المرصاد نت - صلاح السقلدي
موقف أمريكي لافت بدأ يتشكل بغية إيقاف الحرب في اليمن خرج هذه المرة من أروقة وزارة الدفاع الأمريكية على لسان الوزير جيمس ماتيس بعدما اعتبر أن «مأساة اليمن تزداد سوءا يوماً بعد يوم والآن حان الوقت للمضي قدماً في وقفها».
هذه الكلمات تحدث ماتيس صراحة في مؤتمر البحرين للأمن الذي عقد في المنامة قبل يومين وقد ذهب أبعد من ذلك عندما حدد شهر نوفمبر موعداً لإطلاق مفاوضات حول القضايا الجوهرية، معتبراً أن «التسوية يجب أن تحل محل القتال وصيغة الحل هي أن نضمن أن تكون الحدود منزوعة السلاح حتى لا يشعر الناس بأن عليهم أن يضعوا قوات مسلحة على طول الحدود».
قد يبدو أن ما يميّــز التحول المتسارع للموقف الأمريكي نحو إنهاء الحرب باليمن هو أنه صدر هذه المرة عن «البنتاجون» وليس عن الخارجية وليس عن البيت الأبيض فالجيش الأمريكي يشارك في الحرب مشاركة عملياتيه ولوجستية واستخباراتية، و«البنتاجون» ظلَّ حريصاً على استمرارها لأغراض مختلفة أهمها أنها جعلت لسلاحه سوق تجارة مزدهرة وبالتالي لم يكن مستغرباً أن يعمل على إطالة عمرها.
بيد أن الغريب اليوم أن يتحدث عن وقفها وعن المآس التي تخلفها! وهذا يعني أن ثمة ضغوطاً كبيرة تعرضت لها واشنطن من المجتمع الدولي ومن الداخل الأمريكي الحقوقي، جراء دعمها للحرب وما تخلفه من قتل وتشريد وتضاعف من معدل المجاعة والمعاناة، ضغوط جعلت الإدارة الأمريكية تفكر ملياً بالشروع في وقف الحرب والضغط على كل الأطراف للتعاطي الحقيقي مع مساع الأمم المتحدة والانخراط في مفاوضات من المفترض أنها ستستأنف في نوفمبر 2018م للوصول إلى وقف الحرب والبدء بتسوية سياسية، تضمن في الصدارة المصالح والأمن للسعوديين ومن خلفهما بالطبع المصالح الاستراتيجية الأمريكية.
من كلام وزير الدفاع الأمريكي يتضح أن الولايات المتحدة قد تبنت الهواجس الأمنية السعودية بحذافيرها، وعلى حساب السيادة اليمنية وكرامتها، خصوصاً عندما يتحدث ماتيس، عن ضرورة نزع السلاح اليمني من على الحدود السعودية، «وفق جدول تدريجي طويل المدى»؛ وهو يقول حرفياً «إننا لسنا بحاجة لصواريخ توجه في أي مكان في اليمن بعد الآن فلا أحد سيغزو اليمن».
الغريب أن الوزير الأمريكي لم يكلف نفسه ذكر السعودية بكلمة انتقاد ولو من باب «إسقاط الواجب» والمجاهرة علناً بتبنيه موقف الرياض الضاغط لإنشاء منطقة عازلة داخل الأراضي اليمنية. هذا علاوة عن حديثه عن ضرورة نزع كل الصواريخ من اليمن في المستقبل… بمعنى أوضح أننا سنكون أمام يمن «منزوع الأنياب والمخالب» ومنتهك السيادة شمالاً وجنوباً حتى وإن كان من سيحكم اليمن من اليمَنَين مستقبلاً فهم لن يكونوا سوى سلطات موالية للرياض، وفقاً لما يمكن فهمه من كلام الوزير ماتيس.
كلام الوزير الأمريكي يوضح بشكل أكبر ملامح ما ترسمه واشنطن وحلفاؤها الخليجيين من مفاتيح للخارطة السياسية المستقبلية باليمن بقوله في ذات الحديث في المنامة إنه مع «إعطاء المناطق التقليدية لسكانها الاصليين لكي يكون الجميع في مناطقهم ولا حاجة للسيطرة على أجزاء أخرى من البلاد» مؤكداً أن «الحوثيين أيضاً سيجدون فرصتهم في منطقتهم لأن لديهم مستوى ما من الحكم الذاتي أو بعض القدرة على التآزر معاً بشرط على عدم شن هجمات خارج حدودهم، أو إطلاق الصواريخ على أهداف مدنية في المملكة».
ما تقدم يعني أن فكرة القضاء على «الحركة الحوثية» التي تسعى الرياض إلى تطبيقها قد أضحت فكرة ميتة فكلام الوزير الأمريكي يشير إلى مساومة واضحة مع «الحوثيين» تنص على منحهم السيطرة على كل ما يقع تحتهم من أراضٍ مقابل ضمان عدم مهاجمة السعودية مستقبلاً… كما أن هذا الكلام الذي يصدر من وزير دفاع أقوى دولة في العالم والتي تلعب دور الشرطي الدولي، يعني أن السلطة الموالية للسعودية ستكون على هامش التسوية المرتقبة خصوصاَ وأن هذه الكلام يؤكد على ضرورة توقف «التحالف» و«الشرعية» عن محاولة السيطرة على أجزاء أخرى من البلاد… في وقت نعلم جميعاً أن وجودها في المناطق التي تصفها بـ«المحررة» هو وجود افتراضي شكلي فالجنوبيين برغم تباين مواقفهم يسيطرون على هذه الأراضي وهم لا يدينون بالولاء لـماتسمي ب«الشرعية» إلا بحدود ضيقة جداَ تفرضها مصالح شخصية لأفراد وكيانات جنوبية هُـلامية.
خلاصة القول: أمريكا اليوم تسعى للخروج من حرب اليمن بعدما قضت وطرها فيها وبعدما أتاحت الفرصة لحليفها الاستراتيجي (السعودية) أن تصفّــي حساباتها مع خصومها باليمن تحت تأثير الشعور بـــ«فوبيا ايران» المسيطرة على العقل السياسي السعودي وتجعل من اليمن دولة أشلاء متناثرة يصعب أن تهدد أمنها مستقبلاً، ويسهل للرياض وحلفاؤها الهيمنة المطلقة على مقدرات اليمن، والتحكم بقراره السياس والاستحواذ على أرضه برّاً وبحراً…
وهذه الرغبة الأمريكية لإنهاء الحرب أتت بالأصل على وقع الانتقادات الدولية للدور الأمريكي السلبي فيها وبدعمها الكبير للرياض على حساب الوضع الإنساني الذي بات مقلقاً للرأي العام الدولي والأمريكي وأيضاً بعد تقارير حقوقية صادمة؛ كما يأتي هذا الكلام في وقت تمر فيه السعودية على خلفية قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي بأسوأ أزمة وضائقة سياسية تعصف بها وبسمعتها منذ هجمات الــ11 من سبتمبر التي وُجهت إليها أصابع الاتهام بالوقوف وراءها.
المزيد في هذا القسم:
- الحديدة: صنعاء تنفي وقف العملية العسكرية المرصاد نت - متابعات نفت حكومة صنعاء صحة إعلان الإمارات وقف العدوان على الحديدة غرب البلاد مشيرةً إلى أنّه يصبّ في محاولتها «تضليل» الرأي العام ال...
- العدوان يستهدف لجنة التهدئة في محافظة الجوف بغارتين واللجنة الثورية العليا تدين وتستنكر ه... متابعات : أكد مصدر محلي نجاة أعضاء لجنة التهدئة في محافظة الجوف من غارتين شنهما طيران العدوان السعودي الأمريكيمساء اليوم الخميس خلال قيامهم بجهود إيقاف...
- جلسة مناقشات مغلقة حول اليمن في مجلس الأمن الدولي المرصاد نت - متابعات أوضحت مصادر صحفية غربية في المقر الدائم للمنظمة الدولية في نيويورك أن أعضاء مجلس الأمن الدولي بدأوا جلسة مغلقة بشأن اليمن. ولم تتوفر م...
- 18 شهيدا وجريحا في مجزرة جديدة للعدوان في حجة وصعدة المرصاد نت - متابعات استشهد 12 شخصا وأصيب ستة آخرون بجروح، في مجزرة جديدة لطيران العدوان السعودي الأمريكي في مديرية حيران بمحافظة حجة. وأكد مصدر محلي أن طي...
- مصدر عسكري: مصرع 180 وإصابة 136 من قوى العدوان في الدريهمي المرصاد نت - متابعات فرض العدوان السعودي الأمريكي بقصف الطائرات والصواريخ والمدفعية حصاراً خانقاً على مديرية الدريهمي في محافظة الحديدة على الساحل الغربي لليم...
- مليشيات الحشد الشعبي والفصائل المسلحة “المشروع الأخطر في تعز” المرصاد نت - متابعات بعد أربعة أعوام حرب دامية أتت على كل شيء – تقريبا – لم يتوقف الأمر عند هذا المستوى من البؤس و الدمار ومن طول أمد الحرب و تبعا...
- الحرب على اليمن ... فرنسية أيضاً المرصاد نت - متابعات الحرب على اليمن ليست إماراتية أو سعودية أو أميركية فحسب كما يظن البعض الحرب على اليمن فرنسية أيضاً. الحذر من إشهار الانخراط في الحرب فرنس...
- الحرب القذرة في الحديدة ومزاعم التهدئة ! المرصاد نت - متابعات حينما كانت وسائل الإعلام المرتبطة بقوى العدوان السعودي على اليمن تنشر أخباراً عن وقف المعارك في الحديدة وتثبيت نوع من التهدئة في تلك المن...
- قيادي في حركة أنصار الله يرد على تصريحات المخلافي ويقول بأن اللجنة الحكومية رفضت أن تحمل م... صرح عضو اللجنة الحكومية عبدالملك المخلافي أن اللجنة عادت الى صنعاء بعد ان رفض انصار الله كل الحلول والمقترحات حسب قولة قائلاً بأنها ستلتقي فور عودتها با...
- العدوان ومرتزقته يواصلون خرقهم وقف إطلاق النار لليوم الـ26 على التوالي المرصاد نت - محافظات واصل طيران العدوان السعودي الأمريكي اليوم الجمعة انتهاك وقف إطلاق النار لليوم الـ26 في عدد من المحافظات. ففي محافظة مأرب يواصل ال...