المرصاد نت - رآي اليوم
باتت الحرب ضد اليمن التي تشنها قوي العدوان بقيادة السعودية منذ 17 شهرا تشكل صداعا بالنسبة الى المملكة ليس بسبب الخسائر المالية والبشرية المتفاقمة التي تسببت بها
وانما ايضا على صعيد سمعتها ومكانتها العالمية واحتمالات تعرضها لملاحقات قانونية بتهم جرائم الحرب.
بعد قرار منظمة “اطباء بلا حدود” سحب اطقمها الطبية ووقف عملياتها في ست مستشفيات تشرف عليها في شمال اليمن احتجاجا على قصف الطيران السعودي لها، وقتل واصابة العشرات من المرضى والزوار ها هي منظمة “مراقبة بيع الاسلحة” الدولية تطالب الدول العظمى المصدرة للاسلحة ومن بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وقف بيع الاسلحة الى السعودية والغاء جميع الصفقات الموقعة معها في هذا المضمار بسبب عملياتها الحربية في اليمن التي تقتل المدنيين وترتقي الى مستوى جرائم حرب.
هذه الدعوة غير المسبوقة جاءت خلال مؤتمر عقدته في جنيف امس منظمة التجارة العالمية الذي يعتبر الثاني حول تجارة الاسلحة ووصفت السيدة اما ماكدونالد المتحدثة بإسم المنظمة الدول التي تبيع صفقات اسلحة الى السعودية “بممارسة” اسوأ انواع “النفاق” وشاركتها الموقف نفسه منظمة “اوكسفام” العالمية التي حذرت بريطانيا بأن مصداقيتها في خطر اذا فعلت الشيء نفسه.
هذه الحملة الدولية التي بدأت تزداد شراسة، قد تؤدي الى وضع المملكة السعودية على القائمة السوداء والغاء صفقة اسلحة فرنسية بقيمة 18 مليار دولار وقعها الامير محمد بن سلمان ولي ولي العهد وزير الدفاع، اثناء زيارته لفرنسا قبل بضعة اشهر وصفقة امريكية مماثلة بقيمة 6 مليار دولار وثالثة بريطانية بحوالي 4 مليارات دولار.
***
لا يخامرنا ادنى شك بأن هذه الحملة تأتي في اطار الضغوط التي تمارسها الدول الكبرى على المملكة من اجل وقف حرب “عاصفة الحزم” وليس وق
ف صفقات الاسلحة لانها اي الصفقات تشكل مصدرا مهما لدعم صناعة السلاح في هذه الدول، واعادة تدوير العوائد النفطية السعودية ولكن المشكلة تكمن في صعوبة العثور على مخرج مشرف للقيادة السعودية من حرب الاستنزاف هذه التي تورطت او جرى توريطها فيها وجرّت معها دول خليجية وعربية اخرى في ما عرف لاحقا باسم “التحالف العربي”.
مفاوضات الكويت للبحث عن حل سياسي لحرب اليمن انهارت بعد 99 يوما والتحالف “الحوثي الصالحي” يمضي قدما في تثبيت اوضاعه الداخلية بتكريس المصالحة الوطنية، وتقديم “شرعية” بديلة تتمثل في المجلس السياسي الاعلى وتشكيل حكومة واعادة تفعيل مؤسسات الدولة وهياكلها وخاصة البرلمان المنتخب.
وقف صفقات الاسلحة للسعودية وفي مثل هذا التوقيت يعني صدمة كبيرة لها لانها بحاجة الى هذه الصفقات لسببين: الاول تعويض ما خسرته من ذخائر ومعدات عسكرية على مدى الـ17 شهرا الماضية من عمر العدوان والثاني شراء اسلحة متقدمة، طائرات ودبابات وصواريخ في محاولة للاسراع بحسمها.
وربما يكون الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند لا يحتاج الى تصديق البرلمان على صفقة الـ 18 مليار دولار التي وقعها مع الامير محمد بن سلمان لكن الادارة الامريكية تحتاج الى مصادقة الكونغرس على صفقة الـ 6 مليار دولار وتتضمن دبابات ابرامز وطائرات وذخائر والشيء نفسه يقال ايضا في الصفقة البريطانية، وسحب الادارة الامريكية لمجموعة من مستشاريها العسكريين كانوا ينسقون مع القوات المسلحة السعودية، وقيادة “عاصفة الحزم”، وعملياتها في اليمن لا يشكل “فألا” طيبا لهذه القيادة.
السعودية تعيش “مأزقا” في اليمن يتواضع امامه مأزق عراق الرئيس صدام حسين في الكويت عام 1990 الذي استدعت القيادة السعودية في حينها نصف مليون جندي امريكي لاخراجه منها فلم يعد امامها الا احد خيارين: الاول ان تعلن الانسحاب من جانب واحد من الحرب في اليمن تقليصا لخسائرها والثاني ان تستمر في هذه الحرب حتى النهاية اي استعادة مدينة صنعاء ومدن اخرى مثل تعز وفي هذه الحالة عليها ان تنتقل الى مأزق آخر لا يقل خطورة وهو كيفية الحفاظ على هذه المدن وحفظ الامن فيها ومواجهة حرب عصابات من قبل رجال التحالف “الحوثي الصالحي” والقبائل المتحالفة معها، وفوق هذا وذاك سيتم وصف وجودها في صنعاء بأنه “احتلال” يستدعي “المقاومة” لانهائه.
القيادة السعودية حاولت الانسحاب مبكرا من هذه الحرب عندما اعلنت انتهاء “عاصفة الحزم” والاعلان عن تحقيق اهدافها واستبدالها بـ”اعادة الامل”، ولكن هذه الخطوة لم تكن “مقنعة”، وعادت طائرات “عاصفة الحزم” لقصف اهداف يمنية بطريقة عشوائية مثل المستشفيات والمدارس والاعراس ومزارع الدجاج لانها لم تعد تجد ما يستحق القصف من اهداف عسكرية.
شخصية سعودية زائرة لمدينة لندن وقادمة من مدينة نجران نعتذر عن ذكر اسمها لاسباب معروفة اكدت لنا ان الحرب الحقيقة تجري الآن في جنوب المملكة حيث التوغلات للقوات اليمنية في جازان ونجران وعسير واقدام السلطات السعودية على تهجير قصري لآلاف العائلات حماية لارواحهم من جراء القصف الصاروخي وبمدافع الهاون والمورتر.
***
لا مفاوضات سلام في الكويت او غيرها ولا “تحرير” وشيك لصنعاء ونقل بطاريات باتريوت الى الجنوب للتصدي للصواريخ الباليستية القادمة من اليمن وتزداد اعدادها بإضطراد وحملات شرسة من المنظمات الانسانية الخيرية الدولية التي تتهم المملكة بقتل الاطفال والمدنيين وضغوط لوقف بيعها صفقات اسلحة ونزيف مالي متصاعد في وقت تتآكل فيه ارصدة المملكة بسرعة وتتآكل معها عوائد النفط لانخفاض اسعاره.
كلمة “مأزق” تبدو متواضعة جدا في وصف هذا النفق السعودي المظلم الذي لا يوجد بصيص ضوء في نهايته حتى الآن والاهم من ذلك انه يبدو نفقا اطول بكثير مما يتوقعه الكثيرون بما في ذلك صناع القرار في المملكة اما اليمن فهو في وضع اقل سوءا لانه امتص الصدمة وبدأ يتعايش مع الحرب مثل اللبنانيين والعراقيين من قبله ويرتب اوضاعه الداخلية وما مظاهرة ميدان السبعين المليونية التي بايعت الحلف “الحوثي الصالحي”، واتفاق الشراكة الذي توصل اليه وتأكيد الاصرار على مواصلة الحرب ضد السعودية وعاصفتها الجوية والارضية الا بعض المؤشرات على ما نقول.
صحافي يمني زائر الى لندن قال لنا “انتم لا تعرفون اليمن واليمنيين هذا المقاتل اليمني كل ما يحتاجه هو قارورة مياه وكمية من الشعير داخلها وبضعة حبات من التمر ومستعد ان يعيش عليها شهرا كاملا.
احد المقربين من “حزب الله” اللبناني قال لي انه عندما جاءت دفعة اليمنيين الى الجنوب للانخراط في دورات عسكرية تدريبية فوجيء المدربون بأنهم عندما بدأوا يشرحون لضيوفهم “تكتيكات” الانسحاب في جبهات القتال فوجئوا باليمنيين يصيحون وقد بدت على وجوههم علامات العتب والغضب لا تدربونا على الانسحاب فهذه اهانة لنا دربونا فقط على اعمال التقدم نحن تعتبر الانسحاب اهانة ... والله اعلم.
المزيد في هذا القسم:
- مؤسسة روسية: السيطرة والأنتصار على اليمن… فكرة بعيدة المنال المرصاد نت - متابعات اعتبرت «مؤسسة نيو إيسترن أوت لوك» الروسية المتخصصة في تحليل الأحداث حول العالم وعلاقتها بالشرق المواجهات التي اندلعت في نهاية...
- جبهة فاشلة جديدة للتحالف في صعدة مع عودة السلفيين المرصاد نت - متابعات بعد فشلها على مدى ثلاث سنوات ونصف سنة في إحراز تقدم في 4 جبهات أشعلتها في محافظة صعدة وضعت السعودية نصب عينيها هدفاً جديداً هو عقبة مرّان...
- رسالة نارية من ناطق الجيش إلى النظام السعودي المرصاد نت - صنعاء وجه الناطق الرسمي للقوات المسلحة والامن العميد الركن شرف غالب لقمان رسالة نارية إلى النظام السعودي كشفت حجم العنجيهة المزيفة التي يحاول ...
- فضيحة تطيح بقائد الشرطة الإسرائيلية في الضفة قالت المتحدثة باسم الشرطة الإسرائيلية لوبا السمري، ، إن المفتش العام للشرطة، يوحنان دانينو، وقع مؤخرا على طلب قائد الشرطة في الضفة الغربية، كوبي كوهين، بالتقاعد...
- المعارك العسكرية في اليمن بعد أكثر من عامين وأزمة الخليج المرصاد نت - متابعات خلال الأشهر الماضية تكبد التحالف العسكري الذي تقوده السعودية والإمارات ضد اليمن خسائر كبيرة جداً كما عجزت القوات الموالية لهادي عن تحقيق ...
- قلق غريفيث وأمريكا يتزايد حيال إستهداف المنشآت النفطية السعودية! المرصاد نت - متابعات أعرب المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث اليوم عن قلقه حيال الهجمات على اثنتين من المنشآت النفطية الرئيسية في السعودية وقال بيان للبعث...
- اليمن : عشر أساطير عن الحرب السعودية العدوانية المغيبة المرصاد نت - متابعات لماذا لا يجري حالياً توصيف اليمن بالـ”محرقة هولوكوست” لماذا ترفض الحكومات الغربية و وسائل الإعلام الغربية استخدام كلمة &ldquo...
- ارتفاع حصيلة ضحايا غارات العدوان في الحالي بالحديدة إلى خمسة شهداء المرصاد نت - متابعات ارتفعت حصيلة ضحايا غارات العدوان السعودي الأمريكي التي أستهدفت فجر اليوم الاثنين مزارع النحل في محافظة الحديدة إلى خمسة شهداء. وأكد مصدر...
- تقدم الجيش واللجان على سائر الجبهات ومرتزقة العدوان الصهيوسعودي تصعد المرصاد نت - متابعات شهدت مناطق تعز تصعيداً في حدة المواجهات العسكرية في الأيام القليلة الماضية تمكن في خلالها الجيش و اللجان الشعبية من إحراز تقدمٍ كبير في ا...
- خطف الفتيات: ظاهرة تقلق الأهالي في تعز بظل الإنفلات الأمني الكبير المرصاد نت - متابعات عادت ظاهرة اختفاء الفتيات في تعز إلى الواجهة مجدداً وأخذت تتصاعد بشكل ملفت، حيث سُجّلت خلال الآونة الأخيرة حالات اختطاف متعددة ما زال يكت...