"القاتل الخفي".. تقرير حقوقي يرصد جرائم الإغتيالات في عدن

المرصاد نت - متابعات

أصدرت منظمة "سام" للحقوق والحريات التي تتخذ من جنيف مقرا لها تقريراً عن الاغتيالات في مدينة عدن بعنوان "القاتل الخفي" بعد أن ظلت هذه الوقائع لغزاً فترة من الزمن YemenAden2019.1.25حتى بدأت تظهر أطراف خيوط قد تقود إلى كشف الحقيقة.

في تقريرها اوضحت "سام" إنها رصدت 103 وقائع اغتيال في مدينة عدن خلال الفترة بين 2015 إلى 2018 بدأت أولى عملياتها بعد 43 يوماً من انسحاب القوات اليمنية المشتركة" الجيش واللجان الشعبية" وسيطرة قوي تحالف العدوان السعودي الإماراتي على المدينة وشمل ضحاياها رجال أمن وخطباء مساجد وسياسيين.

وذكرت المنظمة إن تقريرها أعتمد على منهجية الإحصاء القائمة على الرصد والتوثيق لعملية الاغتيالات خلال الفترة المحددة في التقرير حيث رصد التقرير (103) وقائع اغتيال في محافظة عدن وعملت على متابعتها من خلال وسائل الإعلام والتواصل مع أهالي الضحايا والمعنيين والجهات الحقوقية والأمنية سعيا منها لفك لغز هذه الجريمة المقلقة التي دفعت الكثير من القيادات السياسية والدينية إلى الهجرة من مدينة عدن والبحث عن مكان آمن لا تطاله يد الاغتيالات.

وقالت "سام" إن العدد الأكبر لشريحة الضحايا هم رجال الأمن حيث وصل عددهم إلى (42) شخصاً يتوزعون على كل من البحث الجنائي، جهاز الأمن السياسي وأمن مطار عدن، يليهم شريحة الخطباء والأئمة وبلغ الضحايا منهم (23) شخصا منهم (12) إماماً وخطيباً ينتمون للتيار السلفي و(4) ينتمون إلى حزب الإصلاح وخطيباً واحداً ينتمي إلى حركة النهضة ذات التوجه الإسلامي.

وجاء العسكريون في المرتبة الرابعة بعدد ثمانية أشخاص يليهم قيادات وأفراد في الفصائل والكيانات التي شكلتها قوي الاحتلال بواقع سبعة أشخاص إضافة لفئات متنوعة بعدد 14 شخصا بينهم نشطاء ورياضيون وأساتذة وقضاة وأعضاء نيابة.

وأكدت "سام" في تقريرها أن موجة الاغتيالات بدأت عقب العدوان والحرب مباشرة ثم استمرت بعد ذلك وتشير البيانات إلى أن (18) حادثة اغتيال جرت في كانون ثاني (يناير) 2016 عقب شهر واحد فقط من تعيين كل من عيدروس الزبيدي محافظا لمحافظة عدن واللواء شلال شائع مديراً لأمن محافظة عدن.

ويربط بعض المراقبين الذين فضلوا عدم ذكر اسمهم لـ "سام" ارتفاع وتيرة الاغتيال في هذا الشهر بتأزم الوضع السياسي في تلك الفترة بين دولة الإمارات وهادي الذي كان مقيماً في عدن قبل مغادرتها في13 شباط (فبراير) 2016 إضافة إلى أن الاغتيالات في هذه الفترة استهدفت اشخاصا كانوا على صلة بملف مكافحة الإرهاب سواء من رجال أمن أو القضاة.

ويظهر التحليل الشامل لعملية الاغتيالات من العام 2015 حتى 2018 أنّ العام 2016 كان أكثر الأعوام دموية حيت رصدت ووثقت (45) واقعة اغتيال وبنسبة تصل إلى (48%)، من إجمالي الضحايا وكان أغلب ضحايا تلك العمليات من رجال الأمن والقيادات العسكرية وهو العام الذي تلا خروج القوات اليمنية المشتركة من مدينة عدن يليه العام 2018 بعدد وصل إلى (24) عملية اغتيال وهو العام الذي شهد توترا مسلحا كبيرا بين ألوية الحرس الرئاسي التابعة لـ هادي وقوات الحزام الأمني الممول من دولة الإمارات العربية المتحدة العضو في التحالف، وصل حد المواجهة المسلحة في كانون ثاني (يناير) من العام 2018، وانتهى لصالح قوات الحزام الأمني، وسيطرتها على مدينة عدن.

أغلب الفئات المستهدفة بالاغتيال في هذا العام من العسكريين والخطباء، بنسبة (26%).
أمّا العام 2015 فقد سجل عدد (13) واقعة اغتيال بنسبة تصل (14%).
وأخيرا العام 2017 بعدد (11) عملية وبنسبة تصل إلى (12%). وفقاً للتقرير ذاتة.

وذكرت "سام" في تقريرها إنه من خلال تحليل وقائع الاغتيالات، تبيّن أنّ عمليات الاغتيال عن طريق إطلاق الرصاص على الضحية هي الوسيلة الأكثر استخداما من قبل الجهة التي تنفّذ الاغتيالات في عدن فأول عملية تمت بالرصاص كانت في 30 آب (أغسطس) 2015، فيما أول عملية بعبوة ناسفة كانت في 30 تموز (يوليو) من العام التالي أي بعد 11 شهرا.

ويبدو أن عنصر النجاح عامل مهم في تفضيل الرصاص على العبوات الناسفة لدى هذه الجماعات، حيث لم تفلح العبوات الناسفة سوى في (5) عمليات اغتيال مقابل (14) محاولة فاشلة، في حين نجحت (79) عملية اغتيال بالرصاص مقابل فشل (15) فقط. ويفسّر ذلك أنّ استخدام العبوات الناسفة أكثر تعقيدا، ويتطلب تقنيات تتعدى التدريب على إطلاق الرصاص. وفي الوقت ذاته، يفتح ذلك تساؤلا عن تفضيل الجهات المنفّذة استخدام الرصاص رغم أن العبوات الناسفة أكثر أمانا لفريق الاغتيال، خشية اعتقالهم وانكشاف الجهات الداعمة لهم.

ومن الملاحظ بحسب تقرير "سام" فإن الاغتيالات تمت في فترات متقاربة وبالأساليب نفسها دون وجود أي احتياطات أمنية ما يؤكد أنّ الجهات المنفذة للاغتيال تتحرك بطمأنينة أكثر، وتمتلك معلومات كاملة عن الضحية.

ورصد التقرير استهداف ضباط في أمن المنافذ خاصة مطار عدن وميناءها اللذين يعدان بوابة الارتباط بين اليمن والعالم الخارجي ويعملان على التدقيق في حركة المسافرين من وإلى اليمن وقد سجلت المنظمة 8 وقائع اغتيال.

وأكدت "سام" أن الاعتماد على وسيلة الاغتيال بالرصاص رغم الاحتمالات الخطيرة لانكشاف المنفذين يشير إلى الطرف المسؤول عن التنفيذ وهو الطرف الذي لا يخشى انكشاف الأفراد المكلفين بالتنفيذ كونه المسيطر على الأمن والقادر على تمرير السلاح في الحواجز الأمنية والضامن لسلامة عمليات تنقل المكلفين كما أنه المختص باحتجازهم وسجنهم في حال انكشافهم أو وقوعهم في قبضة آخرين وهو نفسه الطرف المسؤول عن التحقيق معهم واتخاذ الإجراءات القانونية اللاحقة ومن ثم فهو طرف آمن ينفذ العمليات بسلاسة ويسر، وبالاعتماد على أبسط الوسائل.

وأكدت "سام" في تقريرها: ستظل هذه الأجهزة الأمنية والمليشيات والدول الممولة لها محل اتهام إلى اللحظة التي يكشف فيها النقاب عن المعلومات المخفية ويقدم الجناة للقضاء، ويجد الضحايا وذووهم العدالة والإنصاف”.

كما طالبت "سام" لجنة الخبراء البارزين التابعة للمفوضية العامة لحقوق الإنسان المفوضة بالتحقيق في جرائم انتهاك حقوق الإنسان في اليمن وإدراج جرائم الاغتيال ضمن أجندتها لعام 2019 وإيلاء المعلومات الخاصة بالاغتيالات عناية قصوى بالرصد المستمر وتتبع التفاصيل وتبويب المعلومات وتحليلها سياسيا وأمنيا.

وطالبت "سام" حكومة هادي فتح تحقيق جدي في جميع حوادث الاغتيال والكشف عن الجهات المتورطة فيها ودعت لتوحيد الأجهزة الأمنية وإلغاء التشكيلات الأمنية المنشأة خارج الأطر الرسمية.

كما في ختام تقريرها طالبت سلطات هادي ودول التحالف العربي بالالتزام بمعاقبة المتورطين في الجرائم المذكورة وعدم التستر عليهم وحمايتهم تحت أية اعتبارات أمنية أو سياسية ودعتهم إلى توفير الحماية والرعاية الكاملة لذوي الضحايا وتعويضهم عن فقدان معيليهم.

المزيد في هذا القسم: