مؤتمـرات المانحيـن: بيـن التسييـس الدولـي والفسـاد المحلـي!

المرصاد نت - متابعات

انطلقت اليوم أعمال مؤتمر خطة الاستجابة الإنسانية 2019 في اليمن الذي تنظمه الأمم المتحدة بالعاصمة السويسرGonif2019.2.26ية جنيف والذي يهدف إلى جمع 4.2 مليار دولار لتمويل الخطة.

وفي أول يوم من أعمال المؤتمر تعهدت قوي العدوان ودعميهم"النظام السعودي والإماراتي" بدفع مليار دولار (500 مليون دولار عن كل نظام) لما بسمي بالأعمال الإنسانية ومشاريع أخرى استجابة لخطة الاستجابة الإنسانية التي تقودها الأمم المتحدة وأعلنت دولة الكويت تعهدها بتقديم 250 مليون دولار.

من جانبها تعهدت الولايات المتحدة الأمريكية بدفع 24 مليون دولار و 13 مليون دولار مقدمة من سويسرا إضافة إلى 12 مليون دولار تعهدت بها اليابان ومليون دولار تعهدت بدفعها ألمانيا.

هي ليست المرة الأولى التي تُعقد فيها المؤتمرات الدولية المانحة لليمن وقد نتج عنها المليارات من الدولارات التي لم تجد طريقها إلى المواطن اليمني المتضرر الأول من الحرب المستمرة منذ 4 سنوات؛ وفيما لم تتغير الظروف الأساسية التي رافقت تلك المؤتمرات وأفشلت مراميها، فإن النظرة السلبية لم تغادر مؤتمر المانحين الذي انطلق اليوم في جنيف.

على الرغم من أن عقد المؤتمرات السابقة لطالما حمل العنوان الإنساني لمواجهة الأوضاع المعيشية الصعبة التي تعصف بالبلاد وتتجه بها شيئاً فشيئاً نحو المجاعة إلا أن شيئاً لم يتغير طوال الفترة التي شغل فيها هادي منصب رئاسة الجمهورية في فبراير العام 2012.

وبانتهاء العام 2018 كان قد عقد 3 مؤتمرات مانحة جُمع خلالها نحو 9.5 مليار دولار (ديسمبر 2012/ الرياض: 6.4 مليار دولار وأبريل 2017/ جنيف نحو 1.1 ملياراً وأيضاً في أبريل 2018/ جنيف: 2 مليار دولار) كما وصل البلاد ملايين الدولارات بشكل مساعدات إنسانية وهبات ثنائية من بعض الدول أو بدعم من «مجموعة أصدقاء اليمن» (تضم نحو 40 دولة ومنظمة مانحة)؛ واليوم يسعى القائمون ورعاة المؤتمر المنعقد في جنيف إلى جمع نحو 4 مليارات دولار جديدة.

أموال المؤتمرات السابقة مجتمعة لم تسهم في تحسين الأوضاع المعيشية لليمنيين بل على العكس لا تزال الأوضاع تتجه إلى مزيد من التدهور وقد قدرت الأمم المتحدة وشركاؤها أن أكثر من 20 مليون شخص بأنحاء اليمن يعانون من انعدام الأمن الغذائي، نصفهم يواجهون مستويات قاسية من الجوع.

«هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) استعرضت في تقرير 3 مجموعات من التحديات والمصاعب التي تحول من دون استغلال تلك الأموال بالشكل الأمثل بما يعود على المواطن اليمني بالفائدة.

واعتبرت أن من تلك المشاكل ما يتصل بالدول المانحة ومنها ما يتعلق بحكومة هادي فيما المجموعة الثالثة تتصل بالاثنين معاً. فعلى صعيد الدول المانحة لا تفي بعضها بتعهداتها في المواعيد المحددة كما أن البعض منها «يصر على تنفيذ تعهداته من خلال وكالات وبرامج خاصة به وليس بالتنسيق مع الحكومة اليمنية».

أما على صعيد الجانب اليمني فإنه يبرز لديه ضعف القدرة الاستيعابية لأموال المانحين وعدم توفر آلية كفؤة وشفافة لإدارة وتوظيف أموال المانحين، أضف إلى ذلك غياب الرقابة والتقييم لما يتم توظيفه من أموال المانحين. فيما تتمثل المشكلات المشتركة بين الطرفين بـ«غياب الثقة» و«رغبة كل طرف في إعطاء الأولوية لبرامجه» و«عدم تبادل المعلومات بشفافية ونزاهة».

هذه المقاربة تشي بأن أموال مؤتمر المانحين المنعقد في جنيف لن تسلك مسارها الصحيح أيضاً خاصة وأن أي من تلك المشاكل لم يتغير بل باتت أكثر تعقيداً فاللدول المانحة وأبرزها الخليجية سياسات وأجندات تسعى لتحقيقها في البلاد وهي لن تتردد في توظيف وجهة صرف الأموال التي ستلتزم بها، لخدمة تلك الأجندات وتحقيق أهدافها أي أن تلك الأموال لن تذهب إلى سد الاحتياجات المعيشية للمواطنين.

متابعون لفتوا إلى أنه في ظل اتهامات الفساد التي تطال حكومة «الشرعية» ومسؤوليها في الآونة الأخيرة، فإن الضياع هو مصير أموال المانحين، هذا على اعتبار أن تلك الدول سلمت الأموال لحكومة هادي مباشرة، معيدين التذكير بفضيحة الفساد التي كشفها المستشار الاقتصادي لهادي ورئيس «اللجنة الاقتصادية العليا» حافظ ميعاد.

وعلَّقوا على ما ذهب إليه رئيس حكومة الرياض معين عبد الملك في كلامه اليوم خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر المانحين من اتهام «الحوثيين» بـ«نهب المساعدات الإنسانية مما يزيد الأزمة الإنسانية» معتبرين أن عبد الملك «يسعى بكلامه إلى حرف الأنظار عن الفساد الذي تعانيه حكومته ويحاول في مناورة مكشوفة إلقاء اللائمة على الحوثيين الذين لا تصلهم أصلاً أموال المساعدات في وقت منعت القوات العاملة في إطار تحالف العدوان وصول الأمم المتحدة إلى مطاحن البحر الأحمر طوال الفترة التي سيطرت عليها وحالت بذلك من دون وصول الحبوب إلى ملايين اليمنيين».

وفي سياق متصل قالت منظمة أطباء بلا حدود الدولية اليوم الثلاثاء إن الأموال لوحدها لا تكفي لسداد الاحتياجات الانسانية في اليمن. ودعت المنظمة في بيان لها المانحين إلى تعزيز العمل الإنساني الطبي في اليمن من أجل الوصول إلى عدد أكبر من الناس والاستجابة لأهم الاحتياجات بالبلاد.

وقالت: تجتمع الحكومات اليوم في جنيف للتعهد بتخصيص الأموال لمعالجة الأزمة الإنسانية في اليمن. وتعقد الأمم المتحدة، اليوم الثلاثاء في جنيف السويسرية مؤتمرا لحشد الدعم من قبل الدول والمنظمات المانحة لخطة الاستجابة الإنسانية في اليمن للعام 2019، والتي تقدر بأكثر من 4 مليارات دولار.

وأضاف بيان المنظمة: من المثير للسخرية أن العديد من هذه الحكومات المانحة (لم تسمّها) تشارك أيضاً في الحرب؛ الأمر الذي يعرقل إيصال المساعدات الإنسانية. ودعت المنظمة الجهات المانحة ووكالات الأمم المتحدة وشركائها التنفيذيين إلى تعزيز العمل الإنساني الطبي في اليمن وزيادة نشر ذلك بشكل كبير من أجل الوصول إلى عدد أكبر من الناس والاستجابة لأهم الاحتياجات.

ولفتت إلى أن الفجوات الكبيرة في دعم الرعاية الصحية الأولية تركت الناس عرضة لتفشي الأمراض التي يمكن الوقاية منها مثل الحصبة والدفتيريا والكوليرا وحذرت من أن الفشل في حماية المدنيين وتقديم الدعم الكافي لمرضى جرحى الحرب ينذر بالخطر وبلغ اجمالي تعهدات المانحين لدعم الخطة الانسانية في اليمن المنعقدة في جنيف اليوم إلى 2,6 مليار دولار والذي يهدف إلى جمع 4.2 مليار دولار لتمويل الخطةخلال العام الجاري 2019.

وفي سياق متصل اتهم رؤساء المساعدات الإنسانيه كلا من السعودية والامارات بازدواجية المعايير الخاصة بتبرعاتهم لليمن. وقال موقع ” ميدل ايست آي ” البريطاني أنه بالرغم من أن الدولتين الخليجيتين تقدمان مساعدات مالية كبيرة لليمن الا انهما في نفس الوقت تقودان عدواناً وحرباً شرسة على البلاد منذ اربع سنوات.

وأشار رؤساء المساعدات الى أن جيران اليمن الغنيين بالنفط متورطون في جرائم حرب في اليمن بما في ذلك قصف القرى والتعذيب واستخدام الجنود الأطفال. وانتقد يان إغلاند الذي كان يراس عمليات المساعدات التي قامت بها الأمم المتحدة في بيان شديد اللهجة أمس الاثنين  "انفاق الدول التي تتاجر بالأسلحة أو تلك التي تمطر المدنيين اليمنيين بقذائف وقنابل"  . وقال إغلاند إن 60%من مساعدات العام الماضي لليمن جاءت من السعودية والإمارات والولايات المتحدة التي ساعدت جهود حلفائها العرب في الحرب بالأسلحة والاستخبارات والتزويد بالوقود الجوي.

وأضاف بان هؤلاء ساهموا مع دول أخرى من كلا الجانبين في العدوان والحرب على اليمن التي أنتجت 24 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة. و هو أكثر من ثلاثة أرباع جميع السكان اليمنيين.

ونقل الموقع عن غيرت كاببيلير مدير اليونيسف في الشرق الأوسط قوله ان وكالة الأمم المتحدة للأطفال قررت الاستمرار في أخذ النقد من الامارات السعودية لأنها دفعت تكاليف حملة التطعيم وغيرها من برامج إنقاذ الأرواح مشيرا إلى أن ذلك القرار لم يكن سهلا  وذكر انه حتى بعد ان استلمت اليونيسف المال فإنها لن تتوقف أبدا عن التعبير عن رأيها بأطراف الأزمة مضيفا انه حتى بعد ان أظهرت تلك الدول سخائها  فأنها تواصل قتل الأطفال وتشويه الأطفال عندما تقوم بتدمير المدارس والمرافق الصحية ونقاط المياه.

من جهته قال مانويل بيسلر رئيس المساعدات لحكومة سويسرا التي تشارك في استضافه اجتماع هذا الأسبوع ان هدف جمع التبرعات كان “فلكيا” وان النقد من الشرق الأوسط واسيا ضروري لتكمله التبرعات الغربية. وأضاف أنه من المهم الحصول علي موارد مالية” من القوي الإقليمية “حتى عندما تكون طرفا في النزاع” لكن هذا لا يمنحهم تصريحا مجانيا لقتل المدنيين أو تفجير المدارس والمستشفيات مشيرا بأن ذلك الدعم لا يحميهم بأي حال من الأحوال من مراقبة القانون الدولي الإنساني.

وقال الموقع انه وفقا لخدمه التتبع المالي التي قدمتها الأمم المتحدة في العام الماضي قدمت الامارات 38.3 %من إجمالي أموال المساعدات المقدمة إلى اليمن والبالغة 5.2 مليار دولار بينما جاء 22 %من السعودية و 11.5% من الولايات المتحدة.

 

المزيد في هذا القسم: