دبلوماسية ماتسمي ب«الشرعية»: غياب وتهميش في المحافل الدولية !

المرصاد نت - معاذ منصر

«سلطة ماتسمي بالشرعية المدعومة من التحالف السعودي مستمرة في التآكل واستعادة سلطتها في جميع ارجاء اليمن هدفا بعيدا عن التحقق». هكذا قال تقرير لفريق الخبراء الأممي المعني Hadai2019.1.19باليمن والذي يصدر كل عام منذ عام 2012، ويتطرق للوضع العام في اليمن والتطورات التي عاشها هذا البلد. وهذا القول تم تأكيده في تقارير سابقة مماثلة وتقارير دولية سواء تلك التي تهتم بتفاصيل ما يحدث أو تلك التي ترصد الانتهاكات والتجاوزات والخروقات أو غيرها من التقارير توصلت إلى هذا الواقع.

وأشار التقرير إلى أنه «على الرغم من بقاء الفأر هادي أكثر من ستة أسابيع في عدن فإنه لم يتمكن من تعزيز سلطة الحكومة بالمناطق "الجنوبية المحتله" مضيفاً أنه لا توجد «سيطرة فعلية من قبل حكومة هادي على المليشيات المدعومة من الإمارات والسعودية».

ولم تعد الأمور بحاجة إلى اثباتات أكثر مما يطفو على السطح على مستوى الشأن العام المحلي أو على مستوى ملف اليمن أمام الدوائر الدولية. من واشنطن إلى استوكهولم إلى برلين مؤخراً إلى الأردن إلى السعودية إلى أقصى حدود العالم وحيث يحضر اليمن دبلوماسياً وسياسياً وعسكرياً تبرز إخفاقات ماتسمي ب«الشرعية» بشكل واضح وكبير.

وإلى عمق الشارع اليمني والوسط المجتمعي حيث لا رئيس دولة ولا وزراء ولا حكومة ولا قادة سياسيين أو عسكريين شعرت بهم البلاد وشعرت بوجودهم وسلطتهم على أرض الواقع. في وسائل الاعلام وفي وسائل التواصل الاجتماعي تحضر حكومة هادي وتقريباً الجميع بات مؤمن بأنه لا وجود لـ«شرعية» هادي وليس هناك أي رهان عليها حالياً أو في المستقبل القريب القادم.

ومن المؤشرات الأخيرة التي تدل على ذلك هو عقد مؤتمر في برلين بشأن اليمن وتحت إشراف المبعوث الأممي مارتن جريفيث وبمشاركة ملفتة وبدون مشاركة حكومة هادي بل حتى بدون علمها. وهو الأمر الذي أشعر الشرعية بالتهميش بشكل كبير وأثبت لها حقيقة أنه لا قيمة لها لدى العالم.

وزارة خارجية حكومة هادي عبرت عن انزعاجها في بيان أوضحت فيه أن «هذا الاجتماع جرى دون التنسيق أو التشاور المسبق مع جكومة هادي ». وقالت إن «مساعي إطلاق وإشهار برامج وخطط للأمم المتحدة خارج مؤسسات ومقرات الأمم المتحدة تتصل بوضع آليات لما يسمى الاستقرار وجمع الموارد من الدول المانحة لصالح إنشاء آليات غير متفق عليها مع الحكومة تشكل تجاوزاً مؤسفاً لا يمكن تجاهله خاصة في الوقت الذي ينبغي على المجتمع الدولي وعلى وجه الخصوص الأمم المتحدة رفد ودعم جهود الحكومة اليمنية والتعاون معها لتعزيز قدرتها على أداء وظائفها في خدمة كافة أبناء الشعب اليمني».

يقول الدكتور نبيل الشرجبي أستاذ إدارة الأزمات الدولية في جامعة الحديدة بهذا الشأن: «في الحقيقة لا تمتلك الدولة اليمنية جهاز دبلوماسي فني سياسي محترف وكل ما لدينا هو جهاز بيوقراطي متضخم يعمل في وزارة الخارجية والسفارات اليمنية في الخارج والسبب في ذلك يعود الى العقلية اليمنية التي مازالت تصر على عملية التدوير الوظيفي او الأسرى للأشخاص او الوزراء الذين تم انهاء خدمتهم الإدارية أو العسكرية فيتم مكافئتهم بالعمل الدبلوماسي وكأن العمل الدبلوماسي مثلة مثل العمل الإداري؛ هذا الأمر كان أحد نتائجه  عدم قدرة الدبلوماسية اليمنية من التحركات ورصد التوجهات ومن ثم الاستعداد لمواجهة الازمات والاخطار وهذا كان ايضا احد الاسباب التي نراها اليوم في غياب شبه كامل للتواجد الدبلوماسي في الاحداث التي تمر بها اليمن».

ويتابع الشرجبي: «من الأسباب أيضا تعوّد دبلوماسي اليمن على العمل الروتيني حيث أن الكثير من الدبلوماسيين ما زالوا ينتظرون في مكاتبهم من أجل التحرك والاطلاع والاختلاط داخل مؤسسات تلك المجتمعات والمؤسسات لمعرفة ما يدور هناك، وموافاة الدولة بما يجري». ويلفت إلى أن «العمل الدبلوماسي منذ بداية الألفية قد اتجه للعمل الشعبي أو عمل منظمات المجتمع المدني والذي أصبح يرسم الكثير من الاحداث والسياسات؛ وهذا ما لاحظناه أخيرا فيما قامت به المانيا وهذا أيضاً ما استغلته جماعة الحوثي وبدت فيه أنشط وأكثر تأثيراً وحضوراً من الشرعية».

حالة الفساد غير العادية المنتشرة في كل الجهاز الدبلوماسي والخمول كانت سبباً آخر في فشل ماتسمي بالشرعية دبلوماسياً بالإضافة إلى عدم قدرة الجهاز الدبلوماسي على رسم سيناريوهات لإدارة ازمة الحرب من وقت مبكر ما أوقعها في هذه المشكلات وهذا ناتح عن عدم قدرة القراءة الدبلوماسية وكذا غياب العمل الاحترافي في السلم الدبلوماسي كما أن اعتمادها على التحركات التي يقوم بها دبلوماسيو قوي التحالف غير كافية ولم تنتبه أن كل عمل دبلوماسية التحالف كانت للدفاع عن أفعال وتصرفات دول التحالف نفسها ولم تعطِ أي اهتمام لتصرفات ماتسمي بالشرعية .

والشيء الأهم في كل ذلك الاتجاه هو «أن دول تحالف العدوان وخاصة السعودية تمر بواحدة من أسوء الازمات السياسية في علاقتها مع الغرب والمؤسسات الدولية وهو ما جعل تلك الدول او المؤسسات تتحرك بفاعلية غير عادية ضد السعودية في مختلف الاتجاهات وتم الربط المباشر والحتمي بين ما يجرى في اليمن، وما تقوم به السعودية، وكأنه خدمة لأهداف السعودية وبتواطؤ وموافقة من الشرعية على كل الاخطاء والتصرفات التي تحصل في الداخل اليمني وهذا ما جعل تلك الدول كأنها تنتصر للداخل اليمني من تصرفات التحالف والشرعية المتواطئة مع التحالف، فمثلاً لو كانت الشرعية في أقل تقدير اعترضت على بعض قليل من التصرفات التي قام بها التحالف لتغير الامر فيما يجرى الآن».

 

المزيد في هذا القسم: