المرصاد نت - متابعات
انتهى اجتماع جنيف الرباعي أمس بلا «دخان أبيض» يبشّر بولادة «لجنة دستورية» مُتَفقٍ على كامل تفاصيلها؛ على رغم التقدم الكبير الذي أنجز على طريق تشكيلها والآمال المعقودة على اجتماعها مطلع العام المقبل. اللقاء الذي جمع وزراء خارجية الدول «الضامنة» لمسار «أستانا» والمبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا كان مناسبة لإظهار التزام تلك الدول بدفع المبادرة التي خرجت من «سوتشي» ولملاقاة جهود «الفرصة الأخيرة» التي بذلها دي ميستورا قبل رحيله عن الملف السوري.
وكان لافتاً أمس أن الأطراف الأربعة التي ناقشت تفاصيل إنشاء «اللجنة الدستورية» لم تتشارك المؤتمر الصحافي الختامي في مؤشر إلى عدم تبني الأمم المتحدة للبيان الختامي الذي تلاه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف صحبة نظيريه الإيراني والتركي. البيان ذو البنود الخمسة وفي موازاة تأكيده على «سيادة واستقلال ووحدة وسلامة أراضي» سوريا أشار إلى أن الوزراء استعرضوا خلال اجتماعهم «النتائج الإيجابية» لمشاوراتهم مع الأطراف السورية في شأن «اللجنة الدستورية» وتعهّدوا مواصلة العمل على تسهيل بدء عملها من خلال التفاعل مع المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا وعقد اجتماعها الأول في جنيف مطلع العام المقبل.
وقد يكون أبرز ما ورد في البيان هو توافق الوزراء الثلاثة على ضرورة أن «يدار عمل اللجنة الدستورية في جوّ من المرونة والمشاركة البناءة بهدف التوصل إلى انسجام عام بين أعضائها» إلى جانب تأكيدهم أن «هذه الخطوات سوف تؤدي إلى إطلاق عملية سياسية دائمة ومتينة، بقيادة سوريّة وتيسير من الأمم المتحدة تتماشى مع قرارات مؤتمر الحوار الوطني في سوتشي وقرار مجلس الأمن الدولي 2254».
وعقب هذا البيان المشترك خرج دي ميستورا للقاء الصحافيين والتأكيد على أهمية العمل المنجز من قبل روسيا وتركيا وإيران قبل أن يوضح أنه «لا يزال ينبغي عمل المزيد... في مسار الجهود الماراثونية المبذولة لضمان تشكيل لجنة دستورية متوازنة وشاملة وذات صدقية». ولفت الديبلوماسي السويسري إلى أنه سيشاور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اليوم في نيويورك على أن يقدم إحاطته أمام مجلس الأمن غداً ويشرح فيها ما تم الوصول إليه إلى حد الآن في مسار «التسوية السورية»، لا سيما في ملف «اللجنة الدستورية». وأصر على عدم الخوض في أي تفاصيل عن اجتماعات أمس مبرراً ذلك بعدم رغبته في تعقيد مهمة خلفه النرويجي المنتظر غير بيدرسن. وودّع المبعوث الأممي الصحافيين الموجودين في مقر الأمم المتحدة في جنيف بشكل فردي على اعتبار مؤتمره الصحافي هذا سيكون الأخير هناك.
مصادر في جنيف أكدت إن تعقيداتٍ في اللحظات الأخيرة أدت إلى تأجيل انعقاد المؤتمر الصحافي للإعلان عن اللجنة الدستورية السورية وأضافت المصادر أن المبعوث الدولي إلى سوريا ستافان دي ميستورا يصر على تضمين اللجنة أسماء شخصيات من خارج اللائحة المتفق عليها بين الدول الثلاث إيران وروسيا وتركيا مشيره إلى أن الأسماء المقترحة من دي ميستورا مقربة من الولايات المتحدة والجانب التركي لا يمانع إضافتها.
الدول الضامنة لمحادثات أستانة، روسيا وإيران وتركيا، "ستسلم لائحة مكتملة من 150 مرشحاً لعضوية اللجنة الدستورية السورية على أن يتمّ اختيار 30 أو 45 شخصاً للجنة صياغة الدستور أو تعديله" حيث أنّ "معظم الاسماء الواردة على لائحة المعارضات شاركت في مفاوضات جنيف على مدار السنوات الأربع الماضية" وبخصوص لائحة الحكومة السورية أشارت المصادر إلى أنّها "تتضمن النسبة الأعلى من خبراء القانون الدستوري من بين اللاوائح الثلاث الأخرى"كما أصرّت تركيا خلال الاجتماع على تضمين اللوائح 6 شخصيات مدعومة منها وتابعة بشكل مباشر أو غير مباشر لجماعة الإخوان المسلمين.
وبينما ظهر بوضوح من تصريحات أطراف «رباعية جنيف» أمس أن هناك عدداً من النقاط العالقة قبل الوصول إلى توافقات كاملة حول «اللجنة الدستورية» فإن كواليس الاجتماعات وتفاصيل تلك «العقد» لم تخرج إلى العلن. وبعدما سلّمت الدول «الضامنة» قائمة «توافقية» عن ممثلي «المجتمع المدني» إلى المبعوث الأممي وفق ما أكده بيان لوزارة الخارجية الإيرانية تحدثت أوساط معارضة عن محاولة أممية لإضافة عدة أسماء إلى تلك القائمة لقيت رفضاً من الجانب الروسي.
وألمح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أمس إلى وجود «وجهات نظر مختلفة حول القائمة المتعلقة بالمجتمع المدني» مضيفاً أن العمل جارٍ على حلّها داخل إطار الدول «الضامنة» ومع الأمم المتحدة. وأشار جاويش أوغلو إلى أنه «جرى بحث قضايا مثل النسبة المطلوبة لاتخاذ قرار هل بغالبية الثلثين أم أكثر من ذلك؟ وهل سيكون هناك رئيس ونوابه أو رئيس مشارك؟».
وفي انتظار ما سيخرج عن دي ميستورا في مجلس الأمن غداً فقد حملت «رباعية جنيف» رسائل هامة كان أبرزها إصرار «ضامني أستانا» على تفويت الفرصة أمام الأميركي لنسف مبادرة «اللجنة الدستورية». وقد عبّر وزير الخارجية التركي عن هذا التوجه بالقول إن «اجتماع اليوم (أمس) مؤشرٌ على مدى أهمية مرحلتي أستانا وسوتشي من أجل الحل السياسي في سوريا من جهة والبدء في تحقيق نتائج ملموسة من جهة ثانية».
وبينما تُظهر المعطيات أن دي ميستورا يريد نقل الملف إلى خلفه النرويجي بأقل الخسائر ومن دون تصعيد بين الأطراف المعنية فيه، لم تعد رغبة واشنطن في تحميل دمشق مسؤولية فشل «العملية السياسية» ومن منبر مجلس الأمن وبصوت دي ميستورا نفسه قابلة للتحقق بسهولة. فالدول الثلاث سلّمت مقترحاً متكاملاً لتركيبة اللجنة مرّ على دمشق عبر ممثلي روسيا وإيران خلال الأسبوع الماضي. وإن كانت التعديلات المقترحة على ثلث «المجتمع المدني» قد عطّلت تمرير الصيغة التي توافق عليها «ضامنو أستانا» فإنها باتت تفاصيل قابلة للحلّ قبل أي اجتماع مرتقب للّجنة في العام المقبل.
غير أن وصول المبعوث الأممي الجديد بيدرسن قد يلقي بظلاله على تلك العملية لا سيما أن مقاربته للملفّ قد تكون مختلفة عن سلفه «الهادئ». ومن غير المعروف حتى الآن موقف الولايات المتحدة من تحييد القوى السياسية التي تدعمها في مناطق شرق الفرات عن مبادرة «اللجنة الدستورية»؛ خصوصاً أنها عبّرت سابقاً عن تطلعاتها لإشراك تلك القوى في العملية السياسية.
في موازاة الاجتماع الرباعي في جنيف عقد نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، لقاءً مع السفير الأميركي في موسكو جون هانتسمان لبحث الملف السوري. ووفق بيان وزارة الخارجية الروسية أكد بوغدانوف خلال اللقاء «أهمية الجهود التي تبذلها البلدان الضامنة لعملية أستانا من أجل تهدئة الوضع على الأرض، وتيسير إنشاء عملية سياسية وفقاً لقرار مجلس الأمن 2254». وأشار الجانب الروسي إلى «الاستعداد للتعاون مع الولايات المتحدة من أجل القضاء على داعش وجبهة النصرة وغيرها من المنظمات الإرهابية المرتبطة بها مع احترام سيادة سوريا وسلامتها الإقليمية. وبالتوازي استقبل بوغدانوف وفداً من قيادة «المجلس الوطني الكردي» السوري وتركّز البحث على تطورات شمال شرقي سوريا.
المزيد في هذا القسم:
- واشنطن تكبح "التفاؤل الخليجي": أمامنا أشهر لحلّ فعلي المرصاد نت - متابعات دعت الولايات المتحدة وبريطانيا والكويت جميع الأطراف على سرعة احتواء الأزمة الراهنة مع قطر وإيجاد حل لها في أقرب وقت ومن خلال الحوار. و...
- السودان : «العسكري» يلوّح بالقوة... و«التغيير» تستعدّ لأسوأ الاحتمالات ! المرصاد نت - متابعات تتجه «قوى الحرية والتغيير» إلى تعزيز دفاعاتها في محيط ميدان الاعتصام في الخرطوم في ظلّ تتالي المؤشرات إلى نية المجلس العسكري فضّه بالقوة ...
- تحشيد في إدلب: تركيا تزوّد المسلحين بمضادّات دروع! المرصاد نت - متابعات على رغم عدم إعلان انتهاء الهدنة، إلا أن كلّ الأطراف في إدلب باتت تعمل على أساس أن عملية عسكرية كبرى مرتقبة في المرحلة المقبلة. قصف تمهيدي...
- الاحتلال يعود تدريجاً: «الأطلسي» في بغداد قريباً المرصاد نت - متابعات أعلن حلف شمال الأطلسي موافقته رسمياً على تلبية طلب الإدارة الأميركية إرسال بعثة منه إلى العراق للمشاركة في ما يسمى «مهام التدريب وا...
- التوتر في الخليج وأزمة الناقلات تخيّم على اجتماع فيينا! المرصاد نت - متابعات على وقع الأزمة مع بريطانيا اجتمع أطراف الاتفاق النووي (إيران والصين وروسيا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي) في فيينا على مستوى...
- أين موسكو من الاعتداء الإسرائيلي على سوريا؟ المرصاد نت - قاسم عز الدين في العدوان على بعض نقاط الدفاع الجوّي في سوريا تحاول "إسرائيل" تثبيت ما تسميه "حرية العمل" بذريعة مواجهة التهديد الإيراني في العودة...
- البحرين : سبع سنوات على الانتفاضة .. السلطة أضعف رغم القبضة الحديدية المرصاد نت - حسن قمبر يُحيي البحرينيون في هذه الأيام الذكرى السابعة لانطلاق الانتفاضة الشعبية ضد النظام. انتفاضة ظنّت السلطات أن باستطاعتها إخمادها عبر أعمال ...
- مجزرة الزارة نفذت بأوامر من الرياض وأنقرة والدوحة وشهداء بانفجار إرهابي بالقامشلي المرصاد نت - دمشق وجهت وزارة الخارجية والمغتربين السورية رسالتين متطابقتين إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن الدولي حول المجزرة التي ارتكبته...
- احتدام الاشتباك الانتخابي: الحكومة العراقية والمفوضية ترفضان قرار البرلمان المرصاد نت - متابعات يبدو المشهد السياسي والقانوني في المرحلة المقبلة مفتوحاً على احتمالات شتّى في ظل تصاعد الجدل بشأن نزاهة الانتخابات وصحة نتائجها. جدلٌ لم ...
- أردوغان في موسكو غداً: «الآلية الأمنية» تنطلق شرقي الفرات ! المرصاد نت - متابعات يصلُ الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى روسيا غداً في زيارة «طارئة» استوجبتها التطورات الأخيرة في الشأن السوري عامة وفي إدلب وريف حماة ا...