المرصاد نت - رشيد الحداد
بالسلم أو بالحرب، تجتهد السعودية في تحقيق حلم المنطقة العازلة على حدّها الجنوبي. فبعد أيام من رفض وفد صنعاء التفاوضي في مسقط أيّ نقاش حول مطالب سعودية بوجود تلك المنطقة بين البلدين صعّدت الرياض عسكرياً في جبهات عسير وجيزان الحدودية، محاولةً إحراز أيّ تقدّم في محافظتَي حجة وصعدة ملقيةً من أجل ذلك بكلّ ثقلها العسكري ومستخدِمةً فيه مختلف الأسلحة الحديثة أملاً في إحداث اختراق يمكن صرفه مكاسب في المشاورات الجارية في السرّ والعلن مع «أنصار الله». إلا أن الردّ اليمني جاء كما لم تتوقّعه السعودية التي حشدت لهجومها الأخير مئات العناصر السلفيين وقوات سودانية فضلاً عن كتائب من «الحرس الملكي». كلّها تعرّضت لمقتلة كبرى في جبهات جيزان أول من أمس.
لم تغفل صنعاء طيلة الفترة الماضية عن أن مشاورات السلام قد تكون خدعة، وأن السعودية ربما تحاول استغلال الهدوء الذي خيّم على جبهات الحدّ الجنوبي خلال الأسبوعين الفائتين لترتيب صفوفها وتنفيذ هجمات جديدة. تيقّظٌ بدا واضحاً خلال اللقاء الذي جمع قبل حوالى أسبوع رئيس «المجلس السياسي الأعلى» في صنعاء مهدي المشاط ووزير الدفاع في حكومة الإنقاذ اللواء محمد ناصر العاطفي والذي تم التشديد فيه على الاستعداد لمواجهة أيّ تصعيد من قِبَل تحالف العدوان. وهو ما تُرجم سريعاً خلال الأيام القليلة الماضية حيث حاول «التحالف» تنفيذ عملية عسكرية في مديرية حرض التابعة لمحافظة حجة متخذاً من منطقة الطوال السعودية وقرى حدودية أخرى مرتكزاً للهجوم الواسع الذي قوبل من قِبَل الجيش اليمني واللجان الشعبية بردّ أفقد المهاجمين توازنهم وأجبرهم على العودة إلى مواقعهم.
بالتوازي مع ذلك كثّف «التحالف» قصف القرى والمناطق الحدودية في محافظة صعدة بالمدفعية الثقيلة من داخل الأراضي السعودية. كما شنّ طيران العدوان عشرات الغارات الجوية على محافظتَي حجة وصعدة ما أدى إلى مقتل وإصابة عشرات اللاجئين الأفارقة إثر قصف مدفعي سعودي استهدف تجمعاتهم في منطقة الرقو في مديرية منبه الحدودية الأسبوع الماضي. وتعرّضت مديريتا باقم والظاهر في صعدة هما الأخريان لسلسلة غارات عنيفة أواخر الأسبوع الفائت.
وترافق تكثيف الغارات الجوية مع تصعيد على الأرض حيث شهدت جبهات عسير وجيزان محاولات من قِبَل القوات الموالية لـ«التحالف» لإحراز تقدّم، وتحديداً في حرض وميدي وحيران إلا أن الجيش واللجان تمكّنا من إفشال هذه المحاولات بعد معارك عنيفة وأحرزا تقدّماً في الجبهات الثلاث المذكورة والتي يسعى «التحالف» إلى إحداث اختراق من خلالها باتجاه الحديدة تزامناً مع الاختراقات المتواصلة من قِبَل الميليشيات الموالية للإمارات هناك والتي تعدّها صنعاء تهديداً خطيراً لاتفاق السويد. ووفقاً للمتحدث باسم القوات المسلحة العميد يحيى سريع فإن تلك المعارك أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى من القوات السعودية والسودانية.
وتأتي عمليات الجيش واللجان هذه انعكاساً لتأكيد صنعاء على لسان وزير دفاعها اللواء العاطفي الخميس الماضي أنها «تمتلك زمام المبادرة والأسلحة الاستراتيجية الرادعة للدفاع عن الوطن وسيادته في مختلف الظروف». وحذّر العاطفي من أنه «في حال استمرار العدوان والحصار فإن المصالح القومية الدولية وخاصة الاقتصادية منها، ستتضرّر أكثر مما يتصوّره البعض»، مشدداً على أن «هذا ليس من باب الاستعراض أو الاستهلاك الإعلامي ولكن مضطرون للدفاع عن الشعب اليمني الذي يُقتل بشتى الوسائل والممارسات العدوانية فيما العالم يتفرّج من دون أن يحرك ساكناً».
تحذيراتٌ سرعان ما جلّاها تمكّن القوات الجوية اليمنية من إسقاط طائرتين الأولى سعودية من طراز «أباتشي» استُهدفت بصاروخ أرض - جو بتقنية جديدة في منطقة مجازة قبالة عسير ما أدى إلى مصرع طاقمها المكوّن من سعوديَين اثنين اعترفت الرياض بمقتلهما؛ والثانية طائرة استطلاع مقاتلة من طراز «Wing Loong» صينية الصنع، أُسقطت في سماء مديرية حيران في محافظة حجة بصارخ أرض - جو. ولدى إعلانه نبأ إسقاط الطائرتين وعد سريع بالكشف عن تلك الدفاعات الجوية الجديدة التي دخلت الخدمة وتخطّت مرحلة التجربة في الوقت المناسب مؤكداً أن «سماء اليمن لم تعد مستباحة بعد اليوم» داعياً «الأعداء إلى أن يحسبوا ألف حساب عند دخولهم الأجواء اليمنية خلال الفترة القادمة».
ويرى مراقبون أن إسقاط طائرة الـ«أباتشي» بصاروخ محلّي الصنع يفتح الباب على فرض واقع جديد وتغيير المعادلة الجوية لصالح صنعاء موضحين أن تحييد هذا الطيران الذي يُعدّ سلاح رئيساً لتحالف العدوان في المعارك وله دور مؤثر في جبهات المواجهة سيُفقد «التحالف» أحد أهمّ أسلحته التي يعتمد عليها في منع هجمات واسعة لقوات صنعاء على مواقعه وربّما يتطور إلى مستويات لا تحتملها السعودية. وكانت صنعاء أعلنت مطلع 2019م أن هذا العام سيكون عام تطوير الطيران المسيّر والدفاعات الجوية وهاهي اليوم تعلن عن مفاجآت جديدة في مجال الدفاعات الجوية بعد نجاح الطيران المسيّر في قطع مسافات تتجاوز 130 كلم واستهدافه منشآت حقل الشيبة النفطي ومنشأتَي بقيق وخريص التابعتين لشركة «أرامكو» السعودية في أيلول/ سبتمبر الماضي.
إلى ذلك أعلنت وزارة الداخلية في حكومة الإنقاذ في صنعاء يوم أمس تمكّن الأجهزة الأمنية التابعة لها من «كشف مخطط خطير تقف خلفه أجهزة استخبارات في دول العدوان». وأوضحت الوزارة في بيان أن «استخبارات العدوان لجأت إلى محاولة اختراق الجبهة الداخلية سعياً منها لاستهداف السلم المجتمعي وضرب الاستقرار الأمني». وأضافت أن «الاستخبارات السعودية أوكلت إلى أهمّ ضباطها التجهيز للعملية التخريبية بعد أن شكّلتهم في خليتين وأمدّتهم بالمال والدعم اللوجستي مستغلة الوضع الاقتصادي المتردّي الذي يعدّ إحدى أدوات الحرب العدوانية والحصار الظالم».
وبحسب البيان فقد كان من مهمّات الخليتين القيام «بأعمال تخريبية تسبقها حملات إعلامية وشائعات موجّهة (...) لإثارة الشارع وخلق احتقان يؤدي إلى ضرب المجتمع بالدولة وأجهزتها المختلفة عبر تبنّي دعوات للمظاهرات» إضافة إلى «اختراق مؤسسات الدولة المختلفة... والسعي لزرع الخلاف بين مستوياتها الوظيفية واتخاذ قرارات غير قانونية ومستفزة لإثارة الشارع».
المزيد في هذا القسم:
- المحاور الرئيسية لبناء اليمن .. قراءات في خطاب السيد القائد المرصاد نت - خاص في مناسبة الاحتفال بصمود الشعب اليمني امام أعتى عدوان وهمجية عرفها القرن الحالي والتي سببت دمار لكل مقدرات الدولة في ظل حصار متواصل منذ عامين...
- تصعيد في حجة والبيضاء: «انتكاسة نهم» تحرّك جبهات الغرب والوسط المرصاد نت - متابعات كثّفت القوات الموالية لـ«التحالف» محاولاتها التقدم على جبهات وسط البلاد وغربيها خصوصاً في محافظتي البيضاء وحجة. يأتي ذلك بعدم...
- اليمن … يدق المسمار الأخير بنعش الهزائم السعودية في الإقليم ! المرصاد نت - متابعات يبدو واضحاً لجميع المتابعين لـ مسار الحرب العدوانية للنظام السعودي على الدولة اليمنية بعد ما يقارب العامين ونصف العام ان هذا المسار يق...
- مجلس الأمن : يدعو لـحل سياسي والتصدي لخطر الإرهاب في اليمن المرصاد نت - نيويورك أعرب مجلس الأمن الدولي عن قلقه الشديد إزاء تكثيف الهجمات الإرهابية سواءً التي ينفذها القاعدة أو داعش، داعياً الأطراف اليمنية إلى تجنب ...
- اوضاع القنوات الخلفية مع المجلس الانتقالي الجنوبي!. المرصاد نت - متابعات وحول مستقبل الحرب في اليمن يقول التقرير إنه سيكون هناك تصاعد في القتال على المدى القصير حيث سيواصل الحوثيون وحلفاؤهم هجومهم ضد قوات ...
- ما هي أبعاد التحركات في جنوب اليمن ضد هادي والتحالف السعودي؟ المرصاد نت - قاسم عز الدين بعد طول غياب المحافظات الجنوبية عن نصرة أخوانهم في الشمال ضد العدوان والحصار والقتال تبدأ التحركات والاحتجاجات تتسع في تعز وعدن ولح...
- انتحاري يقتل ويصيب 14 جندياً في عدن متابعات : قال مسؤول محلي في عدن جنوب اليمن إن انتحارياً فجر نفسه بين تجمع للجنود في جولة سوزوكي بمنطقة الشيخ عثمانصباح الثلاثاء 12 أبريل/ نيسان 2016، وذ...
- الجوف : معارك عنيفة بعد وصول إمدادات ورسوم يفرضها عملاء العدو على شحنات الوقود والغذاء المرصاد نت - الجوف اندلعت معارك عنيفة في الجوف بعد وصول تعزيزات عسكرية لعملاء السعودية وفق ما أفاد مصدر عسكري اليوم الأربعاء مضيفاً أن انتشاراً واسعاً شهدت...
- "القاعدة" بدأ عملياته الإرهابية وسط اليمن بمهاجمة الأمن - لقاء هادي مع قيادي كبير في “الحر... صنعاء – من يحيى السدمي: في تطور لافت على الساحة اليمنية, استقبل الرئيس عبد ربه منصور هادي في صنعاء, أمس, رئيس جمعية المتقاعدين العسكريين الجنوبيين الع...
- اللجنة الثورية: فتح حساب لمجهود التعبئة الشعبية في البريد برقم (5938350685) أعلنت اللجنة الثورية العليا اليوم عن فتح حساب لمجهود التعبئة الشعبية لدى الهيئة العامة للبريد والتوفير البريدي وفروعها في عموم المحافظات برقم (5938350685). وأو...