المرصاد نت - صلاح السقلدي
أطلقَ المبعوث الأممي الى اليمن السيد مارتن جريفيث كلاماً غاية بالأهمية بل وبالخطورة على الطرف الجنوبي تحديداً لم يتنبه له الكثيرون حين أدلى بتصريح قبل يومين لصحيفة «الشرق الأوسط» السعودية الصادرة في لندن يقول فيه: «إن جولة المشاورات اليمنية المقبلة ستتطرق إلى الإطار التفاوضي لاتفاقية الحل السياسي الشامل للأزمة اليمنية» مضيفاً: «… اتفاق الإطار هو الذي سيرسم خريطة طريق نحو اتفاق سياسي وهو ما يعني حلاً سياسياً نهائياً للصراع في اليمن».
يأتي كلام جريفيث هذا في وقت ما يزال الطرف الجنوبي غير مدرج بقائمة المشاركين بالمفاوضات المقبلة التي توقع جريفيث إجراءها قريباً ما يعني بالضرورة أن الجنوب سيكون خارج خارطة التسوية السياسية بالمحصلة النهائية.
هذه النتيجة تبقى قائمة في حال ظل تحالف العدوان وماتسمي ب«الشرعية» يمارسان سياسة التجاهل نحوه برغم الدور المحوري الذي لعبه «الجنوب» بهذه الحرب كرأس حربة بأرض المعركة في الجنوب وخارج الحدود بعدما انخرط الكثير من نخبه مع تحالف العدوان وماتسمي ب«الشرعية» بمشاركة عسكرية من دون أية تفاهمات مسبقة أو تعهدات خليجية بحل القضية الجنوبية حلاً يضمن التطلعات الجنوبية التحررية ولو ضمانات غير مباشرة ومن تحت الطاولة وكان «جزاء سنمار».
لقد راهن الجنوبيون كثيراً بعدما تم إقصاءهم بـ«فيتو» خليجي يمني على فشل مشاورات السويد عل ذلك يعيد خلط الأوراق من جديد فتراجع هذه الأطراف مواقفها العدائية ضد أهم الأطراف وأكثرها فاعلية بالساحة أي «الطرف الجنوبي» ولكن لا تلك الأطراف أعادت مراجعة مواقفها ولا تلك المشاورات فشلت وخلطت معها الأوراق.
لقد مضتْ المشاورات بنجاح أكثر مما توقعه أكثر المتشائمين وتمخضت بالتالي عن توقيع اتفاق مهم سجلت به الأمم المتحدة نجاحاً واختراقاً سياسيَّيَن مهمين لتنطلق من خلالهما نحو المفاوضات المرتقبة.
وبرغم ما يواجه هذا الاتفاق من تعثرات وعراقيل خطيرة على الأرض إلّا أنه قطع الطريق على البديل الآخر: «الحسم العسكري» بالساحل الغربي وبمدينة الحديدة تحديداً حيث صرفتْ الإمارات نظرها بشكل شبه نهائي عن فكرة اقتحام المدينة عسكرياً والسيطرة على مينائها الحيوي بالقوة وبات الحل السياسي هو الأرجح.
يأتي هذا بعد الإخفاق العسكري المتكرر الذي واجهته أبو ظبي هناك حيث تقاتل بقوة بشرية جنوبية كبيرة وقوة شمالية مؤتمرية ولو أن هذه الأخيرة أقل عدداً وتضحية وبعد اشتداد الضغوطات الدولية المتعاظمة التي تتوالى على خلفية الوضع الإنساني المتردي لوقف الحرب.
وبالعودة الى التوجه الأممي نحو إجراء المفاوضات المقبلة والحديث عن الشروع بنقاش إطار الحل السياسي الشامل، في ظل تغييب الطرف الجنوبي فإن هذا ما بات يشكل قلقاً لرموز جنوبية مقربة من هذا «التحالف» وقد بدا عليها التململ من سلوك «التحالف» وتجاهله المستمر للطرف الجنوبي يأتي ذلك بعد أيام من تصريحات مثيرة للجدل أطلقها السفير السعودي في اليمن محمد آل جابر والتي قُوبِلت باستهجان جنوبي واسع النطاق اضطرتْ السفير للتنصل من بعضها وبالذات ما يتعلق بالشأن الجنوبي.
فهذا السيد هاني البيض نجل الرئيس السابق علي سالم البيض يحذر على وقع الحديث عن قرب مفاوضات إطار الحال السياسي المرتقبة من خطورة تزييف الإرادة الجنوبية وتشتيت صوتها بتلك المفاوضات إن تم إشراك أكثر من طرف جنوبي قائلاً: «إن محاولة إشراك الجنوبيين في الإطار التفاوضي المزعوم وبعدة وفود او عناصر هو تشتيت للصوت الجنوبي الوطني الموحد تجاه قضيته… إحذروا التفتيت ذلك يسهل عملية الإنفراد ويضعف حضورك الدولي.. بعدما نجحوا في تشظية الحراك في السابق داخلياً يعملوا على تجزئة وتعدد الأصوات الجنوبية خارجياً».
وعلى نفس السياق حذّر القيادي بـ«الحراك الجنوبي» والمقرب من الرئيس علي سالم البيض السيد أحمد الربيزي من نفس الخطر محذراً من انتحال اسم الجنوب من قبل ماتسمي ب«الشرعية» أو «الحوثيين». وكذلك عبر المحامي يحي غالب الشعيبي بطريقته الخاصة عن خيبة أمله من حديث السفير السعودي الذي اعتبره «مدعاة لفتح باب الخلاف بين بلاده والجنوبيين».
مثل هذه الرسائل التي تطلقها هذه القيادات الجنوبية والتي تقيم جميعها بالإمارات لا يمكن أن نفهم من خلالها أنها موجهة فقط ضد ماتسمي ب«الشرعية» و«الحوثيين» و«الإصلاح» ولا حتى موجهة لجهات جنوبية موالية لـحكومة هادي بل هي رسائل موجهة بدرجة رئيسية وبشكل مقصود للـتحالف السعودي الإماراتي الذي يبتعد كثيراً عن الشريك الجنوبي.
تمرير الرسائل عبر ماتسمي ب«الشرعية» و«الحوثيين» جاء خشية من غضب «التحالف» ومن اتخاذه إجراءات عقابية يصعب التكهن بها، فهذه القيادات ومعها معظم الشعب بالجنوب باتت تدرك أن لا الإصلاحيين ولا المؤتمريين ولا ماتسمي ب«الشرعية» ورئيسها هادي بيدهم الحل والعقد سواء للأزمة اليمنية أو للقضية الجنوبية وأن مفتاح حل القضية الجنوبية ومغلاقها بيد هذا «التحالف» أولاً وأخيراً وأن هذه الأطراف اليمنية وبالذات ماتسمي ب«الشرعية» حتى وإن كانت تضمر العداء للقضية الجنوبية إلا أنها لا تقوى على استبعاد الجنوب من فوق الطاولة إن أراد «التحالف» إشراكه فيها.
هذه الأطراف شمالية وجنوبية أضحت مجرد بيادق على رقعة الشطرنج الخليجي وهذا ما بدأت تفهمه كثير من الشخصيات الجنوبية ولو متأخرة. فالتصريحات الأخيرة للسفير آل جابر والتي أكد فيها بطريقة فظة أن بلاده سلّمت عدداً من المحافظات الجنوبية لـحكومة هادي وستسلم الأخرى لها بالقريب العاجل وأن بلاده تقف بقوة مع الوحدة اليمنية وتعمل مع ماتسمي ب«الشرعية» على تنفيذ مخرجات الحوار (وهو ما أكده وزير مخرجات الحوار اليمني بحكومة هادي ياسر الرعيني) وأن العمل العسكري لحل القضية الجنوبية مرفوضاً وطبعاً كان السفير هنا يشير الى الاشتباكات التي جرت في يناير العام الماضي في عدن بين قوات موالية لـ«الانتقالي الجنوبي» ووحدات موالية لـحكومة هادي والتي انتهت بانتصار الأولى قبل أن تتدخل السعودية بثقلها في وجه «الانتقالي» وتطلق تحذيرات شديدة اللهجة ضده ومؤيدة بقوة للحكومة.
نقول إن التصريحات الأخيرة للسفير السعودي قد عمقت من الشعور الجنوبي المتوجس من النوايا الخليجية المريبة حيال القضية الجنوبية برغم كل ما يقدمه له الجنوب من خدمات مجانية سياسية وعسكرية وبشرية طائلة توشك أن تذروها الرياح إن ظل الموقف الخليجي على حاله من التعنت تجاه الجنوب وظلت النخب الجنوبية أسيرة الخوف من الصولجان والمال الخليجيين.
إن التصريحات الممتعضة التي أطلقها البيض الإبن وغيرها من القيادات الجنوبية بالخارج – والداخل – نابعة من هذا الشعور ومن هذه الريبة فهو (البيض) وبرغم أنه يتحدث أصالة عن نفسه إلّا أن ثمة اعتقاداً بأن ذلك أيضاً هو رأي والده العالق في أبو ظبي بعدما خذله الطرف الخليجي للمرة الثانية منذ حرب 94م.
تبقى الإشارة هنا إلى أن ما هو أسوأ من تغييب الجنوب بهذه المشاورات هو أن يتم إشراكه بطريقة استئجار شخصيات جنوبية من كتيبة «الشرعية» و«التحالف» كممثلين منتحلين لاسم القضية الجنوبية فيما هم ليس لهم علاقة بالقضية الجنوبية؛ تماماً بنفس طريقة الاحتيال والتزييف التي ظلت تنتهجها سلطة الرئيس السابق علي عبدالله صالح ومن بعد سلطة هادي والتي كانت آخرها مسرحية التوقيع باسم الجنوب على مشروع دولة الستة أقاليم غداة انتهاء «حوار صنعاء» ومخرجاته التي يحاول هادي ومعه حزب «الإصلاح» و«التحالف» فرضها عنوة على الجنوب.
إن كلام السفير السعودي الذي أشار فيه إلى أن «الجنوب سيكون ممثلاً بحكومة يمنية مقبلة» لا يمكن فهمه بمعزلٍ عن نية تحالف العدوان وماتسمي ب«الشرعية» بانتحال اسم القضية الجنوبية ليتم بالتالي استكمال شطبها كلياً من القائمة استكمالاً لما بدأته أطراف «حوار صنعاء» قبل عام 2014م والتي شطبتْ في مخرجاتها القضية الجنوبية شطبا كاملاً بحسب د. ياسين سعيد نعمان حينها.
المزيد في هذا القسم:
- وقفة احتجاجية لأولياء دم ضحايا الإغتيالات في حضرموت نظم اولياء دم ضحايا الإغتيالات في حضرموت صباح اليوم وقفة إحتجاجية أمام مبنى إدارة محافظة حضرموت، بمشاركة عدد من الحقوقيين و المحامين وحمل المحتجون ال...
- ضغوط سعودية لضبط « المجلس الانتقالي»: الرياض ترتّب لتشكيل حكومة جديدة! المرصاد نت - أحمد الحسني تبدو خطوات «المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي لأبو ظبي بعد أسبوع من تحقيقه انتصاراً عسكرياً على قوات حكومة هادي في مدينة عدن (جنوب) م...
- مسلحون يقتحمون مبنى شركة الملاحة الوطنية بعدن المرصاد نت - متابعات أقتحم مسلحون مبنى شركة الملاحة الوطنية الكائن أمام مبنى التلفزيون بمدينة التواهي بمحافظة عدن جنوب البلاد. وبحسب مصادر إعلامية مقربة من...
- سكان صنعاء بين تطمينات القادة ومخاوف وقائع تشاهد على الأرض المرصاد نت - جمال عامر مثّل حلول عيد الأضحى مناسبة لقائد «أنصار الله» السيد عبد الملك الحوثي وزعيم «المؤتمر» علي صالح للتهدئة والتخفيف...
- صحف غربية : تحالف العدوان يشن حرباً على مياه الشرب في اليمن والسعودية تخوض حروبا بالوكالة... المرصاد نت - متابعات اتهم موقع “تي تي يو” الفرنسي، تحالف العدوان السعودي بالاستناد على استراتيجية غير مباشرة جراء عمليات القصف الممنهج لمصادر تغذي...
- تضارب الاجندات السعودية الاماراتية .. هل حكمت على هادي ان يظل مغترب ؟ المرصاد نت - متابعات تداولت عدد من وسائل الاعلام خبر طلب النظام السعودي من هادي وحكومته العودة الى عدن وممارسة سلطاتهما من هناك. عام ونصف تقريبا انقضت منذ ...
- بالتزمن مع أستمرار المشاورات في الكويت...وصول تعزيزات عسكرية للعدو السعودي إلى محافظة مأر... المرصاد نت - مأرب قالت مصادر صحفية إن تعزيزات عسكرية للعدو السعودي وصلت محافظة مأرب الاربعاء 27 إبريل 2016 عبر منفذ الوديعة الحدودي بين اليمن و السعو...
- أوبراين: التحالف السعودي يمنع وصول المساعدات والشحنات عمداً المرصاد نت - متابعات قال ستيفان أوبرايان وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إنه "لا تقدم مهماً في الكارثة الإنسانية" في اليمن والتي "تتم بأيدي ا...
- مصدر خاص للمرصاد لا صحة لما تناولتة بعض وسائل الاعلام عن فرار السجناء من السجن المركزي بمح... قال مصدر خاص للمرصاد مساء اليوم الاثنين ان الانباء الصادرة عن هروب نزلاء السجن المركزي في عمران لا صحة لها ولا وجود لفرار اي سجين على ارض الواقع .. وقال المصدر...
- نهايةُ الارتزاق: حزبُ الإصلاح إلى خانة الشياطين في القائمة السعوديّة المرصاد نت - إبراهيم السراجي بات حزبُ الإصلاح وقياداتٌ عسكريةٌ ووزراء بحكومة الفار هادي في نظر الإعلام الرسمي السعوديّ أخطرَ أدوات قطر في اليمن وباتوا هم المعر...