"سقطرى" اليمنية.. جوهرة الجزيرة العربية تعصف بها رياح الأطماع الإماراتية!

المرصاد نت - المهرة بوست

جددت الإمارات تحركاتها المشبوهة في جزيرة "سقطرى" خلال الشهرين الماضيين الرامية إلى إثارة الفوضى فيها وتحويلها من منطقة آمنة إلى ساحة حرب بين أبناءها بعد أن زرعت في socatraa2019.6.25أوساط العشرات منهم دعوات العصبية والانفصال وغيرها من المشاريع التي تستخدمها جسر عبور من أجل تحقيق هدف السيطرة على "جوهرة الجزيرة العربية".

ورغم بعد سقطرى عن الأراضي اليمنية فإنها لم تكن بمعزل عن آثار الحرب التي تدور رحاها في البلاد بعد أن حولت الإمارات الدولة الثانية في التحالف العسكري ضد اليمن الهدف الذي جاء التحالف من أجله إلى التوسع في جزر ومحافظات البلاد الاستراتيجية وفرض الهيمنة الاستعمارية عليها.

وكانت الأعاصير الطبيعية التي شهدتها المحافظة في نوفمبر/تشرين الثاني 2015م ذريعة أبو ظبي للبدء في تحركاتها المشبوهة عن طريق تقديم المساعدات الإنسانية والتي عقبها إرسال قوات عسكرية وملايين الدولارات من أجل شراء الولاءات وتقديم الهدايا والهبات لمشائخها وشخصياتها الاجتماعية من أجل الوصول إلى أحلامها ومطامعها للتحكم في التجارة التي تمر عبر قناة السويس ومضيق باب المندب بين اليمن والقرن الأفريقي. وخلال عامي 2016 و 2017 واصلت الدولة البوليسية إغراق الجزيرة بمساعداتها وأموالها مستغلة بذلك الحرب التي تشهدها البلاد.

وفي 30 نيسان/أبريل من عام 2018م نشر الجيش الإماراتي أكثر من مائة جندي بالإضافة إلى مدفعيات ومدرعات في أرخبيل سقطرى اليمني الواقع في بحر العرب دون تنسيق مسبق مع حكومة هادي. وتزايدت حدة التوتر حينها عندما وصلت طائرات عسكرية إماراتية فجأة إلى مطار سقطرى تزامنا مع زيارة كان رئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن دغر يقوم بها على رأس وفد مكون من عشرة وزراء. وعقب وصوله أصدر "بن دغر" بيانا عبر صفحته الرسمية على «فيسبوك» اعتبر فيه الوجود العسكري الإماراتي في سقطرى، وسيطرتها على الميناء والمطار أمرا غير مبرر.

وأطلق بعدها سفير اليمن لدى الأمم المتحدة "خالد اليماني" تصريحات هدد بتدويل قضية الجزيرة مؤكدا حينها أن إدارة الشؤون السيادية اليمنية هي مهمة حصرية للحكومة اليمنية ولا تقبل الاجتزاء في إشارة إلى الوجود العسكري الإماراتي في جزيرة سقطرى اليمنية ورفضها الخروج منها رغم دعوات الحكومة اليمنية.

وبعد مرور أكثر من أسبوعين على التوتر نجحت الضغوط الحكومية في إجبار أبوظبي على سحب قواتها من الجزيرة. وقال "بن دغر" في بيان له في الـ 14 من شهر مايو 2018 أن أزمة سقطرى التي اشتعلت بين الحكومة اليمنية والإمارات قد انتهت وأكد أن الاتفاق يقضي بعودة الوضع إلى ما كان عليه قبل إرسال الإمارات قوات عسكرية للسيطرة على المطار والميناء.

وأعلن من خلاله أنّ العلم اليمني عاد ليرفرف من جديد في ميناء ومطار سقطرى "يحرسه جندي من سحنته تعرف أنه ابن سبأ وحمير وقتبان وأوسان وحضرموت ابن سقطرى" في إشارة إلى عودة القوات اليمنية وانسحاب الإماراتية التي سيطرت على المطار والميناء منذ حوالى أسبوعين. وأكّد بن دغر أنّ الاتفاق الذي جرى في الأيام الأخيرة "يقضي بعودة الجزيرة إلى وضعها الذي كانت عليه يوم الإثنين قبل الماضي" 30 إبريل/نيسان المنصرم وقال إنّ لا أحد ينازع اليمن في يمنية سقطرى وأن ما جرى "أزمة في الإخوة وعدت. لكنها من المؤكد ستمنحنا فرصة جديدة للتأمل في ما نحن عليه في التحالف وفي المناطق المحررة. 

وعلى الرغم من اتفاقها مع الحكومة اليمنية واصلت الإمارات الحفاظ على دورها بصفتها السلطة الحكومية الفعلية ومزود المساعدات في سقطرى. وفي يناير من العام الجاري تداول نشطاء مقطع فيديو للمؤرخ الإماراتي حمد المطروش في مقطع مصور نشر على مواقع التواصل الاجتماعي يجمعه مع عدد من شيوخ وأفراد من سقطرى الموالين للإمارات قوله "أؤكد لكم بإذن الله بأن أهل سقطرى سيكونون جزءا من الإمارات ويستحقون الجنسية بدون طلب". وادعى أن ثلثي مواطني إمارة عجمان الإماراتية يعود نسب آبائهم وأجدادهم إلى سقطرى مضيفا أنه "بـ"النسبة للجنسية فهو أمر مفروغ منه".

وذهب المطروشي إلى أن "هناك علاقة قديمة تجمع الإماراتيين بأبناء سقطرى" مضيفا "كان بيننا وبينهم ملحمة وتاريخ وحياة". وبالرغم من كون حديث المطروشي لا يتسم بالطابع الرسمي إلا أن اليمنيين لم يتركوا حديثه يمر دون رد في ظل الصمت الرسمي من حكومة هادي ما فجر حالة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي. وفي فبراير/شباط 2019م أعلنت الإمارات عددا من فرص العمل في الإمارات للشباب من سقطرى وخلال نفس الفترة افتتح حاكم سقطرى أيضا العديد من المرافق في مستشفى جديد بنته الإمارات في الجزيرة.

  واستمرت أبوظبي في استخدام كل الممارسات حيث نقلت في شهر مارس الماضي عشرات الطلبة من الأرخبيل إلى مدينة عدن لتدريبهم ضمن قوات الحزام الأمني. وجرت ترتيبات نقل طلاب المدارس حينها بالتنسيق مع مدير الأمن في الأرخبيل العميد "علي الرجدهي" حيث يقود الطرفان "مؤامرة" ضد محافظ سقطرى "رمزي محروس". وتهدف إلى تشكيل ميليشيات خارج سيطرة الحكومة الشرعية في سقطرى على غرار تلك التي أنشأتها الإمارات في عدن وحضرموت وشبوة، ويجرى تدريبها على "عقيدة انفصالية". وسارع محافظ المحافظة "رمزي محروس" للإعلان عن رفضه التام لإنشاء تشكيلات أمنية وعسكرية خارج السلطة المحلية للمحافظة. وقال "محروس": "إننا في السلطة المحلية والأجهزة الأمنية والعسكرية لن نسمح بوجود أحزمه أمنية أو تشكيلات مسلحة خارجة عن أجهزة الدولة".

وبعد أسابيع من تصريحات المحافظ "محروس" ردت أبو ظبي على تصريحاته بإرسال 300 فرد من عناصر الحزام الأمني والذين تدربوا في عدن ووصلوا الجزيرة حينها عبر ميناء المكلا بتمويل من مؤسسة خليفة بن زايد التي يديرها في سقطرى اللواء ركن طيار مبارك بن خلفان المزروعي الملقب "أبو مبارك" المندوب الإماراتي في الجزيرة. وجرى إعداد وتشكيل الميليشيات من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن بالتنسيق مع عضو الانتقالي في سقطرى اللواء سالم عبد الله السقطري والذي قبلها بأسبوع من الإمارات لاستقبال تللك العناصر في الجزيرة.

  وفي أواخر شهر مايو الماضي وصلت سفينة إماراتية إلى ميناء حولاف في جزيرة سقطرى أوقفتها القوات الأمنية في بعد رفض تفتشيها، والاشتباه بوجود أسلحة ومعدات عسكرية فيها، كتعزيزات للميليشيات داخل الجزيرة. وعندما عندما حان موعد إفراغ حمولة السفينة في رصيف الميناء طلبت إدارة ميناء الجزيرة جدولا بالشحنة التي على متنها، بحسب القوانين المعمول بها في الموانئ. وكان من ضمن حمولة السفينة الإماراتية حاويات مغلقة إلا أن طلب إدارة ميناء سقطرى قوبل بالرفض من قبل الإماراتيين.

وحاول الإماراتيين التحايل على إدارة الميناء وقاموا بالكشف عن جزء من تلك الشحنة التي تضم "مركبات شرطة" ويقدر عددها بـ10 تقريباً وجرى تسليم تلك السيارات الشرطية إلى قائد قائد شرطة الجزيرة. وبعد مرور أسبوعين على وصولها غادرت السفينة الإماراتية في الـ 9 من شهر يونيو الجاري دون تفريغ شحنتها المفخخة بالأسلحة والعتاد العسكري غير القانوني.

وفي الـ 17 من شهر يونيو الجاري أعتدت مجاميع مسلحة من الميليشيات ذاتها على موكب وزير الثروة السمكية فهد كفاين وهو أحد أبناء الجزيرة ومحافظ الأرخبيل رمزي محروس أثناء خروجهما من إحدى المنشآت الحكومية. واعترضوا موكب الوزير ومحافظ سقطرى رمزي محروس أثناء خروجهما من مقر السلطة المحلية بمديرية قلنسية غربي الجزيرة. ووفقا لمصادر تحدثت حينها أن المسلحين الموالين للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال اعتدوا بالحجارة على الموكب دون إصابة أحد بأذى.

وعقب الإعتداء على موكب الوزير والمحافظ بساعات دفعت أبوظبي ميليشياتها باتجاه ميناء سقطرى للسيطرة علية بقوة السلاح بتواطؤ مباشر من مدير أمن المحافظة "علي أحمد الرجدهي. واندلعت اشتباكات واسعة داخل حرم الجزيرة، بين القوات الأمنية من جهة والميليشيات من جهة أخرى حيث حاولت الأخيرة اقتحام بوابة الميناء والاستيلاء على سيارات وصلت على متن السفينة سيئة السمعة من الإمارات. وردا على هذا التصعيد الإماراتي وجه محافظ سقطرى رمزي محروس الأجهزة الأمنية والعسكرية بالتصدي الحازم للعناصر الخارجة عن القانون واستطاعت الأجهزة الأمنية الشرعية إحكام سيطرتها على الميناء وطرد الميليشيات.

  ولم يقف اليمنيون موقف المتفرج بل شهدت شبكات التواصل الاجتماعي وعدد من القنوات التلفزيونية والمواقع الإلكترونية وغيرها حراكا شعبيا واسعا أنضم إليه المسؤولون والبرلمانيون اليمنيون طالبوا بتصحيح العلاقة مع الإمارات وإنهاء احتلالها للمحافظات الجنوبية. وتم تدشين حملة ” #طرد_الامارات_مطلب_شعبي” على شبكات التواصل وكتب عشرات الآلاف من اليمنيين وحتى السعوديين ليصل الوسم إلى الأول في منطقة الخليج العربي في ترند موقع “تويتر”.

وقال وزير النقل اليمني صالح الجبواني “لا يعلم أفراد النخب القبلية ومن يقف خلفهم أنهم معزولين عن المجتمع وأن القوى الكامنة في هذا المجتمع المتمثلة بعموم الناس الذين يستفزهم الارتزاق وجرح كرامتهم الوطنية لم تخرج بعد على من تبقى من هؤلاء الصبيان أن يتركوا عتق قبل أن تنفجر حمم المجتمع في وجوههم”. وكتب رئيس الوزراء اليمني السابق احمد عبيد بن دغر قال فيه “لن يتوقف مخطط التقسيم أيها السادة عند اليمن مثل هذا التفكير ينطوي على قدر كبير من السذاجة والتسطيح، وليست اليمن سوى العتبة الأولى في سلم المؤامرة في المنطقة أنتم خطوة لاحقة في مخطط التقسيم العام وقضية الجنوب التي تستخدمونها حصان طراودة على عدالتها وحق أهلها في الإنصاف هي قضيتنا”.

وحذر البرلماني اليمني البارز علي عشال من تكرار سيناريو صنعاء في المحافظات الجنوبية بإسقاط مؤسسات الدولة. ودعا عشال في منشور على صفحته في فيسبوك الحكومة اليمنية والأحزاب وأعضاء البرلمان إلى مغادرة “مربعات الصمت”. في إشارة إلى الصمت تجاه محاولات الإمارات الانقلاب على حكومة هادي في المحافظات الجنوبية. وقال عشال: أعتقد أن الوقت قد آن في آن يغادر القادة الرسميين والحزبيين واعضاء مجلس النواب واعضاء الحكومة مربعات الصمت؟ وأضاف: ما يجري اليوم من حالة صمت عجيبة وركون من كل طرف ان غيره معني بتصحيح الوضع المختل يشبه الحالة التي عشناها قبل سقوط صنعاء وتابع: لن يرتدع أي عابث بأمن واستقرار اليمن مالم يقف الجميع صفاً واحداً ويقولوها بالفم المليان. واختتم منشوره بالقول: لن نسمح لطرف في تحالف دعم الشرعية ان ينحرف عن أهداف هذا التحالف.

 

المزيد في هذا القسم: