المرصاد نت - العربي
تتشابه بدايات التدخل الإماراتي في الجنوب في العام 2015 التي دشنتها أبو ظبي بإنشاء تشكيلات عسكرية وخلق وجوه سياسية وقبلية تدين بالولاء لها لتحقيق أهدافها مع تلك التي بدأ بها البريطانيون حين احتلوا مدنية عدن في العام 1839. وتماماً كما في البدايات يبدو حاضر الإمارات اليوم متشابهاً أيضاً، مع الحقبة الأخيرة للتواجد البريطاني في الجنوب الذي بدأت نهايته بتظاهرات وإضرابات قبل أن تحمل فصائل العمل الوطني السلاح ويتم طرد المحتل البريطاني بالقوة في العام 1967.
منذ دخول الإمارات الحرب على اليمن تحت قيادة تحالف العدوان قبل أكثر من ثلاث سنوات دأبت أبو ظبي على استنساخ الدور البريطاني وقامت بعملية إسقاط التجربة البريطانية في الجنوب. تشابهت ذرائع الدولتين للسيطرة على مفاصل الجنوب الحيوية ففي العام 1839 دخل القبطان «هينس» عدن من ميناء صيرة بذريعة حفظ الأمن للسفن الراسية في الميناء من فوضى القبائل ولهذه الذريعة أشاعت بريطانيا أن القبائل هاجموا سفينة «دريادولت» التي كانت الراسية في سواحل عدن ودفعت بقواتها لاحتلال الجنوب 128 عاماً.
تشابه التشكيلات
في العام 2015 دخلت قوات بن زايد عدن من مدينة البريقة بذريعة صد التدخل «الإيراني» وتأمين الملاحة الدولية. ولم يمضِ أشهر على وصول تلك القوات حتى بدأت تتشكل التجربة البريطانية في صورتها الجديدة وتجلّت بوضوح عندما دشن الإماراتيون قوات «الحزام الأمني» المخوّل بـ«حفظ» أمن مدينة عدن على غرار تأسيس البريطانيين عند قدومهم لقوات «Aden police» (شرطة عدن).
وفي محاكاة لدور بريطانيا حين أنشأت جيش «الليوي» (جيش محمية عدن) أو تأسيسها جيش «الحرس القبلي» (شيبرد) شرعت أبوظبي إلى استنساخ هذه التشكيلات بالنخبتين «الشبوانية» و«الحضرمية» كما تُعد قوات «حراس الجمهورية» استنساخاً لقوات «لورانس» التي كانت تتخذ من ميون مقراً لها للقتال في مناطق الشمال ضد قوات الإمام يحيى. الهدف من تلك الأذرع العسكرية بحسب مراقبين «إرغام الدولة أو الدويلات» في اليمن على مشروع الحرب المتمثل في السيطرة المطلقة على الموانىء والجزر والممرات الدولية خصوصاً وأن أبوظبي تحكم سيطرتها على ميناء عصب في إيرتيريا وميناء بربرة في أرض الصومال وتسعى للتواجد في السودان إضافة إلى سيطرتها على سقطرى وعدن والمكلا والمخا ومحاولتها الوصول إلى أكبر ميناء في شمال اليمن ميناء الحديدة. كل ذلك يندرج ضمن خطط الحرب غير المعلنة للسيطرة على ممرات البحر الأحمر والقرن الأفريقي والبحر العربي.
وبالتزامن مع تلك الهيمنة تسعى السعودية إلى إنشاء قناة بحرية أُطلق عليها «قناة سلمان» بطول 950 كلم تمتد من قطر مروراً بالإمارات وحتى جنوب السعودية إلى الربع الخالي، ثم حضرموت وصولاً إلى البحر العربي. ومن أجل الوصول إلى البحر العربي ابتلعت السعودية مساحات واسعة من الأراضي اليمنية تمتد بين ثمود وخراخير في حضرموت وحتى المهرة قُدرت بأكثر من 40 ألف كيلومتر وأنشأت معسكرات في تلك المناطق وغيّرت خارطة الحدود بين السعودية واليمن الموقعة في العام 2000.
تلك القناة بحسب محللين تسعى الرياض عبرها إلى الاستغناء عن مضيق «هرمز» الذي تتحكم به إيران إضافةً إلى أن المشروع بحسب معلومات تم طرحه في فترة رؤساء اليمن الجنوبي وكان الجانب اليمني يرفض المشروع ويعود ذلك بسبب رفض بيع المملكة الأرض الجنوبية السيادية وكان الحديث حول تأجير الأرض للسعودية مقابل الحماية للقناة من قبل قوات «جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية» وبحسب المعلومات فإن الملك فهد بن عبدالعزيز اشترط في العام 1994 دعم قوات الرئيس البيض ضد قوات الرئيس الراحل علي عبدالله صالح مقابل التنازل عن الأرض الجنوبية الواصلة إلى بحر العرب.
وعلى خطى البريطانيين يمضي الإمارتيون والسعوديون في تحقيق مشاريعهم الإستراتيجية على حساب إضعاف اليمن شمالاً وجنوباً وتحويله إلى دولة ضعيفة يسيطر تحالف العدوان على مفاصل القرار فيها أو على شكل دويلات متعددة على غرار السلطنات والمشيخات والإمارات الجنوبية التي أسستها بريطانيا ومدتها بالمال والسلاح لمواجهة أي مخاطر تهدد وجودها.
في موازة ذلك أسست الإمارات مليشيات وفصائل مسلحة من الجنوبيين لتحقيق أهدافها يقسم بين عدد من «النخب» و«الكتائب» و«الألوية» التي وصل عددها إلى 32 فصيل وتتلقى تلك القفصائل توجيهاتها من الضابط الإماراتي الذي يتخذ من البريقة مقراً رئيسياً لمزاولة سلطاته ويتناوب الضباط الإماراتيون كل عدة أشهر على قيادة تلك الفصائل في محاكاة لدور الضابط السياسي البريطاني الذي كانت تعينه السلطات البريطانية كل ستة أشهر لقيادة التشكيلات العسكرية التابعة لها في الجنوب. تفعل الإمارات كل هذا في الوقت الذي تقوض فيه قوات هادي الذي تدخل «التحالف السعودي» من أجل عودته إلى حكم اليمن.
طموح بن زايد الذي كشف عنه في إحدى لقاءاته غير الرسمية بأن إمكانيات دولته حالياً أقوى من إمكانيات بريطانيا حين استطاعت أن تكون أكبر إمبراطورية في العالم. هذا الطموح في اليمن واجهته صحوة جنوبية انطلقت شرارتها في جزيرة سقطرى في مايو الماضي حين تظاهر الآلاف رفضاً لتحويل الجزيرة إلى تابعية لأبو ظبي ثم جاءت هبة أبناء المهرة في يوليو الماضي تطالب بالسيادة على المحافظة وترفض سيطرة الأجنبي على المدينة وتوسّعت رقعة الاحتجاجات لتصل إلى مدينة عدن التي قطعت الإمارات أوصالها بأكثر من ثلاثين ألف عسكري محلي موالٍ لها، لكن على الرغم من ذلك خرج المئات قبل أيام مطالبين برحيل «التحالف» من الجنوب الأمر الذي شبّهه محللون بتظاهرات الستينات ضد التواجد البريطاني والتي كانت نواة الكفاح المسلح في الجنوب.
المزيد في هذا القسم:
- ليست ضمن الصفقة الأخيرة.. السعودية تفرج عن أسرى حوثيين المرصاد-متابعات أعلن التحالف العربي، اليوم الإثنين، الإفراج عن أكثر من مائة أسير حوثي لدى السعودية، ليسوا ضمن صفقة تبادل المحتجزين التي انتهت رسميًا أمس الأحد....
- مأزق السعودية في رمال اليمن المتحركة…! المرصاد نت - متابعات يبدو من الواضح، بعد ما يناهز خمس سنوات على بدء الحرب السعودية الأميركية على اليمن، في محاولة يائسة لإخضاعه وتركيعه، دون جدوى، انّ الحكوم...
- علي محسن ومشاريع تدمير الجيش اليمني المرصاد نت - طالب الحسني سنوات بقيت المؤسسة العسكرية والأمنية هدفا لمشاريع تآمرية عدة أسوأها تحويل هذه المؤسسة الهامة في كيان الدولة إلى إقطاعية في خدمة أجن...
- الإمارات تقوم باستحداثات عسكرية في جزيرة سقطرى اليمنية! المرصاد نت - متابعات تفيد مصادر صحفية أن الإمارات تقوم بأعمال انشائية منذ بداية العام الجاري في جزيرة سقطرى اليمنية الواقعة في مدخل المحيط الهندي وحسب المصادر...
- «أنصار الله» تنفي التفاوض مع النظام السعودي: يريدون ابتزازنا المرصاد نت - متابعات بالتوازي مع إعادة تنشيط الحراك الأممي على خطّ الأزمة اليمنية بدأت تتوالى التسريبات عن مفاوضات «سرية» بين «أنصار الله&ra...
- "خرف" الملك ينتقل للنظام .. السعودية تقامر بالدّين المرصاد نت - متابعات تتوالى ردود الأفعال السعودية واليمنية على الضربة النوعيّة للجيش اليمني والتي استهدفت مطار الملك عبدالعزيز بجدة ففي حين حاولت السعودة م...
- العدوان ومرتزقته يواصلون خروقاتهم لليوم الـ38 على التوالي المرصاد نت - محافظات واصل طيران العدوان السعودي الأمريكي ومرتزقته اليوم الأربعاء ارتكاب الخروقات عبر التحليق والغارات والتحشيد في أكثر من محافظ ففي تعز است...
- أشتباكات وسط مدينة تعز بين ' فصائل تحالف العدوان ' بسبب عوائد الضرائب المرصاد نت - متابعات تتضاعف مأساة مدينة تعز الانسانية بسبب الصراع المستمر بين الفصائل المسلحة الموالية لتحالف العدوان السعودي إلى جانب الحرب التي تشهدها المدي...
- الأدمغة اليمنية تتغلب في معركتها مع المستحيل المرصاد نت - متابعات "قادمون في العام الرابع بمنظوماتنا الصاروخية المتطورة والمتنوعة التي تخترق كل وسائل الحماية الأمريكية وغير الأمريكية" "قادمون في العام ال...
- أكثر من 18 خلية إرهابية تنشط في مدينة عدن... عدن على صفيح ساخن! المرصاد نت - متابعات تصاعد حدة التوترات والخلافات وما رافقها من تحشيدات عسكرية واتهامات سياسية وحملات إعلامية متبادلة بين فرقاء مرتزقة ومليشيات التحالف السعود...