المرصاد نت - متابعات
شهر مضى على اتفاق السويد ولا تقدّم يذكر على صعيد ملف الحديدة وعلى صعيد بقية الملفات السياسية والعسكرية الأخرى التي حظيت بنقاشات واسعة وبتوقيع اتفاقيات كملف الأسرى والمعتقلين السياسيين.
يوم بعد آخر يدخل اتفاق الحديدة طريقاً معقّداً وصعباً خصوصاً مع استمرار الخروقات لوقف إطلاق النار والاتهامات المتبادلة التي بدأت بين الطرفين بالعرقلة وامتدت مؤخراً لتطال رئيس الفريق الدولي باتريك كامييرت الذي يُتهم من قبل الطرفين بعرقلة تنفيذ الاتفاق وفق ما هو منصوص عليه ووفق ما تم الاتفاق عليه في السويد.
ورغم مرور نحو شهر على اختتام مشاورات الأطراف اليمنية في العاصمة السويدية ستوكهولم إلا أن الوضع على الأرض لم يشهد تغيراً ملموساً في هذا النزاع المعقد.
فبحسب متابعين للشأن اليمني لا تزال هناك "تعقيدات" أمام تنفيذ بنود الاتفاق لا سيما ما يتعلق بتبادل الأسرى علاوة على أن اتفاق الحديدة يتضمن بنوداً "مطاطة" تجعله "هشا" وتعطل تنفيذه بشكل كامل حتى اليوم.
وتوصلت حكومتي صنعاء والمنفي " الرياض" في 13 ديسمبر/كانون أول الماضي إلى أتفاق يتعلق بحل الوضع في محافظة الحديدة الساحلية الاستراتيجية إضافة إلى تبادل الأسرى والمعتقلين لدى الجانبين الذين زاد عددهم عن 15 ألفاً وعلى الرغم من موافقة الطرفين على البدء في إجراءات تنفيذ الاتفاق إلا أن هناك "تعقيدات" تواجه ذلك خصوصا حل الوضع في الحديدة، بحسب مراقبين.
وبالنظر إلى ما تم إنجازه حتى اليوم يشير الواقع إلى أن الاتفاق أثمر في تحقيق الهدنة ووقف إطلاق النار في محافظة الحديدة والتي دخلت حيز التنفيذ في 18 ديسمبر/كانون أول الماضي، رغم الاتهامات المتبادلة بارتكاب العديد من الخروقات كما أن فريق مراقبة وقف إطلاق النار في الحديدة المعين بقرار من مجلس الأمن الدولي برئاسة الجنرال الهولندي باتريك كاميرت استطاع عقد العديد من اللقاءات مع ممثلي الطرفين بشأن تنفيذ اتفاق ستوكهولم والانسحاب من الموانئ والمدينة.
وفي إحاطته لمجلس الأمن الدولي في التاسع من الشهر الجاري قال المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث إن الطرفين التزما إلى حد كبير بوقف إطلاق النار في محافظة الحديدة وكان هناك انخفاض ذو مغزى في الأعمال العدائية منذ ذلك الحين. وأضاف أن تفعيل لجنة تنسيق إعادة الانتشار خطوة هامة مشددا على الطرفين بمواصلة الانخراط بشكل منتظم وبحسن نية مع الجنرال كاميرت وفريقه حتى يتم التنفيذ السريع للترتيبات الأمنية ولتحسين مرور المساعدات الإنسانية.
وبالنسبة لاتفاق تبادل الأسرى أشار غريفيث إلى أن مكتبه واللجنة الدولية للصليب الأحمر يقومان بمواصلة العمل مع الطرفين لتنفيذ الاتفاق وأنه سيتم عقد اجتماع للجنة الإشرافية لمتابعة عمليات تبادل الأسرى في العاصمة الأردنية عمان الأسبوع المقبل. ويواجه تنفيذ تبادل الأسرى والمعتقلين تعقيدات تمثلت في اتهامات كل طرف للآخر بإنكار وجود العديد من الأسرى والمعتقلين لديه ممن تم تسليم أسماءهم.
وتستمر في الحديدة الخروقات بحسب مصادر محلية أكدت أن المدينة «لم تهدأ من القصف المستمر بالسلاح الثقيل والخفيف ومن القصف الصاروخي الجوي من قبل طيران تحالف العدوان السعودي والذي أخذ يصعد في الحديدة وفي جبال نهم وفي منطق حدودية مع صعدة حيث الاستهداف المستمر بات واضحاً بشكل دقيق».
وأكدت مصادر عسكرية في الحديدة على أنه تم «استحداث خنادق جديدة وتعزيزات عسكرية من قبل المليشيات والفصائل المسلحة وقوي تحالف العدوان» وأن «استعدادات لحرب قادمة هو ما يجري وأن كل ذلك يتم في ظل عجز الفريق الدولي عن إنجاز أي تقدم».
وشهدت محافظة الحديدة اجتماعات مستمرة للفريق الدولي برئاسة باتريك ولكن كل تلك الاجتماعات بحسب مصادر في الحديدة لم تحرز أي تقدم سوى أن نقاشات نظرية تتم مشيرة إلى أنه ليس «للفريق أي هدف واضح ولا عصا ملزمة لوقف إطلاق النار والبدء بالانسحاب بحسب ما هو متفق عليه في نص اتفاق السويد». الانسحاب تقول صنعاء إنها ملتزمة به غير أن فريق حكومة هادي وتحالف العدوان يتحدث عن انسحاب فردي وعن تسليم لقوات هادي وشروط من هذا القبيل لا وجود لها في الاتفاق.
وأكد عضو الوفد الوطني في مشاورات السويد سليم المغلس أن «لقاءات الفريق الأممي بممثلينا وأداءه لعمله في مدينة الحديدة تتم تحت وقع القصف المدفعي للتحالف وهو ما يعد إهانة واستهتاراً بالأمم المتحدة والمجتمع الدولي والاتفاقات المبرمة وكذا إهانة مباشرة لفريق الرقابة الأممي ورئيسه باتريك كامييرت مما يؤثر على أدائه ويجعله ليس كما ينبغي أن يكون».
وقال مغلس إنه «من المستغرب ألا يثير ذلك استياء الفريق الأممي ورئيسه ولا حتى يصدر منه انتقاد للطرف الآخر جراء ذلك» مضيفاً أن «الجنرال باتريك كامييرت يذكرني بالمبعوث السابق إسماعيل ولد الشيخ تماماً عندما كان يضع العراقيل والعوائق والتعقيدات أمام نجاح مهمته بنفسه».
وفي السياق حمَّل رئيس «الوفد الوطني» لمفاوضات السويد محمد عبد السلام الأحد الأمم المتحدة مسؤولية عدم إحراز أي تقدم بخصوص الوضع في محافظة الحديدة بناء على اتفاق ستوكهولم. وقال في تغريدة عبر «تويتر» إن «عدم إحراز أي تقدم في الحديدة على صعيد تنفيذ اتفاق ستوكهولم يعود بالأساس إلى خروج رئيس لجنة التنسيق الأممية (الجنرال باتريك كامييرت) عن مسار الاتفاق بتنفيذ أجندة أخرى» مضيفاً «يبدو أن المهمة أكبر من قدراته وما لم يتدارك المبعوث الأممي مارتن جريفيث الأمر فمن الصعوبة البحث في أي شأن آخر».
في المقابل تتهم مصادر سياسية بل وسياسيون موالون لـماتسمي ب«الشرعية» المجتمع الدولي بـ«التواطؤ» مع صنعاء حيث يذهب البعض إلى القول إن «جلسة مجلس الأمن الأخيرة وإفادة المبعوث وتقرير الامين العام وتقرير مساعده للشؤون الإنسانية كلها أعطت الإشارة لصنعاء ليضرب في العند والاستحواذ على الحديدة بقوة السلاح».
ويقول موالون لـ حكومة هادي «غداً سيقطعون الطريق الساحلي من التحيتا والدريهمي وسيحاصرون الفصائل والمليشيات في الحديدة تحت إشراف جريفيث وصمت حكومة هادي ويؤول المشهد لصالح صنعاء والمبعوث سيقدم إفادة الى مجلس الأمن أن العنف توقف في الحديدة والموانئ أصبحت آمنة تحت سيطرة صنعاء والوضع مستتب ويبدأ بالضغط لمفاوضات الحل السياسي الشامل من موقع الضعيف المهزوم ومشروع القرار البريطاني الجديد يضع حكومة هادي في زاوية الاستسلام بجريفيث الذي يضغط الآن مستعينا بالمجتمع الدولي للذهاب نحو جولة مفاوضات جديدة تبحث في الحل السياسي دون أي اعتبار لما يعرف بإجراءات بناء الثقة».
ويقول هؤلاء إن ماتسمي ب«الشرعية تحتضر بأخطائها وارتهان مكوناتها لحسابات ضيقة. وأن عام 2019 لا يبشر بالخير لها عام تراجع واضح من أول يوم سياسياً وعسكرياً». وهاجم سياسيون سلطة هادي وقالوا إنها «تخسر حلفاءها المحليين وأنصارها بعد أن زرعت فيهم الإحباط وزعزعت ثقتهم بها» لافتين إلى أن ماتسمي ب«الشرعية مشغولة بتوزيع المناصب والمنح والوظائف في السفارات والتغييرات في القادة والمحافظين بتوازنات سياسية تفرق ولا تجمع تفكك الجبهة الداخلية. سياسة الاستحواذ والقطبية وادارة الصراعات بطريقة على عبد الله صالح خطر يتهدد ماتسمي بالشرعية».
بالمحصلة فاتفاق السويد "مازال حبراً على ورق" وأن بنود الاتفاق تحتاج إلى ما يشبه المعجزة لتطبيقها حتى أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قال إن تنفيذ اتفاق السويد يبقى مهمة معقدة. و من المفترض أن ينفذ اتفاق السويد كما تم الاتفاق عليه بين طرفي الأزمة لكن بنوده خصوصا ما يتعلق باتفاق الحديدة "مطاطية" وحمالة أوجه كثيرة إذ أن كل طرف يفسرها حسب ما يريد. وتبقى تقريبا نحو 10 أيام على موعد تبادل أول دفعات الاتفاق لكن إمكانية حدوث ذلك يبدو ضئيلا مع وجود التعثرات في ملف الحديدة مما ينذر بنسف وفشل اتفاق السويد برمته ومستقبله سيكون عدمياً.. لا نتيجة. مثله مثل أي اتفاقات سابقة.. وهذا ما يتعزز ذهنيا وواقعيا كل يوم.
المزيد في هذا القسم:
- أبو ظبي تخوض معركة الذهب الأسود في شبوة وحضرموت بذريعة مكافحة الإرهاب المرصاد نت - بي بي سي نشرت بي بي سي تقريراً خطيراً عن أطماع الامارات في حضرموت وشبوة وكيف تستغل أدواتها من المرتزقة بذريعة مكافحة الإرهاب وجاء في ا...
- أبرز التطورات الميدانية والعسكرية في المشهد اليمني المرصاد نت - متابعات كسرت قوات الجيش واللجان الشعبية اليوم الثلاثاء زحفا لمرتزقة الجيش السعودي في جبهة جيزان وكبدوهم قتلى وجرحى بينهم سودانيون بالإضافة إلى إس...
- السعودية وهادي.. كان بالإمكان افضل مما كان! المرصاد نت - معروف درين لم يعد هناك مجال لمشاهدة مزيدا من القتل والدمار والحصار المفروض على ابناء الشعب اليمني منذ مارس 2015م وما ترتب ويترتب على ذلك من ن...
- الحرب على اليمن .. بين عزيمة أصحاب الأرض وتشابك مصالح الدول المشاركة! المرصاد نت - متابعات رسائل عسكرية واقتصادية وأمنية تقدمها القوات اليمنية المشتركة دفعة واحدة بصورة من شأنها تأكيد ما يدور في ذهن القيادة في المملكة السعودية ب...
- قيادات الجنوب .. هل عفا عليها الزمن؟ المرصاد نت - متابعات يُرجع كثير من المراقبين تأخر القضية الجنوبية في تحقيق أهدافها، إلى افتقارها للشخصية القيادية التي يجتمع حولها الجنوبيون وتتحمل على عاتقها...
- حظر بيع الأسلحة إلى السعودية.. يقظة أوروبية أم ضحك على اللحى؟ المرصاد نت - متابعات وافق البرلمان الأوروبي يوم الخميس "30/11/2017"على قرار يوصي بحظر بيع الأسلحة للنظام السعودي وصوت لصالح القرار 539 نائبا و13 نائبا ضده فيم...
- هل يعيد غوتيريش للأمم المتحدة بعضاً من صدقيّتها؟ المرصاد نت - متابعات «لما يولد نسميه !» بهذه العبارة رد المتحدّث الرسمي باسم وزارة الصحة العامة والسكان عبد الحكيم الكحلاني على وثيقة مسربة تكشف إ...
- ما وراء صمت الأمم المتحدة على خروقات العدوان؟ المرصاد نت - متابعات أكد عدد من السياسيين أن العدوان ومرتزقته يقفون حجر عثرة في طريق إحلال السلام في اليمن وعرقلة اتفاق السويد وأن صمت الأمم المتحدة على خروقات...
- مواقف المنظمات الدولية من العدوان على اليمن تثير حساسية السعودية المرصاد نت - النجم الثاقب يظهر تخوف النظام السعودي وحساسيته العالية من مواقف المنظات الدولية التي تكشف جانبا من حقيقة العدوان، فهذا النظام كما يبدو ليس في و...
- بعيدا عن مفاوضات الكويت.. الإفراج عن 28 أسيراً من الطرفين بتعز وجبهات مختلفه المرصاد نت - متابعات تم اليوم الخميس الإفراج عن 14 أسيراً من أبطال الجيش واللجان الشعبية في مقابل الإفراج عن 14 عنصراً من مرتزقة العدوان السعودي بمحافظة تعز. ...