والتحكيم والدراسات السياسية والاستراتيجية تعييناً فخرياً بصفته سفير للنوايا الحسنة والعلاقات الدبلوماسية تقديراً لجهوده وإسهاماتها في المجالات الإنسانية وهو أول يمني يمنح هذا المنصب.
وهو في السجن منحته منظمة العفو الدولية الجائزة الخاصة بالصحفيين المعرضين للخطر عام 2008م وهي الجائزة الخاصة بصحافة حقوق الإنسان المعرضة للخطر..
عقب توليه رئاسة تحرير صحيفة "الشورى" مطلع 2004م نشر ملفات شديدة الحساسية بالنسبة للحكومة اليمنية أسهمت في رفع سقف الحرية للصحافة الناقدة، وأشهر تلك الملفات ملف توريث الحكم والمناصب الوظيفية في الدولة، والفساد في القطاع النفطي، وجمع المسئوليين الحكوميين بين مناصبهم وبين ممارسة التجارة إضافة إلى تغطيته لأحداث الحرب في صعدة التي اندلعت منتصف مارس 2004م وهي تغطية انتقدت الحرب وكشفت الكثير من حقائقها. بسب كل ذلك تعرض للقمع وأنواع من المضايقات من قبل الحكومة، حيث سجن أواخر 2004 واستمر اعتقاله لمدة عام إثر صدور حكم قضائي بحقه على خلفية تهم عديدة بينها إهانة والمساس بذات رئيس الجمهورية انذاك علي عبدالله صالح .
تفاعلت مع قضية اعتقاله المنظمات المحلية والعربية والدولية المعنية بالحقوق والحريات وفي مقدمتها الحريات الصحافية كما تفاعلت معها دوائر سياسية دولية حكومية وغير حكومية وأدرجت قضيته في عديد تقارير دولية بينها تقرير وزارة الخارجية الأمريكية السنوي عن الحريات وتقارير لمنظمة العفو الدولية وغيرها.
وبعد كل تلك الضغوطات أطلق سراحه أواخر 2005م بموجب عفو رئاسي .. وأثناء سجنه أوقفت صحيفة الشورى عن الصدور بموجب نفس الحكم الذي قضى بسجنه، وبعد إطلاق سراحه استأنف إصدار الصحيفة لكنها ما لبثت أن تعرضت للمصادرة حيث احتل مقرها على أيدي عصابة مسلحة مدعومة من قوى أمنية، وسمحت وزارة الإعلام للعصابة بإصدار الصحيفة وتبنت طباعتها ونشرها مؤسسة الثورة الحكومية، ولا زال استنساخ الصحيفة وإصدارها بهذه الطريقة مستمرا حتى الآن. أطلق موقع "الشورى نت" الإلكتروني بعد مصادرة الصحيفة لكن الموقع ما لبث أن تعرض للمضايقات التي* انتهت بحجبه عن المتصفحين في اليمن من قبل وزارة الاتصالات.
منع من السفر إلى خارج البلاد وتعرض لتهديدات عديدة بالتصفية الجسدية من أبرز مقالاته التي أثارت حساسية السلطات ضده: "عيد الجلوس" و"علي كاتيوشا" ومقالات أخرى.
تم اغتياله أمام منزله في صنعاء من قبل مجهولين كانوا يستقلون دراجة نارية في يوم الأربعاء 18 مارس 2015 م.
المزيد في هذا القسم:
- عبد الله البردوني في ذكرى رحيله ...فيلسوف وشاعر ظُلم حيا وميتا المرصاد نت - خاص يصادف اليوم الثلاثين من اغسطس الذكرى السابعة عشر لرحيل الشاعر والناقد والفيلسوف اليمني والعربي عبد الله البردوني. الثلاثين من اغسطس ...
- وزير الدفاع الايراني: قدرة المقاومة الفلسطينية الصاروخية تضاعفت الف مرة أعلن وزير الدفاع الإيراني العميد حسين دهقان أن القدرة الصاروخية للمقاومة الفلسطينية تضاعفت الف مرة للرد على اعتداءات الكيان الاسرائيلي. وقال العميد دهقان في ...
- إرهابيون يفضحون إكذوبة "دار الحديث" في دماج اقامت الحركة الوهابية واتباعها السلفية في المنطقة والعالم الدنيا ولم يقعدوها اعتراضا على رفض اهالي محافظة صعدة في اليمن ، وجود ثكنة عسكرية بنتها المجموعات...
- فرج بن غانم... "العملة النادرة" المرصاد نت - متابعات أقلّ من عام واحد كان كفيلاً بإقناع رئيس الوزراء اليمني الأسبق الراحل فرج بن غانم بأن جهوده للإصلاح في اليمن سيكون مصيرها كمصير من يحرث في...
- قسماً يا وسيم .. لا اخفي عليكم ان عيوني تسمرت دقائق امام هذه الصورة.. الشهيد وسيم الخطيب ثائر حر خرج الى الساحة من أجل مستقبل وطن يبدأ بتلك البالونه وينتهي بما سيقوله ابن الشهيد...
- هل يستاهل جرحى الثورة هذا؟؟ عبده محمد مسعد أحد جرحى الثورة الشبابية أصيب بطلقتين ناريتين في العمود الفقري في جولة كنتاكي في 18 سبتمبر 2011م وضحية حكومة الوفاق يفترش الرصيف أمام المحكمة ...
- المبدع عبدالجبار نعمان.. يرسم لوحته الأخيرة بلون الحزن ! المرصاد نت توفي مساء أمس الأول (السبت) بصنعاء الفنان التشكيلي الكبير عبدالجبار نعمان عن 75عاماً بعد صراع مرير وطويل مع المرض الذي ألمّ به خلال السنوات الأخيرة...
- اتفاق السلم والشراكة الوطنية21 أيلول (سبتمبر) 2014 نص الاتفاق وبنوده .. مقدمة بناء على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، التي توافقت عليها جميع المكونات اليمنية والتي أرست أسس بناء دولة يمنية اتحادية ديموقراطي...
- الدكتوراه بامتياز للباحث اليمني محمد صادق الأعور من كلية العلوم بجامعة صنعاء بتقدير ممتاز نال الباحث اليمني محمد صادق الأعور درجة الدكتوراة من كلية العلوم بجامعة صنعاء عن رسالته الموسومة ب(الأثر الوقائي والعلاجي لمضادات الأكسدة -عسل النح...
- ثابت حسين: وثيقة الحلول ليس لديها من اسمها شيئا المرصاد - خاص قال الباحث والمحلل السياسي والعسكري العميد الركن ثابت حسين صالح إن مؤتمر الحوار صمم خصيصاً وعنوة لإيجاد حل عادل لقضية الجنوب وقضي...