معظم عناصر جيشها وقواتها أجانب .. حقيقة الإنسحاب الإماراتي من اليمن!

المرصاد نت - متابعات

ليس هي المرة الأولى التي تعلن فيها الإمارات بشكل رسمي الانسحاب من اليمن لكن اعلان الانسحاب هذه المرة يحمل في طياته هذه المرة الكثير من الرسائل العسكرية والاستراتيجية والسياسية Army UAE2020.2.14لليمن والسعودية والإمارات نفسها وحتى دول المنطقة ولاشك بأن هناك مخاوف مباشرة لدى الإماراتيين لكي يعلنوا مطلع الاسبوع الحالي الانسحاب من اليمن بالتزامن مع تنظيم حفل استقبال للجنود القادمين من هناك وكأنهم أبطال قاموا بطرد العدو الصهيوني من داخل فلسطين وغرد حكام الإمارات فرحين بهذه العودة وانتشر وسم على تويتر تحت عنوان “الصقور المخلصين العائدين” وعلى رأس هؤلاء كان ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، الذي تفاخر بما سمّاه “دورهم الوطني والإنساني (الذي) أوقد شعلة الأمل لأشقائنا في اليمن” مؤكداً أن “الإمارات ستبقى عضيداً للشقيق وجسراً للسلام”.

ويعتبر تنظيم مثل هذه الاحتفالية أمراً مستغرباً للجميع في الداخل والشرق والغرب اذ ان الإمارات لاتزال تحتفظ بجميع قواعدها العسكرية هناك هذا من ناحية ومن ناحية أخرى مع انسحاب معظم القوات الإماراتية سيبقى على الأراضي اليمنية قرابة 90 ألف مقاتل يمني مُدرّب على يد أبوظبي من الانفصاليين إضافة إلى مرتزقة أجانب تستخدمهم بين الحين والآخر لتنفيذ مهمات توصف بـ”القذرة” في البلاد من بينها الاغتيالات اذاً لماذا كل هذه الجعجعة ولماذا هي مطلوبة في هذا الوقت بالتحديد؟.

أولاً: هناك صراع صامت وخفي بين النظام السعودي والنظام الإماراتي في اليمن وقد برز هذا الخلاف في عدة مناسبات لاسيما في صيف العام الماضي عندما سيطر أتباع الإمارات “المجلس الانتقالي الجنوبي” على مراكز سيطرة “حكومة هادي” في جنوب البلاد وطردوهم منها لتمتص أبوظبي غضب النظام السعودي عبر “اتفاق الرياض” الذي بموجبه تم شرعنة مليشيا “المجلس الانتقالي” التي لاتزال تنشر الفوضى في عدن لتحقيق غايات الإمارات الهادفة الى تقسيم اليمن والسيطرة على موانئه وحالياً تعبث هذه المليشيا في أمن سقطرى وشبوة ما أثار حفيظة القوات التابعة للسعودية وحالياً تعمل الإمارات على تهدئة الاوضاع من جديد عبر تبرئة نفسها واعلان الانسحاب الذي هو في الحقيقة “انسحاب وهمي” لن يغير شيء على الأرض سوى حفظ ماء وجه الإمارات.

ثانياً: هناك خشية إماراتية من أن تنتقم صنعاء منها على خلفية الجرائم والمجازر والانتهاكات التي تسببها الإمارات في اليمن والقصف الجوي الذي تنفذه قواتها على السكان المدنيين وتعلم أبوظبي جيداً أن بإمكان صنعاء تنفيذ تهديداتها في حال ارادت ذلك لذلك هي تعمد اليوم لكي تنسحب من الواجهة تداركا لأي تصعيد ممكن ان يحصل.

ثالثاً:  يتحدث الخبراء أن إعلان الانسحاب هو مجرد أمر شكلي بعد أن زرعت مليشيات تابعة لها، ويستهدف الهروب من الاستحقاقات أمام المجتمع الدولي بعد ارتكاب أبوظبي انتهاكات جسيمة. وما عزّز تلك التكهنات المتباينة هو طريقة الإعلان إذ جاء عبر استعراض عسكري مترافق مع تغريد كبار رجالات الدولة وأمرائها وقياداتها العسكرية والسياسية عبر وسم موحّد هو “الصقور المخلصين العائدين”. كما أن صنعاء ترى إلى الآن أن مزاعم الانسحاب الإماراتية المتكرر هي إعلانات مخادعة وكاذبة وأنه ما دامت الإمارات لم تنسحب بشكل رسمي من “التحالف” وبشكل عملي من أرض المعركة فهي شريكة فعلية في العدوان.

رابعاً: الإمارات دخلت الحرب على اليمن لهدفين رئيسيين الأول هو السيطرة على الموانئ للحفاظ على ريادة موانئها وعلى رأسها جبل علي والثاني هو القضاء على الإسلام السياسي في اليمن والمتمثل في (حزب) التجمع اليمني للإصلاح ولطالما ان مليشاتها آلاف الجنود الذين دربتهم هناك يقومون بهذه المهمة فما هي الحاجة لبقائها هناك ويجب أن نذكر هنا أن قوات الامارات لم تشارك في المعارك واكتفت بالبقاء في مواقع القيادة والسيطرة ورغم سقوط قتلى وجرحى من تلك القوات فإن جميعهم قتلوا في أماكن بعيدة عن المواجهات كما حدث في مأرب حين قتل أكثر من 57 جندياً إماراتياً في 4 سبتمبر 2015م في قصف صاروخي استهدف قاعدة عسكرية تبعد عشرات الكيلومترات عن مناطق القتال ويتمثل دور القوات الإماراتية في القيادة والسيطرة على التشكيلات المسلحة التي أنشأتها حيث غدت هذه القوات ركيزة أساسية للاستراتيجية الأمنية الإماراتية في اليمن.

أنشأت أبوظبي تشكيلات أمنية جنوبية تنتشر في محافظات عدن ولحج وأبين والضالع وانقلبت على حكومة هادي في أغسطس 2019م وسيطرت على مدن جنوبية فيما يشارك عدد منها في النسق الثاني للقوات المهاجمة في الساحل الغربي، مثل اللواء 20 واللواء الثالث دعم وإسناد. وتعد “قوات الإسناد والدعم” الكيان الجامع لقوات الحزام الأمني وغيرها من ألوية الدعم والإسناد إلا أن تسمية “قوات الحزام الأمني” طغت على تسمية “قوات الإسناد والدعم”؛ من جراء النشاط الميداني البارز لقوات الحزام.

وهناك تشكيلات يطلق عليها اسم “النخبة” ينتشر منها في محافظة حضرموت الساحل “النخبة الحضرمية” وفي محافظة شبوة “النخبة الشبوانية”. وقد فشلت محاولات تشكيل قوات النخبة بمحافظة المهرة وجزيرة سقطرى. أما القوات المشتركة فتتألف من وحدات مستقلة وهي - في الأساس - مليشيات جنوبية وشمالية تضم كلاً من: ألوية العمالقة وألوية المقاومة التهامية وألوية حراس الجمهورية التابعة لطارق نجل شقيق الرئيس السابق علي عبد الله صالح.

ثمة قوات أخرى يطلق عليها اسم “كتائب أبي العباس” نسبة إلى مؤسسها وقائدها “أبي العباس” عادل عبده فارع وكانت حتى أواخر أبريل 2019 تسيطر على أحياء من مدينة تعز وتمارس أدواراً سلطوية موازية لسلطات حكومة هادي واستخدمت الإمارات إلى جانب ذلك مرتزقة أجانب ونشرت صحفٌ - بينها “التايمز البريطانية” - في 2017م تجنيد أبوظبي مقاتلين من القبائل العربية في أفريقيا بتشاد والنيجر. كما استعانت الإمارات بمرتزقة من كولومبيا منذ عام 2014م حيث أشارت وسائل إعلام إلى أن عدد المرتزقة الكولومبيين باليمن 800 مقاتل تم نشرهم في الخطوط الأمامية باليمن و100 منهم تم نشرهم في ميناء عدن الخاضع لسيطرة التحالف.

ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل استأجرت الإمارات مرتزقة أجانب لتنفيذ عمليات اغتيال لصالحها حيث نشر تحقيق وثائقي صورة من عقد لشركة “سبير أوبريشن” الأمريكية حصلت بموجبه على 1.5 مليون دولار إضافة إلى علاوات عند تنفيذ أي عملية بنجاح.

معظم عناصر الجيش الإماراتي أجانب.. هذه هي جنسياتهم في الجيوش الخليجية
أشارت مؤسسة كارنيغي في تقرير لها إلى الوجود واسع النطاق للمرتزقة والجنسيات الأجنبية في جيوش الدول الخليجية حيث أشارت المؤسسة في تقريرها إلى أن القدرة المالية العالية وانخفاض عدد الأشخاص المستعدين للخدمة في الجيش دفعت أنظمة أسرية ديكتاتورية مثل الإمارات والسعودية والبحرين والكويت إلى تجنيد قوات أجنبية في جيوشها.

بالإضافة إلى ذلك فإن تجنيد هؤلاء الأشخاص قد سمح لهذه الدول باستخدام هؤلاء المرتزقة الأجانب لقمع احتجاجات مواطنيها في حالة حدوث اضطرابات واعمال شغب داخلية. اذ اعتبرت “كارنيغي” انخفاض تكلفة تسريح وطرد هؤلاء الاشخاص هي من الأسباب الاخرى التي دفعت هذه الدول نحو تجنيد عناصر عسكرية أجنبية.

وقال التقرير مشيراً إلى نسبة العناصر الأجنبية في الجيش الإماراتي: “ان الإمارات من حيث العدد الكبير للقوات الأجنبية التي قامت بتجنيدها لديها نسبة متساوية مع دول الخليج الأخرى. فما لا يقل عن 70 ٪ من الرجال الذين يخدمون في الإمارات هم من عمان واليمن”. ويضيف التقرير: “في الآونة الأخيرة  أبدى مسؤولو تجنيد العناصر الاجنبية في الإمارات اهتماماً بتجنيد القوات الخاصة الكولومبية التي لديها خبرة عقود من حرب العصابات. حيث وقعت مئات من هؤلاء عقوداً مع الإمارات ورواتبهم أعلى عدة مرات مما كانوا يتلقوه في بلادهم”.

وتتابع كارنيغي: “لقد وظّفت الإمارات أيضاً شركات أمريكية مثل Reflex Resources ( التي اطلقها ويديرها إريك برنس مؤسس شركة Blackwater سيئة السمعة). حيث حصلت الشركة على عقد بقيمة 529 ملايين دولار لتعزيز قوات الجيش الإماراتي. القوات التي تقاتل في اليمن من أجل الإمارات هي قوات متعاقدة من دول مثل تشاد وتشيلي وكولومبيا وليبيا وبنما والنيجر والصومال والسلفادور وأوغندا”.

في جانب آخر من التقرير ذكر قطر كدولة أخرى يشكّل الاجانب معظم قواتها. ووفقًا لكارنيغي فإن ما يصل إلى 85 ٪ من قوات الجيش القطري هم من الأجانب معظمهم من باكستان والسودان ومؤخراً كولومبيا. في عام 2016 فقط ، قامت قطر بتجنيد 6000 جندي من الصومال. كما منحت قطر القوات الأمريكية مسؤولية تدريب جزء من قواتها الأجنبية التي تم تجنيدها في تركيا والأردن. وبحسب هذا التقرير ان نسبة الاعتماد على القوات الأجنبية في قطر مرتفعة لدرجة أنه لم يكن من الواضح من الذي سيتولى التحكم واستخدام الأسلحة المتقدمة التي اشترتها قطر عندما زادت الدوحة قوتها العسكرية عام 2017 خوفاً من أي هجوم سعودي محتمل.

كما أشارت المؤسسة إلى وضع القوات البحرينية وكتبت أنه وفقًا لإحصائيات عام 2009م فإن 64 ٪ من قوات الأمن والقوات المسلحة البحرينية هي غير بحرينية. وفقًا للتقرير و إن 18 ٪ من أعضاء سلاح الجو البحريني هم باكستانيون وتم توظيف ما مجموعه 10000 باكستانياً في قوات الأمن البحرينية. وبحسب كارنيغي خلال الهجوم على الاحتجاجات الشعبية في البحرين عام 2011م كان الباكستانيون هم معظم القوى التي تصدت للمحتجين.

ويذكر التقرير ان الوضع مشابه في الكويت حيث يتراوح الأجانب بين 25 ٪ و 50 ٪ رغم أن جميع أعضاء الحرس الوطني الكويتي هم مواطنون كويتيون. ولفتت كارنيغي الى ان سلطنة عمان والسعودية كدولتين استخدمتا قوة أجنبية أقل من دول الخليج الأخرى. وقالت لم تتجه عمان كثيرا نحو تجنيد قوات أجنبية بسبب قدرتها المالية المنخفضة وأيضاً لأن العديد من العمانيين ينظرون إلى الخدمة العسكرية على أنها شرف لهم.

استمرار وجود مرتزقة أجانب في جيش المشيخات الخليجية

يرى التقرير ان عدد سكان السعودية المرتفع نسبياً أدى إلى ألّا يقوم هذا البلد بتجنيد قوات أجنبية مقارنة بنظرائه في جنوب الخليج لكن الحرب على اليمن دفعت الرياض إلى تجنيد مرتزقة أجانب. ونقلت كارنيغي عن أحد الخبراء قوله إن جميع القوات البرية التي تقاتل في اليمن من أجل السعودية هم من الأجانب تقريباً بمن فيهم اليمنيون الذين يقاتلون في بلادهم نيابة عن الرياض وبأموال سعودية. بالإضافة إلى ذلك أشارت إلى الوجود التقليدي للباكستانيين في الجيش السعودي وقالت ” منذ أواخر الثمانينيات شغل عشرات الآلاف من الباكستانيين مناصب مختلفة في السعودية”.

وتضيف كارنيغي: “يقال ان وجود هذه القوات في السعودية جعل الجنود الباكستانيين أمام تعاليم دينية متطرفة (الوهابية عادة). وبالإضافة إلى تجنيد قوات متعاقدة من إفريقيا وآسيا تستضيف السعودية أكثر من 3000 عسكري أمريكي و300 عسكري ومتعاقد بريطاني”. وتشير هذه المؤسسة في نتيجة تقريرها الى أن القوات الأجنبية في دول الخليج تلعب الآن “دوراً لا مفرّ منه” وتقول “على الرغم من تراجع عائدات هذه الدول النفطية في السنوات الأخيرة فإن وضع تجنيد القوات الأجنبية في الدول العربية لم يختلف كثيراً عن السابق”.

واختتم التقرير بالقول في الحقيقة إن توسع أنشطة السياسة الخارجية والعسكرية لبعض حكومات دول مجلس التعاون الخليجي إلى جانب الزيادة الكبيرة في ميزانيات الدفاع وشراء الأسلحة والاستثمار في الصناعات الدفاعية المحلية يدل على أنه لا يوجد في المستقبل المنظور سبب لحدوث تحوّل كبير في تجنيد القوات الأجنبية في هذه المنطقة. ومن المرجّح أن يستمر وجودهم القديم في شبه الجزيرة العربية....

المزيد في هذا القسم: