كان ولايزال الإعلام وسيلة الدفاع والهجوم في كل الحروب ، حتى في الحرب التي وُصفت تاريخياً بـ (الباردة) بين قطبي العالم الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي آنذاك كان (الإعلام) المزود الرئيس لجهازي السي آي ايه و الكي جي بي ، على اعتبار أن العمل الاستخباراتي كان السلاح الأمضى في تلك الحرب التي انقضى عهدها وانقضى معه ذلك العمل كتكتيك ، وبقيت الاستراتيجية من نصيب الإعلام بعد أن تصدر المشهد حول العالم بوصفه رصاصة الموت في الحروب العبثية والفوضوية ورصاصة الرحمة في الحروب التي تتسم ببعض النزاهة إن سلّمنا بشيء من النزاهة لأي حرب على مدى التاريخ متكئين على وصفها بالتنافس الشريف أو التباري برح رياضية .
أدركت واشنطن أهمية قطاع الإعلام والاتصال للسيطرة والتحكم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية واعتبرته مجالاً استراتيجياً للحفاظ على نفوذها في العالم ، وقامت بتوظيف دور الإعلام في الحرب على جبهتي ربح القتال وكسب العقول ، وكانت الدعاية وسيلة مثلى في تلكم المعارك.
نعوم تشومسكي في كتابه (السيطرة على الإعلام) يذكر أن أول عملية دعائية حكومية في العصر الحديث كانت أثناء إدارة الرئيس ويلسون الذي انتخب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية عام 1916م وفق برنامج انتخابي بعنوان (سلام بدون نصر) في منتصف الحرب العالمية الأولى، وفي تلك الأثناء كان المواطنون مسالمين لأقصى درجة ولم يبد سبباً للتورط في حرب أوروبية بينما كان على إدارة ويلسون التزامات تجاه الحرب، ومن ثم كان عليها فعل شيء ما حيال هذا الأمر فقامت الإدارة بإنشاء لجنة للدعاية الحكومية أطلق عليها (لجنة كريل) وقد نجحت هذه اللجنة خلال ستة أشهر في تحويل المواطنين المسالمين إلى مواطنين تتملكهم الهستيريا والتعطش للحرب والرغبة في تدمير كل ما هو ألماني وخوض الحرب و(إنقاذ العالم! ) وكان هذا إنجازاً هائلاً، قاد بدوره إلى إنجاز آخر بعد ذلك في توظيف التكتيك نفسه لإثارة هستيريا ضد الرعب الشيوعي .
في العقد الأخير تموضع الإعلام كرئاسة أولى عند من يدرك دوره ويستطيع توظيفه بشكل صحيح في إدارة الحياة والوصول إلى الأهداف المرجوة المرحلية والاستراتيجية على حد سواء ، فلم تكتف واشنطن بشبكة السي إن إن وغيرها من وسائلها الاخطبوطية ، بل راحت تخاطب العالم بلغاته فجاءت قناة "الحرة" بعد الحرب على العراق ، واختارت الدول الكبرى قنواتها من "بي بي سي" إلى "روسيا اليوم" إلى "فرانس "24 وغيرها .. أما نحن العرب فلم نختر سوى نوع (الرسيفر) .
وأما في اليمن ( أصل العرب) فلا نزال نفكر باستراتيجية تأسيس نقاط إعلامية لبلادنا حول العالم مع توافرنا على سفارات فيها من المناصب والمواقع الديكورية الشيء الكثير الذي يجب أن نتقشف فيه وليس (التقشف) في (توظيف) الشباب الذين حركوا عجلة التغيير – على حد زعمهم- وفيما ننشغل بالتفكير في هذه الاستراتيجية تمضي الدول المحترمة من خلال الإعلام ونقاطه الدولية نحو التأثير على الرأي العام الخارجي لكسب تأييده لقضاياها إذ تبحث الدبلوماسية النشطة عن التأييد غالباً خارج الحدود القومية وبهذا يرتبط الإعلام بالدبلوماسية ارتباطا وثيقاً ، إلا أنه في بلادنا يحتاج الأمر إلى (معشر) لإقناع القوم بأهمية الإعلام في الدبلوماسية وعدم أهمية أو جدوى كثير من الدبلوماسيين في السلك الدبلوماسي .
لـكزة ..
جزء مما سبق ذكره كان محور حديث في لقاء مقتضب مع نقيب الصحفيين سابقاً وصديقهم لاحقاً الأخ وزير الإعلام الأستاذ نصر طه مصطفى والذي استشعرت إدراكه وحرصه على تفعيل دور الإعلام وإعطائه حقه في الداخل والخارج وتجاوز أخطاء سابقيه ، وهذا ما نأمله جميعاً ...
المزيد في هذا القسم:
- الراعي و النعاج ! بقلم : الشيخ عبدالمنان السنبلي المرصاد نت أكاد أجزم أنه لو كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه حاضراً بيننا اليوم لما أظنه تردد في أن يحارب حكام السعودية و الخليج بدعوى (الردّة) كما حارب (الأسو...
- ما بعد اجتماع جدة ليس كما قبله ! بقلم: محمد قاضي المرصاد نت كان البعض يعتقد -وانا منهم- من ان امريكا تريد ان تتخلى عن حكام مماليك وامراء الرمال في دويلات الخليج وعلى وجه الخصوص السعودية كما تخلت عن النظام ال...
- د. معن الجربا: العرب الترك الفرس.. انه المثلث الذهبي استاذة "لينا زهرالدين". كتب: د. معن الجربا كتبت الاعلامية اللبنانية المعروفة لينا زهر الدين على صفحتها في موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك "إسرائيل" وتركيا وإيران؛ ٣ "دول" عنصرية عاثت ...
- ثورة اكتوبر تتشح بالسواد في عيدها الثالث والخمسين ! بقلم : صدام عمير المرصاد نت يصادف اليوم الذكرى الثالثه والخمسين لثورة الرابع عشر من اكتوبر المجيده والتي انطلقت شرارتها الاولى من جبال ردفان الشماء تلك الشراره التي...
- مقاومة وجيش هادي وعلي محسن الاحمر هم من ذبحوا قرى الصراري ! بقلم : صلاح القرشي المرصاد نت كل الذين دخلوا قرى الصراري ومارسوا فيها حرقا للبيوت والمساجد وقتلا للمدنين الاطفال والنساء والشيوخ والرجال ونهبوا وهتكوا الاعراض وغيرها من البشاعة،...
- هل نجح الزبيدي في تنصيب نفسه ومجلسه ممثلا للجنوب ؟ المرصاد نت البيان الذي القاه رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي في ساحة المعلا يأتي في سياق محاولة تثبيت المجلس بصفته الكيان المعبر عن الإرادة الجنوبية بدعو...
- الرئيس (الأسبق) علي عبد الله صالح لا تُذكر كلمة (الأسبق) إلا مع وجود (سابق) . من هنا يُعد مقالي هذا امتداداً لمقالي تحت عنوان ( الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي ) المنشور في صحيفة (الش...
- لهذا هم منزعجون من الاتفاق ..! بقلم : جميل أنعم المرصاد نت من شروط الاتفاقات حسب المفهوم والرغبة الاستعمارية :- 1- أن تكون بنود الاتفاق أمريكية على ورقة إسرائيلية بأقلام سعودية .2- أن يُبنى الاتفاق على ا...
- سأتوقف عن الكتابة لمدة عامين كاملين إعتذارا لـ"الإصلاح" إذا تحقق هذا: هاتوا لي اتفاقا واحدا من اتفاقات الصلح أو وقف النار، منذ العام 2004 حتى يوم أمس، لم يشن "الإصلاح" حملة ضده أو لم يتعامل معه كـ"خيانة وطنية"..!! اتفاق واحد...
- قائد يخاطب شعبه.. وسنة إلهية في ظل الكفر ! بقلم : أحمد عبد الوهاب الشامي المرصاد نت مما هو طبيعي عند الإنسان في هذه الحياة أن النصر حليف من يمتلك الإمكانات و القدرات الأكبر لكن هذا يغفل سنة كونية لا تنطبق مع سنة خالق هذه الحياة ...