بات الوعي الإصطناعي مع الأسف يهيمن على الأغلبية ويرى بأن ماتقوم به الحركة الحوثية من فرقعات وفقاعات بحرية تعتبر من البطولات اليمنية العربية الخارقة بنفس من رأى ذرائع العدوان على اليمن في ٢٠١٥، بينما الحقيقة هي ان هذه الفرقعات المهرجانية تعكس أضراراً جسيمة على مستويات متعددة ضد تضحيات أبنائنا في غزة والقضية الفلسطينية واليمن والأمة العربية برمتها ايما ضرر وايما كوارث.
كيف؟؟؟؟
القصة:
ارجوا ان تتخيلوا لوهلة بأنكم مدعوون الى اوبرا مفتوحة تُعزف فيها سينفونية عالمية يتم نقلها في بثٍ حي للعالم كله بينما شعوب العالم كلها تشاهد مشدوهه ومشدودة بقلوبها وجوارحها وعواطفها وحواسها وعذاباتها لهذه الملحمة التي تُعزف لأول مرة بنغمات وأيقاعات هادرة ومزلزلة للأفئدة والقلوب وتُترجم على الهواء الى كلِ اللغات وكل الأديان وتسرد قصةً تصد فيها أُمةٌ لتاريخ مُظلم من القسوة والطغيان وإنتهاك حُرمات وحريات وكرامة الإنسان. ملحمة تحكي لأول مرة عن تاريخ مدته ٧٥ عاماً من السجون والإبادات والمجازر لم يُعرف للكثيرين من شعوب العالم عنها من قبل. بينما شعوب العالم وهي تشاهد هذه السينفونية الحزينة ترفع بخشوع أياديها الى الله متضرعة له بدعوات إنسانية عالمية كونية مشتركة بان يرفع هذه المظالم والمآسي والمجازر عن أبنائنا في غزة ويحقق لهم النصر على أعدائهم الطغاة المتسلطين. دعوات تفضي دون شك الى تغيير المسار الفكري والسياسي والعسكري للنظام العالمي المتغطرس كله وإنقاذ أهل غزة وتحرير فلسطين والأمة العربية.
إنها كذلك سينفونية سلام عالمية تُستخدم فيها آلات موسيقية جديدة وتُعزف فيها نوتات متفردة بإيقاعات قويةٍ وصاخبة توقض كل السكارى والنائمين، إنها ملحمة تعبر عن هجرة عالمية الى تحرير غزة وفلسطين والوطن العربي من الصهاينة. انها هجرة تحاكي الحديث الشريف الذي يقول "من هاجر الى الله فهجرته اليه ومن هاجر الى دنيا يصيبها او إمرأة ينكحها فهجرته الى ما هاجر اليه". من خلال هذه الملحمة، تهاجرُ شعوب العالم بكل مشاعرها واحاسيسها وقلوبها الى تحرير غزة وأبناء غزة ونصر المجاهدين الأحرار، لكن وسط هذا الخشوع تقطع فجأة هذه الملحمة العالمية الرائعة التي تُسمى "طوفان الأقصى" اصوات نشاز من آلات كرتونية تنكية صدئة مزعجة تأتي من خارج هذا المسرح العالمي المفتوح وتأتي من خارج سياق التاريخ لتخترق وتبعثر هجرة الشعوب نحو فُلك طوفان الأقصى الى خنادق أصحاب النارِ والأخدود. هذه الأصوات النشاز تبعثرُ اهتمام وتركيز ومشاعر العالم الى جهات واشكال ومناظر فانتازيا أخرى من خلال افتعال احداث وهمية تبعدهم عن اهتمامهم وتركيزهم المقدس. تقوم هذه الأصوات النشاز في لحظة خارجة عن زمن اللحظة بقصف الطاقات الإيجابية المتفجرة التي تسري من كل أنحاء العالم الى غزة العزة لتعلوا هذه الأصوات النشاز في مسلسل وهمي ساذجٍ هابط يسرق اهتمام وانتباه العالم الى وجهة إبليسية شيطانية غير معلومة.
هذا هو ما اراده الصهاينة من الفقاعات الحوثية، بينما الحوثيون يسعون لتحقيق أهدافٌ اخرى أضافية، يريدون ان يفروا الى الأمام من استحقاقات كثيرة اهمها مشاركتهم في العدوان والحصار على اليمن اللذين شاركت الجماعة فيه بفعالية إسناداً للتحالف خلال تسعة اعوام اكلت على اليمنيين الأخضر واليابس.
إن ما يحدث اليوم من مناورات بين التحالف الغربي الجديد والحوثيين في اليمن وسواحله في البحر الأحمر حمل ويحمل أضرار جسيمة على تضحيات ابنائنا في غزة والإنتصارات التي يحققونها ويحمل ايضاً اضراراً وكوارث على اليمن ودماء أبناء اليمن ايضاً وذلك في جوانب عديدة اهمها:
١- خطف انتباه العالم وتعاطفه مع اطفال وشيوخ ونساء غزة بل والقضية الفلسطينية برمتها التي وصلت الى صدارة اهتمام العالم ولينقل ثِقل معركة طوفان الأقصى المباركة من مركزها الأساسي في غزة الى معارك جانبية فقاعية وهمية واستعراضات دنكوشوطية في البحر الأحمر واليمن الأمر الذي يدعونا الى التساؤل الخطير :
اين كانت كل هذه الإستعراضات المسرحية في ظرف عصيب كان يُمزقُ فيه اليمن ويحاصره ويتم احتلاله طيلة تسعة اعوام من قِبل عملاء ووكلاء نفس هذا العدو الصهيوني الذي قاد العدوان السافر واقام عليه حصار قاتل كل هذه المدة حتى اصبح مرتهناً له حتى الآن!!!؟؟؟ هل كان الحوثيون نيام على عدوان وحصار بلادهم وفجأة استيقضوا على عدوان غزة؟؟؟ ام انهم فصيل من مؤامرة العدوان والحصار على اليمن وغزة معاً؟. لماذا لم تُستخدم هذه القوة الضاربة من صواريخ ومسيرات وطائرات حربية وغيرها للدفاع عن اليمن ومياهه وجُزره؟ إن اليمن بسبب العدوان الغاشم اصبح متشضياً الى أشلاء .. لو ذكرنا فقط محافظة مأرب على سبيل المثال وليس الحصر، محافظة الغاز والنفط الذي تسرقه الإمارات والسعودية والتي تبعد فقط عن صنعاء نحو ١٧٣ كيلو التي اصبحت تحت إدارة تحالف العدوان. لماذا لا تحررها جماعة الحوثي قبل ادعائها بتحرير غزة هااااه؟؟؟؟ لماذا يهرب الحوثي من مأرب، الذي استمر القتال حولها سنين طويلة وأحرق في نيرانها مئات الآلاف من اليمنيين؟؟
٢- تُقدم في المقابل هذا الأصوات النشاز مبررات حقيقية تجعل العدو الصهيوني يهرب من ارض المعركة بإنتصار كاذب ومُزور بحجة الضغط الدولي عليه بسبب تداعيات توقف الملاحة البحرية واقفال البوابات التي سببت أضرار اقتصادية عالمية مفتعلة. ولكن هيهات لأن الطوفان لن يتوقف حتى يغرق كل الأعداء والعملاء والخونة.
٣- لليمن وشعبه استحقاقات ضخمة جداً من تداعيات العدوان والحصار عليه تقع على عاتق السعودية والإمارات ودول الخليج والحركة الحوثية وقيادات الحكومة الشرعية وجماعات الإصلاح والإنفصاليين الجُدد وبقايا فلول النظام السابق وكل من شارك في العدوان والحصار على اليمن وشعبه او السكوت عنه.
ولهذا شاهدنا في الماضي القريب مغازلات واحضان وقُبّل بين كل هذه الأطراف تمثلت بفرض هُدنات بعد هُدنات وتسويات بعد تسويات على الأرض وفتح مطار صنعاء وميناء الحديدة على استحياء بحدود ضيقة جداً مما يشي استمرار العدوان والحصار والإحتلال الغاية منها إذلال اليمن واليمنيين وتمزيق بقية محافظاته واراضيه.
لذا فإن افتعال دعم غزة بمثل هكذا مسرحيات مشتركة بين الداخل والخارج يقدم لتحالف العدوان فرصة ذهبية ليس فقط على مستوى الفرار الى الأمام من المستحقات الضخمة لليمن من تعويضات وإعادة بناء وغيرها بل واستمرار الضغط على الشعب اليمني لتقديم تنازلات اكبر تمس سيادة بلاده ووحدة اراضيه. لذا فقد وجد هؤلاء في غزة ضالتهم المنشودة ليضربوا كثير من العصافير بحجر واحدة.
٤- هذه المسرحيات الساذجة يجعل اليمن مفتوحاً اكثر مما هو عليه حالياً وذلك لإكمال مؤامرة انتزاع ما تبقى من سيادته وتقسيمه الى دويلات وضم اراضيه ومحافظاته لدول الجوار. وهذا لن يتم كما يظنون الا من خلال تبادل الحروب المتواصله على اليمنيين ليتفشى الفقر والجوع والمرض ونشر الأوبئة والمواد السامة عن طريق تفجير القنابل الكيماوية وغيرها على اليمنيين دون توقف.
كما علينا ان لا ننسى ان حمية اليمنيين وحماسهم للدفاع عن فلسطين مسألة لا تقبل المزايدات حيث كان بمقدور الحوثيين ببساطة ارسال قوافل من المقاتلين الى غزة لمشاركة إخوانهم الفلسطينين في قتال الصهاينة دون اي ضجيج اعلامي واستعراضات فارغة لو لم تكن لديهم اهداف سياسية صهيونية لكن ثمة أسئلة كثيرة تضيع في وسط البهرجات الإعلامية والإستعراضات الهلامية التي تعمدها الصهاينة وتم بثها وترويجها في كل فضائيات الإعلام المزوّر ليستقبلها الوعي الإصطناعي لخطف انتباه وتوجه العالم من أحداث غزة التي انجبت من رحمها رجال سيغيروا العالم ودشنت صرخات قانونية طالما تشدق بها النظام العالمي كالتي تقدمت بها جنوب افريقيا لمحكمة العدل الدولية والقادم اعظم.
الحقيقة اذاً هي ان الإستعراضات التي يمارسها الحوثيون مع بقايا النظام البريطاني والأمريكي وغيرهم إنما هي فصل في مسرحية قديمة مكونة من عدة أجزاء يشتركون بها جميعاً بعد تلقي جماعة الحوثي الضوء الأخضر بإطلاق صفارة البداية لمسرحية البحر الأحمر وذلك من نفس المصدر الذي منحهم الضؤ الأخضر لدخولِ صنعاء قبل تسعة اعوام لتقديم ذريعة شن العدوان والحصار على اليمن بالتعاون مع النظام العالمي الساقط ومنح الحوثيين سلطة الأمر الواقع الغير شرعي على جزء من الأراضي اليمنية مقابل التنازل عن استقلال اليمن ووحدته وسيادة اراضيه.
المزيد في هذا القسم:
- العلاقة الجدلية بين الحوثي - عفاش والسعودية -الإمارات المرصاد نت رغم خبرته الطويلة بمكون الحوثيين ومعرفته بكثير من الأسرار والخفايا بهم إلا ان الصحافي عابد المهذري لم يكتشف بعد كغيره من الكثير من القيادات الحوثية...
- إقصاؤهم الحميد قوّض اسطورة "الإجماع الوطني" .. من يمزق اليمن لا يملك الحق في "نزع" سلاح ال... اكتشف الرئيس المؤقت والحكومة والأحزاب والإعلام الحكومي أن انتشار الأسلحة المتوسطة والثقيلة خطر على "مخرجات الحوار الوطني"! ماذا لو لم تكن لدى السلطة مخ...
- المريض وعقدته !! "نحن من واقع الشعور بالمسؤلية و الحرص على المصلحة سنسعى على الحفاظ على اللحمة الوطنية و العيش المشترك و الاحترام المتبادل و نمد يد السلام و الاخاء و من يعض يد...
- اصرار الانتصار للمذهب: علي عبد الملك الشيباني لماذا نحن المسلمون، نصر وندفع الاثمان الغالية من النفوس والاموال، وندمر المجتمعات والبنى التحتية بالحروب والاقتتال وما يترتب عليها من الفقروالجوع والفرقة والخصو...
- رؤساء اليمن خلف قضبان المحكمة … بقلم : عابد المهذري علي عبدالله صالح يشهد بكفاءة أبوأحمد الحوثي .. أكثر من يهتم ويراقب أداء وأعمال اللجنة الثورية العليا يدقق في كل صغيرة وكبيرة بشكل يومي لأعمالها الم...
- إنه اليمن صانع المعجزات ! بقلم :صالح مقبل فارع المرصاد نت #طائرتان_في أقل من 24 ساعة يعتبر هذا إنجاز كبير حققه الدفاع الجوي اليمني فلرجال القوة الصاروخية خالص شكرنا وتقديرنا. بعد ألف يوم من الصمود استطاع ...
- لماذا تعمل الإمارات على صناعة الفوضى في جنوب اليمن؟ المرصاد نت تشهد مدينة عدن بين الحين والآخر مواجهات عسكرية بين الأطراف اليمنية المسلحة التي كانت وما زالت تقاتل صفا واحدا تحت قيادة قوات التحالف في عدوانه...
- "سلام"، يتدحرج لمعانقة الحرب . قادري احمد حيدر *قبل البداية : خلال السنوات الخمس المنصرمة كتبت عشرات الموضوعات حول السلام، ورؤيتي لمفهوم السلام والحرب، قلت فيها بعض ما أراه، دون إدعاء أنه...
- سوق التجارة السوداء في اليمن . المرصاد كتب: عبدالجبار الحاج في هذا البلد الذي يتعرض لحرب عدوانية واحتلال من دول الجوار امتدادا لسلسلة ثلاثة حروب كبرى تعرضت لها اليمن من العار علين...
- الاحتفال في زمن الحرب ! بقلم : عبد الباري طاهر المرصاد نت بغتة، وبدون اعتياد، وعلى غير توقع، دعا صالح أنصاره ومحازبيه إلى الاحتفال بالذكرى الـ24 لتأسيس حزبه (المؤتمر الشعبي العام). كانت الدعوة لافتة ومثيرة...