المرصاد نت - عمار الأشوال
ليس في اليمن أزمة إنما أزمات بعضها فوق بعض. جيش جرّار من المصائب وأمطار غزيرة من الدموع. هنا حتى الهوية معدومة وإن وجدت تُباع في السوق السوداء عبر سماسرة. تخيّل أن تعيش في بلدك بلا هوية وإذا نويت السفر لسبب ما تتذكّر أنك لا تستطيع امتلاك جواز سفر! بعد حفل عرسه بأيام توجّه محمد الإقليمي في شباط/ فبراير الماضي من صنعاء إلى عدن، بهدف استخراج جواز سفر. كان يأمل أن يقضي «شهر العسل» مع زوجته خارج اليمن فإذا به يعود إلى صنعاء جثّة هامدة بعدما تم الاعتداء عليه وقتله من قِبَل مسلحين لم يتم ضبطهم حتى اليوم. ومثل حكاية الإقليمي هنالك الكثير من القصص المؤلمة.
تضاعفت المعاناة بعد صدور قرار عن وزير الداخلية في حكومة هادي أحمد الميسري في كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي يقضي بعدم التعامل مع الجوازات الصادرة في صنعاء والمناطق غير الخاضعة لسلطة هادي ليعقب ذلك إعلان مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية في كانون الثاني/ يناير نفاد «الكروت» لديها في جميع الفروع والسفارات في الخارج ما يدعو إلى التساؤل عن مشروعية منع الناس من السفر بجوازات صادرة عن صنعاء فيما لا يتم توفير البديل منها في ما تُسمّى «المناطق المحرّرة»!
بفعل تلك الأزمة مات الكثير من المرضى الذين لم تشفع لهم حالاتهم الحرجة بالسفر في بيوتهم، بعد انهيار الوضع الصحي نتيجة الحرب المندلعة منذ آذار/ مارس 2015م وانعدام دفاتر الجوازات حتى عبر السوق السوداء في شهرَي نيسان/ أبريل وأيار/ مايو الماضيين. كما أن العديد من المنح الدراسية تبخّرت هي الأخرى، عندما لم يتمكن الطلاب من الظفر بجواز سفر. زيجات، أيضاً، تأخرت، ولا تزال معلّقة إلى اليوم، ينتظر أحد أطرافها الحصول على جواز لتحقيق حلمه بالزواج. حتى التشييع في اليمن بات حلماً يراود الموتى، إذ إن كثيراً من الجثث؛ التي انتهت صلاحية جوازات مرافقيها في الخارج أو فُقدت، تنتظر الفرج.
وعلى رغم توجيهات الميسري بطباعة 400 ألف جواز في شركة «فريدوس جي إم بي إتش» (veridos Gmbh) الألمانية بدون مناقصة إلا أن عملية الطباعة تأخرت بسبب خلاف مع الشركة حول آلية تحويل المبلغ وفق ما يفيد به مصدر مسؤول في «الجوازات» فضّل عدم الكشف عن هويته مضيفاً إنه تم أخيراً التفاهم بين الجانبين وتوريد المبلغ إلى الشركة في 28 مارس/ آذار الماضي.
إلا أنه حتى بعد الإعلان عن وصول الدفعتين الأولى والثانية من «الكروت» في حزيران/ يونيو الحالي بما يُقدّر بـ 20 ألف نسخة، لا تزال الأزمة مستمرة. يعود ذلك، بحسب المصدر السابق، إلى أن تلك النسخ تنتظر طبع الصفحة الأولى الخاصة بالبيانات، والتي عادةً ما تأتي من المطبعة الأجنبية فارغة ويتم استكمالها في اليمن. لكن مسؤولاً محلّياً، فضّل هو الآخر عدم الإفصاح عن هويته، يعزو المماطلة التي تمارسها مصلحة الجوازات إلى أنها تستهدف تسهيل البيع في السوق السوداء بأسعار باهظة لا تقلّ عن 150 ألف ريال (300 دولار) لكلّ جواز سفر. وهو ما يؤكده عابد أمين المغترب في الولايات المتحدة الأميركية الذي طُلب منه عبر سمسار على علاقة بمكتب الجوازات في عدن 150 ألف ريال لكل جواز عن أفراد عائلته السبعة. وهذا المبلغ بالطبع مرتفع مقارنة بمستوى دخل المواطن اليمني وبالسعر الرسمي للجواز الذي هو 7 آلاف ريال (14 دولاراً).
وتنحصر السفارات والقنصليات في الخارج المخوَّلة إصدار الجوازات في البلدان الآتية: الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، ألمانيا، مصر، الأردن، السعودية، الإمارات، الكويت، البحرين، جيبوتي، وماليزيا. وهي ليست استثناءً من الأسعار المرتفعة، إذ وصل سعر الجواز فيها إلى 400 دولار للطالب، و500 دولار لأصحاب المهن الأخرى بحسب مصدر دبلوماسي فضّل عدم الكشف عن هويته مع أن السعر الرسمي للجواز 30 دولاراً للطالب و100 دولار لغير الطلاب.
وبحسب بيانات مصلحة الهجرة والجوازات فقد وصل عدد الراغبين في استخراج جوازات سفر في محافظتَي تعز ومأرب فقط إلى 40 ألفاً فيما وصل عدد المقدّمين في عدن وحدها إلى 40 ألفاً، إضافة إلى الطلبات الكثيرة في 21 مركزاً آخر؛ من ضمنها السفارات في الخارج في حين لا يتجاوز عدد الدفاتر التي وصلت في الدفعتين السابقتين 20 ألفاً. وهو ما منع المصلحة بحسب مصدر فيها من الإصدار حتى لا تقع في مشاكل بسبب عدم تلبيتها الطلبات كافة.
كثرت الشكاوى الجماعية جراء هذه الأزمة وارتفع صوت الحقوقيين والكُتّاب والنشطاء بالمطالبة بحلّها فيما أُطلقت حملة في مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان «أين الجوازات؟». لكن حكومة هادي بدت غائبة عن السمع أو في أحسن الأحوال تسمع الشكوى بأذن وتُخرجها من الأخرى بينما اليمني لم يعد يحلم بجواز أجنبي بل بات أقصى طموحاته حصوله على هويّته.
المزيد في هذا القسم:
- منظمة اليونيسف : عام 2016 كان قاسياً على أطفال اليمن المرصاد نت - متابعات قالت الممثل المقيم لمنظمة اليونيسف في اليمن الدكتورة ميريتشل ريلانو إن عام 2016 كان قاسياً على أطفال اليمن خاصة مع ارتفاع معدلات سوء التغ...
- استشهاد وإصابة 11 مواطناً بقصف قوى العدوان في الحديدة وصعدة! المرصاد نت - متابعات استشهد ستة مواطنين وأصيب خمسة آخرون معظمهم أطفال بقصف قوى العدوان في محافظتي الحديدة وصعدة خلال الـ 24 ساعة الماضية. وأكد مصدر عسكري لوكا...
- الوفد الوطني يلتقي وزير الخارجية الكويتي وولد الشيخ يقترح البدء بحل الملف الأمني والعسكري المرصاد نت - متابعات اقترح ولد الشيخ خلال لقاءه برئيس الوفد الوطني البدء بحل الملف الأمني والعسكري قبل الانتقال لتأليف حكومة شراكة وطنية في اليمن. وأوردت م...
- اليمن : لجنة وساطة تتوصل إلى اتفاق لإنهاء المواجهات في محافظة إب (بنود الاتفاق) توصلت لجنة الوساطة لإنهاء المواجهات واحتواء العنف في محافظة إب، وسط البلاد، إلى الاتفاق مع الأطراف المعنية والسلطة المحلية لتثبيت وقف إطلاق النار و إقرار اتفاقا...
- غارات هستيرية للعدوان وتحذير أممي من أرتفاع أعداد القتلى المدنيين المرصاد نت - متابعات استشهد وأصيب سبعة مواطنين اليوم جراء ثلاث غارات لطيران العدوان الأمريكي السعودي على سوق شعبي بمديرية بكيل المير في محافظة حجة. وأوضح...
- شهية الدواعش الوهابية كما مملكتهم ماتزال مفتوحة لتدمير التراث الديني والإنساني في اليمن المرصاد نت - متابعات في سياق التنافس المحموم بين العدوان السعودي الأمريكي وابنه الشرعي “داعش” على هدم المعالم الأثرية والأضرحة في اليمن، كما يج...
- وصول تعزيزات للمرتزقة بمديرية القبيطة واقتتال دامٍ يتجدد بين المرتزقة المرصاد نت - متابعات أفادت مصادر محلية بوصول تعزيزات عسكرية من قبل العدوان السعودي الأمريكي للمرتزقة في مديرية القبيطة بمحافظة لحج. ووفقا للمصادر فقد جاءت...
- تقرير يكشف الحجم الحقيقي للأسلحة التي زودت بها واشنطن التحالف السعودي! المرصاد نت - متابعات أبرمت الولايات المتحدة بما لا يقل عن 68.2 مليار دولار صفقات أسلحة نارية وقنابل وأنظمة أسلحة وتدريب عسكري مع السعودية وا...
- ديلي تلغراف: السعودية تقتل اليمنيين جوعاً وتنفق 50 مليار دولار لتدمير بلدهم! المرصاد نت - متابعات قال عضو البرلمان البريطاني عن حزب العمال وعضو لجنة التسلح في مجلس العموم لويد راسل-مويل إن “السعودية تنفق 50 مليار دولار كل عام لتدمير ال...
- اليمن .. ساحة التخبط الأمريكي المرصاد نت - متابعات القرار السعودي للعدوان على اليمن بذريعة حماية أمن المنطقة من التمدد الفارسي جاء بضوء أخضر أمريكي لأن الدول العربية غير قادرة على تغيير ال...