المرصاد نت - لقمان عبدالله
مرة جديدة تثبت صنعاء أنها تتمتع بقدرة فائقة في فهم وإدراك منطقة العمليات من حيث طبيعة الأرض والتكتيكات والأساليب الميدانية في تنفيذ المهام العسكرية. وكما أثبتت صنعاء قوتها في تطويع تشكيلاتها العسكرية بما يتناسب مع الظروف الميدانية وطبيعة الأرض في معركة وادي آل أبو جبارة نفّذت مناوراتها العسكرية بالاستفادة من حرب العصابات والجبال حارمة العدوان التفوق الجوي بنسبة عالية. بعد أن أثبتت جدارتها العام الماضي في حرب المدن من خلال الدفاع عن مدينة الحديدة. فالأرض هي العامل الأكثر تأثيراً في مجريات المعركة ولها الأهمية في التخطيط عند القادة العسكريين وكما يقول القائد والمفكر العسكري الصيني التاريخي صن تزو إن القائد الناجح هو من يحسن الاستفادة من الأرض: «دع الأرض تقاتل وتذود عنك».
تتمتع منطقة عمليات «نصر من الله» في وادي آل جبارة بخصائص جغرافية معقدة من حيث التضاريس الصعبة (جبال، منحدرات، هضاب أو تباب كما تسمّى، كتل صخرية كبيرة منتشرة بكثرة يستفاد منها للتمترس والاحتماء العديد من المسارب المنخفضة يستفاد منها في التسلل والإمداد...). استثمر الجيش اليمني و«اللجان الشعبية» طبيعة الأرض بشكل مناسب في المناورة التي اعتمدت على إرسال التخصصات العسكرية بشكل باغت العدو بالتزامن مع تنفيذ القوة الصاروخية ضربات مدمرة لمراكز القيادة والسيطرة في الأراضي السعودية (عشرة صواريخ). كما نفذت المسيّرات ضربات مباشرة ساعدت في قطع خطوط الإمداد وفي إضعاف معنويات الخصم.
قبل بدء الهجوم تحرّكت فرق الاستخبار والاستعلام والمنظومات الفنية ومنها ما تم استخدامه للمرة الأولى. بعد التأكد من صحة المعلومات الموجودة تحرّكت الاختصاصات العسكرية لتنفيذ المناورة (ضد الدروع، الهندسة، المدفعية، دفاع جوي، وفرق من مشاة النخبة...). تسللت المجموعات متخذة طرقاً في الشعاب والمسارب لمسافات طويلة بالاعتماد على إجراءات التمويه من طائرات الاستطلاع السعودي التي عادة ما تواكب الهجمات البرية. ووفق ما عرض في أشرطة الفيديو، فإن المجموعات اليمنية المتسللة لم تكن بالحجم الكبير (المجموعة لا تتعدى 10 أفراد).
وقد أسهم الاستثمار في طبيعة الأرض بشكل أساسي في ما يسمى في العلوم العسكرية «الاقتصاد بالقوة البشرية والتسليحية». باغتت المجموعات عناصر العدو المنتشرين على جانبي وادي أبو جبارة بأسلحة ضد الدورع ودمرتها فوراً. الانهيار السريع لقوات حماية الألوية المستهدفة على الجانبين أدى إلى انكشاف الألوية كلياً وباتت مجموعة القوات اليمنية مسيطرة بالرؤية والنيران على أجزاء المقتل كافة. نجحت في هذه الأثناء وفق الخطة المرسومة مسبقاً وفق ما ذكر المتحدث باسم القوات اليمنية العميد يحيى سريع قوة مشاة متخصّصة في قطع الطريق الواصل بين الألوية المحاصرة والحدود السعودية وبهذه الحالة أصبحت الألوية الثلاثة محاصرة من كل الجهات (فكي كماشة). حاول العديد من الآليات الانسحاب سريعاً لكن وحدات الهندسة سبقتهم بنصب عبوات ناسفة على جانبي الطريق انفجر بعضها بالقوة المنسحبة فصارت الآليات المدرعة مانعاً من انسحاب بقية الآليات.
مقابل ذلك لم تتمكن قيادة العدوان السعودي من استغلال الأرض وتوظيفها بما ينسجم مع القوات المتقدمة وانطبقت عليهم مقولة المفكر الصيني صن تزو: «إن أولئك الذين لا يعرفون أحوال الجبال والغابات والأودية... لا يمكنهم قيادة جيش». اعتمدت القيادة العسكرية السعودية في تقدمها من خلال الأولوية اليمنية الثلاثة وفصائل سعودية مرافقة على معبر إلزامي وحيد من دون أن تكون لديهم خطة محكمة في حماية الوادي من الجنبات.
ومما نشر لم تستطع القوات المحاصرة (الألوية الثلاثة) المناورة على الإطلاق ولم تمتلك على مستوى التكتيك الوحداتي أي خطة طوارئ (تجدر الإشارة إلى أن الألوية الثلاثة تتبع عسكرياً القيادة العسكرية السعودية المكلفة بحماية الحد الجنوبي ولم يكونوا مرتبطين بالقيادة العسكرية التابعة لما يسمى «الشرعية اليمنية» وهذه حال جميع الألوية اليمنية التي تقاتل على الحد الجنوبي). على مستوى المجموعات (ضباط وأفراد) التابعة للألوية الثلاثة فقدوا المناورة كلياً وكذلك القدرة النهائية على الانتشار والتموضع والدفاع عن أنفسهم، وفشلوا في الاستفادة من الأرض التي يمكن تجيير جانب منها في المقاومة والدفاع لمصلحتهم. وهي عمليات إشغال عادة ما تحصل ضمن خطة مسبقة بانتظار تعليمات القيادة أو وصول تعزيزات للنجدة.
بين الانسحاب والفرار من المعركة أو الاستسلام (المؤكد للضباط والعناصر المستسلمين أنهم سيعاملون فيه وفق أرقى المفاهيم الإنسانية وقواعد الشرف العسكري النبيل والعادات القبلية الحسنة)، فضّل الضباط والجنود الأخف كلفة، أي الاستسلام. وخلع معظمهم الثياب العسكرية ورفعوا رايات الاستسلام، لأنهم يدركون أيضاً أن الإعدام والتصفية الجسدية بانتظارهم إن هم انسحبوا. وسيان إن حصل الإعدام والتصفية من قبل فرق الموت أو بالقصف بالطائرات الحربية. عملية تذكّر بتجربة الجيش المصري عام 1963م حين وقع ألف مقاتل بين قتيل وجريح وأسير بأيدي قوات البدر التي استفادت من جغرافية محافظة حجة.
تجربة الجيش المصري
في 15 آب 1963م قام المصريون بهجوم من قاعدتهم الشمالية الغربية الرئيسية في حرض التابعة لمحافظة حجة. وكان عدد القوات يصل إلى ألف جندي مصري يصاحبهم ألفا جندي جمهوري. وكانت الخطة وفق رواية المخابرات البريطانية تقضي بقطع الطريق الجبلي الذي يبلغ طوله 35 ميلاً والذي يربط بين الخوبة على الحدود السعودية ومقر قيادة البدر في جبال القارة ثم بعد ذلك تقسيم القوات إلى قسمين تتحرك واحدة إلى الشرق باتجاه مقر قيادة البدر والأخرى تتجه إلى الشمال الشرقي عبر الطريق الجبلي باتجاه الحدود السعودية تحت جبال رازح.
بدأ المصريون تحركهم صباح السبت عبر وديان حرض وتعشر. وفي عصر السبت والأحد هطلت الأمطار بغزارة وغرست آلياتهم المكوّنة من 20 دبابة وحوالى 40 عربة مدرعة في الوحل. لم يهاجمهم الملكيون حتى فجر الإثنين. وغادر البدر مقرّ قيادته في الثالثة فجراً مع ألف من رجاله للقيام بهجوم مضاد في مضيق تعشر بينما هاجم الأمير عبد الله أحد قادته وادي حرض. حاول الجيش المصري الاستفادة من بعض شيوخ القبائل لدعم قواتهم بعد أن تلقّوا وعوداً منها بالمساعدة غير أن الواقع أثبت أن هذه القبائل كانت تناور وانضمت أخيراً الى قوات البدر. وفي الحصيلة وقع ألف مقاتل مصري بين قتيل وجريح وأسير.
استغل الملكيون (قوات البدر) معرفتهم بطبيعة الأرض ومشخّصاتها وتضاريسها في العمليات العسكرية. بمعنى آخر: استطاعوا تكييف العمليات والإجراءات العسكرية من خلال الأساليب والتكتيكات المختارة بما ينسجم والاستفادة من الميزات الجغرافية والمناخية والديموغرافية. على سبيل المثال استفاد الملكيون من تكتيك الالتفاف على المواقع التي تحتلها القوات المصرية. كذلك استخدموا تكتيك الكمائن لقطع الطرقات الإجبارية بين الجبال ومحاصرة مواقع المصريين. وبدلاً من استخدام الشاحنات لعبور الجبال كخط لوجستي، استُخدمت قوافل من الجمال تدخل من الربع الخالي إلى بيحان في شبوة ثم إلى صنعاء مروراً بمأرب.
وزير الدفاع العاطفي للتحالف السعودي: أنتم من ستخسرون
أكّد وزير الدفاع في حكومة صنعاء اللواء محمد العاطفي أن "المعارك الشرسة التي تخوضها القوات المسلحة اليمنية في مختلف الجبهات ليس لها مثيل في التاريخ المعاصر" اللواء محمد العاطفي خاطب في كلمة له التحالف السعودي قائلاً "أنتم من ستخسرون أما نحن فنتكلم من مصدر قوة وقد أعددنا ماباستطاعتنا" مضيفاً "لديكم المال ولدينا الرجال وسترون من كتائب الموت ومن الجيش ما لا تتصورون"وأوضح اللواء محمد العاطفي أن المقاتل اليمني واجه أحدث المعدات والوسائل الحربية والإمكانيات المتطورة للعدو بسلاحه الشخصي، مؤكداً أن "وسائل وإمكانيات العدوان غير المحدودة تهاوت عند أقدام جنودنا وهم يهجمون على مواقعه وتحصيناته وقواته".
كما دعا الشعب السوداني وقيادته السياسية إلى سحب جنودهم المشاركين في قتل اليمنيين إلى جانب العدوان، محذراً من العواقب الوخيمة التي تنتظر الجنود السودانيين في حال استمرارهم قتال الشعب اليمني. كذلك قال "قواتنا حققت انتصارات نوعية وسيطرت على مساحات في عمق أراضي العدو"، مضيفاً أن "العدوان أحرق جنوده المخدوعين بعد استسلامهم في المعركة وشن 152 غارة جوية على المنطقة" وتابع اللواء العاطفي قائلاً "ما حدث من قبل العدوان السعودي ينبغي أن يكون درساً لمن لا يزال يقف من المخدوعين اليمنيين إلى جانبه".
المزيد في هذا القسم:
- الأوبئة ... سلاح الرياض الأشد فتكاً المرصاد نت - رناحربي بعد 1000 يوم من العدوان السعودي على اليمن ليست الغارات التي ارتكبت أبشع المجازر وحدها ما يُقلق اليمنيين بل سيل الأوبئة التي أعاد الحصار إ...
- الإمارات تنشئ خمسة سجون سرية بتعز وتمارس أبشع أنواع التعذيب المرصاد نت - متابعات إنتقلت عدوى السجون السرية التابعة للقوات الإماراتية المحتلة من مدينتي عدن والمكلا إلى مدينة المخا التابعة لمحافظة تعز والواقعة في الساحل ...
- الساحل الغربي ثقب أسود يبتلع جحافل المعتدين وأدواتهم المرصاد نت - متابعات يحاول الإعلام المعادي بالتوازي مع عملية الاختراق في بعض الأماكن في الساحل الغربي أن يستخدم عامل الصدمة في محاولة اختراق مطار الحديدة ويقو...
- اجتماع للثورية العليا و المؤسسات الإقتصادية يفضي إلى تشكيل لجنة طوارئ اقتصادية مشتركة المرصاد نت - صنعاء أقر اجتماع ضم رئيس اللجنة الثورية مع المؤسسات الرسمية ذات العلاقة والأمنية والقطاع المصرفي والصرافين ورجال المال والاعمال اليوم الثلاثاء...
- مجلة أمريكية: لماذا تتدخل وأشنطن في اليمن وسوريا وتهرب من مواجهة مباشرة مع إيران؟ المرصاد نت - متابعات حظيت أول عملية عسكرية والتي أذن بها الرئيس ترامب خلال مأدبة عشاء بفشل مثير للقلق تسببت تلك العملية بمقتل ثلاثين مدنيا بينهم عشرات الأطفال...
- السيد عبد الملك الحوثي .. نطالب بتسليم مقر الفرقة الاولى مدرع وتحويله الحديقة ,, - اي قرار... القى السيد عبد الملك بدرالدين الحوثي قائد انصار الله اليوم خطاب هاماً بثته على الهواء قناة المسيرة الفضائية بمناسبة ذكرى استشهاد شقيقه ومؤسس حركة انصار الله...
- قتلى وجرحى بانفجار سيارة مفخخة عند فرع البنك المركزي بعدن المرصاد نت - متابعات قتل 6 من أفراد الأمن في الساعات الأولى من صباح السبت 29 أكتوبر/ تشرين الأول 2016 جراء انفجار سيارة مفخخة بمدينة عدن عاصمة المحافظة جنوب ا...
- سكان صنعاء بين تطمينات القادة ومخاوف وقائع تشاهد على الأرض المرصاد نت - جمال عامر مثّل حلول عيد الأضحى مناسبة لقائد «أنصار الله» السيد عبد الملك الحوثي وزعيم «المؤتمر» علي صالح للتهدئة والتخفيف...
- صُنَّـاعُ الأزمات في اليمن ! المرصاد نت - ضرار الطيب جزءٌ بسيطٌ ومُرعِبٌ مما ظلت تتحدثُ عنه وسائلُ الإعلام المناهضة للعدوان حول الفساد الشامل الذي يمارسه المرتزقة في المناطق التي تقع تحت س...
- التقرير العالمي 2016: جرائم العدوان على اليمن المرصاد نت - متابعات اعتبرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن الحصار الذي يفرضه العدوان السعودي على اليمن قد يرقى لمصاف تجويع المدنيين كوسيلة حربية، علاوة ...