موانئ اليمن .. أطماع الإمارات يحققها العدوان والـــحــرب

المرصاد نت - متابعات

لم تكن مطامع النظام الإماراتي بموانئ اليمن وخصوصاً ميناء عدن وليدة اليوم أو نتيجة لتدخلها العسكري فــي نطاق الــتــحــالــف العسكري علـي الـــبـلاد بل منذ عقود مضت.Yem map2018.2.24


حيث كشف مسؤول رفيع فــي نظام الـــرئـيـس الأسبق علي عبد الله صالح أن أولى المحاولات الإماراتية الجادة للسيطرة عــلـى ميناء عدن تعود إلــى بداية التسعينيات وتحديداً عقب الوحدة الــيــمــنــيــة عندما أقرت الــحــكــومــة آنذاك إنشاء منطقة التجارة الحرة فــي الـــمــديـنـة وهو القرار الذي أثار مخاوف أبوظبي مــن أن ينعكس ذلـك عــلـى حركة ميناء دبي.

ووفقاً للمسؤول الــيــمــنـي الذي رفض الكشف عـــن هويته فإن الإمارات أسهمت فــي تعطيل الــمــفــاوضــات مـــع عديد الشركات العالمية لتطوير الميناء وتشغيل المنطقة الحرة إلــى أن خضعت الــحــكــومــة وسلمت الأمر لشركة موانئ دبي التي تعمّدت المماطلة فــي تطوير الميناء والمنطقة الحرة.
 
وأشــــار إلــى أن الــحــكــومــة الــيــمــنــيــة حينذاك ارتكبت خطأً بإعلان أهدافها الاستراتيجية مــن المشروع قبيل إنجاز الترتيبات اللازمة. - اتفاقية الاستحواذ المنطقة الحرة التي تم إنشاؤها فــي عدن تم تخصيص 15 موقعاً لها فــي الـــعــاصــمـة الاقتصادية لليمن بمساحة (32348) هكتاراً؛ كي تكون مركزاً شاملاً للنقل والعمل يجذب المستثمرين انطلاقاً مــن مزايا عديدة لا تتوافر مجتمعة فــي أي مكان فــي الإقليم. وتتمثل فــي الموقع الجغرافي المتميز، والمدخل الطبيعي إلــى الميناء بعمق 40 متراً بقنوات سهلة التعميق، ووفرة الأرض الصالحة للتوسعة والتنمية والموارد البشرية المحلية رخيصة التكلفة وإتاحة الملكية الأجنبية بنسبة 100%، والإعفاء مــن ضرائب الأرباح التجارية والصناعية وضرائب الدخل لمدة 15 سنة قابلة للتجديد لـ10 سنوات إضافية وحرية تحويل رؤوس الأموال والأرباح إلــى خارج المنطقة الحرة، وعدم وجود أي قيود عــلـى العملة وإعفاء العاملين غير اليمنيين مــن ضرائب الدخل وعدم وجود قيود عــلـى استقدام واستخدام العمالة الأجنبية.

 ونجحت الإمارات فــي الاستحواذ عــلـى ميناء عدن ومنطقته الحرة باتفاقية مـــع الــحــكــومــة الــيــمــنــيــة لكنها لم تفِ بالاتفاق المبرم لتطوير الميناء إلــى أن تهالكت أدواته وتراجع نشاطه فبعد أن كان الميناء يستوعب 500 ألف حاوية فــي العام الواحد وكـــان مــن المفترض أن يرتفع استيعابه إلــى مليون حاوية خلال مدة محددة انخفض العدد وفـــي عام 2011 لم يستوعب الميناء سوى 130 ألف حاوية فقط.

برزت بعد ذلـك مطالبات شعبية بإلغاء الاتفاقية وهو مـــا فعله هادي وحكومة الوفاق التي تشكلت عقب ثورة فبراير وهو أمر يراه مُـــراقــبـون أحد العوامل التي تسببت بتوتر علاقة هادي بالإمارات.
 
كما تعرض واعد باذيب وزير النقل وقتها لأكثر مــن محاولة اغتيال فــي عام 2012 تم ربطها بإلغاء اتفاقية تأجير ميناء عدن لشركة موانئ دبي العالمية.

 وضعت الإمارات يدها رويداً رويداً عــلـى موانئ اليمن وسواحله وجزره ابتداء بعدن وليس آخراً المخا.

ورغم أن اليمنيين يعرفون مطامع الإمارات كانوا يراهنون أنها ستلتزم بهدفها المعلن فــي التدخل العسكري ولو عــلـى المدى القريب لكنها سارعت إلــى تعطيل الميناء تارة عبر رفض مــلــيــشــيـا جنوبية تحظى بدعم أبوظبي تسليمه للحكومة وتارة فــي عرقلة التصاريح الخاصة بالسفن بل ومنع سفينة صينية مــن إفراغ حمولتها فــي أواخر نوفمبر الماضي.
 
تصرف أثار احتجاجات لناشطين وعمال الميناء مـــا أجبر الــتــحــالــف عــلـى الخضوع والسماح للسفينة الصينية "ديفون تريدر" بإفراغ حمولتها.
 
مــــديـر ميناء عدن محمد علوي المزربة أوضح حول مـــا يُثار حول الميناء والإمارات والتحالف واكتفى بقوله إنه مــن الطبيعي أن يتأثر الميناء بالمشهد الـــسـيـاسـي والأمني للبلاد.

 وأوضح أن الحركة أصبحت طبيعية فــي الميناء مرجعاً التأخير "الـــســـابـق" إلــى مـــا وصفه ببعض المشكلات وأن الحركة حالياً تشهد تصاعداً، خصوصاً بعد زيارة السفير الــســعــودي وبعض الــــمــسـؤولــيـن للاطلاع عــلـى الصعوبات والاحتياجات التي يحتاجها الميناء الذي كان الثاني عــلـى مستوى الـــعــالــم فــي خمسينيات القرن الماضي إبان سيطرة الإنكليز.
 
وأكــــد أن الـــحــرب والتجاذبات التي حدثت عقبها أسهمت فــي ارتفاع معدل التأمين عــلـى السفن لكنهم استطاعوا أن يحققوا زيادة عام 2017 (330 ألف حاوية) مقابل (270 ألف حاوية عام 2016).
 
 وأضـــاف أن الميناء شهد صيانة للقطاع البحري بإمكانيات محدودة (1.5 مليون دولار) لا تتناسب مـــع الطفرة التي تشهدها صناعة الموانئ فــي المنطقة "ولا سيما أن صراعاً شرساً يدور للسيطرة عــلـى الحصة الخاصة بالموانئ فــي البحر الأحمر، وآخرها استحواذ تركيا عــلـى ميناء سواكن السوداني".
 
الـــمــحــلــل الجيوسياسي الــيــمــنـي أحمد حميدان يرى أنه ليس مــن مصلحة الإمارات تشغيل عدن كمنطقة حرة وتنشيط حركة البواخر فــي مينائها وبحكم تاريخ الميناء والموقع الاستراتيجي سيكون منافساً صعباً لدبي و"جبل علي" ويمكن أن يكون نقطة وصل مسيطرة عــلـى حركة التجارة فــي المنطقة؛ مـــا قد يؤثر سلباً عــلـى نشاطها التجاري وحركة تجارتها ومصالحها فــي المنطقة.
 
وقـــال إنه لا يمكن تجاهل الشق الاقتصادي مــن خلفيات الـــأزمة فــي اليمن لذلك فالإمارات تعيق نشاط حركة التجارة فــي عدن وتقيد نشاط مينائها وحركة البواخر بل حولت ميناء المخا لقاعدة عسكرية ممنوع الاقتراب منها وسيطرت عــلـى الجزر كسقطرى وميون ولهذه السيطرة أهدافها الاقتصادية. وأوضح حميدان أن "هذه الأجندات الاقتصادية للإمارات خلفها دوائر وشركات كبرى قد تكون عالمية، للأطماع الرأسمالية والاحتكارات العالمية الكبرى، والإمارات مجرد أداة".
 
 وأضـــاف: "اليوم المجال مفتوح للإمارات لتنفيذ أجنداتها والحفاظ عــلـى مصالحها الاقتصادية واستثماراتها فــي موانئ القرن الأفريقي وبالمجان؛ بحكم سيطرتها العسكرية عــلـى الجنوب والشريط الساحلي". وأكــــد حميدان أنه "لا تستطيع عدن وميناؤها النهوض بغير أبنائها ولن تنشط الحياة الاقتصادية فــي شرايينها دون أن تتحرر مــن هذه السيطرة العسكرية وتستقر سياسياً، والخوف الذي يعتري الإمارات وأطماعها دفعها لعدم السماح باستقرار اليمن وعدن سياسياً ليؤثر ذلـك مــن ثم سلباً عــلـى حركة التجارة والاقتصاد".
 
وأشــــار إلــى أن الإمارات لتحقيق ذلـك "تفضل عدم دعم حكومة هادي وتقوم بتشكيل كيانات مليشاوية مقابلة ومناوئة ليبقى الـــصـــراع قائماً وعدم الاستقرار يخدم أطماعها وأجنداتها".
 

وبالاتجاه نحو الساحل الغربي لليمن سنجد أن ميناء المخا الذي تم السيطرة عليه مطلع العام 2017  لم يعاود نشاطه فقد تحول إلــى مقر للقوات الإماراتية التي تشرف عــلـى عمليات الساحل الغربي.
 
ويعد تشغيل الميناء ضرورياً للغاية لسكان الشمال بحكم القرب الجغرافي؛ لتسهيل دخول البضائع والمساعدات فضلاً عـــن أن آلاف السكان يعتمدون عليه كمصدر دخل سواء العمال أو الصيادون.
 
 ورغم أن رئـيـس حــكــومــة هادي بن دغر وعد بإعادة تشغيله أثناء زيارة الميناء عقب التحرير؛ كشف علي المعمري المحافظ الـــســـابـق لتعز التي يتبعها الميناء إدارياً فــي أكتوبر الماضي فــي حلقة نقاش ببيروت أن القوات الإماراتية منعته مــن دخول ميناء مـــديـنـة المخا خلال زيارته للمدينة ولم تسلم إدارتها المدنية للسلطات المحلية.
 
وأكــــد "المعمري" أن مــن شأن إدارة السلطات المحلية للميناء بعد تأهيله وتشغيله أن تحل مشكلة السيولة التي تعيشها المحافظة والمتمثلة بانقطاع المرتبات عـــن موظفي الدولة. ولم يبقَ سوى ميناءي "الحديدة" و"ميدي" خارج نطاق السيطرة الإماراتية؛ لكونهما يخضعان لسيطرة الجيش واللجان الشعبية لكن الإمارات تحشد المليشيات والمرتزقة عــلـى الساحل الغربي محاولة بسط سيطرتها عــلـى مـــا تبقى مــن موانئ اليمن.
 

ولمعرفة موقف حــكــومــة الــمنفي  مــن التصرفات الإماراتية وسيطرتها عــلـى الموانئ الــيــمــنــيــة رفض الـــمــتــحــدث باسم الــحــكــومــة راجح بادي التعليق عــلـى الأمر والتجاوب مـــع أي تواصل عـــن الموضوع قد يكون التهرب متوقعاً؛ نظراً للموقف المحرج الذي تعيشه حكومة هادي أمام تدخلات الإمارات والسعودية لكن مـــا ليس متوقعاً هو الصمت الــســعــودي أمام التصرفات الإماراتية.
 
فبحسب مُـــراقــبـيـن فإن السعودية - المعنية بدرجة أولى بالبحر الأحمر؛ نظراً لقربها الجغرافي ومصالحها أكثر مــن الإمارات - استُغلت مــن قبل أبوظبي مــن خلال العمليات الحربية التي يقوم النظام السعودي بجل عملياتها فيما تحاول الإمارات السير باتجاه التقسيم ودعم أطراف مــن الانقلابيين.
 
 فقد تركت أبوظبي جزرها فــي الخليج الـــعــربـي محتلة مــن قبل إيران لتأتي للسيطرة عــلـى موانئ جيبوتي وعصب "إريتريا" وبربرة "أرض الصومال" وعدن والمخا وبلحاف "اليمن" وقبلهما تأمين مصالحها فــي قناة السويس المصرية بعد دعمها لانقلاب السيسي. تتكشف إذن وبالدلائل حقيقة المشاركة الإماراتية فــي الــتــحــالــف الـــعــسكري علــي اليمن فــي السيطرة والوصاية عــلـى الموانئ والسواحل الــيــمــنــيــة بما يخدم مصالحها الاقتصادية وأجندات أسيادها فــي المنطقة.

المزيد في هذا القسم: