المرصاد نت - متابعات
كل المؤشرات تتضافر لتأكيد رغبة أميركية بتدشين محادثات مع صنعاء تهدف إلى وقف حرب اليمن. رغبة واشنطن تظهر كعامل معجّل قد ينبئ بمفاجآت قريبة. وأمس زادت زيارة خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع السعودي لواشنطن التكهنات بشأن جدية المعلومات حول مسعى أميركي لإيقاف الحرب. الأمير خالد الذي بات منذ مدة المسؤول عن الملف اليمني في البلاط تأتي زيارته بالتوازي مع كشف الإعلام الأميركي عن أن واشنطن بصدد الإعداد لمحادثات مع «أنصار الله». ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مسؤولين مطّلعين على الملف أن «الولايات المتحدة تسعى إلى حث السعودية على المشاركة في محادثات سرية في عمان مع قياديين حوثيين بهدف التفاوض على وقف لإطلاق النار في اليمن». وزادت الصحيفة: «هناك أيضاً قلق متصاعد في واشنطن من واقع أن السعودية لا تريد جدياً وضع حد للنزاع».
هذه المعلومات في ظل الزيارة «غير الرسمية» لخالد بن سلمان لواشنطن كما وصفتها وكالة الأنباء السعودية تشي بأن الأميركيين حمّلوا الأخير رسالة بضرورة التعجيل في خوض المفاوضات، وهو ما لم تعد تعارضه الرياض على ما يبدو. وأمس أفادت وزارة الخارجية الأميركية بعد لقاء خالد بن سلمان ووزير الخارجية مايك بومبيو بأن الجانبين اتفقا على أن «الحوار هو السبيل الوحيد لوحدة اليمن واستقراره». في غضون ذلك كان وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر أكثر صراحة في التعبير عن المنحى الأميركي الجديد بقوله أمس: «دعمنا العسكري للسعودية في اليمن كان محدوداً ونبحث مدى رغبة الأطراف في التوصل إلى اتفاق».
الإمارات تخلخل التحالف مع السعودية تعزيزا لصورتها كصانع للسلام
كانت كل المؤشرات تشير إلى أن عرى العلاقة بين السعودية والإمارات لا تنفصم على الساحة العالمية إذ عمل البلدان معا على الظهور بمظهر من يتمتع بالنفوذ في الشرق الأوسط وما وراءه والتودد للرئيس الأميركي دونالد ترامب ومن مصر إلى السودان والقرن الإفريقي عمد البلدان إلى تنسيق استخدامهما لما يملكانه من سطوة مالية بل وقوة عسكرية، في اليمن لإعادة رسم الخريطة السياسية في المنطقة بما يتفق مع مصالحهما غير أن مصادر مطلعة قالت إن الملك سلمان خطا هذا الشهر في قصره بمكة خطوة غير مألوفة فأبدى "انزعاجه الشديد" من الإمارات أقرب الشركاء العرب للمملكة. ويبدو أن هذا التعليق دليل على وجود شرخ في التحالف الذي يقوده عمليا نجل الملك الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي والحاكم الفعلي للإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
ولخلخلة العلاقات بين الإمارات والسعودية تداعيات تتجاوز بكثير علاقاتهما الثنائية فالخلاف قد يضعف حملة "الضغوط القصوى" التي يقودها ترامب على طهران ويلحق الضرر بمساعي إحلال السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين بل وقد يكون له أصداء على مسارح صراع أخرى، فإلى هذا الحد الكبير بلغ نفوذ الدولتين الشريكتين في منطقة من العالم لها أهميتها لإمدادات النفط العالمية.والمصدر المباشر للتوتر هو حرب اليمن الطاحنة.
ومنذ أشهر تتزايد الاحتكاكات بسبب هذا الصراع الذي كان من المنتظر في بدايته أن يستمر بضعة أسابيع لكنه طال لسنوات وسقط فيه عشرات الآلاف ولا تبدو له نهاية في الأفق أما السبب الأشمل فهو القرار الذي يبدو أن الإمارات اتخذته بالتحول لخدمة مصالح وطنية أضيق وإظهار نفسها في صورة الشريك الأكثر نضجا الذي بمقدوره تحقيق استقرار المنطقة حتى إذا كان المغزى من وراء ذلك تقليص الخسائر والمضي قدما من دون الرياض.ويبدو أن الإمارات حريصة أيضا على إنقاذ صورتها في واشنطن حيث أدى مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي إلى تعميق المخاوف من تحول السياسة الخارجية التي تنتهجها المملكة إلى الاندفاع والنزوع للتدخل.
وقال مصدر مطلع على ما يدور "الإمارات تريد أن تظهر بمظهر الدولة الصغيرة التي تيسر تحقيق السلام والاستقرارـ لا التابع لطرف سعودي يبدو منتصرا وينزع للتوسع"وأضاف المصدر "الأمر بشكل من الأشكال تقديم مصالحهم، لأنهم يعتقدون أنه إذا كانت السعودية تنزع للتوسع فستبتلعهم".
مصدران يمنيان ومصدر آخر تم اطلاعه على ما دار في الاجتماع إن الإعراب عن انزعاج الملك جاء في محادثة دارت وقائعها يوم 11 أغسطس/آب مع هادي الذي يحظى بدعم الرياض وردا على طلب للتعليق وصف مسؤول سعودي تلك الرواية لما حدث بأنها زائفة وقال "السعودية والإمارات لا تزالان متوافقتين استراتيجيا فيما يتعلق بمصادر عدم الاستقرار في الشرق الأوسط وتتعاونان تعاونا وثيقا جدا للتصدي لمجموعة واسعة من التهديدات الأمنية في المنطقة وخارجها.
ولم ترد السلطات في الإمارات على أسئلة عن هذا التعليق وفي وقت سابق قال مسؤول في الإمارات لرويترز إن البلدين "متوافقان تماما" فيما يتعلق باليمن وإيران وإن التهدئة هي السبيل الوحيد لتحقيق تقدم.ومن شأن أي انقسامات أن تقلق البيت الأبيض الذي استثمر قدرا كبيرا من سياساته في الشرق الأوسط في البلدين ومع استئناف المعارك في عدن أفاد بيان صادر عن الخارجية الأميركية بأن نائب وزير الدفاع السعودي التقى بوزير الخارجية مايك بومبيو في واشنطن لبحث كيفية وضع حد للمواجهة. ولم يذكر البيان العلاقات بين الرياض وأبوظبي والتي قال مسؤول أميركي إنها ستكون على جدول الأعمال، ولم يرد البيت الأبيض على الفور على طلب للتعليق.
واشتدت حدة المتاعب هذا الصيف بسبب اليمن بعد شهور من التوتر بفعل قضايا أخرى فعندما أخذ الأمير محمد بن سلمان والشيخ محمد بن زايد خطوة الحرب في 2015 م على اليمن ثم فرضا فيما بعد مقاطعة لقطر هلل أنصارهما لعصر جديد من العمل الحاسم في منطقة أكثر اعتيادا على مساعي التوفيق البطيئة بين المتخاصمين. كما تدخل الرجلان في صراعات في مصر والسودان وليبيا وعملا على احتواء الإسلاميين الذين اعتبروهم خطرا يهدد الحكم الوراثي في أعقاب انتفاضات الربيع العربي في 2011م غير أنه في الوقت الذي استعرضت فيه الرياض عضلاتها بقطع العلاقات مع كندا واحتجزت رئيس الوزراء اللبناني لفترة وجيزة ودفعت العلاقات للتوتر مع الأردن والمغرب شهدت الإمارات بالتلازم اهتزاز صورتها التي عملت بكل حرص على رسمها كقوة مثبتة للاستقرار.
وفي شهر يونيو/حزيران قلصت الإمارات وجودها العسكري في اليمن وقيدت الرياض بحرب مكروهة بدأتها لتحييد الحوثيين ومنعهم من تعزيز نفوذهم على الحدود. وقال مسؤول إماراتي كبير إن تلك الخطوة كانت تطورا طبيعيا بسبب اتفاق السلام الذي أبرم برعاية الأمم المتحدة في مدينة الحديدة الساحلية الغربية إلا أن بعض الدبلوماسيين يقولون إن الإمارات قبلت فكرة أنه لا يوجد حل عسكري للصراع وإنها تشعر بالحساسية للانتقادات الموجهة للكارثة الانسانية والضربات الجوية التي يشنها التحالف وأسفرت عن مصرع مدنيين وعجل تزايد التوترات الخاصة بإيران بهذا القرار.
وقال دبلوماسي غربي "لم يُستقبل ذلك بطريقة إيجابية فقد شعر السعوديون بأنهم جرى التخلي عنهم" وتقول أبوظبي إن هذا التحرك تم بالتنسيق مع الرياض مقدماً وعكس حقائق واقعة على الأرض مع تحرك الأمم المتحدة لتمهيد السبيل أمام محادثات السلام. وقال دبلوماسي آخر إن العلاقة بدأت تتصدع وإن "مصالحهما الاستراتيجية متشابهة لكنها ليست متطابقة تماما". كما هونت الإمارات من شأن الانقسامات بعد أن سيطر انفصاليون تدعمهم على مدينة عدن مقر حكومة هادي المؤقتة هذا الشهر لكنها لم تطلب منهم التخلي عما سيطروا عليه وانتقدت حكومة هادي ووصفتها بأنها ضعيفة وغير فعالة.
وكما يبدو أن للبلدين العربيين وهما من القوى الرئيسية في العالم الإسلامي آراء مختلفة في إيران وقد سعى البلدان لحمل الولايات المتحدة على أخذ موقف أقوى من أنشطة طهران في المنطقة وقدراتها الصاروخية غير أن الإمارات تبنت نبرة أخف بعد التفجيرات التي وقعت في ناقلات في مياه الخليج وحملت واشنطن والرياض مسؤوليتها لإيران. وتنفي إيران ضلوعها في التفجيرات غير أن البعض في منطقة الخليج يخشى وقوع مواجهة مباشرة ربما تعرض الإمارات واقتصادها للخطر. فالإمارات التي كونت لنفسها سمعة كمركز للأعمال أكثر عرضة للتأثر مقارنة بالسعودية أكبر دولة مصدرة للبترول في العالم وترى نفسها كعامل للاستقرار في المنطقة.
وقال مصدر إن الإمارات تتحوط باعتبارها قوة صغيرة فدبي المركز التجاري في الإمارات تربطها علاقات تجارية قوية بإيران. وقال مصدر آخر مشيرا إلى مفاتحات أبوظبي الأخيرة تجاه إيران بما في ذلك محادثات حول الأمن البحري تجددت الشهر الماضي "شهر العسل (مع السعودية) انتهى". وقال مصدر خليجي إن التحالف "على خير ما يرام" من حيث التصدي للتهديدات الإقليمية مثل إيران والإسلاميين لكنه سلم بحدوث عملية إعادة موازنة مع تطور الأوضاع. وربما يكون من هذه الأوضاع دور إيران في اليمن.
ففي الوقت الذي تعمل فيه واشنطن على تكوين تحالف بحري لتأمين مياه الخليج يمكن لإيران أن تذكي نار التوترات من خلال الحوثيين للضغط على السعودية وتجنب المجازفة بحرب ناقلات على غرار ما حدث في الثمانينيات. وقال مات ريد نائب رئيس فورين ريبورتس لاستشارات الطاقة "اليمن يبدو الآن مثل نقطة الصفر للتصعيد فحرب الناقلات تجازف بالتحول إلى صراع دولي لكن اليمن أمر مختلف".
وتتهم الرياض إيران بتزويد الحوثيين بالصواريخ والطائرات المسيرة لمهاجمة أهداف نفطية سعودية. وتنفي طهران هذا الاتهام كما تخشى الرياض امتداد التداعيات إذا ما تفكك اليمن أكثر من ذلك. وعلى النقيض، فإن شغل أبوظبي الشاغل هو حماية ممر باب المندب الاستراتيجي وإبقاء الإسلاميين تحت السيطرة. وقال دبلوماسي "إنهما متوافقتان استراتيجيا بصفة عامة، فأوجه التشابه بينهما أكثر من أوجه الاختلاف، لكننا سنبدأ في مشاهدة تفاوتات بين البلدين".
المزيد في هذا القسم:
- واشنطن لحلفائها: النصر العسكري غير ممكن في اليمن ! المرصاد نت - متابعات منحت الولايات المتحدة دفعة جديدة للجولة التفاوضية المقبلة بتشديدها لحلفائها على أن لا إمكانية لنصر عسكري في اليمن. رسالة تنضمّ إلى الدعوا...
- منظمة المقسطين للدفاع عن الحقوق والحريات تدعو سكان العاصمة الى المشاركة في مسيرة 22 مايو ل... دعت منظمة المقسطين للدفاع عن الحقوق والحريات كافة سكان العاصمة الى المشاركة الفاعلة في مسيرة صباح 22 مايو القادم بالعاصمة صنعاء للمطالبة بتحرير حديقة 21 مارس ال...
- انتقادات وإحتجاجاً على الجرائم بحق اليمنيين .. صحوة أوربية ضد التحالف! المرصاد نت - متابعات ضمن حملات الضغط العالمية التي يقودها ناشطون لإيقاف جرائم “التحالف” في اليمن احتج نشطاء حقوقيون في العاصمة البلجيكية بروكسل عن طريق وضع مئ...
- مجلس حقوق الإنسان يمدد تفويض لجنة التحقيق بجرائم الحرب في اليمن! المرصاد نت - متابعات وافق مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، اليوم الخميس، على تمديد تفويض لجنة التحقيق في جرائم الحرب في اليمن، بعدما عثر فريق المحققين على ...
- المهرة على خطا شبوة ... لا للإحتلال السعودي الإماراتي المرصاد نت - متابعات تبدو سياسة الإمارات في المحافظات الجنوبية في طريقها إلى التآكل والتفكك في ظل جرائمها وانتهاكاتها وتبدو صحوة الوعي الشعبي الجنوبي ال...
- ماذا سمعوا في صنعاء .. الأوروبيون راغبون في العودة والسلام ؟ المرصاد نت - إبراهيم الوادعي نالت زيارة الوفد الأوروبي الى العاصمة صنعاء ولقائه بالرئيس صالح الصماد ومختلف أركان الدولة والأطراف السياسية أهتماما بالغاً من قب...
- قلق غريفيث وأمريكا يتزايد حيال إستهداف المنشآت النفطية السعودية! المرصاد نت - متابعات أعرب المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث اليوم عن قلقه حيال الهجمات على اثنتين من المنشآت النفطية الرئيسية في السعودية وقال بيان للبعث...
- الساعات التي تسبق حسم الملف اليمني ! المرصاد نت - ندين عباس تحاول الدول الأوروبية إنهاء العدوان على اليمن بتسوية مرضية تكون فيها أيديهم عبر الرياض هي العليا بشروط سعودية فعلى رأس جدول مباحثات وزي...
- مقتل وإصابة عشرات المرتزقة بقصف صاروخي بمأرب وتعز المرصاد نت - متابعات قتل وأصيب العشرات من مرتزقة العدوان السعودي بينهم قيادي بارز في قصف صاروخي للجيش اليمني واللجان الشعبية إستهدف تجمع لهم بمديرية صرواح بمأ...
- الحراك التهامي يرفض نقل الحجوري الى الحديدة ويحذر المجتمع الدولي من خطورة هذا الأجراء خاص: رفض الحراك التهامي ما تناولته الانباء عن وجود قرار رئاسي لحلول الأنهاء للقتال الدائر بمحافضة صعده مفاده انتقال يحيى الحجوري وجماعته المس...